هل تؤجل الموافقة على "تيران وصنافير" زيادة اﻷسعار في يوليو المقبل؟
توقع خبراء اقتصاديون عدم اهتمام الحكومة بغضب الشعب من تمرير مجلس النواب لاتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية "تيران وصنافير" واستمرارها في سياساتها الحالية وقراراتها التي أعلنت عنها منذ فترة برفع الدعم عن المواد البترولية والكهرباء والمياه وزيادة أسعارها فى بداية شهر يوليو المقبل.
وأكد الخبراء أن الحكومة الحالية مقيدة بشكل كبير بشروط صندوق النقد الدولي التى فرضها من أجل تسليم الشريحة الثانية من القرض البالغ قيمته 12 مليار مليار دولار ومن أبرزها رفع الدعم، كما أنها لم تخشى غضب الشعب خلال اﻹجراءات التى اتخذتها منذ تنفيذ برنامج اﻹصلاج الاقتصادي منتصف العام الماضى وحتى الآن وبالتالي ستستمر فى قرارات رفع اﻷسعار أول يوليو.
ووافق مجلس النواب اﻷسبوع الماضي برئاسة الدكتور علي عبدالعال، على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي يتم بمقتضاها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
وتنوى الحكومة رفع الدعم جزئيا عن الوقود والكهرباء والمياه وعدد من السلع والخدمات عن طريق زيادة ضريبة القيمة المضافة لـ14% بداية من أول يوليو 2017 رغم وجود بعض اﻷصوات داخل الحكومة تنادي بتأجيل زيادة أسعار الوقود فى ظل تمرير اتفاقية "تيران وصنافير" لامتصاص غضب المواطنين.
شروط الصندوق
وكانت الحكومة قد اتخذت بعضاً من الإجراءات الاقتصادية في سبيل الموافقة على قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 12 مليار دولار والتي كان على رأسها، تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، فرض ضريبة القيمة المضافة، قانون الخدمة المدنية، إجراءات للتقشف المالي، رفع أسعار الوقود والكهرباء.
وفي المقابل تلتزم القاهرة بعدد من الشروط يتم تنفيذها خلال السنوات الثلاث القادمة وعلى رأسها، التزام مصر بزيادة مخصصات حماية الفقراء بنسبة 1% من الناتج المحلى الإجمالي، وإلغاء الدعم عن الوقود خلال الثلاث أعوام المقبلة وعن الكهرباء خلال 5 أعوام، وتسديد الديون المستحقة لشركات البترول العالمية العاملة في مصر، وتبني سياسة نقدية لاحتواء التضخم، ووضع خارطة طريق لإصلاح الرواتب والمعاشات، وتخفيض عجز الموازنة إلى خانة الأحاد.
وناقش صندوق النقد مع الحكومة في زيارته اﻷخيرة للقاهرة الشهر الماضى، خفض الدعم على الطاقة تحديدا؛ لأنها تعد أحد أهم أجزاء برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه الحكومة، مؤكدا إدراك الرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة لهذا الأمر، وأن لديهم خطة محددة لخفض الدعم على أغلب المنتجات البترولية الرئيسية خلال 3 سنوات.
وقال رئيس بعثة الصندوق: "نعتقد أن الخطة جيدة، كما أنه من الجيد ترك أمر تحديد الموعد المناسب لخفض الدعم على الطاقة للحكومة، فضلا عن حريتها بشأن تحديد توقيت وكيفية تطبيق إجراءات الإصلاح التى تتبناها".
ولفت إلى أن صندوق النقد الدولى متفائل بشأن جهود الحكومة المصرية الهادفة إلى إلغاء الدعم على منتجات الطاقة خلال الثلاثة أعوام المقبلة، إضافة إلى تخفيض معدلات التضخم.
لا دلائل للتأجيل
الدكتورة عالية المهدي عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا، قالت إن غضب الشعب من موافقة مجلس النواب على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لن يمنع الحكومة من الاستمرار فى سياساتها الحالية الخاصة برفع الدعم فى بداية شهر يوليو المقبل وزيادة اﻷسعار من جديد.
وأضافت المهدي، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الحكومة الحالية مقيدة بشكل كبير بشروط صندوق النقد الدولي التى فرضها واتفق معها عليها من أجل تسليم الشريحة الثانية من القرض البالغ قيمته 12 مليار دولار والتى تقدر بـ1.25مليار دولار، ولذلك فالحكومة عليها التزامات تجاه الصندوق يجب تنفيذها أهمها رفع كل ما تبقى من أشكال الدعم على المواد البترولية والسلع التموينية والكهرباء.
وأوضحت عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا، أنه لا يوجد دلائل حتى الآن تشير إلى تأجيل الحكومة لقرارات زيادة أسعار الوقود والكهرباء والمياة فى أول يوليو، مشيرة إلى أن الحكومة الحالية لا تتمتع بأى قدر من الحكمة السياسية وتسير بمبدأ "حلاوتها فى حموتها" ولا تعبأ بأى غضب من جانب المواطنين على قراراتها.
وأشارت المهدى إلى أن رفع الدعم عن البنزين والكهرباء فى أول يوليو المقبل ستكون قشة جديدة على ظهر البعير وفى أى لحظة من الممكن أن ينفجر الناس غضبا تجاه الحكومة ويحدث ما لا يحمد عقباه، وستكون التبعات السياسية غير مستحبة لأن قدرة الناس على الاحتمال ستكون انتهت خاصة بعد الموافقة على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للملكة العربية السعودية.
وقال عمرو الجارحى وزير المالية، إن مصر تستعد لاستقبال شريحة ثانية من قرض الصندوق والبالغ قيمتها 1.25 مليار دولار، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، منبهاً إلى أن الحكومة ملتزمة بخفض معدلات التضخم ورفع دعم الطاقة- أحد شروط الصندوق للحصول على القرض- مشيراً إلى توقعات البنك المركزى بتراجع معدلات التضخم خلال 2018 لـ13% مقارنة بـ30% حالياً.
تنفيذ شروط الصندوق
الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، قال إنه من المؤكد ارتفاع أسعار السلع والخدمات فى يوليو كما خططت وأعلنت الحكومة لأنه شرط أساسي من شروط صندوق النقد الدولي التي لن تستطيع الحكومة عدم الوفاء بها للحصول على الشرائح المتبقية من القرض البالغ قيمته 12 مليار دولار.
وأضاف سليمان فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الحكومة الحالية تنفذ شروط الصندوق دون النظر إلى الضرر الذى سيقع على الشعب المصري نتيجة هذه الشروط، مشيرا إلى أنها لا تعمل للحفاظ على اﻷمان الاجتماعى داخل المجتمع، مدللا على ذلك بارتفاع عدد الفقراء الذين وصلت نسبتهم إلى 46% فى آخر إحصائيات رسمية وما يقرب من 26% منهم فى فئة اﻷشد فقرا.
وأوضح الخبير الاقتصادى أن الحكومة لم تخشى غضب الشعب طوال الفترة السابقة خلال اﻹجراءات التى اتخذتها منذ تنفيذ برنامج اﻹصلاح الاقتصادى وحتى الآن، وبالتالى ستستمر فى قرارات رفع اﻷسعار أول يوليو ولن تنظر إلى غضب الشعب من الموافقة على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.
رد شعبي
وقال الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي، إن الحكومة لن تكف عن إجراءاتها الاقتصادية الصعبة إلا عندما تشعر بأن هناك رد شعبي قوي غاضب وللأسف فهى لم تر حتى الآن ذلك الرد وستستمر في زيادة اﻷسعار فى يوليو المقبل رغم تمرير اتفاقية تيران وصنافير في البرلمان.
وأضاف الدمرداش فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن ما تتخذه الحكومة من قرارات وما تنتهجه من سياسات أصبح خارج المعايير العلمية، مشيرا إلى أن تأجيل زيادة اﻷسعار قرار سياسي ومن يمنعه القراءة اﻷمنية لرد فعل الشعب.
وفيما يلى أبرز الزيادات المتوقعة أول يوليو:
خفض دعم الوقود
أقرت الحكومة تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر الماضي، وفي نفس اليوم، رفعت أسعار الوقود، بنسب متفاوتة، وحسب برنامج الإصلاح الاقتصادي من المنتظر أن تجري الحكومة زيادة أخرى في أسعار المحروقات مع بداية العام المالي الجديد، حتى تتمكن من الوفاء بالتزامها تجاه صندوق النقد الدولي الذي ينص على بيع أسعار معظم أنواع الوقود إلى المستهلك بأسعار التكلفة نهاية العام المالي 2018/2019.
وتسير مصر في خطة موازية، لخفض دعم الوقود، لكنها تعطلت خلال السنة المالية الماضية (2015-2016) بدعم من تراجع أسعار النفط، ولكن الحكومة عادت لاستئنافها في الرابع من نوفمبر الماضي في إطار برنامج الإصلاح المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
ونشرت وسائل إعلامية معلومات تفيد أن هناك العديد من الأراء داخل الحكومة طالبت بتأجيل تطبيق قرار زيادة أسعار الوقود لفترة حتى هدوء الأوضاع السياسية الحالية، عقب الموافقة على اتفاقية تيران وصنافير بالإضافة إلى عدم تطبيق حزمة الزيادة فى أسعار الوقود والكهرباء وتطبيق الزيادة فى ضريبة القيمة المضافة مرة واحدة، ولكن تطبيقها على مراحل.
وكانت الحكومة تعتزم تطبيق زيادات جديدة على أسعار الوقود بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40% خلال يوليو المقبل أو أغسطس على أقصى تقدير.
وقدرت الهيئة العامة للبترول فاتورة دعم المواد البترولية خلال العام المالى المقبل، بنحو 145 مليار جنيه دون تطبيق إجراءات جديدة لترشيد الدعم، كما أدرجت وزارة الكهرباء قيمة دعم الكهرباء بنحو 80 مليار جنيه دون زيادة أسعار الكهرباء مع بداية العام المالى المقبل.
وتتضمن إجراءات ترشيد دعم المواد البترولية خلال العام المالى المقبل، تطبيق المرحلة الثانية من منظومة الكروت الذكية لتوزيع الوقود على المواطنين بشكل فعلى، إضافة إلى زيادة أسعار الوقود، وأسعار الكهرباء خلال العام المالى المقبل.
ويستهدف وزير المالية عمرو الجارحى، فى الموانة الجديدة فاتورة لدعم المواد البترولية خلال العام المالى المقبل تتراوح بين 140 و150 مليار جنيه مقابل نحو 100 مليار جنيه يتوقع أن تصل إليها فاتورة دعم المواد البترولية بنهاية العام المالى الحالى.
زيادة الكهرباء
أعلنت وزارة المالية عن زيادة جديدة في تعريفة الكهرباء بداية من يوليو المقبل، وفقًا للبرنامج الزمني المخطط لخفض دعم الكهرباء، بموازنة الدولة على مدار 5 أعوام.
وتنفذ وزارة الكهرباء خطة للتخلص من دعم الكهرباء بدأتها في يونيو 2014 باستثناء شريحة محدودي الدخل، وأعلنت مؤخرا زيادة جديدة في أسعار الكهرباء في يوليو المقبل في إطار خطة هيكلة الأسعار.
وقال محمد شاكر وزير الكهرباء، إن الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء سيتم تطبيقها اعتبارا من أول يوليو المقبل، ولن يتم التراجع عن قرار الزيادة أو تأجيلها، مؤكدا أنه سيتم مراعاة محدودي الدخل لأقصى درجة.
ويبلغ عدد شرائح الكهرباء 7 شرائح، ولكل شريحة دعم مخصص لها باستثناء الشريحة السابعة التي لا تحصل على دعم نهائياً، وهي التي تستهلك أعلى من 1000 كيلو وات شهرياً، أما الشريحة السادسة التي تستهلك 651 إلى ألف كيلو وات، يبلغ عدد المنضمين إليها 287 ألف مواطن ويتم دعمهم بـ491 مليون جنيه.
الشريحة الخامسة من 351 إلى 650 كيلو وات، تضم 3 ملايين و400 ألف مواطن يحصلون على 6 مليارات جنيه دعم، والشريحة الرابعة المتراوحة ما بين 201 إلى 350 كيلو وات عدد مواطنيها 8 ملايين و300 ألف ويحصلون على دعم 11 مليار جنيه.
أما الشريحة الثالثة فهي من 100 إلى 200 كيلو وات، وعدد المنضمين إليها 9 ملايين مواطن ويحصلون 9 مليارات جنيه دعم.
وبالانتقال إلى الشريحة الثانية فهي من 51 إلى 100 كيلو وات وعدد المستفيدين بها 3 ملايين 200 ألف شخص يحصلون على 2 مليار جنيه دعم شهرى، وختاماً فأن الشريحة الأولى من 0 إلى 50 كيلو وات، تضم 4 ملايين مواطن ويحصلون على دعم مليار و500 مليون جنيه شهريًا.
زيادة المياه
قال العميد محيي الصيرفي، المتحدث باسم الشركة القابضة للمياه، إن أسعار فواتير المياه سوف تشهد زيادة بداية من شهر يوليو المقبل.
وأوضح الصيرفي فى تصريحات لـ "مصر العربية"، أن طلب الشركة زيادة اﻷسعار جاء نتيجة ارتفاع تكلفة إنتاج متر المياه، حيث وصل إلى 260 قرشا مقارنة بـ160 قرشا ومن المتوقع أن يصل إلى ثلاث جنيهات بعد تطبيق زيادة الكهرباء المنتظرة فى يوليو أيضا.
ولفت إلى أن زيادة التعريفة مع تعديل نظام احتساب الفاتورة وتمتع كل مستهلك بقيمة الشرائح المختلفة وحصوله على الدعم لكل شريحة، سيساهم فى تخفيض قيمة الفاتورة الإجمالية رغم زيادة التعريفة المنتظرة.
ووفقاً لجدول الزيادة الجديدة المقترحة للشرائح، فإن الشريحة الأولي يبدأ استهلاكها من صفر إلى 10 أمتار مكعبة سيتم محاسبتها بـ45 قرشاً للمتر، بدلا من 30 قرشاً حالياً، والشريحة الثانية تبدأ من 11 إلى 20 مترا مكعبا، أصبحت تعريفتها بـ120 قرشا، بدلاً من 70 قرشاً، فيما جاءت الشريحة الثالثة وتبدأ من 21 إلى 30 مترا مكعبا، بـ165 قرشا، بدلا من 120 قرشا للمتر المكعب، أما الشريحة الرابعة، وتبدأ من 31 إلى 40 متراً مكعبا، أصبح بجنيهين بدلاً من 155 قرشا، والشريحة الخامسة، وتتخطى أكثر من 40 متراً مكعبا، أصبح سعر المتر في الزيادة الجديدة 225 قرشا.
ضريبة القيمة المضافة
اتفقت الحكومة ومجلس النواب، على تطبيق ضريبة القيمة المضافة، بنسبة 13% خلال العام المالي الحالي بدءًا من تفعيل القانون في سبتمبر الماضي، على أن تتم زيادة هذه النسبة إلى 14% مع بداية يوليو المقبل ليكون السعر النهائي للضريبة وهو ما له أثر متوقع على معدل التضخم.
وكانت الحكومة قامت بتحويل تطبيق الضريبة على المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة التي تشمل سلعًا ومجالات أوسع، وارتفع السعر العام للضريبة من 10% في ضريبة المبيعات إلى 13% في الضريبة الجديدة.