سعر الصرف.. الجنيه في مواجهة الدولار
أضحى سعر الصرف سؤال الساعة أو الشاغل الرئيسي لكلٍّ من الحكومة المصرية والمواطن؛ فهناك تراجع ملحوظ في سعر الدولار أمام العملة المحلية يقدر بحوالي 4 جنيهات خلال فترة وجيزة، ويمكننا أن نرجع ذلك إلى عدة أسباب، ولكننا يجب أن نقف على الآثار التي يخلفها سعر الصرف ومن ثَمَّ أسباب تراجع سعر الدولار.
يأثر ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري على الاقتصاد الوطني، برفع أسعار الواردات، مما يؤثّر بالسلب على ميزان المدفوعات وبالتالي الموازنة العامة، ويدفع الدولة ممثلة في وزارة المالية على فرض ضرائب وتقليل حجم الدعم، وبالتبعية يزيد ذلك من الأعباء على المستهلك والمستثمر.
كما يؤدي ارتفاع سعر الدولار إلى زيادة قيمة الدين العام؛ الأمر الذي تعجز معه الدولة على الوفاء بديونها وخاصة مع زيادة عجز الموازنة.
يأثر ارتفاع سعر الدولار على السلع والخدمات، بالزيادة في أسعارها سواء كانت منتجات مستوردة تامة الصنع أو منتجات محلية تعتمد على مدخلات مستوردة، الأمر الذي بدوره يزيد من أعباء المعيشة على القطاع العائلي؛ حيث كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أنَّ معدل التضخم في يناير 2017 بلغ 29.6%، بينما بلغت أسعار التضخم الغذائي 37.30%.
أثار إيجابية لانخفاض قيمة الجنيه، من الآثار الإيجابية لارتفاع سعر صرف الدولار أولًا زيادة الصادرات نتيجة لانخفاض سعر المنتجات المحلية بالنسبة للمستورد الأجنبي، حيث بلغت الصادرات المصرية في يناير 2017/2016 مبلغ 5.3 مليار دولار مقارنة بزيادة 12.8% عن نفس الفترة من العام السابق الذي حقق 4.7 مليار دولار.
ثانيُا ترشيد الاستهلاك والاعتماد على المنتجات المحلية نتيجة رخص أسعارها مقارنة بالسلع لمستوردة، ونجد أنَّ وفقًا للواقع المصري هناك العديد من الحملات التي تحثّ المستهلك على اللجوء للمنتج المحلي وتشجيع الصناعة المحلية، ونجد أنَّ 80% من الأدوية المتداولة في السوق المصرية محلية الصنع يلجأ المواطن إليها لفرق السعر بينها وبين المستورد.
ثالثًا تقليل الواردات من المواد الخام واللجوء الى بدائل محلية؛ حيث تراجع إجمالي واردات مصر خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2017/2016 بنحو 810 ملايين دولار، ليبلغ نحو 93. 13 مليار دولار، مقابل مبلغ 74. 14 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي السابق له 2016/2015.
رابعًا تشجيع السياحة الوافدة إلى مصر نتيجة لانخفاض سعر العملة المحلية مقابل عملتهم الأجنبية؛ حيث ارتفع عدد السائحين القادمين إلى مصر بنحو 180 ألف سائح، وبلغ عدد السائحين في شهر يناير من عام 2017 حوالي 544 ألف سائح وبالمقارنة، وبالمقارنة بنفس الفترة من عام 2016 نجد أنَّ عدد السائحين قد بلغ 364 ألف.
خامسًا زيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى مصر أو الاستثمار المباشر في مصر، والبالغ 1.8 مليار دولار في الربع الأول من 2016/2017 مقارنة بنفس الفترة من سنة 2015/2016 والبالغ 1.3 مليار وفقًا لبيانات البنك المركزي.
تراجع سعر الدولار أمام الجنيه، سؤال الساعة الذي بات يشغل بال المواطنين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والعلمية يرجع إلى عدة أسباب وهي، أولًا بيع سندات وأذون خزانة بحوالي 4 مليار دولار في السوق العالمي، ثانيًا ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج وفقًا لبيانات البنك المركزي الذي نشرت في التقرير الشهري والسنوي موضحة أنَّ في الربع الرابع من عام 2014/2015 بلغت حجم التحويلات 4.2 مليار دولار، مقارنة بنفس الفترة في 2015/2016 التي حققت 4.4 مليار دولار.
ثالثًا تراجع الواردات والتي بلغت في الربع الأول لعام 2016/2015 مبلغ 14.7 مليار دولار منها واردات غير بترولية 11.93 مليار دولار، بينما لنفس الفترة من عام 2016/2017 بلغ 13.9 منها واردات غير بترولية بملغ 11.34 مليار دولار. ويمكننا أن نرجع ذلك إلى وجود حالة من الركود في السوق المصرية وذلك بفعل ارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى ما يقرب 30% في يناير من عام 2017، وهو مستوى لم تشهده مصر في تاريخها، مما أثر سلبًا على الاستيراد بسبب قلة الطلب على السلع، وأعطى فرصة للمنتجات المحلية للتداول بدلًا من نظائرها الأجنبية.
رابعًا تلقى مصر الدفعة الأولى من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.75 مليار دولار، استلام قرض من بنك التنمية الإفريقي بقيمة 500 مليون دولار. تلقى 2 مليار وديعة من السعودية ومليار من الإمارات.
وأخيرًا يبقى التساؤل حول ما إذا كان سعر صرف الدولار سيعود مرة أخرى للارتفاع أم لا، وهذا هو التحدي الرئيسي أمام الحكومة المصرية التي يجب أن تجيب عليه، من خلال تشجيعها للقطاعات الضاخّة للعملة الأجنبية مثل السياحة وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتشجيع الصادرات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصر العربية بالتعاون مع المركز المصري لدراسات السياسات العامة