لـ"مصر العربية"
خبراء يجيبون | ماذا يحدث حال تغيير شكل العملة المصرية؟
اعتبر خبراء اقتصاديون أن مقترح تغيير شكل العملة المصرية فى الوقت الحالى بعدما انتشر فى الساعات الأخيرة، غير عقلانى وعشوائى وتكلفته عالية جدا على الدولة ونحن فى ظروف اقتصادية سيئة للغاية لا تستطيع الدولة تحمل تلك التكلفة.
واختلف البعض حول نتائج التغيير فمنهم من رأى أنها تساعد فى القضاء على اﻷنشطة الاقتصادية غير القانونية وتساهم فى خفض معدل التضخم، والبعض الآخر أشار إلى أن الدول التي تتجه لتغير عملتها تعني أنها في انهيار تام اقتصاديًا، وإفلاس عملتها.
عمرو الجارحى وزير المالية قال إن الوزارة لم تتطرق أو تناقش تغيير شكل العملة المحلية المصرية بفئاتها المختلفة فى الوقت الحالى، مؤكدًا أن ما يتم تداوله بهذا الشأن غير صحيح.
وأكد أن وزارة المالية لم تدرس بشكل تنفيذي تغيير شكل العملة، مشيرًا إلى أن دراسة تغيير شكل العملة يخضع لدراسات وحسابات اقتصادية عميقة واجتماعات حكومية موسعة مع البنك المركزي.
فيما قال عبدالمنعم مطر، مستشار وزير المالية لشؤون الضرائب، إن تغيير شكل العملة مقترح تقدم به أحد الخبراء، ولم يرق إلى مستوى الدراسة أو التنفيذ.
أحد الحلول
النائبة نادية هنرى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، اقترحت تغيير شكل العملة كأحد الحلول المتاحة للأزمة الاقتصادية الحالية.
وقالت فى بيان لها، إنه يجب الإسراع في بدء تغيير شكل العملة المصرية لدخول مئات المليارات من الجنيهات وإيداعها في البنوك، ومنع السحب منها إلا بضوابط.
وأضافت ''هنري'' أن أزمة مصر مؤسسية، حيث نعانى من ضعف المؤسسات وعلاج هذا القصور، مشيرة إلى أن مصر تحتل مراكز متراجعة فى سيادة القانون طبقا للمؤشرات العالمية موضحة أنه يصعب تحمل إجراءات الإصلاح الاقتصادي وسط بيئة مليئة بالفساد وضعف الحكومة فى مصر.
وأشارت إلى أنه بالتوازى مع ذلك يجب على الحكومة ومجلس النواب الإسراع في إصدار تشريع لمنع التعامل النقدي بما يزيد عن مبلغ محدد من المال، والاستعلام عن مصدر المبالغ النقدية عند الإيداع.
ولفتت إلى أن الجهاز القومي للمدفوعات، الذي يرأسه رئيس الجمهورية، يمكن أن يساهم فى طرح كل الإجراءات اللازمة لتغيير شكل العملة والتصدي لأصحاب المصالح المقاومين لهذه الفكرة، والتي هى من الأساس لمواجهة الفساد والفاسدين.
واعتبرت عضو اللجنة الاقتصادية، أن هذه الخطوة ستمثل استكمالًا لخطوات الإصلاح الاقتصادي الجرئ، في ظل ما نعاني منه من وجود حركة مالية بعيدة عن الانضباط والمراقبة.
الاقتراح اﻷساسى
تأتي تلك التطورات عقب مطالبة الدكتور هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر الأسبق، الرئيس عبد الفتاح السيسي بتغيير شكل العملة، مؤكدًا أن ذلك سيؤدي لخروج مئات المليارات من الجنيهات من المنازل وإيداعها في البنوك، على أن توضع ضوابط لمنع السحب منها.
وطالب "توفيق" بتفعيل الجهاز القومي للمدفوعات الذي يرأسه رئيس الجمهورية بنفسه، مشيرًا إلى أن الجهاز يهدف في الأساس لمحاربة الفساد والتهرب الضريبي وخفض استخدام الأوراق النقدية.
ولفت إلى أن الدولة تستهدف من خلال هذا المجلس الاستحواذ على 70% من التعاملات المالية الضخمة، موضحا أن الهند اتخذت هذا القرار في نوفمبر الماضي وحال تنفيذ هذا القرار في مصر سيصاحبه إصدار قوانين بتغليظ العقوبة ومنع السحب أو الإيداع من البنوك أو التعامل نقدًا بما يزيد على 10 آلاف جنيه مصري والاستعلام عن مصدر "الكاش" عند الإيداع والسحب.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر في فبراير الماضي القرار الجمهوري رقم 89 لسنة 2017 بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات برئاسته.
ويختص المجلس بخفض استخدام أوراق النقد خارج القطاع المصرفي ودعم وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية في الدفع بدلًا عنه، وكذلك تطوير نظم الدفع القومية وأطر الإشراف عليها للحد من المخاطر المرتبطة بها من أجل خلق نظم آمنة وذات كفاءة وفاعلية.
إضافة إلى العمل على تحقيق الشمول المالي بهدف دمج أكبر عدد من المواطنين في النظام المصرفي وضم القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي وتخفيض تكلفة انتقال الأموال وزيادة المتحصلات الضريبية، وكذلك حماية حقوق مستخدمي نظم وخدمات الدفع وتحقيق تنافسية سوق خدمات الدفع وتنظيم عمل الكيانات القائمة ورقابتها.
هدفان من التغيير
الدكتور فخرى الفقى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، قال إن هناك هدفين من تغيير شكل العملة المصرية فى حالة تطبيق الحكومة لذلك الاقتراح.
وأضاف الفقى فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الهدف الأول هو التخلص من مصادر النقد التى يتم استخدامها عن طريق غسيل اﻷموال فى الأنشطة المخالفة للقانون مثل تجارة المخدرات وتجارة اﻷعضاء والسلاح لأن هؤلاء المجرمين لا يتعاملون إلا بالنقد "الكاش" وفى حالة تغيير العملة سيتم التعرف عليهم بعد ذهابهم إلى البنوك لتغيير كميات الفلوس الكبيرة التى لديهم قائلا "لما ييجى حد للبنوك بمئات الملايين هيتعرف إنه شغال فى أعمال مخالفة للقانون".
وأوضح الفقى أن الهدف الثانى من تغيير شكل العملة تحديد حجم اﻷموال المدخرة فى المنازل للتخلص من هذه السيولة والمساعدة فى خفض اﻷسعار ومعدل التضخم المرتفع الذى وصل إلى أرقام قياسية اقتربت من 33%.
وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة واﻹحصاء ارتفاع معدل التضخم السنوى فى أبريل الماضى ليصل إلى 32.9% مقارنة بـ32.5% فى مارس.
كلام عشوائى
من جانبه قال الدكتور محمد عبدالعظيم الشيمى، الخبير المصرفى، إن تغيير شكل العملة كلام غير عقلانى وعشوائى وتكلفته عالية جدا على الدولة ونحن فى ظروف اقتصادية سيئة للغاية.
وأضاف الشيمى فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن تغيير شكل العملة يعنى إلغاء كل النقد المتداول فى السوق وإعادة طبع النقود من جديد وسنبدأ من الصفر وهذا أمر صعب، مشيرا إلى أن حجم السيولة فى اﻷسواق بالمليارات وسوف نبدأ بأرقام جديدة للعملات بداية من واحد إلى ما لا نهاية.
وأشار الخبير المصرفى، إلى أن معرفة مدخرات المصريين فى المنازل لا يكون بتغيير شكل العملة كما يدعى البعض قائلا "علشان نحصر النقد لازم ياخد أرقام ثابتة .. مش نغير شكله بس"، مؤكدا أنه فى حالة تطبيق هذا المقترح لن يستطيع أحد معرفة حجم السيولة فى السوق أبدا لأن هناك البعض الذى سيحتفظ ببعض اﻷوراق المالية التى ستبدأ بأرقام صغيرة على اعتبار أنها ذكرى وغير ذلك من الأمور التى تحدث فى مصر وليس لها معنى.
كارثة
الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد، ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات، قال إن الإقدام على خطوة تغير العملة المصرية، غير مجدية، وكارثة اقتصادية، لأن الدول التي تتجه إلى تغير عملتها تعني أنها في انهيار تام اقتصاديًا، وتشير إلى إفلاس عملتها.
وأضاف الدسوقى فى تصريحات صحفية، أن تغيير العملة المصرية، يعتبر دعاية سيئة للاقتصاد المصري، وللدولة أيضًا، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي بمصر ليس بحاجة لهذا المقترح، لأنه يسىء أكثر مما ينفع.
وأوضح أنه من الصعب أن تقدم الحكومة على هذا الخيار، لأنها تدرك نتائجه السلبية على مصر، إضافة لعدم فائدته من الأساس.
بينما قالت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقًا، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "لو كان تغيير شكل العملة هيحل مشاكلنا الاقتصادية مكنش حد غلب".
وتابعت: "للأسف احنا دايمًا بنركز في الشكليات ومش بننظر في جوهر المشاكل وأسس علاجها الهيكلية، مش عارفة مين صاحب الأفكار اللوذعية دي".
غسيل اﻷموال
وقال الباحث الاقتصادى وسام فؤاد، إن تغيير شكل العملة يفتح الباب لأكبر عملية غسيل أموال للاقتصاد السري في مصر.
وأضاف فؤاد على صفحته الشخصية بـ"فيس بوك"، "كل مسؤول هيقلب له قرشين حلوين.. وممكن الشركات العادية غير المملوكة لمسؤولين تخش ع الخط وتاخد عمولة عبر المساهمة في غسيل الأموال من خلال الرواتب التي تدفعها لموظفيها من عملية وساطة طياري".
وتابع "الحكومة هتلبس مرتين.. مرة في اقتراض الودائع الجديدة ومرة عبر تحمل تكلفة الطباعة.. أما المواطن الغلبان فهيشيل ليلة التضخم الناتج عن طباعة الفلوس اللي ممكن تحصل على المتغطي.. كله هيخسر ماعدا اللي هيسمسر من الغسيل".