ارتفاع الاحتياطي النقدي.. زيادة حقيقية أم تلاعب بالأرقام؟
بالرغم من أن محافظ البنك المركزي المصري أكد في أكثر من مناسبة أنه يستطيع "الوصول باحتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى ما يتراوح بين 25 و30 مليار دولار قبل نهاية 2016"، إلا أن النتيجة بنهاية العام جاءت أقل كثيرا ممكن مما وعد به عامر، وذلك ما لم يتحقق رغم موجة القروض التي حصلت عليها مصر خلال العام الماضي.
عامر، قد ربط بين الوصول إلي هذا المستوي من الاحتياطي النقدي، وبين اتخاذ قرار تعويم الجنيه، بعد أن كان الاحتياطي وقتها 19.041 مليار دولار، مؤكدًا على التزامه بتحقيق هذا الأرقام ووصوله إلي ٣٠ مليار دولار قبل نهاية العام.
وكشف البنك المركزي، الخميس الماضي، عن أن قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي بلغت 24.3 مليار دولار فقط بنهاية العام، ليرتفع بنحو 1.2 مليار دولار، مقارنة بـ23 مليار دولار، في نهاية نوفمبر، ولم يكشف المركزي في بيانه عن مصدر الزيادة في الاحتياطي.
وتعد الوظيفة الأساسية للاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، بمكوناته من العملات الدولية المتنوعة والذهب، هي توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، إضافة إلى مواجهة الأزمات الاقتصادية في الظروف الاستثنائية، التي تمر بها البلاد.
في المقابل، ارتفعت قيمة الدين الخارجي بنحو 7.8% خلال الثلاثة شهور الماضية في العام المالي الجاري، حيث بلغت 60.15 مليار دولار، كما قفزت أعباء خدمة الدين بنحو 184.8% خلال نفس الفترة.
وحصلت مصر خلال شهري نوفمبر وديسمبر، على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 2.75 مليار دولار، وملياري دولار من بنوك دولية، لمدة عام واحد، عبر سندات طرحت في بورصة ايرلندا، بالإضافة إلى 2.7 مليار دولار من الصين من خلال اتفاق لمبادلة العملة بين البلدين.
وعن أراء الخبراء حول أسباب عدم وصول الاحتياطي الأجنبي إلى 30 مليار كما وعد طارق عامر، أكد الدكتور رضا عيسي، الخبير الاقتصادي، إن تقديرات محافظ البنك المركزي، عادة ما تكون ليس لها علاقة بالواقع الذي نعيشه، لأنه تكون مبنية على قاعدة وأساس خاطئ.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، أن مصر لا تمتلك احتياطي نقدي حقيقي، ولكنه يقدر بالسالب، ويبلغ نحو -١٤ مليار دولار، مضيفا، أن السبب في ذلك هو أن الزيادة في الاحتياطي النقد الأجنبي، الذي تحدث عنها البنك المركزي ووصوله لنحو ٢٤مليار دولار، كلها نتيجة السلف والاقتراض، الذي أقدمت عليه الحكومة مؤخرًا.
ويرى الخبير الاقتصادي، أن ما يحدث هو تلاعب بالأرقام، وهو ما يجعل مصداقيته محدودة، حيث أعلن البنك المركزي زيادة الاحتياطي الأجنبي بنهاية ديسمبر، في الوقت الذي يتحدث فيه عن الدين الخارجي، عن شهر سبتمبر، موضحًا أن خلال الثلاثة أشهر هذه اقترضت مصر أموال كثيرة، بما يعني هذا الدين تخطي الأرقام المعلنة.
ومن جانبه ذكر الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن هناك نوعا من التخبط في الأرقام المعلنة بشكل كبير، مشيرًا إلي أنه كان يتوجب علي البنك المركزي توضيح كيفية وصول الاحتياطي الأجنبي إلي ٢٤ مليار دولار.
وتابع في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، أنه تم الإعلان في أكتوبر الماضي عن وصول الاحتياطي النقدي الأجنبي إلي ١٩ مليار دولار، وبعدها في نوفمبر حصلت مصر على قروض من صندوق النقد الدولي وتبادل العملة مع الصين بنحو ٥.٥ مليار ونصف، ثم الاقتراض من بنك التنمية الإفريقي وطرح السندات في بورصة ايرلندا بنحو ٣.٥ مليار دولار، بما يعني أن الاحتياطي النقدي من المفترض أن يكون ٢٨ مليار دولار.
وأكد النحاس، على أن محافظ البنك المركزي، مطالب بالإجابة عن كيف يكون الاحتياطي الأجنبي ٢٤ مليار، رغم كل هذه القروض، لأنها في النهاية، ديون على الدولة ونحن من يدفعها، مشيرا إلى أن الأرقام المعلنة بخصوص الديون الخارجية ووصولها إلي ٦٠ مليار دولار لا يتطابق مع أرقام القروض التي حصلنا عليها، ومن المؤكد أن نسبته أكبر من ذلك.
جدير بالذكر أن محافظ البنك المركزي، قال الثلاثاء الماضي، إن مصر ملتزمة بسداد أقساط وقروض خارجية تصل لنحو 8 مليارات دولار، تشمل سداد القرض الذي أقرضته تركيا لمصر في عهد الرئيس محمد مرسي في 2012، بنحو مليار دولار، وسداد ديون نادي باريس البالغة 3.5 مليار دولار.
وتلتزم أيضًا بسداد نحو 3.5 مليار دولار مستحقات متأخرة لشركات البترول الأجنبية العاملة في مصر، وهو ما يؤدي إلى عودة الاحتياطي النقدي إلي نحو ١٦ مليار دولار، كما كان في بداية يناير ٢٠١٦، ما لم تعمل الدولة على زيادته خلال الفترة المقبلة.
يشار إلي أن مصر كانت تمتلك نحو 36 مليار دولار احتياطي من النقد الأجنبي، قبل ثورة ٢٥يناير، التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك في 2011.