عن إلغاء معرض "لومارشيه".. خبراء: الحكومة "تُدمر" صناعة الأثاث
معرض "لومارشيه" للأثاث، نافذة رئيسية ينتظرها الكثيرون سواء من العارضين لتسويق وتصدير منتجاتهم وإبداعاتهم، أو العملاء لكثرة المعروض ونسب التخفيضات العالية التي يتيحها المعرض السنوي.
إلا أن المعرض السنوي الأشهر للأثاث يواجه شبح الإلغاء قبل أيام قليلة من افتتاحه في 22 -25 ديسمبر الجاري؛ بسبب اعتراضات الجهات الأمنية على تنظيمه أمام حوالى 100 ألف من زواره على مدار أيامه الأربعة.
مصادر بشركة "طارق نور"، الراعية للمعرض، قالت إنه تم إلغاء المعرض لسببين، هما عدم اكتمال إجراءت الحماية المدنية بالمعرض، وهو ما اعتبره خبراء "غير منطقي"، فيما جاء السبب الآخر صعوبة توفير العدد اللازم من القوات لتأمين المعرض لتزامن إقامته مع احتفالات أعياد الميلاد.
خبراء اعتبروا قرار إلغاء المعرض "كارثي وفاشل" لكونه يُصدر رسالة سلبية بأن مصر دولة غير آمنة وغير قادرة على تنظيم معرض نمطي، في وقت تؤكد الحكومة أنها تعمل على تشجيع الاستثمار وتنمية المشروعات الصغيرة، فيما اعتبر آخرون أنه "يجب الاستماع لصوت العقل والرضوخ لرغبة الداخلية حتى لا تحدث كارثة".
واستنكر أصحاب الرأي الأول تأمين وزارة الداخلية لمؤتمرات اعتبروها "إهدارًا للمال العام والوقت" بينما لا تستطيع تنظيم وتأمين معرض لإحدى الصناعات التصديرية الهامة، مؤكدين أنه كان من الأولى أن تقدم حوافز للعارضين لإنجاح المعرض وليس إلغاؤه.
فيما ضرب أصحاب الرأي الآخر مثالاً بمقتل السفير الروسي في أنقرة خلال افتتاحه معرضًا للصور الفوتوغرافية وأن البلد مستهدفة في الوقت الحالي، وأن معرض لومارشيه للأثاث يأتي بعد أيام من حادث الكنيسة البطرسية وبالتزامن مع أيام أعياد الميلاد.
و أعلن المجلس التصديرى لصناعات الأثاث، أن إجمالى قيمة صادرات الأثاث من يناير حتى نوفمبر 2016 الماضى، بلغ 3,130 مليار جنيه.
وأضاف المجلس، فى بيان له، أن الصادرات سجلت ارتفاعا بنسبة 31% عن العام السابق، بينما حققت نسبة نمو ٦% بالمقارنة بالدولار وذلك نظراً لتغير سعر صرف العملة.
وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، قال إن قرارات السلطة متناقضة، الرئيس يحث على المشروعات الصغيرة والمتوسطة والحكومة تُجرف ما يفعله.
وأضاف النحاس، في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن معرض "لومارشيه" له اسم كبير وسوق ضخم لصناعة الأثاث في مصر صُنع على مدار سنوات، سواء لتسويق المنتجات أو عقد صفقات عبر شركة راعية ناجحة جدا وما يحدث سينعكس على الاقتصاد بشكل عام.
وأشار إلى أن الدولة تنظم مؤتمرات لا جدوى لها تكلف الدولة ملايين الجنيهات وتأتي على معرض تعول عليه مئات الشركات كنافذة تسويقية رئيسية لسوق الأثاث ويعتمد عليه صناع الأثاث اعتمادا كليا لتسويق منتجاتهم لمدة عام بعد المعرض.
وتساءل النحاس: "الرئيس يوجه بسرعة الانتهاء من مدينة الأثاث بدمياط وغيرها من المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومن ثم تدمر معرضا كبيرا مثل لومارشيه، فأين سنسوق إنتاج المدينة؟"
وفي نوفمبر 2015، قررت الحكومة تأسيس شركة مشتركة بين محافظة دمياط والهيئة العامة للاستثمار وبنك الاستثمار القومي لتنفيذ مدينة الأثاث وتسويقها.
ويهدف المشروع إلى تحديث صناعة الأثاث من خلال الاستثمار في القطاعات المكملة لها وإدخال التكنولوجيا الحديثة وفتح معارض وأسواق جديدة للتصدير في الخارج.
وأوضح النحاس أن صناعة الأثاث تعد إحدى أهم الصناعات الباقية التي لمصر باع فيها عبر التصدير، وكان من الأولى أن تقدم حوافز للعارضين لإنجاح المعرض وليس إلغاؤه.
ومضى قائلا: "الحكومة تسحب نفسها من سوق هي لها قوة فيه، تدمر ما تبقى من الصناعات التي تحمل "صنع في مصر".
قال شريف عبدالهادي، رئيس غرفة صناعة الأثاث باتحاد الصناعات المصري، إن إلغاء معرض لومارشيه للأثاث يتسبب في خسائر بالمبيعات تصل إلى نصف مليار جنيه.
وأضاف عبد الهادي، في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن إلغاء المعرض ضربة قاصمة لسوق الأثاث المصري وللمصنعين، مضيفا: "كارثة الكوارث للصناعة".
بدوره، قال شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي: "لا يعقل أن يكون الأمن عاجزًا عن تأمين معرض نمطي يحدث كل عام، الاعتذار الأمني حال تغيير المكان".
وأضاف الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ"مصر العربية" أنه حال كون الدولة مسؤولة عن إلغائه جراء التأمين فهو أمر كارثي ومؤشر خطير على الاقتصاد ككل.
وأشار إلى أنه يتوقع أن يكون هناك عدم إقبال على المعرض نظرا للأوضاع الاقتصادية الحالية وانخفاض القوى الشرائية.
ولفت إلى أن المعرض عبارة عن سلع معمرة لا تمثل إلحاحًا استهلاكيًا، وفي ظل حالة الانكماش الحالية ارتأت الدولة عدم جدواه إلا أنه في كل الحالات قرار غير مدروس.
فيما اعتبر محمد الشبراوي، عضو غرفة صناعة الأخشاب والأثاث، أن سبب إلغاء المعرض غير معلن ولكنه في الحقيقة أمني وأنا أؤيده بشدة في ظل الظروف السيئة الحالية، وكلنا رأينا مقتل السفير التركي في قلب معرض للصور الفوتوغرافية.
وأوضح الشبراوي، في تصريحات لمصر العربية، أن المعرض غالبية المعروضات الموجودة به مستوردة وليست إنتاجًا محليا والدليل على ذلك وجود نسبة قليلة من أعضاء الغرفة كعارضين.
الخبير الاقتصادي، خالد عبدالفتاح، اعتبر أن هناك حالة من التخبط السياسي منعكسة بشكل كبير على الوضع الاقتصادي المتدهور.
وأضاف عبدالفتاح، في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الدولة نظمت العديد من المؤتمرات ممكن وضعها في خانة "إهدار مال عام وخداع الناس بأكاذيب سياسية".
ومضى قائلا: "وتأتي على معرض خدمي سواء اتفقنا على جدواه في الوقت الحالي من عدمه وتقرر إلغاءه لدواعٍ أمنية كارثة كبيرة ورسالة سلبية للأوضاع الاقتصادية أمام العالم".
وأشار إلى أن القائمين على الأوضاع الاقتصادية يعيشون حالة من التوهان مرئية للقاصي والداني، قرارات تؤخذ ويتم التراجع فيها، ولا استبعد عدول الدولة عن القرار تحت أي ضغط.
ولفت إلى أنه إن كان السبب الأمني هو المانع فمن الممكن أن يتم تأجير شركات أمن خاصة لتأمين المعرض، دائما هناك حلول لكن في غالب الوقت نختار الأسهل.
بدوره، قدم محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية وعضو مجلس النواب، بيانا عاجلًا للمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الداخلية والتجارة والصناعة والاستثمار، بشأن إلغاء ومنع إقامة معرض "لو مارشيه" للأثاث.
وأكد السادات أن المعرض يعد النافذة التسويقية الرئيسية للعارضين لمدة سنة كاملة لتسويق وتصدير منتجاتهم وإبداعاتهم خصوصا في هذا التوقيت من العام قبل بدء أعياد الميلاد واحتفالات رأس السنة والذي تنشط فيه سياحة التسوق.
كما دعا النائب البرلماني رئيس الوزراء إلى سرعة التدخل لإنقاذ المعرض وتنظيمه في موعده المحدد حفاظا على صناعة الأثاث في مصر، والتي تعد إحدى أهم الصناعات وحتى لا يتم استخدام هذه الواقعة للإساءة إلى صورة مصر داخليـًا وخارجيـًا.
وفي عدة صفحات بغالبية الجرائد المصرية، ناشدت شركات الأثاث، الرئيس عبد الفتاح السيسي واللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، لعدم إلغاء معرض لو مارشيه، خاصة أنه يعد المعرض الأهم لتسويق منتجات القطاع.
وتحت عنوان " أنقذوا صناعة الأثاث والمعارض".. جاءت استغاثة الشركات التي أعلنت مشاركتها بالمعرض، مؤكدة أن القرار يصدّر صورة غير صحيحة مفادها أن مصر أصبحت دولة غير آمنة.
وفي المقابل، تتفاوض وكالة "طارق نور" مع وزارة الداخلية لمنع إلغاء المعرض الذي كان مقررًا إقامته خلال أيام بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر.
كما أن الشركات العارضة بـ "لو مارشيه"، لم تبلغ وكالة طارق نور للإعلان برغبتها سحب الإعلانات من المعرض حتى الآن، تحسبًا لنجاح محاولات الوكالة مع الجهات الأمنية لعدم إلغائه.
وأشار البعض إلى أن اتجاه وزارة الداخلية لإلغاء المعرض العام الجارى، ناتج عن اعتراضات إدارة الحماية المدنية بالوزارة على موعد المعرض، خاصة بعد حادث تفجير الكاتدرائية البطرسية بالعباسية قبل أيام.
بدورها، قالت وزارة الصناعة والتجارة إن هيئة المعارض والمؤتمرات التابعة لها ليست طرفًا في مشكلة إلغاء معرض "لو مارشيه" للأثاث والديكور.
وأشارت الوزارة إلى أن الشركة كانت أعلنت أن الإلغاء جاء بقرار من وزارة الداخلية بسبب بعض الإجراءات الأمنية الخاصة بتنظيم المعرض.
وأوضحت أن هيئة المعارض والمؤتمرات مسؤولة فقط عن المعرض بعد إقامته على الأرض التي يتم تأجيرها من الهيئة.
والعام الماضي، قدمت شركات الأثاث المشاركة في المعرض تخفيضات وصلت إلى 50% على المنتجات خلال فترة المعرض.