بعد انقطاعه 3 سنوات..
بعد عودة انعقاد مجلس الأعمال.. أرقام في العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا
بعد قطيعة استمرت لنحو 3 سنوات عاد مجلس الأعمال المصري - التركي المشترك للانعقاد مرة أخرى، في وقت لا تزال فيه العلاقات السياسية مجمدة بين البلدين منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي من سدة الحكم في 2013.
وجاء الانعقاد بهدف بدء مرحلة جديدة من التعاون الاستثماري بين البلدين، وذلك بمشاركة جمعية رجال الأعمال الأتراك - المصريين، و11 شركة تركية تعمل في مجالات مختلفة، للبحث عن فرص استثمار جديدة في مصر.
عادل اللمعي، رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال المشترك، قال إنه عُرض على الوفد التركي فرص الاستثمار في محور قناة السويس وكذلك الاستثمار في منطقة بورسعيد على البحر المتوسط، وأبدى رجال الأعمال الأتراك استعدادهم للاستثمار في المشروعات المتاحة في تلك المناطق.
زيارة مجلس الأعمال التركي للقاهرة هذه المرة، هي الثانية لمنظمات الأعمال التركية إلى القاهرة في أقل من شهر ونصف، حيث استضاف الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية في نهاية يناير الماضي وفدا ضم أكبر 10 شركات تركية، برئاسة رفعت أوغلو رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية.
فيما سبق للقاهرة المشاركة في فعاليات المؤتمر الدولي للسياحة في إسطنبول خلال شهر يناير الماضي، الذي افتتحه وزير الثقافة والسياحة التركي.
"مصر العربية" رصدت آراء الخبراء حول مدى الاستفادة التي من الممكن أن تجنيها مصر من عودة العلاقات الاقتصادية للنشاط مرة أخرى، وأي الدولتين ستحصل على النصيب الأكبر من الفوائد.
الدكتور سعد إبراهيم، استاذ الاقتصاد بجامعة ٦ اكتوبر، قال إن الاقتصاد يحكمه أهداف واضحة وصريحة وعلى رأسها تحقيق الربح، وأمام هذه الأهداف من الممكن أن تسقط المبادئ وتُنحى الخلافات السياسية جانبًا.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن ما يميز تركيا في مجال الاقتصاد أنها تعظم مواردها وتسعى دائمًا لتحقيق أقصى استفادة، لذا جاءت زيارة مجلس الأعمال التركي للقاهرة بعد انقطاعها لسنوات، لأنها تدرك جيدًا أن السوق المصري نشط ومستورد لمنتجاتها بشكل كبير، وهي تبحث عن مصالحها وتسعى لتحقيق الأرباح.
وبين إبراهيم أن المستفيد الأكبر من هذه الزيارة هي تركيا بكل تأكيد، لأننا سوق استهلاكي للسلع والمنتجات الخاصة بها، كما أن الميزان التجاري يصب في صالح تركيا وليس مصر، خاصة وأن معظم صادراتنا عبارة عن سلع ومنتجات أولية ومواد خام.
وذكر أن مصر يمكنها الاستفادة من هذه الزيارة هي الأخرى من خلال التفاوض مع الجانب التركي، حيث من الممكن أن تخصص بعض السلع التي يمكن أن تصدرها إليهم أو الحصول على مزايا في استيراد المنتجات التي نحصل عليها منهم.
وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، أنه من الطبيعي أن تهتم مصر بجودة السلع التي يمكن أن تتفاوض عليها، وأن تكون على قدر كبير من التميز، لأنه من غير المنطقي الترويج لمنتج أو البحث عن تحقيق استفادة وهى تمتلك سلع رديئة.
وكان من المقرر في 2012 زيادة الاستثمارات التركية في مصر إلى نحو 10 مليارات دولار، بحلول العام الحالي وفقًا لاستراتيجية جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين، وهو ما لم يحدث، نتيجة تأثر العلاقات الاقتصادية بالصدام السياسي بين البلدين.
وتراجعت الصادرات التركية إلى مصر خلال عام 2014 بنحو 13%، بينما زادت خلال عام 2015 بنحو 3.1.
ويقدر حجم الصادرات المصرية لتركيا، نحو 215ر1 مليار دولار في 2015 والتي تتمثل في السماد والرمال والكيماويات والملابس الجاهزة والملح والبولي إثيلين.
فيما بلغت الواردات المصرية من تركيا خلال نفس الفترة حوالي129ر3 مليار دولار وتأتي على رأسها الحديد والخضر والفواكه والمنسوجات، وهو ما يعني تفوق تركيا في الميزان التجاري بين البلدين.
من جانبه اعتبر الدكتور صلاح فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن هذه الزيارة بمثابة خطوة جيدة تفيد العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا خلال الفترة المقبلة، بعدما تأثرت بشكل كبير بتدهور العلاقات السياسية بين الدولتين في السنوات الماضية.
وأكد في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، على ضرورة أن يكون هناك فصل بين العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول، لأن الأولى قائمة على الرؤى ووجهات النظر بين الرؤساء، بينما العلاقات الاقتصادية هي علاقات بين الشعوب، واستمرارها يصب في صالحهم في النهاية.
ورأى فهمي أن كلًا من مصر وتركيا ستستفيدان من انعقاد مجلس الأعمال المصري - التركي المشترك، لأن العلاقات الاقتصادية قائمة بالأساس على المصالح المشتركة، وكل طرف يسعى لتحقيق مصالحه وأهدافه، أي أنها علاقات متبادلة الكل فيها رابح، وليست ذات اتجاه واحد.
وأوضح أن أكثر القطاعات التي يمكن أن تستفيد من هذه الزيارة هما قطاع السياحة بالنسبة لتركيا والاستثمار بالنسبة لمصر، حيث يمكننا الاستفادة منهم في مجال الاستثمار في السلع الزراعية والصناعية خلال الفترة القادمة.
ظهرت قوة العلاقات الاقتصادية التركية المصرية من خلال اتفاقية التجارة الحرة عام 1976، وإلغاء الضرائب بين الطرفين عام 1993، وتلاها اتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني عام 1994، ثم تجديد اتفاقية التجارة الحرة عام 1996والتي تم بمقتضاها إلغاء تأشيرات الدخول بين مصر وتركيا.
بالإضافة إلى السماح بفتح فروع للبنوك التركية في مصر وكذلك فتح فروع للبنوك المصرية في تركيا فضلا عن زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين، كما تم عقد اتفاقية الخط الملاحي "الرورو" بين مصر وتركيا في أبريل 2012 لمدة ثلاث سنوات انتهت في 29 أبريل 2015 دون تجديدها بعد التوترات السياسية بين البلدين.
على صعيد المساعدات الاقتصادية٬ قدمت تركيا حزمة من المساعدات لمصر في أكتوبر ٢٠١٢ بلغت ٢ مليار دولار٬ مليار دولار منحة لا ترد من أجل تمويل الواردات المصرية من تركيا، ومليار دولار قرضا من أجل تحسين أوضاع الاحتياطي من النقد الأجنبي.
في المقابل يرى وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن مصر هي المستفيد الأكبر من زيارة مجلس الأعمال التركي، خاصة في ظل ما تمر به تركيا في الوقت الحالي من تقلبات سياسية وهجوم بعض دول أوروبا عليها، وهو ما "يطفش" أى مستثمر للعمل بها، وبالتالي فمن الممكن أن تستقطب مصر رجال الأعمال الاتراك وتفتح لهم مجالات للاستثمار.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن المفاوض المصري لابد أن يدرك احتياجات الدولة في الوقت الحالي، وعلى رأسها تحقيق الاكتفاء الذاتي للمجتمع ومن ثم تصدير الفائض، ومن ثم فإن أهم القطاعات التي يجب التركيز عليها هي قطاع الغزل والنسيج وقطاعات السلع الغذائية.
وذكر النحاس، أن هناك اتجاها لزيادة الاستثمارات التركية في مصر، وعليه فمن الضروري التركيز على ما نحتاجه، مؤكدًا أنه إذا لم نستثمر هذه الفرصة فسيظل الاقتصاد المصري يعاني لفترات قادمة.
وأشار إلى أن مصر كانت بوابة الخير لتركيا في عهد الإخوان، حيث كانت بمثابة "ترانزيت" لها لتسويق منتجاتها لدول الخليج.
وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا بلغ في 2016 حوالي 4.1 مليار دولار، 2.7 مليار دولار واردات تركية لمصر، و1.4 مليار دولار واردات مصرية لتركيا، وتعد أهم مجالات التبادل التجاري بين الجانبين، الحديد والبلاستيك والورق والأثاث والملابس الجاهزة والصناعات الغذائية والسيراميك.
وكان مسعود كوبال، رئيس الجانب التركي لمجلس الأعمال المصري التركي، قال إن هناك 40 شركة تركية كبيرة في مصر تعمل في قطاعات مختلفة، هذا بالإضافة إلى رغبة تركيا في زيادة تلك الاستثمارات إلى 12 مليار دولار، وزيادة حجم العمالة المصرية إلى 500 ألف عامل.
وأضاف كوبال خلال اجتماع مجلس الأعمال المصري التركي بجمعية رجال الأعمال المصريين أمس، أن العام الماضي شهد زيارة 85 ألف مواطن مصري إلى تركيا، في مقابل 35 ألف زائر تركي إلى مصر، مشيرا إلى رغبة الجانب التركي لمضاعفة هذا الرقم لتحقيق الأهداف المشتركة.
ويقدر حجم الاستثمارات التركية في مصر بنحو5 مليار دولار، تحتل بها تركيا المرتبة رقم 47 ضمن قائمة أهم الدول المستثمرة في مصر، من خلال المصانع التركية في المناطق الصناعية بمدن 6 أكتوبر وبرج العرب، فضلاً عن وجود عدد كبير جداً من العاملين المصريين في المنشآت الصناعية التركية الموجودة بالمناطق الصناعية بمدن 6 أكتوبر وبرج العرب التي ترتكز فيها المصانع التركية، والتي يبلغ عددها ٤١٨ منشأة صناعية، ويعمل بها ٥٢ ألف عامل.