عن معدلات التضخم| اقتصاديون: الغلاء يطحن الفقراء.. وتوقعات بارتفاعه لـ40% في يوليو
وسط تخوفات شعبية مشروعة من زيادة معدلاته المستمرة التي طحنت عظام الفقراء من ناحية والانتقادات الموجهة للبنك المركزي وقياداته بسبب فشلهم فى هذا الملف من جهة أخرى، يتوقع خبراء اقتصاديون أن تشهد مصر مزيدا من الارتفاعات فى معدل التضخم خلال الأشهر القليلة القادمة.
زيادة الاستهلاك في شهر رمضان ومواسم الأعياد والزيادات المرتقبة في أسعار الطاقة والكهرباء فى يوليو المقبل.. كلها مؤشرات تدل على ارتفاع التضخم فى شهر يوليو بمعدلات قياسية جديدة.
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ذكر أن الريف سجل ارتفاعًا في أسعار السلع الاستهلاكية، خلال شهر مارس الماضي بنسب تفوق ما سجله الحضر، حيث بلغ معدل التضخم «نسبة التغير في أسعار السلع» بريف الجمهورية خلال مارس الماضي، 34.4% مقابل 30.9% بالمدن.
وقال الجهاز إن نسبة «34.4%» هي معدل التضخم السنوي في أسعار السلع الاستهلاكية بالريف في مارس 2017 مقابل نفس الشهر من العام الماضي «مارس 2016»، والذي بلغ فيه معدل التضخم 9.4%.
في حين بلغ معدل التضخم السنوي في أسعار السلع الاستهلاكية بحضر الجمهورية خلال الشهر الماضي 30.9% مقابل 9% في مارس 2016، لافتًا إلى أن هذا الارتفاع في معدل التضخم، ترجع أسبابها لارتفاع أسعار عدد كبير من السلع أهمها «الخضروات، والفواكه، واللحوم والدواجن والأسماك، والدخان».
وتخلت مصر في الثالث من نوفمبر عن ربط سعر صرف الجنيه بالدولار الأمريكي في خطوة مفاجئة أدت منذ ذلك الحين إلى هبوط العملة بنحو النصف تقريبا، وتشهد مصر قفزات هائلة في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية منذ تعويم الجنيه.
يأتي ذلك وسط انتقادات لأداء البنك المركزي وعدم قدرته على مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار في الأسواق وانشغال الحكومة بالقضايا الأمنية والمشروعات القومية مثل بناء العاصمة الاقتصادية أو تشييد مشروع استصلاح المليون ونصف مليون فدان ونسيان دورها الأساسي وهو رعاية المواطنين، وتوفير ظروف معيشة جيدة.
التضخم فى يوليو
الدكتور على الإدريسي الخبير الاقتصادي، قال إن معدلات التضخم الحالية في مصر أعلى بكثير مما تعلنه الحكومة؛ لأن هناك حالة من الركود التضخمي تتمثل فى ضعف الإنتاج وارتفاع معدلات الطلب وأسعار السلع في ظل قوة شرائية منخفضة للعملة.
وأضاف الإدريسي في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن معدلات التضخم تؤثر بشكل كبير على الطبقات المتوسطة والفقيرة، مشيرا إلى أن الطبقة الوسطى حاليًا لم تعد في استطاعتها المعيشة بمرتبات العام الماضي بسبب ضعف القوة الشرائية.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن معدلات الفقر التي تخطت 28% في الفترة الأخيرة تعد أحد الصعوبات التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الحالي في ظل التضخم المرتفع.
وأكد الإدريسي أن الخروج من المأزق الحالي وأزمة التضخم يتمثل في زيادة الإنتاج والاهتمام بالصناعة وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة على المدى القريب وعدم الاعتماد على الأدوات التقليدية سواء رفع الفائدة أو طبع البانكنوت لأن الإفراط في استخدام هذه الأدوات آثاره سلبية في المستقبل.
وأما على المدى البعيد يجب على الدولة الاهتمام بزيادة الاستثمارات ووضع المزيد من الحوافز الاستثمارية لجذب الاستثمارات الخارجية لإنشاء المصانع وزيادة الإنتاج والتصدير للخارج ما يؤدي لزيادة العملة الأجنبية.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن يرتفع التضخم في الشهرين القادمين خاصة بعد شهر رمضان الذي من المؤكد سترتفع فيه الأسعار ولن تستطيع الحكومة السيطرة على الأسواق فيه كالعادة رغم إعلانها الدائم عن توفير وضخ كميات كبيرة من السلع فى الأسواق لمواجهة ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن معدل التضخم قد يصل إلى مستويات قياسية جديدة في شهر يوليو المقبل مع ارتفاعات الأسعار الجديدة في الطاقة والكهرباء حيث من الممكن أن يصل إلى 40%، فضلا عن المشكلات الأمنية والإرهاب الذى يضرب البلاد والذى نتج عنه فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور سيكون وضع الاقتصاد فيها صعب للغاية.
أمر لا يحتمل
وقال ضياء الناروز خبير الدراسات الاقتصادية، إن التضخم ليس مسئولية البنك المركزي وحده وإنما مسئولية مجتمعة بين كل المؤسسات الاقتصادية إضافة إلى المواطن سواء كان مستهلكا أو منتجا.
وأضاف الناروز في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن معدل التضخم سيستمر في الارتفاع، وهو أمر لا يحتمل، مشيرا إلى أن الارتفاع منطقي في ظل دولة لم تقدم شيئاً لمواجهة الوضع الاقتصادي الصعب والذي يزداد صعوبة يوماً بعد يوم وإنما يكتفون بالعلاج اللحظي "المسكنات" بعيداً عن أي إجراءات أو معالجات حقيقية وهيكيلة.
وأوضح الناروز، أن الحديث عن أرقام معدلات التضخم غير مفيد، لأن الأرقام يتم حسابها والتحكم فيها ولا تعكس واقع التضخم الحقيقي في المجتمع متابعا "وهنا يكون النظر للواقع وما آلت إليه الأسعار من ناحية، والقيمة الحقيقية لدخل المواطن من ناحية أخري هو أفضل مؤشر للتضخم في مصر".
وأشار إلى أن المجتمع عليه ألا ينتظر من الحكومة وحدها أن تحدث تغييرا في الأوضاع الاقتصادية وإنما عليه مواجهة الواقع والتصرف بعقلانية في استهلاكه وإنتاجه، كما عليه أن يعمل لكي ينتج لأن هذا هو العلاج الحقيقي للوضع الاقتصادي الذي تعيشه مصر.
ثقة منعدمة فى الأرقام
الخبير المصرفي أحمد سامي، قال إنه لا يثق في الأرقام الرسمية خصوصا فيما يتعلق بمعدلات التضخم، إذ أن هناك طرقا كثيرة ومعادلات عديدة لقياسه يمكن للجهات الحكومية استخدام أحدها بهدف تحسين صورة الاقتصاد المصري.
وأكد سامى فى تصريحات سابقة لـ"مصر العربية"، أن الأسعار ارتفعت بطريقة جنونية ما مثل ضغطا كبيرا على المواطنين وزادت قيم احتياجاتهم بأكثر من 100% من أسعارها الأساسية.
وأوضح الخبير المصرفى أن المجتمع دفع فاتورة تعويم الجنيه ومازال يدفع، حتى مؤسسات الحكومة ورجال الأعمال أنفسهم لم يستطعوا التعامل مع قرار التعويم.
الانحياز للمواطنين
وقال الدكتور رمضان معروف، الخبير الاقتصادي، إن الاقتصاد المصرى تعرض للتجريف من خلال سيطرة أصحاب الأولويات والمصالح، وسيطرة السياسة على الاقتصاد.
وأضاف معروف، في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة أضر كثيرًا بالمواطن البسيط وأثر على معيشته.
وتابع: "نحن عندما خضعنا لشروط صندوق النقد الدولى أثرت بشكل كبير على زيادة التضخم الذى وصل إلى ما يقرب من 33%؛ الأمر الذى أثر على قدرة المواطن على المعيشة وسط هذه الأسعار المرتفعة".
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن سياسات الدولة الاقتصادية يجب أن تنحاز للمواطنين البسطاء؛ لأن هؤلاء هم الرصيد والظهير الشعبي لأى نظام، ولو فقدهم النظام لن يجد ظهيرًا له يسانده، ويشاركه المسيرة.
وأعلن البنك المركزي المصري، أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل تراجعا للمرة الأولي خلال شهر مارس الجاري وذلك لأول مرة منذ يوليو 2016، ليسجل 32.25% فى مارس 2017، مقابل 33.10% خلال فبراير.
وأضاف المركزي فى أحدث تقرير صادر عنه، أن التضخم الأساسى سجل أقل معدل شهري له خلال شهر مارس منذ أغسطس 2016، ليسجل 0.97% خلال مارس 2017، مقابل 2.61% خلال فبراير 2017.