بعد 100 يوم من تعويم الجنيه.. 5 مؤشرات اقتصادية إيجابية

كتب: محمد الريس

فى: أخبار مصر

15:50 12 فبراير 2017

عانى الاقتصاد المصري كثيرًا بعد قرار تحرير سعر الصرف في3 نوفمبر الماضي، وما أتبعه من أزمات متتالية كان على رأسها انهيار الجنيه أمام الدولار وانعكاساته على كافة القطاعات.

 

وبعد 100 يوم عجاف، بدأت تظهر مؤشرات إيجابية في عدة قطاعات على رأسها التصنيفات الإيجابية للاقتصاد الدولي عقب قرض صندوق النقد، وكذلك ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية، وعودة السياحة جزئيًا وارتفاع الاحتياطي النقدي ومؤخرا بداية تعافي للجنيه أمام الدولار.

 

قرض صندوق النقد الدولي

قالت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتمانى، إن حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى، له تأثير إيجابى على تصنيفها الائتمانى.

 

وأوضحت أن الاتفاق مع المؤسسة الدولية يسرع أيضا وتيرة الإصلاحات المالية ويعزز الثقة فى اقتصاد البلاد، التى تكافح حاليا مع عجز موازنة قرب 12% وارتفاع كبير فى التضخم ونمو اقتصادى دون المتوسط.

 

كما منحت وكالة "فيتش" السندات المصرية الدولارية الجديدة غير المضمونة تصنيف B، مع نظرة مستقبلية مستقرة.

 

واعتبرت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية سياسة واقتصاد بجامعة القاهرة الأسبق، أن أكبر فائدة للقرض هي التزام الحكومة بتحسين أوضاعها الاقتصادية لمصر.

 

وقالت المهدي، في تصريحات صحفية إن القرض سيلزم الحكومة بتطبيق برنامجها الاقتصادي لتحسين الوضع الاقتصادي، "وإلا لن تحصل مصر على الشرائح الأخرى من القرض، الأمر الذي يضمن اتجاه الحكومة إلى خفض عجز الموازنة والتضخم".

 

وتستهدف مصر خفض عجز الموازنة إلى 9.8 بالمئة خلال العام المالي الحالي، مقابل 12.2 بالمئة وفقًا للحساب الختامي للعام المالي (2015-2016) بحسب وزارة المالية.

 

تقرير برايس ووتر هاوس كوبرز

 

كشف تقرير حديث صادر عن مؤسسة "برايس ووتر هاوس كوبرز" للاستشارات الاقتصادية، أنه بعد 3 عقود من الزمن، ستتفوق اقتصادات ناشئة أخرى، مثل مصر والمكسيك وإندونيسيا، على اقتصاديات دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا.

 

وأضاف التقرير، أن مصر ستنتقل بحلول العام 2050، إلى المركز الـ15 في قائمة أقوى الاقتصادات في العالم، حيث تحتل الآن المرتبة الـ22 ومن المرجح أن تتراجع كندا إلى المركز الـ22، حيث تحتل الآن المركز الـ17.

 

تحويلات المصريين بالخارج

رغم تعدد التبعات السلبية لتحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي، استجابة لأحد الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي مقابل قرض قيمته 12 مليار دولار إلا أن بارقة أمل بدأت تلوح في الأفق بعد زيادة معدل تحويلات المصريين بالخارج.

 

وتعد التحويلات من أهم مصادر العملة الأجنبية للبلاد، حيث يقدر عدد المصريين العاملين في الخارج بنحو 8 ملايين مصري، يتواجد حوالي 70% منهم فى دول الخليج العربي، و30% في أوروبا ودول أمريكا الشمالية، وتعتبر مصر من أكبر الدول العربية التي تتلقي تحويلات سنوية والسادسة على مستوى العالم. 

 

إلا أن الإقبال عليها كان ضعيفا للغاية، بسبب الفرق الكبير بين سعر الدولار في البنوك والسوق السوداء، وهو ما تغير بعد تحرير سعر الصرف، حيث زادت التحويلات.


البنك المركزى أعلن ارتفاع إجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج، خلال شهر ديسمبر 2016، لتصل إلى نحو 1.6 مليار دولار مقابل نحو 1.4 مليار دولار خلال شهر ديسمبر 2015، بمعدل زيادة 15.4٪.

 
وبهذا يرتفع إجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج في الربع الأخير من 2016  إلى 4.6 مليار دولار بزيادة 11.8% من 4.1 مليار دولارفي الفترة نفسها من العام 2015، منها 3.3 مليار دولارفي شهرى نوفمبر وديسمبر، أي بعد تعويم الجنيه.

 

الاستثمارات الأجنبية

وأظهر تقرير للبنك المركزي المصري ارتفاع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة والوافدة لمصر بنسبة 36%، خلال الربع الأول من العام المالي 2016-2017.

 

وأضاف التقرير أن صافي الاستثمار الأجنبي بلغ 1.9 مليار دولار خلال الربع الأول، مقابل نحو 1.4 مليار دولار في الربع المماثل من العام المالي السابق.

 

وأرجع التقرير ارتفاع الاستثمارات إلى زيادة التدفق الداخل في قطاع البترول بمعدل 221.5% ليبلغ 495.5 مليون دولار، إضافة إلى قيم تأسيس الشركات الوافدة بلغت 1.6 مليار جنيه بالربع الأول.

 

وقال مصرفيون إن هذا الأسبوع شهد إقبالا كبيرا على شراء أذون الخزانة المصرية من قبل اﻷجانب وهو ما انعكس على سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

 

وقال أحد المصرفيين لرويترز ": هذا الأسبوع كان الإقبال الأجنبي على أذون الخزانة ضخما. إنهم يقبلون على الشراء وبكميات كبيرة. يشترون أذون الخزانة التي أجلها ثلاثة وستة وتسعة أشهر وعام. إنهم يشترون كل شيء."

 

وسجل العائد على أذون الخزانة المصرية التي أجلها ستة أشهر وعام انخفاضا حادا بلغ نحو نقطتين مئويتين حسبما أظهرت بيانات البنك المركزي اليوم الخميس مع اتجاه مزيد من الأجانب لشراء أدوات الدين المصرية.

 

"آلان سانديب"، رئيس الأبحاث لدى نعيم للوساطة في الأوراق المالية في القاهرة، قال لرويترز إن "الجنيه يرتفع لأن الطلب على الدولار يتباطأ وبخاصة من مستوردي السلع غير الأساسية. كان لدينا الكثير من المتأخرات حتى نهاية العام الماضي لكن تلك المتأخرات تنحسر الآن."

 

وقال سانديب "انخفاض العائد يشير إلى زيادة الطلب من الأجانب الذين اشتروا بالفعل أذون خزانة بقيمة 1.15 مليار دولاروالرقم مرشح للزيادة."

 

وتابع: "لقد حرروا سعر صرف الجنيه ويخفضون الدعم ويفعلون كل ما هو صحيح كما ينص عليه الكتاب بشكل أساسي وبما يتماشى مع شروط صندوق النقد الدولي. إنهم يتحركون في الاتجاه الصحيح."

 

وكان كثير من الأفراد قد لجأوا قبل تعويم الجنيه إلى الدولار كملاذ آمن لحفظ أموالهم من التآكل، بفعل التضخم المرتفع، وضعف الجنيه المستمر أمام العملة الأمريكية في السوق السوداء مع تثبيت سعره الرسمي في البنوك.

 

الاحتياطي النقدي والالتزام بسداد الديون

رغم أن غالبيتها من القروض، أظهرت بيانات البنك المركزي ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي لديه بحوالي 2.1 مليار دولارخلال يناير الماضي، ليصل إلى 26.3 مليار دولارمقابل 24.2 مليار دولارفي نهاية ديسمبر 2016.

 

وقال رامى أبو النجا، الوكيل المساعد لمحافظ البنك المركزى لشئون الاحتياطى النقدي،` إن البنك قام بسداد التزامات الحكومة المصرية فى اتفاقية تنمية حقول غاز " ظهر " بقيمة 630 مليون دولار خلال شهر يناير الماضى لصالح شركة اينى الإيطالية.

 

كما سدد قسط شهر يناير لنادى باريس والالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة.

 

وأوضح أن البنك المركزى قام خلال شهر يناير أيضا بتدبير النقد الأجنبى لتوفير احتياجات الهيئة العامة للبترول وهيئة السلع التموينية بقيمة وصلت إلى 819 مليون دولار، كما وفر البنك المركزى احتياجات الجهات الحكومية والوزارات المختلفة من النقد الاجنبى بمبلغ 430 مليون دولار.

 

وأشار إلى أن الاحتياطى النقدى سجل بنهاية شهر يناير الماضى أعلى رصيد له منذ يونيو 2011 عند مستوى 363ر26 مليار دولار بزيادة قدرها 1ر2 مليار دولار عن شهر ديسمبر الماضى 2016، لافتا إلى أن هذا الرصيد من الاحتياطى يغطى نحو 7ر5 اشهر للواردات السلعية لمصر.

 

تقليل الاستيراد

أعلنت وزارة التجارة والصناعة تراجع حجم الواردات بقيمة ٧ مليار دولار، خلال الفترة من يناير وحتى نوفمبر من عام ٢٠١٦، كمؤشر على نجاح السياسات الحكومية فى ترشيد الاستيراد.

 

 أسامة جعفر، عضو شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، قال إن من أهم أسباب تراجع سعر الدولار حاليا أمام الجنيه هو انخفاض نسبة استيراد السلع من الخارج بنسبة 95% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

 

وقرر الاتحاد العام للغرف التجارية التوقف تماما عن شراء العملات الأجنبية لمدة أسبوعين ومن ثم ترشيد الاستيراد لـ 3 أشهر، وقصره على احتياجات الأسواق الفعلية فقط من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج للمصانع التى ليس لها مخزون أو بديل محلى، بهدف الحد من الطلب على العملات الأجنبية والمعاونة فى استقرار أسعار الصرف.

 

انخفاض سعر الدولار

تراجع سعر الدولار أمام الجنيه بقيمة بلغت نحو 100 قرش خلال تعاملات الأيام الخمسة الاخيرة ليسجل 17.80 جنيه لأول مرة منذ شهرين.

 

مدحت نافع، الخبير الاقتصادي اعتبر أنّ العامل المشترك في انخفاض سعر الدولار في البنوك هو تثبيت سعر الدولار الجمركي التي قامت به وزارة المالية خلال الأيام الماضية.

 

وتوقع نافع، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، استقرار أسعار الدولار نسبيًا بالتزامن مع تحرك السوق السياحي، مؤكدا أن السياحة عامل أساسي في ارتفاع الدولار أو هبوطه.

 

 السياحة

ويصب قرار تعويم الجنيه المصري في صالح السائح الأجنبي والعاملين في قطاع السياحة، حيث يشكل تراجع قيمة العملة المحلية (الجنيه) عامل جذب للسائحين بالقدوم إلى مصر، مما يرفع من عوائد قطاع السياحة.

 

فقبل التعويم، كان السائح الوافد الذي بحوزته ألف دولار مثلا، يحصل على سلع وخدمات بما يعادل 8700 جنيه، وفقا للسعر الرسمي، أصبح بعد التعويم لدية نحو 18 ألف جنيه لشراء مزيد من السلع والخدمات، وإن تحركت أسعارها، حسب نوعها، مستوردة أو محلية.

 

وتعول مصر على السياحة في توفير 20% من احتياجاتها من العملة الصعبة، التي تراجعت كميتها في الفترة الأخيرة، ودفعت بالجنيه المصري إلى الهبوط أمام الدولار إلى نحو لامس 19 جنيها في السوق الرسمية.

 

والأسبوع الجاري، أعلنت أربع دول إسكندنافية رفع القيود المفروضة على سفر مواطنيها إلى بعض المناطق السياحية جنوبي سيناء، شمال شرقي مصر، منذ نحو 15 شهراً بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية.

 

واحتلت مصر المرتبة الـ12 ضمن قائمة شبكة بلومبرج العالمية لأفضل 200 وجهة سياحية نصحت قراءها بالتوجه إليها عام 2017.

 

وقالت الشبكة الإخبارية إن زيارة مصر خلال العام الجاري ستكون أكثر جدوى من أي عام مضى، خاصة أنها أصبحت تملك فروعا من أكبر الفنادق السياحية المعروفة بالعالم مثل  ريتز كارلتون ونصحتهم بزيارتها خاصة في شهر مارس.

 

يأتي ذلك في الوقت الذى تتوقع فيه الحكومة المصرية عودة السياحة الروسية وخاصا بعد إجراء التعديلات الأمنية المطلوبة على كافة المطارات المصرية، ولاسيما الإجراءات من قبل وزارة الداخلية.

اعلان