لماذا خالف بيان الدول المقاطعة لقطر السيناريوهات المتوقعة؟
بعد ترقب وتوقع لعدد من السيناريوهات التصعيدية من جانب مصر والسعودية والإمارات والبحرين لمعاقبة قطر عقب عدم موافقتها على مطالبهم لإعادة العلاقات لطبيعتها مع الدوحة، قطع وزير الخارجية المصري سامح شكري هذا المشهد ببيان غلب عليه الطابع الدبلوماسي واختفت منه كل التوقعات.
فلماذا خالف بيان الدول المقاطعة لقطر السيناريوهات المتوقعة؟
سؤال اختلف حوله الخبراء، فجانب يراه محاولة للتهدئة تمهيدا لحل الأزمة وديا، وآخر وصفه بالطبيعي؛ لأن البيان كان توضيحي للأزمة وليس للرد على عدم استجابة قطر للمطالب الـ13.
وتضمن البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الرباعي لوزراء خارجية " مصر والسعودية والإمارات والبحرين، الذي أعلنه وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال المؤتمر الصحفي مساء أمس الأربعاء 6 بنود وهي:
1 - الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة.
2- إيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف.
3 - الالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية لعام 2014 في إطار مجلس التعاون الخليجي.
4 - الالتزام بكافة مخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض في مايو 2017 م.
5 - الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم الكيانات الخارجة عن القانون.
6 - مسؤولية كافة دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
واتفق الوزراء على متابعة الموقف وعقد اجتماعهم القادم في العاصمة البحرينية المنامة.
سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، يرى أن بيان الدول الأربع هو محاولة لعدم غلق باب التفاوض بين الطرفين وتركه مفتوحا حتى لا تتصاعد الأزمة.
وأضاف إبراهيم، لـ" مصر العربية"، أن البيان أتى مخالفا لكل السيناريوهات التي كانت متوقعة؛ لوجود رغبة لديهم في التهدئة، واصفا هذا الأمر بالجيد؛ لأنه لا ينبغي وجود تناحر بين الدول العربية بهذا الشكل.
وأشار إلى أن باب التهدئة الذي فتحته الدول الأربع يعني نيتهم للتنازل عن بعض المطالب في مقابل حل الأزمة، مما يستوجب أن تنتهج قطر نفس الأمر، ويتنازل كل فرد عن بعض شروطه حتى نصل لأرضية مشتركة، متابعا " الدور الأمريكي في الأزمة واضح بدفعه الأطراف للتهدئة مرة أخرى".
وقطعت كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين علاقاتها بقطر في 5 يونيو الماضي على خلفية اتهامات للدوحة دعم للإرهاب وتدخلها في شؤون الدول الأربع. ولاحقاً أعلنت هذه الدول عن 13 مطلباً من قطر؛ لإعادة العلاقات معها، في طليعتها وقف الإرهاب وإيواء الإرهابيين وإغلاق قناة الجزيرة وإغلاق القاعدة العسكرية التركية بقطر، وكذلك قطع العلاقات مع إيران إلا فيما يتعلق بالشأن التجاري.
وتم إمهال الدوحة حتى 3 يوليو للرد، ومن ثم مددت تلك المهلة 48 ساعة نزولاً على طلب الكويت التي تقود وساطة بهدف التوصل إلى حل للأزمة الخليجية.
الأزمة القطرية" height="410" src="http://www.masralarabia.com/images/201706050654145414(1).jpg" width="780" />
وقبل انتهاء المهلة الممنوحة لقطر بساعات أرسلت ردها على مطالب الدول الأربع، ووفقا لوكالة " انفراد" الكويتية فإنها أبدت استعدادها لتخفيض علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إيران إذا ما التزمت بذلك كل الدول الخليجية، والتأكيد على أن تركيا دولة مسلمة ولا شيء في ميثاق مجلس التعاون ينص على منع إقامة قواعد عسكرية، إضافة لنفيها وجود عناصر من الحرس الثوري على أراضيها ، وكذلك نفت علاقتها بالتنظيمات الإرهابية التي حددتها الأمم المتحدة وهي عضو فعال بمكافحة الإرهاب.
بدوره، أوضح السفير محمد العربي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن بيان الدول الأربع كان لتوضيح سبب الأزمة والرد القطري الذي تعامل بسلبية مع مطالبهم، وليس لاتخاذ موقف كما كان يتوقع البعض؛ لذلك أتى بهذا الشكل.
ولفت في تصريحات لـ" مصر العربية" إلى أن الدول الأربع كان عليها إعلان موقفها من قطر عقب تجاهلها لمطالبهم، وذلك حتى لا يعتقد البعض أنهم يريدون التهدئة، مشيرا إلى أن الأزمة مع قطر ممتدة والبيان المشترك للدول الأربع مجرد بداية، خاصة بعد أن أعلنوا توحد موقفهم حول مطالبهم من الدوحة.
وتابع: سيكون هناك موقف واضح من قطر، لكن بعد دراسة مستوفية لكل الظروف، مشيرا إلى أن السبيل الوحيد للتهدئة هو استجابة قطر لجميع المطالب وهذا ما أكده وزير الخارجية المصري سامح شكري.
في حين يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان جهاد عودة، أن بيان الدول الأربع بشأن الرد على قطر أتى بمثابة " وقفة تكتيكية" منهم ؛ لكسب الوقت، نظرا لوجود ضغوط دولية من فرنسا وأمريكا وبعض الدول الأجنبية؛ لإنهاء الأزمة بالتفاوض.
وأضاف عودة لـ" مصر العربية"، أن الدول الأربع أرادت من البيان أخذ وقت حتى لا تأخذ موقفا متعجلا يكلفها كثيرا فيما بعد، مشيرا إلى أن البيان فتح الباب لكل الإحتمالات.، موضحا أن عدم اتخاذ أي إجراء انتقامي تجاه قطر هو الخطوة الأولى لحل الأزمة، فليس مطلوبًا أن يكون هناك رد فعل عنيف في البداية حتى تتضح الأمور.
وتابع ، أن الأزمة معقدة للغاية، ومن الواضح أن هناك أطرافًا عدة دخلت في عملية التفاوض، مثل أمريكا وإنجلترا وفرنسا، مشيرًا إلى أن الدول الأربع لن تستمر في عدم اتخاذ إجراءات جديدة لفترة طويلة، ولابد لقطر أن تظهر أنها ستستجيب لبعض المطالب بشكل جدي، وتحديدًا المتعلقة بالإرهاب وتمويله.
رغم نفي وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال المؤتمر الصحفي أمس الأربعاء، تأثر بيان الدول الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب بالإتصال الهاتفي الذي جمع الرئيس عبدالفتاح السيسي ودونالد ترامب، وأنهم مازالوا متمسكين بتنفيذ قطر للمطالب الـ13.
إلا أن صحيفة "معاريف الإسرائيلية" كشفت نقلا عن مصادر دبلوماسية أن أمير الكويت صباح الأحمد الصباح يقود مبادرة جديدة لحل الأزمة بين قطر والدول العربية، موضحة أن المبادرة الجديدة تشمل خمسة بنود، على رأسها تقليص التحريض في شبكة الجزيرة وتقليص نشر التقارير عن مصر والسعودية.
وأوضحت الصحيفة أن المبادرة الجديدة تحظى بدعم الولايات المتحدة كما أن واشنطن ألقت بكامل ثقلها لدعمها بهدف تخفيف التوتر الإقليمي.