بعد رفع تذكرة المترو.. اقتصاديون: الحكومة «بتستسهل» على حساب الغلابة
جاء قرار هشام عرفات، وزير النقل، برفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق لـ 2 جنيه ضربة جديدة لأكثر من 3 ملايين مواطن يستقلون وسيلة النقل، الأكثر استخداما ضمن أعباء أخرى تحملوها خلال الشهور الماضية.
وتشمل الزيادة الجديدة رفع سعر تذاكر المترو العادية إلى 2 جنيه، والمخفضة إلى جنيه ونصف، وجنيه واحد لأصحاب الحالات الخاصة وذوي الاحتياجات، وذلك بعد موافقة هشام إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء.
«عرفات» أشار إلى أنه منذ عام 2010 وحتى الآن حقق المترو خسائر مضاعفة بسبب استمرار وثبات قيمة التذاكر منذ 11 عامًا، مع ارتفاع تكلفة التشغيل والصيانة، وارتفاع تكلفة قطع الغيار نتيجة لزيادة أسعار السوق العالمية.
وأوضح أن المترو يحقق إيرادات سنوية تبلغ نحو 716 مليون جنيه من «تذاكر -إعلانات - تأجير محلات»، وتبلغ المصاريف السنوية 916 مليون جنيه «تكلفة التشغيل والصيانة»، ويحقق المترو خسائر سنوية تبلغ نحو 200 مليون جنيه، فضلًا عن الديون المتراكمة على المترو لدى عدد من الوزارات والشركات والتي وصلت إلى 500 مليون جنيه.
من جانبه، قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن هناك تخطيطا عشوائيا بشأن أسعار تذكرة المترو، رافضًا أن تكون التذكرة موحدة لجميع المحطات وتكون هناك تسعيرة لكل محطة على حسب طول المدة.
وأوضح «النحاس» لـ«مصر العربية» أن مرفق المترو يُساء استخدامه من قِبل الحكومة، ولابد من استغلاله الاستغلال الأمثل في إدخال موارد للدولة، مشيرًا إلى أن «المترو» أرخص وسيلة مواصلات في مصر، ولا مانع من الزيادة، لكن تكون بطريقة مدروسة.
وزير النقل كان قد أكد أنّ تعريفة تذكرة المترو أقل بكثير من تعريفة ركوب وسائل النقل الأخرى، والتي تبلغ على سبيل المثال في المسافة من حلوان إلى المرج 4 جنيهات لشركات النقل الجماعي، و3 جنيهات لأتوبيسات هيئة النقل العام، بينما تعريفة مترو الأنفاق تبلغ جنيها فقط لهذه المسافة.
القرار لقي اعتراض شديد من جانب أعضاء مجلس النواب، بلجنة النقل والمواصلات في البرلمان -خلال اجتماع اللجنة أمس الأربعاء، بحضور وزير النقل هشام عرفات- وطالبوا بضرورة توفير بديل آخر لتعويض الخسائر التى يتعرض لها مرفق المترو.
وقال النائب عماد محروس، إن «الحكومة تتعمد إفقار المواطن المصري بدليل أننا عرضنا في اللجنة حل مشاكل المترو دون رفع التذكرة ولكن الحكومة ترى الحل الأسهل هو مد يدها في جيوب المواطنين».
وأضاف: «الحكومة فاشلة لا تراعي كرامة المواطن ولا الدستور ولا أن هناك برلمان وكنا نتعشم في وزير النقل خيرا ولكن للأسف الشديد وجدنا أنه لم يكن عند كلمته وهي بداية غير موفقة له مع لجنة النقل بالبرلمان».
وقال وكيل اللجنة وحيد قرقر: «يوجد خلل في أعمال الدعاية داخل مرفق المترو، ومن غير المقبول أن يكون هناك 3 ملايين راكب يرتادون المترو يوميا، وفي النهاية تكون الإيرادات بهذا الشكل».
وأضاف: «رفعت رواتب العاملين في شركتي 100% وبعضهم، أقسم بالله، يتقاضى 6 آلاف جنيه، ومش عارفين يعيشوا، لا سبيل لإصلاح مصر إلا بحل أزمات الإدارة»، وتابع: «بالأرقام وبالمقارنة بين أسعار المواصلات والمترو، لابد من تحريك سعر التذكرة، ولكن قرار الزيادة لازم يكون منضبط وبالتنسيق بين البرلمان والحكومة».
وعقّب المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء على رفع سعر تذكرة مترو الأنفاق إلى جنيهين، أمس الأربعاء، بأن "الموقف صعب جدا أن يستمر على هذا الوضع"، في إشارة إلى استمرار أسعار التذاكر كما هي.
وأوضح «إسماعيل» أنَّ قطاع المترو يعاني من مشكلات كثيرة، حيث وصلت مديونياته إلى ٥٠٠ مليون جنيه، لافتًا إلى أنَّ الخط الأول للمترو يحتاج إلى أعمال صيانة وتطوير تصل إلى ٣٥٠ مليون جنيه، ولم يحسب في ذلك سداد الفروض والتكلفة الرأسمالية.
وصرَّح رئيس الوزراء: «المترو يخدم عددًا كبيرا جدًا من المواطنين، وهناك عدد من المشروعات الخاصة بالخط الثالث والذي سيغطي القاهرة الكبرى كلها، ولذلك لابد من المحافظة عليه هذا مرفق هام جدا يخدم ملايين ويجب الحفاظ عليه من التدهور والانحدار».
ورأى الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، والمستشار الاقتصادي للمجموعة الدولية وإدارة المراكز التجارية: «إنه وللأسف الشديد السلطة الإجرائية ممثلة في الحكومة، تتعامل بشكل سيئ جدًا مع ما تسميه معوقات، والشعب مطالب بتحمل التكلفة في كل مرة».
وأضاف «خزيم» في تصريحات لـ«مصر العربية» أن: «يجب على الحكومة أن تفصح أولًا عن أرقام خسائر المترو تفصيلًا، لنعرف هل هذا سوء إدارة أم عدم كفائة القائمين على مرفق المترو»، مضيفًا: «الحكومة بتستسهل أي مشكلة عندنا شعب هيتحمل التكلفه دون النظر لأي شئ آخر».
وتابع: «بالتأكيد الأسعار سترتفع الفترة المقبلة بشكل جنوني، جميعها وليس جزءا منها، وذلك نتيجة التضخم الذي تجاوز الـ 33 %، وهذا عنصر أساسي في رفع الأسعار، لأن معدل النمو قليل، والحكومة مستمرة في الاستدانة، وآخرها اليوم فقد طرح البنك المركزي أذون خزانة بـ11 مليار جنيه».
وأوضح «خزيم» أن شروط البنك الدولي لم تتعامل معها الحكومة بحكمة، ولم تُقدم الحكومة أي موقف لتخفيف حدة هذه الشروط، فضلًا عن التعامل الخاطئ مع بعض القرارات، كتعويم الجنيه مثلًا».
واعتبر رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، أن زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق ليس بالقرار الأخير على عاتق المواطن البسيط، بل ينتظره الكثير، قائلًا: «الحكومة ليس أمامها غير المواطن لتحصيل للضرائب والرسوم وزيادة الأسعار، لسد العجز الذي وقعت فيه بسبب قراراتها».
وأشار «عبده» في تصريحات لـ«مصر العربية» إلى أن منظومة المترو في مصر تعاني من سوء الإدارة ونقص الخبرات الاقتصادية في منظومة المترو للعمل على استغلال الأمثل لموارد المترو، ليصبح ضمن الدخل القومي للدولة.