صرخات المستثمرين مدفوعة الثمن.. وخبراء: تعويم الجنيه "كارثة" طالت الجميع
أثارت القرارات الاقتصادية التي أقدمت عليها الحكومة في الفترة الأخيرة، بداية من إقرار القيمة المضافة وإلغاء الدعم الجزئي عن المواد البترولية وتعويم الجنيه وزيادة الجمارك، استياء وغضب الكثيرين، بسبب ارتفاع كافة الأسعار للضعف والسياسة المتخبطة التي تتبعها الحكومة.
الشكوى من هذه الإجراءات لم تقتصر على البسطاء من المواطنين بالطبقة الوسطى والفقيرة، بل امتدت إلى رجال الأعمال والمستثمرين في مصر، الذين تتوالي صرخاتهم بسبب تأثر استثماراتهم بهذه القرارات التي يصفها كثيرين بالغير مدروسة، وذلك لأنها تهدد أعمالهم وتعرضهم للإفلاس.
مسلسل الاستغاثات
أصبحت الاستغاثات مدفوعة الأجر في الصحف نمطا جديدا يمتاز به المناخ الاستثماري في البلاد، فقد شهدت الآونة الأخيرة استغاثة للمستثمرين في أكثر من 6 صحف تطالب رئيس الجمهورية بالتدخل وإلغاء زيادات المديونيات الناتجة عن فروق العملة بعد تعويم الجنيه.
ولعل أخر الاستغاثات كانت من شعبة الإعلان بغرفة صناعات الطباعة والتغليف باتحاد الصناعات المصرية وجميع الشركات أعضائها، والعاملين بمجال إعلانات الطرق، لوقف قرار محافظ القاهرة بإزالة الإعلانات الخاصة، وطرح المواقع بالمزايدة العلنية.
وطالبت الشعبة، في استغاثتها بأحد الصحف القومية، السبت، الرئيس السيسي بالتدخل لحل الأزمة، وإيقاف قرار إزالة الإعلانات، التي يصل عددها إلى 11 ألف إعلان بقيمة 500 مليون جنيه، لحين صدور الحكم القضائي في منتصف يناير الجاري.
وأكدت الشعبة أن هذا القرار سيتسبب في إفلاس هذه الشركات وتعرضها لشروط جزائية من قبل العملاء وتشريد العاملين بها، حيث يزيد عدد الشركات عن 120، ويعمل بهم نحو 250 ألف عامل وموظف.
وقبل أسبوع، استغاثت عدد من الشركات الصناعية والتجارية الكبرى العاملة في الصناعة والتجارة والمستوردة للسلع الإستراتيجية والقمح والدواء وقطع الغيار ومستلزمات الإنتاج، بالرئيس السيسي، بسبب عدم قدرتها على مواصلة العمل بسبب تبعات تعويم الجنيه.
وقالت، إن تحرير سعر الصرف، سيؤدي إلى إفلاس الكثير منهم، وتوقف استيراد أنواع السلع كافة، إضافة إلى النقص الحاد في السلع الإستراتيجية، والبطالة لأكثر من مليوني عامل بالشركات.
وأوضحت الشركات، أن تحرير سعر الصرف سبب بالغ الضرر على كافة المعاملات في المجالات الصناعية والتجارية بسبب تقاعس البنوك عن تغطية كامل الاعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد السلع في حينها وقبل تحرير سعر الصرف، حيث طالبتهم البنوك بسداد قيمة المستندات بأسعار اليوم، الأمر الذي سيؤدي إلى خسائر كبيرة تمثل أكثر من 100% من رؤوس أموال الشركات.
وقبل أسبوعين، احتلت صفحات الجرائدة استغاثة من صناع الأثاث في مصر يشتكون من إلغاء معرض "لومارشيه للأثاث" الذي قالوا إن إلغاءه يدمر صناعة الأثاث في 2017 لأنه يعتمدون عليه ىفي الإنتاج والتصدير لمدة عام بعد المعرض.
الاستغاثات دليل فشل
وأكد خبراء اقتصاديين أن تتابع الاستغاثات بالرئيس عبد الفتاح السيسي، يكشف مدى تخبط الحكومة، فسوف تكون هناك سلسلة جديدة من الاستغاثات خلال الفترة المقبلة، بسبب التضرر من السياسيات العشوائية.
الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أكد أن الأوضاع الاقتصادية الحالية علي كافة المستويات، تقول بأن قرار تعويم الجنيه في بداية نوفمبر الماضي، لم يكن الحل الأمثل.
وتابع في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، أن هذا القرار سيؤدي إلي تدمير كل الاستثمارات والصناعات داخل الدولة، معتبرًا أن هذه الاستغاثات لن تكون الأخيرة من نوعها، وسيتبعها سلسلة من الاستغاثات لرئيس الجمهورية للكل المتضررين من المستثمرين.
ورأي النحاس، أن الحكومة خارج نطاق الخدمة، رغم الأزمات المتتالية، واتضاح خطأ قرارها وأسلوب تطبيقه، وبدلًا من أن تعقد اجتماع طارئ لبحث تلك الأزمات وحلها، لا تزال تعمل في غرف مغلقة ومنعزلة.
وقال إن قانون الاستثمار الجديد، لن يساهم في حل مشكلات المستثمرين كما يتصور البعض، لأن الحكومة تراهن علي جذب مستثمرين جدد من خلاله، في الوقت الذي تمتلك فيه عدد من المستثمرين بالفعل، ولديهم الكثير من العوائق ومن الأولى العمل على حلها، علي اعتبار أن هذا سيكون حافزًا للاستمارات الجديدة في مصر .
في المقابل أوضح رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، أن اللجوء للاستغاثات يهدف إلى الضغط علي الحكومة، مشيرًا إلي أن رجال الأعمال والمستثمرين كانوا أول من طالبوا بتحرير سعر الصرف، والآن هم من يصرخون منه، رغم دعوتهم المستمرة للمواطنين بالصبر والتحمل.
وقال في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، إن سياسات الحكومة الاقتصادية والمنهج الذي تتبعه خاطيء وبه سوء إدارة، لأنها باختصار سلمت الاقتصاد لقلة من المستثمرين.
وأشار عيسى، إلى الاستثمارات في مصر تعاني بشكل كبير مؤخرًا، مضيفًا أنه كانت هناك شركة في الإسكندرية، من أهم المصدرين للملابس إلى المملكة المتحدة، وتأثرت بعد تعويم الجنيه بحكومة عاطف عبيد، ولم تتمكن من تعويض خسائرها خلال كل هذه السنوات، حتى تم بيعها في ٢٠١٦ بسعر بخس، وهو المصير المنتظر لغالبية الشركات خلال السنوات القادمة، بسبب تضررها من توابع تحرير سعر الصرف.