لـ 3 أسباب.. زيادة دعم الطاقة بالموازنة الجديدة "ضحك على الدقون"
قال خبراء اقتصاديون إن إعلان الحكومة عن زيادة دعم الطاقة بالموازنة العامة لتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين ما هو إلا "ضحك على الدقون"؛ لأن الارتفاع الأساسي لتكلفة الدعم جاء كنتيجة أساسية لضعف العملة المحلية مقابل الدولار، وصعود أسعار النفط العالمية.
وأضاف الخبراء لــ "مصر العربية"، أن زيادة التكلفة ليس معناه التراجع عن خطط تحرير أسعار الطاقة، وأكدوا أنها ماضية فيه وإن تأجل بعد الوقت التزاما باشتراطات قرض صندوق النقد.
ضغوط متزايدة
قال عمرو عدلي، خبير الاقتصاد السياسي، إن الضغوط المتزايدة على الموازنة العامة قد تدفع إلى تحريك أسعار المواد البترولية؛ لتخفيف الضغط على الإنفاق العام، والسيطرة على عجز الموازنة.
وأضاف عدلي في تصريحات لــ"مصر العربية"، أن العوامل الرئيسية في ارتفاع تكلفة دعم الوقود هي سعر الصرف والذي يتغير بشكل يومي، إضافة إلى أن الموازنة تتحمل 20% من فاتورة المواد البترولية القادمة من الخارج.
وتابع الخبير الاقتصادي: "ليس بالضرورة أن تعكس قيمة الدعم ارتفاعا في حجم الاستهلاك، فالمؤشرات الاقتصادية حتى مازالت متدنية".
وقدرت الحكومة سعر الدولار بمشروع الموازنة العامة عند 16 جنيها، فيما حددت سعر برميل البترول عند 55 - 57 دولارا في العام المالي المقبل.
وأشار عمرو عدلي، إلى أن الحكومة تبني برنامجا اقتصاديا انكماشيا يميل إلى التحرر من أعباء الدعم العيني والتركيز أكثر على الدعم النقدي.
والتزمت مصر أمام صندوق النقد الدولي بإلغاء الدعم كليةً عن كافة أوجه الطاقة من بترول وكهرباء وغاز بحلول 2019.
وأضاف عدلي أن الحكومة المصرية عازمة على المضي في برنامجها مع صندوق النقد الدولي، وستكون أمام أمرين الأول: استكمال إجراءات رفع الدعم وتنفيذ اشتراطات الصندوق والتى قد تقفز بالتضخم لمستويات قياسية، والثاني: من خلال تبني سبل السيطرة على الدعم والحد من ارتفاع الأسعار وزيادة قوة العملة المحلية أمام الدولار.
وأكد عدلي أن صندوق النقد أجل صرف الدفعة الثانية من القرض لحين وضوح الرؤية بشأن مدى التزام مصر باتفاقية القرض وهل الحكومة جادة في التحريك الجزئي للأسعار !
وأشار خبير الاقتصاد السياسي إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد تحريك بعض أسعار الطاقة، بعد تأجيله أكثر من مرة لاعتبارات سياسية واقتصادية، متوقعاً أن يتم اتخاذ القرار فور وصول الجنيه لسعر جيد يخفض التكلفة بالتبعية، أو اتخاذه بشكل جزئي على بعض المواد.
وثائق الصندوق
وحسب وثائق صندوق النقد الدولي حول الاتفاق مع مصر اطلعت عليها "مصر العربية"، من المفترض أن يتقلص دعم الطاقة بشكل عام ( وقود – كهرباء) إلى56.3 مليار جنيه بالعام المالي المقبل، ثم 29.2 مليار جنيه بالعام المالي التالي، على أن يصبح 23.3 مليار جنيه بالعام المالي2019/2020 ، ثم 25 مليار جنيه بالعام المالي 2020/2021.
أما عن دعم الوقود فتوقع صندوق النقد، وصوله إلى 36.5 مليار جنيه خلال العام المالي المقبل 2017/ 2018، ثم 19 مليار جنيه خلال 2018/2019، ثم يعاود الارتفاع إلى 21.8 مليار جنيه خلال العام المالي 2019/2020، ثم 25 مليار دولار خلال 2020/ 2021، مع العلم أنه بحلول ذلك العام لن يكون هناك دعم موجه للكهرباء.
هيكلة الدعم
قال وزير المالية عمرو الجارحي في مؤتمر الأسبوع الماضي، إن الحكومة مستمرة في هيكلة ملف دعم الطاقة في الموازنة الجديدة وفقا للخطة المعلنة، دون يحدد الإجراءات التى يمكن اتخاذها.
وأضاف الوزير أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي لاسيما فيما يتعلق بهيكلة الدعم تأخرت كثيرا، لافتاً إلى أن مصر قدمت دعما يتراوح بين 600 و700 مليار جنيه خلال السنوات الخمس الأخيرة، ذهب جزء كبير منه لغير المستحقين.
وخلال الفترة من العام المالي 2010-2011 حتى 2015- 2016 قدمت مصر دعما لبند المواد البترولية بقيمة 543.5 مليار جنيه.
وبدأت مصر في يوليو 2014 إجراءات تحريك أسعار الوقود لتنخفض قيمة دعم السلع البترولية في الموازنة من 126 مليار جنيه في 2013- 2014 إلى 73.9 مليار جنيه في 2014- 2015، ثم إلى 51 مليار جنيه بالعام الماضي.
ثم قفز مرة أخرى إلى أكثر من 100 مليار جنيه خلال العام الجاري في حين كانت التقديرات مطلع العام عند 35 مليار فقط كنتيجة أساسية للتعويم، ويتجاوز 110 مليار جنيه في موازنة العام المقبل.
العام المالي |
قيمة دعم السلع البترولية بالمليار |
نسبة التغير |
2010/2011 |
67.6 |
1.7% |
2011/2012 |
95.5 |
41% |
2012/2013 |
120 |
25.6% |
2013/2014 |
126.2 |
5.2% |
2014/2015 |
73.9 |
-41.4% |
2015/2016 |
51 |
-31% |
2016/2017 |
101 |
98% |
2017/2018 |
110 |
10% |
زيادة سعرية
قال ممدوح يوسف، نائب رئيس الهيئة المصرية للبترول الأسبق، إن ارتفاع قيمة دعم المواد البترولية في مشروع الموازنة العامة لا يعكس زيادة في حجم الدعم، إنما زيادة سعرية نتيجة الاعتماد على الاستيراد بشكل أساسي لتوريد الوقود للسوق المحلي، وبالتالي أدى تعويم الجنيه وتزايد أسعار النفط العالمية، إلى تضاعف التكلفة.
وأضاف يوسف، في اتصال هاتفي مع "مصر العربية"، أن الحكومة قدرت الدعم في موازنة العام الجاري عند مستوى 35 مليار جنيه بداية العام، وعلى أساس سعر 50 دولارا للبرميل، و9 جنيهات سعر الدولار، ولكن التقديرات اختلفت في الأسواق العالمية وتداول الخام عند مستوى بين 50 و55 دولارا، فضلا تضاعف سعر الدولار إلى مستويات 18 و19 جنيها عقب التعويم.
وأوضح نائب رئيس هيئة البترول، أن المستفيد الأكبر من منظومة توزيع المواد البترولية هم كبار رجال الأعمال وليس الشعب، لافتا إلى الانتقال للدعم النقدي بدلا من العيني هو الحل لضمان وصول الدعم لمستحقيه بالشكل الذي لا يسمح بانفلات كبير في الأسعار، ولكن فيما يبدو أن الدولة لا تملك الأدوات اللازمة لاستبدال الدعم العيني بآلية تمنع قفزات سعرية تزيد أعباء الموطنين.
وتابع يوسف: "هناك حالة من الإسراف الاستهلاكي بالسوق المصري، فضلا عن حالات التهريب التى تتم عبر الموانئ المصرية للمواد البترولية للاستفادة من فارق الأسعار، حيث يتم خلط المواد البترولية وتصديرها بأشكال صناعية، ويُعاد فصلها مرة أخرى للاستفادة من فارق الأسعار".
ويبلغ الاستهلاك المحلي اليومي في السوق المصري نحو 42 ألف طن سولار، و28 ألف طن بنزين، فيما يبلغ استهلاك الغاز نحو 4 ملايين طن سنويا، والمازوت 14 مليون طن، بحسب رئيس هيئة البترول.
تحرير كامل
من جهتها، أوضحت شرين الشواربي، وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن خطة الإصلاح الاقتصادي تتضمن تحريرا كاملا للمواد البترولية بنهاية العام المالي 2018/2019، وليس معنى ارتفاع قيمة الدعم المقدم بالموازنة الجديدة، أن الحكومة تراجعت عن خطط الترشيد.
ورفعت الحكومة أسعار البنزين والسولار وغاز السيارات بين 35% إلى 50% للأنواع الثلاثة ليلة 4 نوفمبر 2016، وعقب تحرير سعر صرف الجنيه بيوم واحد.
وأشارت الشواربي لــ "مصر العربية"، إلى أنه قد يتم إرجاء الخطة لعام أو عامين، وسيتم الأخذ في الاعتبار قوة العملة المحلية، وحركة أسعار النفط العالمية.