بعد تقرير صندوق النقد.. اقتصاديون: "غير منطقي" و 5 أسباب وراء تجاهله السلبيات
أرجع خبراء اقتصاديون تجاهل تقرير بعثة صندوق النقد الدولى عن مصر لسلبيات برنامج اﻹصلاح الاقتصادى التى تمثلت أبرزها فى ارتفاع معدل التضخم لمستويات قياسية وزيادة نشية البطالة لخمسة أسباب.
وقال الخبراء إن من بين تلك الأسباب أن صندوق النقد لن يقول إنه فشل رغم اعترافه جزئيا في تقدير قيمة الجنيه لعدم اهتزاز الثقة فى برامجه وسياساته، وكذلك الخضوع الكامل لشروطه من قبل الحكومة المصرية، بالإضافة إلى أنه مسيس لا يهتم بأوجاع المواطنين أو ظروفهم المعيشية الصعبة.
وأصدرت بعثة صندوق النقد الدولي، بيانا ختاميا في نهاية زيارتها لمصر والتي استمرت من 30 إبريل إلى 11 مايو 2017، لمناقشة أولويات السياسات في إطار المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته مصر ويدعمه "تسهيل الصندوق الممدد" ( EFF) البالغة مدته ثلاث سنوات.
وبدأت الزيارة في 30 إبريل وانتهت 11 مايو 2017، وقال رئيس البعثة كريس جارفيس، إنه توصل لاتفاق على مستوى الخبراء لإتاحة شريحة من القرض بقيمة 1.25 مليار دولار.
وفي بيان صندوق النقد الدولي، قال إنه قد تحققت نتائج ملموسة نتيجة تحرير سعر الصرف، واستحداث ضريبة القيمة المضافة ومواصلة إصلاح دعم الطاقة لتعزيز أوضاع المالية العامة، وانتهت مشكلة عدم توافر العملة الأجنبية وبدأ النشاط يتعافى في سوق الانتربنك الدولارية بين البنوك.
وأشار البيان، إلى أن مصر استردت ثقة المستثمرين، والتي تمثلت في الإقبال الكبير على شراء السندات الدولارية التي أصدرتها مصر في يناير 2017، بالاضافة الى الزيادة الكبيرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج و استثمارات الأجانب في المحافظ المالية.
ورحب الصندوق بما أسماه التقدم الجيد جدا في مسيرة الإصلاحات الهيكلية، وخاصة موافقة مجلس النواب على القانونين الجديدين للاستثمار ومنح تراخيص المنشآت الصناعية؛ فكلاهما سيساعد على إطلاق إمكانيات النمو للاقتصاد المصري وجذب المستثمرين وزيادة الصادرات والإنتاج الصناعي، بالإضافة إلى خلق فرص عمل كافية لاستيعاب القوى العاملة. بحسب البيان.
صندوق "مسيس"
شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادى، قال إن صندوق النقد الدولى "مسيس" ويخلق أهدافا معينة يعمل على تحقيقها وبدلا من أن يفرض سيطرة عسكرية يفرض سيطرة اقتصادية.
وأضاف الدمرداش فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن تقرير صندوق النقد الدولى ليس له أى صدى على أرض الواقع وكلام نظرى لا يتعلق بواقع مرير يعيشه المواطن المصري فهو يشيد بتحسن المؤشرات الاقتصادية والناس تأن على اﻷرض.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن تقرير بعثة صندوق النقد استهزاء بالعقول وكلام غير موضوعى قائلا "إزاى يشيد بالسندات الدولارية وإن قدرتنا على الاقتراض زادت .. هو لو عاوز مؤشرات اقتصادية حقيقية يقول إنتاجنا زاد ولا لأ مش قدرتنا على الاقتراض زادت".
وأشار إلى أنه لا يوجد أرقام اقتصادية استدل بها على تحسن المؤشرات وإنما تقرير إنشائى غير موضوعى لا نستطيع أن نبنى توقعات اقتصادية عليه.
وتستدين الحكومة المصرية من خلال سندات وأذون الخزانة على آجال زمنية مختلفة لتمويل عجز الموازنة، ويعكس اعتماد مصر على الأذون ذات الأجل الكبير إلى أزمة تمويلية تتفاقم يوم تلو آخر، في ظل انخفاض معدل النمو وتراجع الإيرادات العامة وارتفاع المصروفات، مما يزيد عجز الموازنة لمستويات غير آمنة.
وعقب التعويم تزايدت توصيات مؤسسات التمويل الدولية بشراء أدوات الدين الحكومية، وذهبت إلى أن سوق أدوات الدين المصري وأذون الخزانة يعتبر حاليا سوقاً واعداً، ويمثل فرصة حقيقة للاستفادة من رخص سعر العملة المحلية (الجنيه) وبلوغها مستويات تاريخية.
ويمتد أجل أذون الخزانة المصرية بين 3 أشهر إلى عام، ويتراوح العائد عليها بين 19.397% إلى 19.131%، فيما يتراوح العائد على السندات بين 17.263% إلى ..134.
تنفيذ شروطه حرفيا
وفى هذا الصدد يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، إن تجاهل التقرير النهائى لبعثة صندوق النقد الدولى التى تزور مصر في إطار المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي للسلبيات التي حلت على البلاد جاء نتيجة أسباب محددة ومعينة من جانب الصندوق.
وأضاف عبده فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن هذه الأسباب تتمثل فى أن صندوق النقد لا يهتم بأوجاع المواطنين أو ظروفهم المعيشية الصعبة وإنما يهتم بعناصر محددة وهى تخفيض دعم الطاقة وتحرير سعر العملة، مشيرا إلى أن مصر حققت هذه العناصر وبالتالى حققت شروطه ولذلك لن يبرز السلبيات.
وتابع "تحرير سعر العملة وتخفيض دعم الطاقة هيخليهم سعداء لأن شروطهم اتحققت .. ما إحنا ماشيين وراهم وبنقول "آمين" فى كل حاجة .. زى ما قالوا قبل التعويم إن البنك المركزى سيحدد أسعار صرف مرنة وبعدها علطول قرر تعويم الجنيه".
وأوضح الخبير الاقتصادى أننا نسير طبقا للبرنامج الذى أشرف عليه الصندوق بالحرف وسنشهد مزيدا من استكمال خطى الإصلاح الاقتصادى فى الفترة المقبلة تمهيدا للحصول على الشريحة الثانية من القرض.
واتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات الاقتصادية في سبيل الحصول على الموافقة على القرض والتي كان على رأسها، تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، ضريبة القيمة المضافة، قانون الخدمة المدنية، إجراءات للتقشف المالي، رفع أسعار الوقود والكهرباء.
تكاليف اﻹصلاح
الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادى، قال إن ما حدث من سلبيات فى مصر بعد تنفيذ برنامج اﻹصلاح الاقتصادى وتعويم الجنيه لا يعتبرها صندوق النقد الدولى سلبيات وإنما تكاليف للإصلاح وبالتالى لم يذكرها فى تقريره.
وأضاف اﻹدريسي فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الصندوق يرى أن تكلفة الإصلاح ستأتى بالمستثمرين الذين يزيدون الإنتاج وتقل نسبة البطالة ويكون هناك سعر عادل للعملة، ولكن ذلك لم يحدث على أرض الواقع فمعدلات البطالة فى تزايد وسعر العملة فى ارتفاع.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن الصندوق لن يعيب برنامج اﻹصلاح الاقتصادى لأن من مصلحته نجاح هذا البرنامج الذى أشرف عليه ويموله حتى تزيد الثقة في برامجه وسياساته ويقال إنه انتزع الاقتصاد المصري من كبوته.
وأشار إلى أن الفترة المقبلة صعبة على المصريين الذين ما زالوا يتحملون تبعات ونتائج البرنامج اﻹصلاحى للاقتصاد ونتمنى أن يستمروا فى التحمل فى ظل تنفيذ الحكومة برامج الحماية الاجتماعية وزيادة مخصصاتها.
وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدل التضخم خلال شهر إبريل الماضي بنحو 1.8% مقارنة بمارس السابق عليه ليبلغ 242.7 نقطة، وعلى أساس سنوى ارتفع معدل التضخم خلال الشهر الماضي مقارنة بشهر إبريل من عام 2016 ليسجل 32.9 % مقابل 32.5% فى مارس الماضى.
تقرير الصندوق
وقال كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لمصر، إن فريق خبراء الصندوق والسلطات المصرية توصلوا إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته مصر ويدعمه الصندوق باتفاق تبلغ قيمته 12 مليار دولار، ويخضع هذا الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق.
وأضاف: «مع استكمال المراجعة، يتاح لمصر الحصول على 895.48 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 1.25 مليار دولار أمريكي)، ليصل مجموع المبالغ المنصرفة في ظل البرنامج إلى حوالي 4 مليارات دولار أمريكي».
وتابع: «يمثل هذا الاتفاق تعزيزا للثقة من خبراء الصندوق في استمرار تنفيذ السلطات المصرية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، كما أنه شاهد على استمرار الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة والبنك المركزي لإصلاح الاقتصاد، وبذلك تكون السلطات قد اتخذت خطوات مبدئية جادة وجذرية في عملية الإصلاح الاقتصادي».
وأوضح أنه قد تحققت نتائج ملموسة نتيجة تحرير سعر الصرف، واستحداث ضريبة القيمة المضافة ومواصلة إصلاح دعم الطاقة لتعزيز أوضاع المالية العامة، وانتهت مشكلة عدم توافر العملة الأجنبية وبدأ النشاط يتعافى في سوق الانتربنك الدولارية بين البنوك.
وأشار إلى أن مصر استردت ثقة المستثمرين، والتي تمثلت في الإقبال الكبير على شراء السندات الدولارية التي أصدرتها مصر في يناير 2017، بالاضافة الى الزيادة الكبيرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج و استثمارات الأجانب في المحافظ المالية.
كما شهد قطاع الصناعة التحويلية تعاف قوي -الذي يساهم في خلق فرص العمل- فضلا عن زيادة ملحوظة في الصادرات، وفي نفس الوقت، سجل النمو في إجمالي الناتج المحلي 3.9% في الربع الأول من 2017 وانخفض عجز المالية العامة الأولي بما يعادل 2% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي.
وأوضح بيان البعثة، أن وزارة المالية أعدت موازنة بالغة القوة، وإذا أقرها مجلس النواب، ستضع الدين العام على مسار تنازلي واضح نحو مستويات يمكن الاستمرار في تحملها ونرحب على وجه الخصوص بالخطط الرامية إلى رفع سعر ضريبة القيمة المضافة، ومواصلة عملية إصلاح دعم الطاقة طوال سنوات البرنامج الثلاث.
كذلك نرحب بالتقدم الجيد جدا في مسيرة الإصلاحات الهيكلية، وخاصة موافقة مجلس النواب على القانونين الجديدين للاستثمار ومنح تراخيص المنشآت الصناعية؛ فكلاهما سيساعد على إطلاق إمكانيات النمو للاقتصاد المصري وجذب المستثمرين وزيادة الصادرات والإنتاج الصناعي، بالإضافة إلى خلق فرص عمل كافية لاستيعاب القوى العاملة .
وأضاف: «وتشعر البعثة بارتياح كبير إزاء تعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية في إطار البرنامج بما في ذالك ما يتضمنه برنامج الحكومة من إجراءات لتيسير عمل المرأة. فقد تم التوسع في برنامج تكافل وكرامة ليشمل 1.6 مليون أسرة، أي قرابة 8 ملايين نسمة، وتحصل المرأة على 92% من مزاياه».
وتابع البيان: «ولا يزال الجهاز المصرفي القوي هو ركيزة الاستقرار المالي في مصر. فقد اجتاز بنجاح مرحلة التحول إلى نظام سعر الصرف الحر. ولا يزال البنك المركزي يستهدف الحفاظ على صلابة القطاع المالي وتعزيز الإجراءات التنظيمية والرقابية في القطاع المصرفي».
وقال البيان إن الحكومة المصرية أعدت هذا البرنامج الذي يدعمه صندوق النقد الدولي، بهدف ارساء الأسس اللازمة لتحقيق معدلات تنمية مستدامة تؤدي الى الارتقاء بمستوى المعيشة للمواطنين، ويود فريق الصندوق توجيه الشكر للسلطات المصرية والفرق الفنية في البنك المركزي ووزارة المالية على صراحتهم في تبادل الآراء وعلى مناقشاتهم البناءة وما لقيته البعثة من كرم الضيافة.