بعد تصريحات لاجارد والجارحي.. قرض النقد يقترب والدولار لا يهتم
يبدو أن الأسبوع القادم هو الموعد الأخير لوصول الشريحة الأولى لقرض صندوق النقد الدولي الذي طال انتظارها، وبعيدا عن الرفض والقبول لقرض الصندوق، فإن وصول الشريحة في هذا التوقيت غاية في الأهمية، وذلك بعد خطوة التعويم التاريخية والقرارات الاقتصادية الجوهرية التي اتخذتها الحكومة في الأيام الأخيرة،
فهل ينجح القرض في التخفيف ولو قليلا من حدة هذه القرارات أم أنه لن يغير كثيرا في الوضع الحالي؟.
نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة محمد معيط، قال اليوم، إن مصر ستحصل على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 4 مليارات دولار قبل نهاية العام المالي الحالي، موضحا خلال تصريحات إعلامية، أن جزء من الشريحة الأولى من القرض ستصل يوم الثلاثاء المقبل بقيمة 2.750 مليار دولار، على أن تحصل على الجزء المتبقي من ذات الشريحة بقيمة 1.250 مليار دولار قبل 30 يونيو.
وزير المالية عمرو الجارحي من جانبه أكد تصريحات نائبه، قائلا: إن مصر حصلت على الستة مليارات دولار من التمويل الثنائي الضروري لنيل برنامج إقراض من صندوق النقد الدولي قيمته 12 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات، موضحا خلال تصريحات إعلامية "أرسلنا خطاب النوايا أنا ومحافظ البنك المركزي. وهذا هو المستند الذي كان متبقيا أن نرسله لكي نستكمل الإجراءات."
القرض يقترب
وفي نفس الاتجاه قالت كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولي، في بيان لها اليوم، إنها ستوصي المجلس التنفيذي للصندوق بالموافقة على طلب مصر الحصول على القرض وذلك خلال اجتماع له في 11 نوفمبر الجاري، مشدده على أن البرنامج الطموح للإصلاح الاقتصادي المصري من شأنه أن يساعد في استعادة الاستقرار الاقتصادي وعودة الاقتصاد المصري لاستغلال كامل إمكاناته.
بيان لاجارد وتصريحات المالية المصرية تقول إن مصر قاب قوسين أو أدنى من الحصول على القرض الذي أثار جدلا واسعا في مصر خلال الأشهر الماضية، لكن الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، قال أن تصريحات وزارة المالية تتناقض مع تصريح للبنك المركزي بخصوص اجتماع صندوق النقد يوم الجمعة المقبل لاتخاذ قرار بخصوص القرض لكنه يتفق مع الربط القائم بين القرارات النقدية والمالية المتخذة الخميس الماضي.
وأضاف "نافع" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن وصول القرض مشروطاً بتلك القرارات وربما كانت المحادثات غير المعلنة بين الجانب المصري وبين ممثلي الصندوق هى التي تحدد فيها هذا التاريخ –الذي أعلنه نائب وزير المالية-.
وبخصوص تأثير وصول القرض على سوق صرف الدولار، أوضح الخبير الاقتصادي أنه في حال استمر الفصل بين الاحتياطي النقدي وآلية الإنتربنك نتيجة لتوقف عطاءات المركزي سيكون الأثر النفسي والاقتصادي غير المباشر فقط هو المؤثر الإيجابي وبالأثر غير المباشر أعني تحرّك المشروعات باستخدام هذا التمويل الجديد.
الاحتياطي يتراجع
وكان صندوق النقد الدولي وافق في أغسطس من حيث المبدأ على منح مصر تسهيلا قيمته 12 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات من أجل دعم برنامج الإصلاح الحكومي الهادف إلى تقليص عجز الميزانية وجلب الاستقرار إلى سوق العملة.
وتراجع صافي الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي إلى 19.041 مليار دولار في نهاية أكتوبر مقابل 19.591 مليار دولار في نهاية سبتمبر، بحسب ما أعلنه البنك المركزي على موقعه الإلكتروني اليوم الثلاثاء.
من جانبه يرى الدكتور على عبدالرؤوف الإدريسي الخبير الاقتصادي، أن كل هذه التصريحات تؤكد على وصول القرض الأسبوع القادم، موضحا أن الأمر لا يتوقف على قيمة القرض في ذاته ولكن الهدف الحقيقي من القرض هو الحصول على ثقة المؤسسات الدولة ودعم الجدارة الائتمانية للبلاد.
صورة إيجابية
وأضاف "الإدرايسي" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن الحكومة تعول على القرض لمساعدتها في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وليست قيمة الـ12 مليار دولار فقط، بل الأمر يكمن في أن حصول مصر على القرض في هذا التوقيت يرسم صورة إيجابية عالمية وهو ما سيجذب المستثمرين، مؤكدا أن هذا ما نحتاجه في مصر في الفترة الحالية.
وقال الخبير الاقتصادي، إن عدم الاستقرار السياسي في مصر خلال السنوات الماضية أسهم في حالة من عدم الاستقرار السياسي وموافقة النقد الدولي على القرض قد تساعد البلاد على العودة سريعا للنمو بقوة.
وعن التأثير على سوق الصرف، أكد "الإدريسي" أن تصريحات وزير المالية وكريستين لاجارد دفعت سعر الدولار للهبوط في نهاية تداولات اليوم، مشددا على أن الفترة التي يمر بها سوق الصرف هي فترة عدم استقرار، حيث لم يمر على تعويم الجنيه سوى أيام.
الدولار يتجاهل
وأشار إلى أن وصول شريحة القرض قد تصنع استقرار نسبي في السوق، لكن تأثيره لن يكون بالقوة المتوقعه، مضيفا أن هناك مؤشر إيجابي في السوق وهو تحول أغلب المعاملات من السوق السوداء إلى السوق الرسمي بعد أن كان السوق الموازي يستحوذ على نحو 100% من التعاملات.
وتجاوز سعر الدولار في بعض البنوك اليوم الثلاثاء حاجز الـ 18 جنيها، بعدما عرضت البنوك العملة الصعبة فيما بينها اليوم، من خلال آلية الإنتربنك التي مر على استخدامها ثلاثة أيام فقط.
فيما لم تستبعد ريهام الدسوقي، كبيرة المحللين في بنك الاستثمار الإماراتي أرقام كابيتال، وصول الدولار إلى 19 جنيهاً خلال الأسبوع الحالي، حيث قالت، خلال تصريحات صحفية: "لا أستبعد أن ترفع البنوك الدولار إلى 19 جنيها خلال الاسبوع الحالي لجذب تدفقات دولارية من السوق السوداء".
كارثة حقيقية
في المقابل ذهب الدكتور أحمد ذكر الله، الخبير الاقتصادي، لمناقشة الأمر من زاوية أخرى، حيث أكد أن قرب حصول مصر على قرض النقد، هو كارثة أصبحت حقيقة وزادت ديون المصريين بمقدار 12 مليار دولار، وأصبح نصيب كل فرد مصري في الدين الداخلي والخارجي صغيرا لو كبيرا 42 الف جنيه بعدما كان بالأمس فقط 35 ألف جنيه.
وأضاف "ذكرالله" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن قرب وصول القرض يعني بدء تدفق حزمة من الدولار ات من مصادر مختلفة عن طرق السندات الدولارية، وبقية اجزاء قرض البنك الافريقي والبنك الدولي اتزداد شراسة تبعية الاقتصاد المصري للخارج.
وتأسف قائلا: "للأسف مصر عليها التزامات تقدر 5.5 مليار دولار حتي نهاية العام المالي الحالي منهم 3 مليار سندات دولارية، وبالتالي ستستخدم حصيلة القروض في سداد العجز في الحساب الجاري ودفع الرواتب وسيتحقق استقرار هش للغاية مع انتعاش وهمي في البورصة نتيجة طرح شركات الدولة".
التقلبات مستمرة
وأشار إلى أن سعر الصرف سيظل في تقلب مدة قد تتجاوز الشهرين حتي يستقر وسيكون استقرار هش لا تدعمه مؤشرات حقيقية حيث اغلب دوافع تخفيض السعر لا تتحقق في الحالة المصرية، فمثلا الصادرات لن تزيد لأن المصانع متوقفة، والورادات لن تقل بصورة كافية لن معظمها ضرورية، والسياحة سعرها من الاساس منخفض في مصر.
وأضح أن الاستثمار الأجنبي يحتاج إلى استقرار امني وسياسي قبل تخفيض العملة كما يحتاج الاستثمار الي بيئة شفافة وقضاء عادل ومحاربة الفساد وكل ذلك السلطة ليست جادة في توفيره.
واختتم قائلا: "كل ما سبق يؤكد حقيقة إن الإجراءات الإصلاحية المطبقة تنفيذا لشروط الصندوق غير ملائمة للحالة المصرية وستحقق استقرارا هشا يستخدمة الفاسدون كغطاء لبيع ما تبقي من القطاع العام.