وسط مشاركة مصرية خافتة
"دافوس 2017".. التفاؤل غائب وشبح "ترامب" حاضر
ينطلق غدا الثلاثاء، وعلى مدى أربعة أيام، فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي الـ 47 تحت شعار "زعامة مسؤولة"، بعد عام اقتصادي متقلب يشوبه القلق والغموض والترقب، إلا أن العام الجديد قد يكون أفضل من العام السابق كثير، ففي نفس هذا التوقيت من العام السابق هز زلزال تباطؤ الاقتصاد الصيني الأسواق العالمية وكانت أسعار النفط في أدنى مستويتها.
ودافوس هو منظمة غير حكومية لا تهدف للربح، مقرها جنيف بسويسرا أسست عام 1971، إذ يعتبر المنتدى بمثابة المساحة تلاقى النخب من المئات من ممثلي الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى، والقادة السياسيين بهدف النقاش في المشكلات الاقتصادية والسياسية التى تواجه العالم وكيفية حلولها.
المنتدى يعقد اجتماعاته السنوية في دافوس "عاصمة مايكروسوفت" وبالرغم من أنه "منظمة غير حكومية ولا تستهدف للربح ومفتوحة لمن يرغب" إلا أن شروط عضويته تحتم أن يكون دخل الشركة لا يقل عن مليار دولار في السنة، بالإضافة اشتراك عضوية سنوي بقيمة 12.500 ألف دولار.
أما الاشتراك في المؤتمر السنوي فيتكلف 6.250 ألف دولار، وإذا أرادت الشركة الاشتراك في وضع أجندة هذا المؤتمر قبل انعقاده فتتكلف 250 ألف دولار، وإذا أرادت أن تكون شريك دائم فتدفع 78.000 ألف دولار.
ويحضر ذلك المنتدى لفيف من النخب الاقتصادية إلى جانب رؤساء الحكومات والوزراء، وبعض منظمات المجتمع المدني المختارة إلى جانب بعض المحامين والصحفيين والأكاديميين المختارين بعناية والذين لا ضرر من قيامهم بمشاريعهم الخاصة.
وجه الاختلاف هذا العام؟
المنتدى هذا العام رغم أنه على ما يبدو سيكون مختلفا إلا أن عهد إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي من المقرر أن يبدأ يوم 20 يناير وهو يوم ختام اجتماعات المنتدى السنوي، هو الحدث الأهم الذي سيكون صدعا في رأس المشاركين.
ففي اجتماعات العام الماضي كانت هناك شبه إجماع على أن ترامب ليس أمامه فرصة للوصول للبيت الأبيض، وكذلك كان هناك اتفاق كبير أيضا على أن بريطانيا لن تخرج من الاتحاد الأوروبي، إلى أن الواقع كان عكس ما صدره المنتدى بالعام السابق ليكون صفعة لشتى المبادئ التي تعتز بها صفوة دافوس.
مشاركة مصرية خافتة
وغادر مطار القاهرة الدولى، مساء اليوم الاثنين، كلا من الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولى، والمهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناع، متوجهين إلى جنيف، فى زيارة لسويسرا تستغرق 5 أيام.
من المقرر أن يشاركا فى الاجتماع الوزارى لمنظمة التجارة العالمية، والذى يبدأ الثلاثاء، بالإضافة للمشاركة فى منتدى دافوس العالمى.
أبرز المشاركين
يشارك نحو 3000 من رجال السياسة والاقتصاد في العالم، وبحسب شبكة سي إن بي سي الأمريكي فإن أشهر الأسماء المقرر مشاركتها هي:
كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي، ووزير الطاقة السعودي خالد الفالح، إذ من المتوقع أن يقدم الفالح تصوراته عن برنامج رؤية المملكة 2030 وقرار الرياض بتنويع مصادر الإيرادات وعدم الاعتماد الكلي على النفط.
وتشارك أيضا الأمريكية شيريل ساندبرج كبيرة مسؤولي التشغيل في الفيسبوك، بالإضافة إلى الممثل العالمي مات دامون، ونائب وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، وذلك بنوا كور عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، والمطربة العالمية شاكيرا.
وتشارك أيضا رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وذلك بعد أن أضحى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أمرا واقعا، بالإضافة إلى رجل الأعمال الصيني الشهير جاك ما، مؤسس أكبر مجموعة شركات تجارية على الإنترنت سيكون أحد أبرز المشاركين في المنتدى، وبيل جيتس مؤسس مايكروسوفت، الذي يتربع دوما في صدارة قائمة أثرياء العالم يعد من أبرز المشاركين في منتدى دافوس.
المشاركة الصينية التاريخية
لعل أهم ما يميز دافوس هذا العام هي المشاركة الصينية التاريخية، إذ سيلقي رئيس ثاني اقتصاد في العالم الصيني شي جينبينغ، غدا كلمة أمام ثلاثة آلاف من صانعي القرار الاقتصادي والسياسي في العالم اجمع، لطمأنتهم إلى أن الصين ستكون جاهزة للدفاع عن رؤيتهم للتبادل الاقتصادي.
"لي باودونج" نائب وزير الخارجية الصيني، قال إنه "في ضوء التطورات الأخيرة والتحديات الجديدة على الساحة الدولية، سيعرض الرئيس شي رؤية الصين حول العولمة الاقتصادية ويعرض اقتراحات ومشاريع صينية وسيثبت أن الصين دولة مسؤولة ذات أهمية كبرى".
وقال كبير الاقتصاديين في مكتب "آي اتش اس ماركت" ناريمان بهراوش المتخصص في شؤون دافوس في تعليق له نقلته وكالة "فرانس برس" إن "الصين ترى في الجو السياسي الحالي فرصة لتأكيد دورها المهيمن في آسيا والعالم" مضيفا انه "من المبكر الاعتقاد انه سيكون بأمكان الصين الحلول مكان الولايات المتحدة كمحرك للعولمة".
وقال هو شينغدو استاذ الاقتصاد في الجامعة التكنولوجية في بكين إن "العالم اليوم غريب، الولايات المتحدة كانت وراء العولمة والصين تعارضها، لكن الآن أصبحت الصين قائدة العولمة والولايات المتحدة تعارضها".
وسيكون "شي جين بينغ" أول رئيس صيني يحضر المنتدى الاقتصادي العالمي الذي من المقرر أن يناقش العولمة مع نظرائه الذين يواجهون تمردا من الناخبين ضد الأسواق المفتوحة والحدود.
دافوس وترامب
يرى جان ماري جوينو الرئيس التنفيذي للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات أنه "أن وجود ترامب رئيسا لأمريكا أدى إلى شعور عميق بعدم التيقن وسيلقي ذلك بظلاله على دافوس."
في المقابل قال موازيس نايم من مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي إن "هناك إجماع على أن شيئا ضخمة يجري.. شيئا عالميا وغير مسبوق على عدة مستويات. لكننا لا نعرف ما هي أسبابه أو كيف نتعامل معه."
ومن المتوقع أن تكون سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس المنتخب دونالد ترمب موضوعا رئيساً بين القادة، إلا أن موضوعات لا تقل أهمية تتعلق بإنتاج النفط وأسعاره، والطاقة، والتطورات السريعة المتلاحقة في تقنية الاتصالات والمعلومات، وحالة الاقتصاد العالمي، والسياسات النقدية، ونزول العملة الصينية، اليوان، كعملة رئيسة جديدة في التبادل المالي الدولي، والتجارة الإلكترونية، والعشرات من المواضيع المالية والاقتصادية والتجارية المتشابكة ستطرح على وُرش النقاش.
مخاطر أخرى
على المستوى الاقتصادي فإن دافوس يجب أن يخرج بحل أو رسالة طمأنينة عن عدم نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى حلول لقوة الدولار التي تهدد الآفاق الاقتصادية العالمية المشرقة.
وقام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الشهر الماضي برفع أسعار الفائدة للمرة الثانية فقط في عشر سنوات وهو ما يشير إلى أن الفترة الطويلة للسياسة النقدية الشديدة التيسير التي أعقبت الأزمة المالية العالمية ربما تبلغ نهايتها.
وقال البنك الدولي الأسبوع الماضي إنه يتوقع أن يتسارع النمو العالمي إلى 2.7% هذا العام ارتفاعا من 2.3% في 2016 بفضل تسارع النمو في الولايات المتحدة وتعافي الأسواق الناشئة بفعل صعود أسعار السلع الأولية.
وكان راجان وويبر قد أطلق منذ عام في دافوس تحذيرا بشأن حدود السياسة النقدية التيسيرية، لكن الآن ومع تشديد المركزي الأمريكي للسياسة برزت مجموعة جديدة من المخاطر.
وربما يوسع استمرار صعود الدولار العجز التجاري للولايات المتحدة بما يزيد الضغوط على ترامب للجوء إلى سياسات الحماية التجارية، وقد يضعف ذلك أيضا الميزانيات العمومية للمقترضين خارج الولايات المتحدة الذين اقترضوا بالدولار لكنهم يحوزون أصولا بالعملة المحلية.
وعلى النقيض في أوروبا فإن صعود الدولار قد يعزز التعافي الاقتصادي وهو ما يتيح للبنك المركزي الأوروبي إنهاء سياسات التيسير التي تتضمن شراء السندات أو برنامج التيسير الكمي الذي تم تمديده حتى نهاية 2017.
كما أن هناك مخاطر سياسية كذلك تثير قلق الحضور في منتدى دافوس، إذ أن النظام الديمقراطي الليبرالي بات مهددا، وذلك مع اقتراب الانتخابات في هولندا وفرنسا وألمانيا وربما إيطاليا هذا العام.
بالإضافة إلى هذا المخاطر فإن بعض الحضور يشعرون بالقلق من أن وتيرة التغير التكنولوجي والطبيعة المدمجة المعقدة للاقتصاد العالمي تصعب على الزعماء تشكيل الأحداث والتحكم فيها ناهيك عن إعادة تشكيل النظام العالمي.
فالأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و2009 وأزمة المهاجرين في 2015-2016 كشفت عجز الساسة مما كرس إفاقة الشعوب من الأوهام ودفعهم نحو الشعبويين الذين يقدمون تفسيرات وحلولا سهلة.
ويقول إيان جولدين الخبير في العولمة والتنمية بجامعة أوكسفورد إن المشكلة هي أنه في العديد من المشكلات من تغير المناخ إلى التنظيم المالي لا يمكن تحقيق نتائج إلا من خلال التعاون الدولي. وهذا بالتحديد ما يرفضه الشعبويون.
وأضاف "حالة السياسة العالمية أسوأ مما كانت عليه منذ فترة طويلة، في وقت نحتاج فيه للمزيد من التنسيق لمعالجة قضايا مثل تغير المناخ ومخاطر شاملة أخرى يتزايد بدرجة كبيرة ضيق الأفق والانعزالية."
مؤجة التفاؤل السنوية
لا يمر عام على منتدى دافوس بدون خروج البعض بالكثير من التصريحات المتفائلة التي لا تعتمد في الغالب على وقائع حقيقية، إذ قال أكسل ويبر رئيس مجلس إدارة بنك يو.بي.إس السويسري والرئيس السابق لبندسبنك الألماني في تصريح لـ"رويترز": إنني أكثر تفاؤلا من العام الماضي، إذا لم تحدث اضطرابات رئيسية سياسية أو جيوسياسية تعرقل الاقتصاد العالمي فربما نشهد مفاجآت سارة في 2017.