بحسب خبراء..
القصة الكاملة| دولتان عربيتان خلف تأزم العلاقات بين مصر والسودان
اتهامات متبادلة بين مصر والسودان، تتخللها حملات إعلامية تطال الثوابت الراسخة بين أبناء وادي النيل، إلى أن تصاعدت حدة تلك الاتهامات في أعقاب الزيارات الرسمية الأخيرة من دولة لقطر للسودان، بحسب خبراء.
فما الأسباب الحقيقة للخلافات بين الدولتين الجارتين؟
الخبير في الشأن السوداني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية هاني رسلان قال إن الخلافات بين مصر والسودان بدأت منذ فترة غير قصيرة، بحملات سودانية ضد مصر بشكل عدائي للغاية.
وأضاف رسلان لـ"مصر العربية" أن الإعلام السوداني يبث الكراهية الشديدة ضد مصر، ويدعو لمنع السفر إليها ومقاطعة منتجاتها، فضلا عن القرار الرسمي بمنع استيراد السلع الغذائية المصرية، ووصفها بأنها "مزروعة بمياه الصرف الصحي".
ومن القضايا التي جددت الخلاف بين مصر والسودان، أزمة "حلايب وشلاتين"، وتهديد السودان بالسعي لدى مجلس الأمن لإثارة القضية من جديد، بحسب رسلان، لافتا إلى أن إعلان السودان التحالف العسكري مع إثيوبيا يثير التساؤل حول :"لمن يوجه هذا التحالف والدولتان لا يهددهما شيء؟".
ولفت إلى أن إثيوبيا تحتل نحو 2 مليون فدان بمنطقةالفشقة بالسودان، وتزيد من توغلها على الأراضي السودانية، ومع ذلك لم تتحرك الأخيرة لاسترداد أرضها، في حين تشن حملة هجومية ضد مصر.
واعتبر رسلان أن ما سبق يكشف أن التصعيد على ملف "حلايب وشلاتين" نوع من التوظيف السياسي لتوتير الأجواء، بحيث تصل إلى اعتبار مصر دولة عدوة.
وأشار إلى ما يصدر عن السودان يأتي بتحريض من قطر والسعودية، على حد قوله.
وتابع: إيواء السودان للكثير من العناصر الإرهابية التي تتلقى تدريبات على القتال والاغتيال، ثم تأتي إلى مصر لتنفيذ عمليات إرهابية، سبب آخر لتوتر العلاقات بين القاهرة والخرطوم.
وعن إذاعة التلفزيون الرسمي المصري لصلاة الجمعة، أمس، من "حلايب وشلاتين" قال رسلان: "من الطبيعي أداء الصلاة هناك لأنها جزء من الأراضي المصرية ولا تمثل أي استفزاز للجانب السوداني".
من جانبه، قال اللواء حاتم باشات، عضو لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، إن العلاقات المصرية السودانية تشهد توترا من حين لآخر، خاصة فيما يتعلق بملف حلايب وشلاتين.
ودعا باشات، وهو وكيل جهاز المخابرات العامة وتولى مسؤولية ملف حوض النيل لمدة 17 عاما، الجانب السوداني التراجع عن مواقفه الأخيرة فيما يتعلق بفرض التأشيرة على دخول المصريين إلى أراضيها، ومنع استيراد المنتجات الغذائية المصرية.
وكانت الحكومة السودانية قد قررت فرض تأشيرة دخول على المصريين الذكور من سن 18 إلى 49 عاما، وتحصيل رسوم من المغادرين المصريين بقيمة 530 جنيها سودانيا.
ومن المواقف التي زادت الخلافات بين البلدين ما تردد في الصحف السودانية عن تصويت مصر في مجلس الأمن لصالح العقوبات على السودان، وهو الأمر الذي نفته وزارة الخارجية المصرية، مؤكدة أنها تتخذ مواقفها بالشكل الذي يحافظ على مصالح الشعب السوداني.
وتابع باشات: العلاقات بين الدولتين ليست قائمة بالأنظمة الحاكمة ولكنها مرتبطة بالشعوب والتاريخ، وما يحدث مؤخرا من خلافات بينهما جاء بعد زيارة مغرضة للشيخة موزة والدة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل خليفة الثاني، إلى السودان.
وقال إن ما يدور حاليا مجرد ضغوط من قطر وتدخلات أخرى خارجية.
وعن مخاوف تأثير توتر العلاقات بين البلدين على قضية سد النهضة، أكد باشات أن حصة مصر من مياه النيل لن تنتقص، وإذا حدث أي شيء يؤثر على على حصتها في مياه النيل، فمصر لن تتنازل وسيكون لها موقف آخر .
وفي محاولة لإذابة الخلافات بين البلدين، أعلن وزير الخارجية سامح شكرى زيارة السودان، الأربعاء المقبل، لمناقشة عدد من الملفات والقضايا المهمة وإزالة أى سوء فهم.
واتهم باشات بعض الإعلاميين المصريين غير المسؤولين بإثارة الفتن بين البلدين، مشيرا إلى وجود ميثاق شرف إعلامي بين الرئيسين المصري والسوداني لابد من الالتزام به في إعلام الدولتين، بحسب قوله.
المحلل السياسي السوداني المعارض صلاح أبو سمرة قال إن العلاقات بين القاهرة والخرطوم فيها الكثير من الإشكاليات، وليست وليدة اللحظة، مرجعا إياها إلى إيواء السودان لعناصر جماعة الإخوان المسلمين الهاربين من مصر .
واستند أبو سمرة إلى ما ذكرته تحقيقات النيابة بأن عناصر ما يسمى بـ"تنظيم سواعد مصر" و "حسم" تلقوا تدريبات في السودان لممارسة عمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية، وذلك بعد القبض على تلك العناصر في حالة تلبس.
واستطرد: حكومة الخرطوم جزء من المشروع الدولي للإخوان ولديهم موقف من النظام المصري، وتبادل الزيارات بين البلدين مجرد سلوك دبلوماسي.
وأكد أبو سمرة أن ملف سد النهضة تدخلت فيه أطراف أخرى من دول الخليج، وتحديدا قطر والسعودية، لدعم إثيوبيا على حساب مصر وصلت إلى حديث السودان وإثيوبيا عن علاقات تكاملية بين البلدين.
وبالنسبة لملف حلايب وشلاتين اعتبرها، أبو سمرة، ورقة خاسرة في الصراع بين الطرفين، موضحا أن هذه القضية يسهل حسمها بالتحكيم الدولي، ولكن يتم التصعيد فيها كنوع من الصراع الدائر بين البلدين.
وتساءل أبو سمرة: لماذا لم تتحدث السودان عن احتلال إثيوبيا لمنطق الفشقة؟ مشيرا إلى أن الصراعات الخارجية للسودان محاولة لـ "تعمية الناس عما يدور من إهدار للكيان السوداني وثرواته وأراضيه، مستشهدا بالسماح لقطر والسعودية بامتلاك أراض سودانية"، حسب قوله.
كما حذر المحلل السوداني من انجرار البلدين إلى صراع يصب في صالح المشروع الدولي المعروف بـ"الشرق الأوسط الجديد" والذي يستهدف تقسيم المنطقة العربية وإعادة تشكيلها من جديد، ملمحا إلى أن قطر إحدى أدوات الصراع الدائر في المنطقة خاصة فيما يسمى بـ"المثلث الذهبي" الذي يضم مصر والسودان وليبيا".