بعد رشوة «علي بابا».. خبراء : قانون المناقصات والمزايدات منبع للفساد وتعديله "حتمي"
بعد ضبط هيئة الرقابية الإدارية مسئول المشتريات بمجلس الدولة عقب تقاضيه رشوة، بات من الملح تعديل قانون المناقصات والمزايدات الذي يراه الخبراء بوابة للفساد في جميع القطاعات الاقتصادية، ولكن حتى الآن لم تتحرك الدولة في هذا الاتجاه.
وفي يونيو الماضي، طالب عدد من نواب البرلمان بتعديل قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998، لوقف نزيف إهدار المال العام، وذلك لاكتشاف فساد في الصفقات التجارية، إلى جانب تسرب المعلومات وعدم وجود عدالة فى فتح المظاريف المغلقة، إلا أن الأمر لم يتعد مرحلة المطالبات ولم يتحرك البرلمان فيه خطوة واحدة.
النائب البرلماني عمرو الجوهرى، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية، قال إنه يجب إقرار تعديل تشريعى يلغى النص الخاص بإلزام المتناقصين بتقديم مظروفين مالى وآخر فنى، والعودة إلى أسلوب المظروف الموحد، مشيرًا إلى أن التعديل سيغلق أبواب الفساد فى المناقصات، والتي تتسبب فى إهدار المال العام وترتب عليه الإخلال بقواعد المنافسة والعدالة فى المناقصات والمزايدات.
وأضاف الجوهري، في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أنه يدرس حاليًا جميع مواد القانون والتي تتخطى الـ40 مادة لأن القانون فى صياغته الحالية غير مناسب، مؤكدًا أن قواعد تنظيم المناقصات شائك لأنه عند طرح المشروعات يجب أن يكون هناك مظاريف مغلقة لكن إساءة الاستخدام أساءت لسمعة القانون.
وأشار إلى أن القانون غرضه السيطرة على رغبات الناس بوضع ضوابط لتعاملات الجهات المختلفة، مطالبًا بضرورة البعد عن الفساد لأن القانون تسبب فى فساد الصفقات التجارية وتوغل المفسدين فى الدولة.
في المقابل، قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري الاقتصادي إنه يجب أن يتم تعديل القانون بطريقة أفضل لأن القانون سيء جدًا ويفتح الأبواب على مصراعيها لتفشي الفساد والرشاوى، مطالبًا بضرورة تيسير مهمة متخذ القرار في التعديلات بمعنى أنه لا يجعل المسئولين أصحاب أيادي مرتعشة خوفًا من القانون.
وأكد الخبير الاقتصادي، أنه يجب أن يضيق القانون الجديد الفجوات على الفاسدين وأصحاب الرشاوي بمعنى عدم الاعتماد على العرض المالي فقط وترك العرض الفني أو العكس كذلك عدم توجيه النظرة المحدودة إلى السعر الأقل في الاختيار.
ومن جانبه قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إن قانون المناقصات والمزايدات القديم قبل تعديله في عام 1998 كان يعتمد بصفة كلية على اختيار السعر الأقل فقط وهو ما طرح حالة من الجدل وسط الاقتصاديين ورجال القانون فقاموا بتعديله بعد 15 عام، بحيث لا يعتبر السعر الأقل فقط هو المسيطر على المناقصات الحكومية وهو ما تم تعديله فأصبحت المؤسسات الحكومية لا تلتزم بالجانب المالي فقط ولكن الجانب الفني أيضًا.
وأضاف الدمرداش، في تصريح لـ"مصر العربية" أن إلزام الجهات الحكومية بقبول المناقصات الأقل سعرًا ساعد في انتتشار الفساد لأن المقاولين كانوا يأخذون المقاولات من الحكومة بأسعار أقل ثم يصرفون أضعافها على الرشاوي والمجاملات حتى يسلموا أعمالًا مخالفة للمواصفات وهو ما يهدر موارد الدولة والمال العام.
وطالب الدمرداش بإحكام الرقابة على المناقصات الحكومية وعمليات الشراء والاستلام أيضًا، بمعنى أن الأعمال التي تم التعاقد عليها يجب أن تخضع لرقابة فنية حتى نتجنب مخالفة المواصفات المطلوبة، وكذلك إحكان شروط المناقصة أيضًا وأن تكون واضحة، وأساليب طرح المناقصات تضمن الشفافية المطلوبة، وكذلك الرقابة على لجان فتحج المظاريف والإستلام.
جدير بالذكر أن قانون المناقصات والمزايدات يستهدف تحقيق مبدأ المساواة بين المتعاقدين فيما بينهم وبين أجهزة الدولة فيما بينها، كذلك تحقيق مبدأ الشفافية وحماية حقوق المتعاقدين مع الجهات الإدارية، بالإضافة إلى الفصل بين النواحى المالية والفنية مع إعطاء الأولوية للجانب الفنى.
والثلاثاء الماضي، أعلنت هيئة الرقابة الإدارية، في بيان لها، ضبط مسؤول مشتريات بهيئة قضائية بتهمة "الرشوة" وبتفتيش مسكنه تم ضبط، 24 مليون جنيه مصري (1.2 مليون دولار)، 4 ملايين دولار أمريكي، 2 مليون يورو، ومليون ريال سعودي".
كما تم ضبط مشغولات ذهبية وأوراق ملكية عقارات وسيارات، لم يحدد البيان قيمتها.
وأثارت الواقعة سخرية النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، الذي لقبوه بـ"علي بابا" المصري، في إشارة إلى قصة شعبية نُفذت كفيلم تقود فيه الصدفة البطل الفقير إلى مغارة مغلقة خزّن فيها لصوص المدينة كميات ضخمة من المجوهرات والأحجار الكريمة.