خبراء : النظام هو المستفيد الأول من 11/11 ..وعدم خروج "الغلابة" لا يمثل رضا بقرارات الحكومة
انطلقت دعوة للتظاهر في 11/11 على مواقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك وتويتر"، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع الأسعار تحت مسمى "ثورة الغلابة".
وبالتزامن مع هذه الدعوات لم يخرج أحد للنزول، وشهدت الشوارع هدوءا في ظل وجود عدد كبير من قوات الأمن بمختلف الميادين ، الأمر الذي دفع سياسيون للقول بأن ماحدث كان يهدف لإجهاد أجهزة الدولة، فيما رأى آخرون أن المستفيد مما حدث هو النظام السياسي.
دعوات مجهولة المصدر
يري الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية أن هناك حالة من عدم الوضوح والرؤية بالنسبة للداعين إليها، خاصة وأن هذه الدعوات مجهولة المصدر لايعلم أحد من وراءها ومن صاحبها، على عكس حركة كفاية وجبهة الإنقاذ التي ظهرت في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي فالجميع كان يعلم كوادرها.
ويضيف فهمي لـ"مصر العربية"، أن من دعى لمثل هذه الدعوات وضع في اعتباره مابعد 11 نوفمبر من إنهاك الأجهزة الأمنية وتحقيق خسائر اقتصادية، لافتا إلى أن نزول الأمن نتيجة طبيعية لغياب السياسة العامة الواضحة، وكان على الأحزاب السياسية ألا تكتفي برفض مثل هذه الدعوات وأن تتعاون مع مجلس النواب لمواجهة المشكلات التي تواجهها البلاد، فالرئيس ليس وحده المسؤول عن الأزمات التي يمر بها فهناك مجلس النواب والأحزاب والقوى السياسية.
وحول آراء البعض بأن الحكومة هي من روجت لأحداث 11 نوفمبر، علق فهمي قائلا إن هذا كلام سطحي، فالحكومة لم يكن لديها بدائل للإصلاح، وتعويم الجنيه ليس أول الخطوات للإصلاح بل هناك إجراءات ستتبعها الحكومة خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن هذه الدعوات مجرد دعوى عامة، الداعين إليها غير معروفين وبالتالي لايمكن معرفة المستفيد الحقيقي منها، ولايجب أن نأخذ في الاعتبار من قرر النزول من عدمه، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار بأن هناك حالة من الإختقان تشهدها البلاد مرتبطة بغلاء المعيشة.
الحكومة صاحبة الدعوات
ومن جهته قال نبيل زكي، المتحدث باسم حزب التجمع، إن من الواضح جدا، بأن حكومة المهندس شريف إسماعيل هي من روجت لأحداث 11/11.
وأضاف، خلال المؤتمر الصحفي المنعقد لتقديم رؤية الحزب بشأن القرارات النقدية والاقتصادية التى أعلنها محافظ البنك المركزى ورئيس الوزراء، أن الجميع يعرف بأن جماعة الإخوان لم يعد لها وزن بالشارع وبالتالي كان متوقعا عدم مشاركة المواطنين، ونزولهم إلى ميدان التحرير، وزادت الحكومة من الترويج لليوم لتمرير قراراتها.
وتابع خلال كلمته بمؤتمر حزب التجمع الذي أعلن فيه رفضه لقرض صندوق النقد الدولي أن إجراءات الحكومة الاقتصادية الأخيرة مرفوضة لأنها غير محسوبة وغير منطقية.
إجهاد قوات الأمن
فيما قال الدكتورمحمد السعدني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية إن ماحدث من دعوات للتظاهر ولم يشارك فيها أحد أمر ليس جديد وحدث من قبل، وإنما هي محاولة لإجهاد قوات الشرطة من خلال نزولهم الشوراع بأعداد كبيرة والتحضير بشكل يختلف عن الأيام المعتادة التي يتواجدوا فيها بالشارع.
وأضاف السعدني لـ"مصر العربية"، أنه من الصعب أن تكون الدولة وراء هذه الدعوات نظرا لأن حالة الاستنفار الأمني تحتاج إلى تكلفة عاليةمن سيارات كثيرة وبنزين، وبالتالي من الصعب تصديق مثل هذه الأمور لأنها ستكلف الدولة أكثر من الاستفادة التي ستعود عليها.
وتساءل " مالعائد من ذلك، كيف ستستفيد أجهزة الدولة من هذه الدعوة؟"، وإذا كانت الدولة فعلت ذلك ودعت للنزول والتظاهر فإنه نوع من "العبط" فقد كان من الممكن أن تنزل الناس للشوارع.
وأشار إلى أن الحديث بأن أجهزة الدولة ليست وراء تلك الدعوات ليس معناه بأنه لدينا حكومة قوية بل العكس تماما، ويجب الأخذ في الاعتبار المواطن البسيط في الشارع الذي يتحمل الكثير من القرارات التي تتخذها الحكومة وقد لاتكون في صالحه.
ورأى أنه لايمكن التكهن بسلوك الشعب المصري، ولاتستطيع النخبة السياسية تقديره فلا توجد ثورة يتم تحديدها مسبقا إلا إذا كان لها أسباب واضحة، فالشعب ثار على الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بعد 30 سنة، وعقب مرور عام على حكم الرئيس المعزول محمد مرسي لم يتحمل الشعب الحكم وثار عليه أيضا.
النظام السياسي هو المسؤول
وفي سياق آخر، قال السفير معصوم مرزوق القيادي بالتيار الشعبي، إن المستفيد من هذه الدعوات هو النظام السياسي والأجهزة الخاصة به، مدللا على ذلك بأن إعلام الدولة هو أول من تبنى هذه الدعوات وتحدث عنها.
وأضاف مرزوق لـ"مصر العربية"، أن بالتأكيد ماحدث تكلفة للدولة ولكن قوات الأمن منتشرة طوال الوقت، وبالتالي على البرلمان أن يطرح سؤال للحكومة حول هذه التكلفة، لافتا إلى أن الحكومة تبرر نزول الأجهزة الأمنية بالشوارع وكأن البلد في حالة حرب.
وأشار إلى أن الحكومة من خلال انتشار أجهزتها الأمنية في الشارع استطاعت إيصال صورة لبعض الناس بأن البلد في حالة حرب وأنها نجحت في إجهاضها، وأن الحكومة تجد مبرر لتصرفاتها ولكن المواطنين لم ينخدعوا بهذه التبريرات، متابعا "إذا استمرت سياسات الحكومة بنفس الأسلوب فالبركان قادم ولكن التاريخ لن يعرفه أحد".
الدولة خلقت البعبع
الدكتور أحمد دراج أستاذ العلوم السياسية يرى أن المستفيد الحقيقي من هذه الدعوات
"النظام الحالي" من خلال تخويف الناس من النزول، فالدولة خلقت "البعبع" ، لافتا إلى أن سياسة التخويف التي اتبعتها أضرت بمصلحة البلاد .
وأضاف دراج لـ"مصر العربية"، أن النظام أصبح يرتكب حماقات، ويتبع أسلوب المؤامرة والتخوين والتخويف،من خلال انتشار الأجهزة الأمنية في الشوارع، ولكن مافعلته جاء بالسلب بالبلاد وستدفع أي مستثمر يراجع موقفه من إقامة مشروعات بالبلاد على الأقل في الوقت الحالي.
واشار إلى أن عدم النزول في الوقت الحالي ليس حبا في النظام الموجود الآن ولكن حتى لاتتضر البلاد أكثر من ذلك، فالناس لايريدون أن يكونوا الشماعة التي يعلق النظام عليها أخطائه، نتيجة للمشكلات التي تشهدها البلاد من ارتفاع الأسعار، وتدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الأزمات التي يتحملها عبئها المواطن وحده.