هل تنهي أزمة حواجز «المسطومة» خلافات «أحرار وتحرير» الشام؟
تصاعدت حدة الخلافات بين هيئة تحرير الشام، وحركة أحرار الشام، خلال الأسبوع الماضي، ووصلت ذروتها بعد عمليات حشد عسكري من الطرفين في قرية المسطومة بمحافظة إدلب، إثر خلاف على أحقية السيطرة على الحواجز في تلك المنطقة.
وانتهت مظاهر حشد الأرتال العسكرية، بعد اجتماع بين قيادات الطرفين، اتفقوا خلاله على تشكيل لجنة لحل الخلافات، وإطلاق سراح المعتقلين.
وتعود تلك الخلافات إلى وقت سابق من اجتماع الأسبوع الماضي، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بدعوى تعطيل مشاورات الاندماج التي بدأت قبيل سقوط حلب في يد نظام بشار الأسد.
وتفاقمت الخلافات بين الجانبين بعد انشقاق عدة ألوية وكتائب من حركة أحرار الشام لتنضم إلى هيئة تحرير الشام، مع مطالبات الحركة بإعادة المقرات والأسلحة التي كانت بحوزة عناصرها الذي انضموا لهيئة التحرير.
إنهاء الاقتتال بين الطرفين، وإن أراح بعض المراقبين إلا أن بعضهم الآخر شكك في جدية ذلك الاتفاق.
الحواجز والحشد العسكري
مع بداية الأسبوع الماضي، بدأ الفصيلان بعمليات حشد عسكري لعناصرهما في قرية المسطومة بمحافظة إدلب، وسط مناوشات خفيفة بين الطرفين، بسبب خلافات حول السيطرة على حاجز أمني في القرية.
حاولت بعض الأطراف المستقلة في الساحة السورية والشرعيين في الجانبين بالتدخل لوقف هذا الحشد العسكري، والذي تصاعد بشكل كبير قبل بضعة أيام.
واتهمت حركة أحرار الشام، في بيان لها، الإثنين الماضي، هيئة تحرير الشام، بالهجوم المسلح على عدة مقرات ومستودعات للحركة في حوادث متكررة، كمعمل العلبي في ريف حلب ومعمل الغزل بمدينة إدلب وورشقة سلقين ومعسكر المسطومة وعدد من الحواجز.
وفي المقابل، نفت مصادر في هيئة تحرير الشام، ما ورد في بيان "الأحرار"، وقالت إن الأخيرة وضعت حاجزا بمنطقة المسطومة، ويمنع إقامة أي حاجز إلا بموافقة مجلس شورى جيش الفتح، وما كان من عناصر الهيئة إلا إزالة الحاجز.
وقالت المصادر لـ "مصر العربية"، إن عناصر الهيئة لم يهاجموا الحاجز ولكن قاموا بإزالته فقط، وما كان من حركة أحرار الشام إلا بالمطالبة بتسليم الحاجز، ولكن تم رفض الطلب.
وأضافت أن الحركة قامت بحشد عدد من عناصرها، وفي المقابل حشدت الهيئة الأرتال العسكرية هى الأخرى، ونشبت مناوشات بين الطرفين.
ولفتت إلى أن الأزمة الأساسية كانت في اعتقال ومضايقة كل من ينتمي لهيئة تحرير الشام، من على حواجز فيلون قرب المسطومة.
وفي ظل التراشق الشديد بين أنصار الطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، خرج أحد قيادات هيئة تحرير الشام، وهو أبو العبد أشداء، لإثبات اعتقال حركة أحرار الشام للتابعين للهيئة، ممن وصفهم بـ "طلاب العلم".
وقال أشداء، عبر صفحته الرسمية على "تويتر"، إن جماعة الأحرار تعتقل الشيخ أبو حفص الخالدي ومرافقه على حاجز بين أريحا والمسطومة.
وأضاف أن الخالدي كان مع جيش المهاجرين والأنصار، ويعمل بجهد التدريس والمعاهد الشرعية، وبايع هيئة تحرير الشام وأحد الشرعيين فيها، ولا يزال في يد أحرار الشام.
السلاح والمقرات
وتمثلت القضية الخلافية الثانية، في اتهام حركة أحرار الشام لهيئة تحرير الشام، باستحلال الاستيلاء على سلاح الحركة وممتلكاتها التي تكون بحوزة من ذهبوا إلى الهيئة من عناصرها.
وشهدت حركة أحرار الشام انشقاق عدد من ألويتها وكتائبها العسكرية، والانضمام إلى هيئة تحرير الشام، وهو ما أحدث خلافا حول ملكية السلاح والمقرات التي كانت بحوزة الألوية، وسط مطالبات من قيادات الحركة برد هذه الأسلحة باعتبارها ملكية خاصة لها.
في المقابل، رد أحد عناصر هيئة التحرير، ويدعى محمد أبو خطاب، على اتهامات حركة أحرار الشام، قائلا: "عندما انشق أبو عبيدة جيش السنة عن جماعته وانضم للأحرار بالعتاد الثقيل، رفض أن ينزل للقضاء الشرعي وتهرب، ثم عندما وافقت الحركة تحت الضغط وصدر الحكم بإرجاع السلاح والعتاد لم تلتزم الأحرار وتمردت وبغت".
وأضاف أبو خطاب: "يوميا يخرج من الأحرار مجموعات تنضم للهيئة بعتادها، فيا أحرار الشام لا تستنفروا ولا تغضبوا عليهم فلن يبقى أحد، عاملوها كما عاملتم أبو عبيدة وبإذن الله ستجدوهم وقافين عند الحق ملتزمين بحكم الشرع، كذلك هذا ما نظنه في كثير منكم".
اتهامات متبادلة
ومع بداية تشكيل هيئة تحرير الشام، بدأت معركة تراشق في العالم الموازي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتبادل الموالين لكلا الطرفين الاتهامات، بتخريب الثورة السورية، وتعطيل الاندماج، والعمل لصالح أطراف خارجية.
وقالت حركة أحرار الشام في بيان لها، إن هناك محاولات لاستهداف الحركة والرغبة في هز تماسكها، والهيئة سخرت لأجله كل جهدها العسكري والإعلامي خلال الفترة الماضية، مع "بروباغاندا إعلامية" عن انشقاقات وهمية أو مضخمة تصور للمتابع خروج الآلاف من مجهادي أحرار الشام باتجاه الهيئة، ولكن العدد لم يتجاوز بضع مئات.
وفي المقابل، اتهمت هيئة تحرير الشام صراحة حركة أحرار الشام، بتعطيل أي مشروع للاندماج عبر مشاورات وجهود حثيثة، مقدمة في ذلك مصلحتها التنظيمية والإصرار على إبقاء نفسها في كيان مستقل.
وقال بيان الهيئة، إن حركة الأحرار بدأت بعد اندماج عدد من الفصائل في الساحة، في تحريض جنودها على القتال، وتوصيف الاندماج بـ "البغي".
وأشار إلى أنه مع كل مجموعة ولواء من أحرار الشام يسارع للانضمام للهيئة، تبدأ الحركة بالحشد عسكريا وإعلاميا بالطعن واللمز والتحريض.
وناشدت الهيئة، أحرار الشام إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصف لتحل المشاكل وتوصد أبواب الفتنة، داعية إلى تشكيل لجنة من الطرفين، لحل كافة الإشكاليات والقضايا العالقة.
حل الأزمة
وكشفت مصادر في سوريا، عن اتفاق "أحرار وتحرير" الشام، في اجتماع عقد، منتصف الأسبوع الماضي، واتفقا على إنهاء كافة مظاهر الخلاف فيما بينهما، منعا لتفاقم الأزمة والدخول في صدامات مسلحة.
وقالت المصادر لـ "مصر العربية"، إن الطرفين اتفقا على سحب الأرتال العسكرية من الجانبين من منطقة المسطومة، ورفع الحواجز التي أقيمت في كل المناطق التي شهدت خلافات خلال الأسبوع الجاري.
وأضافت أنه سيتم إطلاق سراح المعتقلين من كلا الطرفين، وأخيرا تشكيل محكمة شرعية لحل القضايا والخلافات العالقة.
وأكدت على أن المحكمة الشرعية ستتولى الفصل في الخلافات سواء الحشد والحشد المضاد للأرتال العسكرية وإقامة الحواجز واعتقال طلاب العلم، أوفي حسم مصير السلاح والمعدات التي كانت بحوزة المنشقين عن حركة أحرار الشام، وهل سيتم إعادتها أم لا.
مستقبل العلاقة
من جهته،قال الباحث السوري،ميسرة بكور، إن التجارب السابقة في محاولات التوحد والاندماج بين فصائل الثورة السورية،ثبت فشلها، لوجود خلافات بين كل الأطراف.
وأضاف بكور لـ "مصر العربية"، أن الفصائل دخلت في مشاورات للتوحد تحت راية واحدة قبل سقوط حلب في يد نظام بشار الأسد، إلا أنها باءت بالفشل، في ظل ما يتردد عن إفشالها من قبل حركة أحرار الشام.
وتابع أن حركة الأحرار تخشى من التصنيف كجماعة إرهابية حال توحدها مع جبهة فتح الشام، التي كانت تسمى "جبهة النصرة" قبل فك الارتباط عن تنظيم القاعدة.
وأشار إلى أن التصنيف الأممي لجبهة فتح الشام سيبقى المعرقل أمام أي محاولات تقارب أواندماج بين أحرار الشام وهيئة تحرير الشام التي تضم جبهة فتح الشام.
ولفت الباحث السوري، إلى أنه في الحقيقة القصف الجوي لسوريا أو التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لا يستثني أحدا.
واعتبر أن البعض يتشكك في حقيقة رغبة هذه الفصائل المسلحة في إسقاط نظام بشار الأسد، وعلى الرغم من أن جميعها ترفع شعار إسقاط النظام، إلا أن لكل تنظيم أهدافه ورؤيته لكيفية تحقيق ذلك.
وشدد على أن أي توحد وإنهاء للخلافات لن يكون في المدى القريب، إلا إذا طرأ أمر قهري يدفعهم لذلك، وحينها سيكون الكل مجبرا على هذه الخطوة ولكن دون قناعة حقيقية.