شباب الإخوان ..هربوا من السجن في مصر فاعتقلوا في دول الشتات
مثلت الأنباء الواردة من السودان وتركيا، والتي تفيد باعتقال سلطات البلدين عددًا من شباب الإخوان الهاربين هناك، ضربة نفسية إضافية لأعضاء الجماعة الذين يعيشون أصعب أيامهم حاليًا، بين الجلوس في مصر بين الملاحقة والاعتقال، وبين الهروب إلى تلك الدول، التي كانت بمثابة ملاذات آمنة لهم، قبل أن يحدث ما حدث.
اعتقالات تركيا
البداية من تركيا، حيث نقلت صحيفة ومواقع إخبارية مصرية وعربية عن أشرف الزندحي، أحد عناصر الإخوان هناك، تأكيده بأن السلطات التركية أقدمت على اعتقال ثلاثة شباب من إخوان مصر الهاربين إليها.
الزندحي قال إن الاعتقالات جاءت على خلفية الصراعات القائمة بين جبهة محمود عزت، نائب المرشد، والمحسوبين على ما يسمى "التيار الكمالي"، الذين يتبنون التصعيد مع الدولة المصرية.
الإخوان الثلاثة المعتقلين في تركيا هم "نور الدين السيد"، "عبد الرحمن مدحت" و"أحمد عبد الفتاح"، ولم يتم الكشف بدقة عن أسباب اعتقالهم.
السودان على الخط
في السودان، التي باتت ملجئًا آمنًا لعناصر الإخوان، خلال الشهور الماضية، أفادت الأنباء الواردة من هناك أن الأمن السوداني اعتقل ثلاثة آخرين من شباب الجماعة، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أنهم شابين فقط، وأنهما من أبناء محافظة المنوفية، وأن السلطات السودانية اعتقلتهم من الشارع، وأنهما مختفيان قسريًا حتى الآن.
في البحث عن أسباب ما يحدث، يجب الإشارة إلى التطور الأبرز الذي حدث في سياق نزاعات جبهتي الإخوان في تركيا، والتي أدت إلى تدخل الشرطة هناك وتهديد بعض القيادات والأفراد بالاعتقال والترحيل إلى مصر.
مشاجرة في 27 مارس الماضي
دعا مجلس شورى الإخوان فى الخارج بقيادة أحمد عبد الرحمن، وحمزة زوبع، وعمرو دراج، وعدد آخر من القيادات، إلى عقد جمعية عمومية في تركيا، لبحث شئون الجماعة، ومناقشة تجاوزات داخل مؤسسات الجماعة في مصر.
بعد ذلك فوجئ الجميع بتحويل الجناح الآخر للجماعة، والذي يتزعمه محمود عزت، نائب المرشد، ومحمود حسين، الأمين العام، الجمعية إلى انتخابات للأسر والشُعب داخل مصر، تمهيدًا لإعلان قيادات جدد داخل مصر عبر تمرير الانتخابات بشكل سرى، وهو ما اعترض عليه الجناح الآخر.
على إثر ذلك، توجه عدد من شباب الجماعة إلى مكتب الإخوان فى إسطنبول لإيقاف تلك الانتخابات، وتقديم اعتراضات عليها، وهو ما جعل الشباب المؤيدون لجبهة عزت يتدخلون لإبعاد هؤلاء عن الانتخابات، فنشبت مشاجرة واُستدعت الشرطة التركية للتدخل والتهديد بالقبض على بعض شباب الإخوان.
الأنباء الواردة من تركيا، خلال تلك الفترة، أشارت إلى أن الشرطة حضرت، بناء على اتصالات من قيادات إخوانية محسوبة على "عزت"، طلبت منهم الحضور والقبض على من يريدون إفساد الانتخابات.
القيادة التركية
مصادر داخل الجماعة أوضحت لـ"مصر العربية" بأن هناك حالة استياء كبيرة حاليًا داخل أروقة القيادة التركية من نزاع طرفي الجماعة، في هذا الوقت، وأن المخابرات التركية هددت بترحيل بعضهم إلى القاهرة، إن استمرت تلك النزاعات، مضيفين أن إدارة أردوغان باتت تميل إلى جبهة عزت، بسبب توجهاتها للتهدئة مع السلطة في مصر، وهو ما يتوافق مع رغبة داخلية من القيادة التركية في هذا الشأن، لأسباب إقليمية واقتصادية وسياسية.
في 22 أغسطس الماضي، سجلت عدسات وسائل الإعلام لقاء جمع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومدحت الحداد، القيادي بجبهة "عزت"، على خلفية استقبال أردوغان لوفود التهنئة بفشل انقلاب 15 يوليو في تركيا.
اللقاء لم يحضره أحد من قيادات مكتب شورى الإخوان فى تركيا، والذين يمثلون جبهة اللجنة الإدارية العليا، واقتصر الحضور على مدحت الحداد وبعض أعضاء الإخوان الذين رافقوه خلال تلك الزيارة.
اللقاء، اعتبره مراقبون على أنه دليل واضح لميل أردوغان وإدارته إلى جبهة "عزت" وطريقتهم في إدارة الأمور.
ملف الإخوان الهاربين إلى تركيا بات يمثل صداعًا في رأس أردوغان، بسبب الضغوط التي تمارس عليه من السعودية ودول أخرى لحسم هذا الملف قبل التصالح مع السلطة في مصر، والتي ألمحت الحكومة التركية إلى رغبتها فيه، وقد تكون مساعي جناح "عزت" الرامية إلى التصالح مع الحكومة المصرية على هوى ورغبة القيادة التركية.
فقر وخطر
الوضع في السودان لا يسيربشكل جيدا أيضا بالنسبة لشباب الجماعة الذين فروا من مصر ، فالأنباء الواردة من هناك تشير إلى أن شباب الجماعة الذين هربوا من مصر إلى هناك يشتكون من تحكم قيادات الجماعة هناك فيهم، واستغلال عدم وجود عمل لهؤلاء ا لشباب في السودان في "معايرتهم" بالإنفاق عليهم، وتهديدهم بالترحيل في حالة الخروج عن طاعة تلك القيادات.
عز الدين دويدار، الناشط الإخواني الشاب ، كتب عبر صفحته بموقع "فيس بوك"، تدوينة اتهم فيها محمد الحلوجي، مسئول الإخوان المصريين بالسودان، بالانشغال باستثماراته وتجارته وعلاقاته هناك، وترك شباب الجماعة رهن الاعتقال في الخرطوم، مؤكدًا أن السلطات السودانية اعتقلت شابين من إخوان مصر خلال الأيام القليلة المضاية، وأخقتهم قسريًا.
دويدار أكد أن "الحلوجي" يتمتع بعلاقات نافذة مع قيادات الدولة السودانية، نظرًا لمكوثه في السودان منذ عشرات السنين، وأنه يستطيع إخراج الشباب المعتقلين هناك بمكالمة تليفونية.
طلاب
وإذا كان الإخوان الهاربين إلى تركيا يتمتعون بوظائف، معظمها في المجال الإعلامي، ووضعهم المادي مستقر نسبيًا، فإن المئات في السودان، معظمهم من الطلاب، لا يجدون أعمالا ويتم الإنفاق عليهم من الجماعة هناك، وتشير التقارير إلى أنه تم تسكينهم هناك في مبان تشبه المدن الجامعية، لكن خدماتها قليلة ومتدهورة.
رابطة الإخوان في الخارج، برئاسة إبراهيم منير، هي التي تتولى الإنفاق على شباب الجماعة في السودان، والتي تشير التقديرات إلى أن هناك ما لا يقل عن 400 شاب، معظمهم من الطلاب.
اتهامات خطيرة
في الأول من أكتوبر الماضي، تناقلت مواقع إخبارية أنباء تفيد بأن جهاز الأمن السوداني ألقى القبض على عدد من شباب الإخوان المصريين والسودانيين، بتهمة التورط في إدارة وتكوين شبكة لتجميع الشباب والاتجار بهم، تمهيداً للقيام بأعمال تخريبية داخل وخارج السودان.
السلطات السودانية اتهمت المقبوض عليهم بتكوين شبكة بغرض تسفير بعض شباب الجماعة الموجودين بالسودان إلى مناطق صراعات ملتهبة، كسوريا وليبيا، وهو الأمر الذي تنفيه رابطة رعاية الإخوان هناك.
قيادات التنظيم الدولي كلفت المراقب العام للإخوان في السودان بالتحقق من المسألة ومتابعة التطورات، خاصة أن الأجهزة الأمنية في السودان لم تعلن تفاصيل القبض على الشبكة بشكل رسمي حتى الآن.