في أول حوار بعد استقالته من المجلس
أكمل قرطام : لائحة البرلمان تُكرس للديكتاتورية.. وانتخابات "حقوق الإنسان" شهدت تزوير
كشف النائب أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين عن الأسباب التي دفعته إلى إعلان تقدمه باستقالته من عضوية مجلس النواب، مبديًا لـ"مصر العربية" رأيه في المجلس الحالي، وتقييمه للجان النوعية بالبرلمان مؤخرًا، بالإضافة إلى رأيه في حكومة المهندس شريف إسماعيل وفترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي... فإلى نص الحوار
ما هو انطباعك عن البرلمان الحالي؟
أغلب انطباعاتي عن البرلمان سلبية حتي الآن، فهو مجرد من أداء أغلب واجباته الأساسية من حيث التشريع والرقابة، ويمكنك بسهولة أن تقوم بإجراء تصنيف للنواب بين أغلبية "صامتة وتابعة"، وآخرون متمردون من أجل مصالحهم الشخصية والفئة القليلة متمردة لمصلحة الوطن، والشعب المصري كان ينتظر ما هو أكثر من ذلك من هذا البرلمان.
ولو أنه يحق لي أن أنصح النواب، أقول لهم ابتعدوا عن حالة "الجمود والخمول" المسيطرة علي المجلس، والذي قد يظنها البعض "استقرارا" وهي أبعد ما تكون عن ذلك، خاصة وأن لائحة المجلس الحالية تكرس "للديكتاتورية"، وتمنح سلطات مطلقة لرئيس البرلمان، حتي أن هيئة مكتب المجلس لو اختلفت في شيء فصاحب الحق الوحيد في حسم هذا الأمر هو "علي عبدالعال".
ما الذي دفعك لتقديم استقالتك؟
هناك تراكمات منذ فترة كبيرة، فشعوري بأنني لست قادر علي تصحيح الأمور وممارسة الحد الأدنى مما تصورته عن نفسي كنائب، عززه مشهد انتخابات اللجان النوعية بالبرلمان في دور انعقاده الثاني، فهناك حالة من "التوجيه الفاضح" تمت هذا اليوم، وحالة من "تكدس النواب" من أجل ترجيح كفة رئيس اللجنة الحالي بشكل غير مسبوق، فكيف تسجل لجنة حقوق الإنسان يوما قرابة 60 نائبا في عضويتها، ولجان أخري بها 9 نواب فقط.
ولا أري تفسير في ذلك سوي "خلل كامل" ومخالفة لأكثر القواعد البرلمانية رسوخا واللائحية وضوحا، فالعضو المنضم حديثا إلي لجنة، يجب أن يربطه بها شيء مشترك، فهناك "عمال وتجار ورجال أعمال" كانوا ضمن "حشد النواب" اللذين انضموا للجنة صباح يوم الانتخابات، وأعتبر ذلك من قبيل "التزوير" الذي لا يجب أن نحصره في أشكاله المادية المعروفة، وإنما التوجيه والحشد وتحريك الأعضاء أشكال مختلفة لعدم نزاهة النتائج في الانتخابات.
هناك ضغوط لإقناعك بالعدول عن الاستقالة؟
لن أستجيب بأي شكل لتلك المجهودات التي أقدرها كثيرا، ولكنني تأكدت تماما من أنني لن أتمكن من تنفيذ طلبات المواطنين عموما ومن انتخبوني خصوصا، وتيقنت أيضا أن موقف رئيس المجلس لم يكن من رئيس لجنة حقوق الإنسان السابق أنور السادات وحده، وإنما من كامل تشكيل اللجنة في دور الانعقاد الأول، وما كانوا ينوون فعله وتنفيذه في مجال حقوق الإنسان، وأنوي أن أتفرغ للعمل السياسي من خلال حزب المحافظين الفترة المقبلة.
ما هو مدي رضاءك عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر؟
لا شك أن هناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلي تعديل وتحسين في هذا الملف، ولكنني أري هناك "مبالغات واضحة" من جانب أطراف غربية تريد وصم مصر بما ليس فيها، ومن جانبنا طالبنا خلال دور الانعقاد الأول بطلبات زيارة للسجون، ولكننا فوجئنا بحفظها وتجميدها من قبل هيئة البرلمان.
ولدي اعتراض تمنيت الأخذ به في الاعتبار، وهو عدم جواز محاكمة المبدعين وإحالتهم للمحاكمة بشكل عشوائي، كما حدث مع إسلام البحيري، ويجب أن تكون النيابة العامة وحدها المسئولة عن الأمر وألا يتم تركه في يد أي محامي مجهول.
وفي رأيي أن حقوق الإنسان أشمل وأعم بكثير من الأقسام والسجون، فالتعليم والتنشئة والاهتمام بالطفولة أحد أعظم أركان حقوق الإنسان.
ما رأيك في أداء الحكومة الحالية؟
الحكومة الحالية تجتهد لأقصي درجة، ولكن نتاج هذا الاجتهاد "غير مرضي" حتي الآن، وأنا علي يقين كامل أنه لا يوجد مسئول في هذه الحكومة يريد إفشال بلاده أو يتعمد سوء الأداء، ومتأكد من أنهم يعملون لصالح الشعب، ولكن علي البرلمان ونوابه أن يقوموا بتقويم الحكومة من ناحية ومساعدتها علي اتخاذ القرارات السليمة من ناحية أخري، وهو دور أصيل لأي برلمان يريد النهوض ببلده.
هل البرلمان قادر علي مساعدة الحكومة؟
البرلمان الحالي لا يستطيع أن يقوم بهذه الأدوار، سواء مراقبة وتقويم الحكومة، أو مساعدتها وتدعيمها لصالح البلاد، كيف يقوموا بذلك والأغلبية الكائنة تحت القبة تعوق أية نوايا "تطوير وتحسين" الأداء البرلماني، كيف سيقوموا بذلك وهم أنفسهم غير جاهزين للممارسة واجباتهم الأساسية، فليس هناك "مساعدين أو معاونين" للنواب، ولم يجري تدريبهم بالشكل الكافي علي مهامهم الجديدة، وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه.
ما هو رأيك في فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي؟
أنا من أشد مؤيدي هذا الرجل، ومن يعرف قناعاته والثوابت التي تحركه يثق بشكل مطلق في رغبته في النهوض بالبلاد، ولا أنسي له تحركه الجريء في أشد لحظات البلاد ارتباكا ولم يخش شيئا وقتها وأنقذ مصر من مصير مظلم، ولكنني كنت أتوقع منه إحداث "ثورة كبري" في كل ما يتعلق بالإجراءات والبيروقراطية والروتين في البلاد، وإن كنت أظنه يجهز لتحرك مماثل.
كما أنني أنصح السيسي بأن يقوم فورا بتشكيل "مجالس خبراء" تكون مهمتها مستقاه من طريقة عمل الدول المتقدمة، والتي تخصص مثل هذه الفرق لوضع رؤي شاملة لكل المشكلات، ثم البحث لها عن حلول، وترشيح أفضلها للرئيس.
كيف تقيم حسم اللجنة التشريعية لعضوية عمرو الشوبكي؟
جاء متأخرا لدرجة تدعو للخجل، ولا أدري كيف قام رئيس البرلمان بإحالة حكم حاسم وقاطع إلي لجنة فرعية بالمجلس، وكل تأخير في هذا الحكم ليس فقط "وصمة عار" في جبين رئيس البرلمان وحده وإنما كل الأعضاء في الجلسة العامة اللذين رفعوا أيديهم بالموافقة علي إحالة هذا الحكم إلي لجنة الشئون التشريعية والدستورية.
ولم أكن من البداية أري أية مخارج قانونية سوي تنفيذ الحكم بشقيه المتمثل في إسقاط عضوية أحمد مرتضي وتصعيد الدكتور عمرو الشوبكي، وأية مقترحات أخري كالتي يرددها مرتضي منصور نفسه كإعادة الانتخابات، نوع من التحايل الذي لا يمت لصحيح الأمور بصلة.