تزامنًا مع الشمول المالي| مصر الأقل تصنيفًا.. و6 تجارب عربية يجب دراستها

كتب: أسامة رمضان

فى: أخبار مصر

17:51 25 أبريل 2017

تزامنًا مع يوم الشمول المالي العربي 27 أبريل الجاري يرصد موقع «مصر العربية» أوضاع الشمول المالي في المنطقة العربية وموقف مصر من هذه الدول، وكيف يمكن استفادة الدولة من تجارب دول الخليج في تعظيم الشمول المالي.

 

دراسات اتحاد المصارف العربية أكدت أنّ المنطقة العربية في أدنى المستويات عالمياً، لجهة الشمول المالي الذي يُعتبر عاملًا أساسيًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين المعيشة وتمكين المرأة، ولتمويل المشروعات الصغيرة والحد من الفقر وتوفير فرص العمل وتعزيز النمو، ولذلك ولغيره من الأسباب نجد أن المنطقة العربية هي الوحيدة في العالم التي ازداد فيها الفقر منذ 2010.

 

أولا .. مفهوم الشمول المالي:

 

الشمول المالي مفهوم يهدف إلى تعميم المنتجات والخدمات المالية والمصرفية على العدد الأكبر من الأفراد، والمؤسسات، خصوصًا فئات المجتمع المهمَّشة من ذوي الدخل المحدود، وذلك من خلال القنوات الرسمية وابتكار خدمات مالية ملائمة وبتكاليف منافسة وعادلة، لتفادي لجوء تلك الفئات إلى القنوات والوسائل غير الرسمية مرتفعة التكاليف والتي لا تخضع للرقابة والإشراف.

 

الشمول المالي لا يتحقق من دون التثقيف المالي، فالمستهلك الواعي يُعتبر أكثر إدراكاً للمخاطر والمكاسب المرتبطة بالمنتجات المالية وأكثر وعياً لحقوقه وواجباته.

 

يستلزم الشمول المالي تقديم مجموعة شاملة من الخدمات المالية تتضمن الحسابات المصرفية، والمدخرات، وقروض قصيرة وطويلة الأجل، والتأجير التمويلي، والرهون العقارية، والتأمين والرواتب، والمدفوعات، والتحويلات المالية المحلية والدولية، وخطط التقاعد، بالإضافة إلى حماية المستهلك ماليًا.

 

وتجدر الإشارة إلى أن تعميم الخدمات المالية وتوسيع المشاركة في النظام المالي الرسمي يمثل عاملاً أساسياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحسين مستوى المعيشة، وتمكين المرأة، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والحد من الفقر وعدم المساواة، وتوفير فرص العمل، وتعزيز النمو الاقتصادي، ودمج الإقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي.

 

الشمول المالي في المنطقة العربية:

 

وفقاً لصندوق النقد الدولي، لا تزال المنطقة العربية تسجل أحد أدنى المستويات في العالم في ما يخصّ الشمول المالي، حيث إن 18% فقط من السكان في المنطقة أمتلكوا حسابات مع مؤسسات مالية عام 2014، مقارنة مع 43% في البلدان النامية، و24% في دول إفريقيا جنوب الصحراء، وتنخفض هذه النسبة الى 13% عند النساء.

 

كما تشير أرقام مؤشر تعميم الخدمات المالية العالمي 2014 إلى أن المنطقة العربية، بإستثناء دول الخليج الست، تسجل أعلى نسبة من البالغين المستبعدين من الخدمات المالية، حيث إن 80% من السكان أو ما يعادل نحو 200 مليون نسمة ليس لديهم حساب مصرفي.

 

وبحسب صندوق النقد العربي، إن الدول العربية باستثناء دول الخليج، هي الأكثر حرماناً من الخدمات والمنتجات المالية على مستوى العالم، حيث لم تتجاوز نسبة الشمول المالي في المتوسط العربي 21%-29% عام 2016.

 

وامتلك نحو 30% فقط من السكان البالغين معرفة مالية مناسبة، وهذه النسبة أقل من المتوسط العالمي البالغ 34%. وفي حين تصل الفجوة في نسب الوعي المالي بين الرجال والنساء 5% في العالم، ترتفع إلى 8% على مستوى الدول العربية.

 

وتشير الإحصاءات إلى أن 93% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً في المنطقة العربية لا يمتلكون حسابات مصرفية في أية مؤسسة مالية رسمية، وهو أدنى معدل في العالم.

 

تجدر الإشارة إلى الفروقات الواسعة بين الدول العربية في ما يخص الشمول المالي، فعلى سبيل المثال كانت نسبة ملكية الحسابات مرتفعة بشكل ملحوظ في الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والكويت بحوالي 83%، و82%، و73%، على التوالي.

 

في المقابل، سجّل الشمول المالي نسبًا منخفضة في اليمن، والصومال، والعراق بحوالي 6%، و8%، و11%، على التوالي، لذلك، تُقسم الدول العربية إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى تشمل دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي دول ذات معدلات شمول مالي مرتفعة، حيث تفوق نسبة ملكية الحسابات في هذه الدول المعدل العالمي البالغ 62%.

 

المجموعة الثانية تشمل كلًا من لبنان والأردن وفلسطين ودول المغرب العربي (المغرب والجزائر وتونس)، وهي دول ذات معدلات شمول مالي متوسطة تتراوح بين 24%-62%.

 

وتتضمن المجموعة الثالثة كلًا من مصر والعراق واليمن والسودان وجيبوتي وموريتانيا والصومال، وهي دول ذات معدلات شمول مالي أقل من 24%، وهو متوسط دول إفريقيا جنوب الصحراء.

 

وتشكل فئة الشباب نسبة عالية من المجتمعات العربية، لكنها تواجه عوائق رئيسية تحول دون استفادتهم من الخدمات المالية والمصرفية، ومن المتعارف عليه أن المؤشر المعتمد لقياس نسبة الشمول المالي هو ملكية الحسابات في مؤسسات مالية رسمية كنسبة من البالغين فوق سن الـ15 عامًا.

 

ولكن تجدر الإشارة إلى أن غالبية الشباب في الدول العربية لا يتمتعون بإستقلالية مالية قبل عمر الـ25، كما أن الشباب دون سن الثامنة عشرة لا يمكنهم فتح حسابات مصرفية خاصة بهم وإدارتها، الأمر الذي يفسّر تدني معدلات الشمول المالي في معظم الدول العربية بإستثناء دول الخليج.

 

والجداول التالية توضح ملكية الحسابات فى مؤسسات مالية كنسبة من البالغين فوق سن الـ 15 عاما:

 

جدول بالدول ذات معدلات الشمول المالي المرتفعة:

جدول بالدول ذات معدلات الشمول المالي المتوسطة:

جدول بالدول ذات معدلات الشمول المالي المنخفضة:

 

دول ذات معدلات شمول مالي مرتفعة:
 

تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي من الدول السبّاقة عربيًا وعالميًا في تطبيق مفهوم الشمول المالي، حيث تتميز الخدمات المالية والمصرفية في دول الخليج بإنتشارها وتطورها واستخدامها أحدث التقنيات لتقديم كافة الخدمات عبر الهاتف المحمول والإنترنت.

 

فدولة الإمارات، على سبيل المثال، كانت من أوائل الدول التي سعت لتحقيق مفهوم الشمول المالي من خلال نظام حماية الأجور الذي أقره المصرف المركزي، والسماح لشركات الصرافة بتقديم خدمات للفئات التي لا يمكنها التعامل مع المصارف.

 

كما أن تطبيق نظام المدفوعات الرقمية والمحافظ الإلكترونية يفتح الباب لشمول فئات أكثر ضمن النظام المالي نظراً لسهولة الدخول وقلة التكاليف. كما أصدرت كل من السعودية والإمارات بطاقات مسبقة الدفع للفئات غير المشمولة مالياً ضمن نظام حماية الأجور.

 

وفي قطر، تم تشكيل لجنة الإستراتيجية الوطنية للشمول والتثقيف المالي عام 2015، والتي وضعت خطة عمل وآلية لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية على عدة مراحل تتضمن إجراء دراسة للوضع الحالي، وتحديد الفجوات والإحتياجات، ومدى شمولية الخدمات والمنتجات المالية. وتعمل اللجنة على تعزيز وحماية حقوق مستهلكي الخدمات المالية، بالإضافة إلى تشجيع المواطنين على الإدخار والإستثمار بطريقة سليمة.

 

وضمن هذا الإطار، تشمل إستراتيجية مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أربعة محاور هي تطوير نظام الشبكة السعودية للمدفوعات وتقديم بطاقات مسبقة الدفع، ووضع خطة تطويرية لنظام سداد، وتطوير نظام التحويلات المالية للمدفوعات منخفضة القيمة لجذب وإدخال شريحة من المجتمع في القطاع المصرفي وإستفادتها من الخدمات المصرفية.

 

وتأتي الإستراتيجية في إطار سعي ساما كمشرّع ومنظّم للقطاع المالي إلى تعزيز مبادرات وخطط الشمول المالي من خلال إدراج مبادئ حماية العملاء والشمول المالي ضمن تشريعاتها بهدف حصول كل شرائح المجتمع على الخدمات والمنتجات المالية الملائمة بتكاليف مناسبة وعادلة وشفافة.

دول ذات معدلات شمول مالي متوسطة:

 

دول ذات معدلات شمول مالي متوسطة:

 

خلال العامين الماضيين، قام كل من المغرب والأردن، بإجراء مسح جديد لقياس مستوى الشمول المالي، وأظهرت النتائج أن نسبة الشمول المالي في المغرب تُقدر بنحو 61% من السكان، وهي من بين أعلى النسب العربية إلى جانب دول الخليج.

 

وبالنسبة لواقع الشمول المالي في الأردن، أظهرت أحدث دراسة أُجريت بتكليف من البنك المركزي الأردني، أن حوالي 62% من البالغين ضمن الفئة العمرية 18-80 سنة لديهم حساب مصرفي، وهي نسبة مقاربة للمتوسط العالمي إلا أنها أقل من الدول المتقدمة التي تصل النسبة فيها إلى 80%-90%.

 

وبالنسبة للحصول على التمويل، بيّنت نتائج الدراسة أن نسبة الأفراد المقترضين من المصارف ومؤسسات التمويل الأصغر تبلغ حوالي 17%، وتبلغ حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 7.3% من القروض المصرفية، وهي نسبة متواضعة مقارنة بمتوسط الإقتصادات المتقدمة والذي يبلغ حوالي 20%-25%. (المصدر: تقرير الإستقرار النقدي، 2015).

 

وبالنسبة للجهود الرامية إلى توسيع وتعزيز الشمول المالي، أعلن كل من المغرب والأردن وفلسطين ولبنان خلال العام 2016 عن خطط لإنشاء قاعدة تحليلية لإستراتيجية جديدة لتعميم الخدمات المالية، تركّز على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومدفوعات السداد الرقمية، والنساء.

 

فبهدف تعزيز الشمول المالي من خلال مساعدة المرأة العربية للحصول على إستقلالها المالي والاقتصادي وتمكينها من الوصول إلى رؤوس الأموال وتأسيس مشاريعها الخاصة، قام مصرف لبنان بإعداد دراسة تحت عنوان «الشمول المالي وتمكين المرأة إقتصاديًا»، وضعت عدداً من التوصيات على صعيد المصارف المركزية تهدف إلى تحسين إندماج المرأة ماليًا.

 

جهود البنك المركزي المصري لتعزيز الشمول المالي فى مصر:

 

خلال الايام الماضية أعلن البنك المركزي المصري، عن إنشاء إدارة مركزية لتحسين مستوى الشمول المالي بمصر لتكون مسئولة عن البيانات لدى البنوك وتقوم بدورها في هذا الإطار.

 

واقترح البنك المركزي على البنوك القيام بعدة فعاليات لدعم ونشر الشمول المالي بدءا من 27 أبريل المقبل وهو اليوم العربي للشمول المالي ولمدة أسبوع تتضمن السماح للبنوك بالتواجد خارج فروعها في المناطق النائية والمهمشة في الأقاليم والنوادي والجامعات والأماكن الأخرى خلال الفترة المحددة وعرض منتجاتها للشرائح المناسبة، ولكن بشرط أن يتم إحاطة إدارة الشئون المصرفية بالبنك المركزي بأماكن التواجد بشكل مسبق.

 

وفتح حسابات للعملاء الجدد بدون مصاريف تحت شعار «حساب لكل مواطن» في أماكن التواجد مع موافاة البنك المركزي بعدد الحسابات التي تم فتحها خلال الفترة، مع الإلتزام بالقواعد المررة لمباشرة أنشطة تسويح المنتجات المصرفية الصادرة مسبقًا.

 

وطالب المركزي البنوك بطباعة مواد دعائية تتضمن شعاري الأسبوع العربي للشمول المالي والبنك المركزي المصري على جميع فروع البنوك، بجانب طباعة نشرتين تعريفيتين حول الشمول المالي لتوزيعها على العامة والعاملين بالقطاع المالي، والاهتمام بالتغطية الإعلامية للحدث، وإرسال رسائل نصية لعملاء شركات الاتصالات لتعريفهم بالأسبوع العربي للشمول المالي.

 

من جانبه، قال طارق عامر، محافظ البنك المركزي، إن المركزي يسعى الي نشر الخدمات والحسابات المصرفية للبنوك العاملة بالسوق المحلية بين المواطنين، وإطلاع «المركزي» للقيام بدوره، ليس فقط كصانع للسياسة النقدية، ولكن أيضا تشجيع التنمية والتمويل لجميع شرائح وفئات المجتمع، لاسيما الشباب ومحدودي الدخل، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فضلا عن التمويل العقاري.

 

وأضاف فى تصريحات صحفية سابقة أن زيادة موارد البنوك المحلية يسهم في تشجيع وتنشيط الاقتصاد، من خلال المشاركة في مبادرات البنك المركزي، مشيرا إلى أن مبادرة الشمول المالي تتضمن تغيير ثقافة المواطنين المصرفية في التعامل مع البنوك، ومنح حوافز، منها فتح حسابات بنكية دون رسوم إدارية بالبنوك، وتعيين مصرفيين مدربين للاهتمام بهذه الشريحة الجديدة من العملاء، وتبسيط الإجراءات.

 

وأكد يحيي أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي المصري، أن البنك الأهلي يلعب دورا كبير فى تعظيم الشمول المالي بالسوق المصرية من خلال زيادة الانتشار الجغرافي وطرح كافة المنتجات المختلفة بجانب التوسع بقوة فى مبادرات المشروعات الصغيرة والبنك المركزي.

 

وأشار في تصريحات خاصة لـ«مصر العربية» أن تبنى البنك المركزي لموضوع الشمول المالي سيعزز من اتجاه البنوك للتوسع فى طرح منتجات جديدة للوصول لعملاء جدد وفتح حسابات بدون مصاريف.

 

أشار إلى أن هذه المبادرة ستساعد علي جذب شريحة كبيرة من القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي ومن الممكن أن يستفاد من البنوك خلال المرحلة المقبلة في تقديم تمويلات لهذه العملاء من خلال القنوات الرسمية وهو ما سيعود بالنفع علي المجتمع في النهاية.

اعلان