«غزو الثعابين».. قصة أسبوع من الرعب بالبحيرة.. والعشبة السحرية تواجه الأفاعي
«غزو الثعابين».. لعنة اجتاحت عددًا من قرى محافظة البحيرة، خاصة قرية منية السعيد، التابعة لمركز المحمودية، والتي استيقظت صباح السبت الماضي على رعب وهلع بين سكانها، عقب انتشار الأفاعي والثعابين بين سكانها، ليموت بعضهم بسُمها.
أول ضحايا «الثعابين» كان شابًا في العقد الثاني من عمره، توفي بعد ساعتين من استقباله بالمستشفى، تبعه عدد من حالات الإصابة، ليجتاح الفزع القرية الهادئة، ويزحف منها نحو عدد من القرى المجاورة نقلت الأفاعي مناوراتها إليها.
تكهنات عديدة أطلقها خبراء زراعيين وبيطريين، حول تلك الظاهرة، لا سيما أن الحكومة واجهت تلك الأزمة بـ «البيض المسموم» غير أن الخطة باءت بالفشل الزريع ولم يبق إلا الثعابين تبث سُمها في نفوس أهالي المحافظة والأقاليم المجاورة لها.
«مصر العربية» تلخص القصة الكاملة لظهور ثعابين البحيرة، في السطور الآتية...
البداية
السبت الماضي، وقع أول ضحية من ضحايا الأفاعي، إثر لدغة ثعبان بعزبة الصافى حميدة التابعة لمركز الدلنجات بمحافظة البحيرة، حيث تلقى اللواء علاء الدين عبد الفتاح، مدير أمن البحيرة، إخطارًا من مركز شرطة الدلنجات من المستشفى العام بوصول "ى.ف.م" 16 سنة طالب مقيم بعزبة الصافى حميده بدائرة المركز مصاب "تسمم - ادعاء لدغة مجهولة"، وتوفى عقب وصوله.
وبسؤال والده قرر أنه أثناء تواجد نجله المتوفى بأرضهم الزراعية بذات القرية أصيب بلدغة مجهولة ورجح أن تكون لثعبان، ما أدى لإصابته التى أودت بحياته، ولم يتهم أحدا أو يشتبه فى وفاته جنائياً.
وبتوقيع الكشف الطبى عليه بمعرفه مفتش الصحة أفاد بتقريره أن سبب الوفاة لدغة سامة مجهولة، ولا يمكن الجزم بسبب الوفاة، وتحرر المحضر اللازم وجار العرض على النيابة العامة.
شهدت قرى محافظة البحيرة خاصة مركزى الدلنجات والمحمودية، حالة من الخوف بسبب انتشار الأفاعى والثعابين، والتى تسببت حتى الآن فى مصرع شخصين وأصيب 4 آخرين خلال الأسبوع الجارى، بالإضافة إلى انتشارهم فى الأراضى والمنازل وسط إجراءات وقائية من الأجهزة التنفيذية للتخلص منها.
ارتفاع الإصابات
ارتفع عدد ضحايا ومصابين لدغات الأفاعى والثعابين لـ8 أشخاص بقرى مركز المحمودية بمحافظة البحيرة، ويواصل أهالى قرية "منية السعيد" التابعة لمركز المحمودية تصديهم للثعابين والأفاعى بعدما زحفت عليهم من الأراضى الزراعية والأماكن المهجورة.
ونجحت الجهود الشعبية ولجان شباب القرية من قتل أكثر من 60 ثعبانا على مدار الأسبوعين الماضيين منهم 14 كوبرا، بعدما هجمت الأفاعى على القرية ولدغت 8 أشخاص بينهم شاب فى مقتبل العمر لقى مصرعه وراح ضحية هذه الأفاعى السامة.
وحذر محترفو وخبراء صيد الثعابين من عدم وعى الأهالى فى التعامل مع تلك الأفاعى، مؤكدين على أن الكوبرا سريعة فى مهاجمة عدوها فى حال شعورها بالخوف أو مهاجمتها.
وقال إسلام المغربى، أحد الصيادين الذين جاءوا متطوعين لمساعدة الأهالى، في تصريحات صحفية تداولتها مواقع إخبارية، إن قرية منية السعيد بها عدد كبير من الثعابين وتحتاج إلى معدات وحفارات ووقت لاصطيادها، مشيرًا إلى أنهم استعانوا بحفارات لرفع أكوام الأتربة المتراكمة منذ سنوات ويقطنها أخطر أنواع الثعابين السامة.
كما أوضح خبراء الزواحف، أن هناك أنواع كثيرة للثعابين السامة وشديدة السمية منها: الأفعى والكوبرا البخاخ والحية المقرنة والحية الغريبة والغريبة الحمراء وهى ثعابين سريعة فى هجماتها.
وواصلت ثعابين البحيرة هجماتها الشرسة، وأسقطت ضحايا جديدة، أمس الخميس، أحدهما بلدغة ثعبان والآخر بلدغة حرباء.
واستقبل مستشفى المحمودية العام مساء اليوم "سمير سعد خضر" 30 سنة، من قرية سيدي عقبة، المجاورة لقرية منية السعيد، بمحافظة البحيرة مصابًا بلدغة ثعبان.
وأصيب "أحمد عبدالفتاح صالح"، من قرية فزارة، بمركز المحمودية بلدغة حرباء، قبل إسعافه، وغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته.
خطة البيض المسموم والتونة
لم تفلح خطة البيض المسموم التي أعلنت عنها الحكومة، لمواجهة غزو الثعابين بالبحيرة، غير أنها لا تزال ماضية فيها، وانتهت اللجنة إلى شراء نحو 5 آلاف بيضة وحقنها بمادة سامة، وتوزيعها على الأوكار التي تختبئ بها تلك التعابين بعد المسح الشامل للأماكن المحتمل المرجح تواجدها بها ، صاحب ذلك توعية الأهالي وتحذيرهم لتوخي الحيطة والحظر وعدم تعرضهم للبيض السامة خوفاً على سلامتهم .
وعقب فشل خطة البيض في حل المشكلة لجأت اللجنة الفنية المشكلة من قبل المحافظ للتعامل مع الأزمة، إلى استخدام طريقة جديدة لاصطياد الثعابين تعتمد على استخدام شرك خداعي يجتذب الثعابين من خلال وضع طعام ذو رائحة نفاذة، فيسمح بدخولها، ولا يسمح بخروجها لتظل محتجزة داخله عاجزة عن الهرب.
قال مدحت مصطفى يوسف عضو المكتب الفني لمحافظة البحيرة: "عقب استخدامنا لخطة البيض لجأنا إلى طريقة أخرى لاصطياد الثعابين أشارت إليها الدراسات في جامعة كاليفورنيا وهي عبارة عن دفن برميل فارغ ومثبت بأعلى البرميل عدد من المواسير ووضع بالبرميل أي شيء له رائحة تجذب الثعبان كالتونة مثلًا، ودفن البرميل حتى سطح الأرض وتغطيته، وبعد دخول الثعبان لن يستطيع الصعود ثانية نظرًا لجدار البرميل الأملس، ومن المنتظر أن تكون هذه الطريقة هي الأفضل والأسرع بإذن الله"
خبراء ينصحون
الدكتور ممدوح السباعى رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات والحشرات بوزارة الزراعة أكد أن الثعابين والأفاعي من ذوات الدم البارد، ترتفع درجة حرارتها فى النهار، وبالتالى تحتاج بشكل متواصل للمياه وتبحث دائما عن الرطوبة وتجد فى الأماكن الزراعية الرطبة ومواقع الصرف الصحى ملاذا لها من أجل ترطيب جسدها من الحر الشديد، مضيفا أن بعض الافاعى من الزواحف شديدة الخطورة على حياة الانسان لكنها جبانة وحركتها «السامة» بطيئة لذلك يجب الهدوء وعدم الاقتراب منها أو محاولة قتلها، والابتعاد عنها عند رؤيتها ، مشيرا إلى أن الحرارة المرتفعة تحفز خروج الثعابين والأفاعى والعقارب من جحورها وأماكن معيشتها واختبائها حيث تخرج لالتقاط الفريسة.
وأوضح الدكتور السباعى أن هناك صعوبة فى التخلص منها ، مثلما حدث فى بعض القرى والمراكز بوسط وغرب الدلتا وإصابة العديد من المواطنين خلال الأيام الاخيرة، أما العقارب فهى كائنات ليلية فى عيشها تختبئ عادة تحت الصخور أو الرمال وهى ضعيفة الرؤية لكن لديها حاسة شم حادة وقوية جداً ويقال إنها تنجذب إلى اللحم بواسطة حاسة الشم ، لذلك يجب تفادى إلقاء أى مخلفات من اللحم قرب المساكن أو المزارع بمناطق الظهير الصحراوي، وجدير بالذكر أن العقارب لا تلدغ إلا عند الجوع، أو الدفاع عن النفس أو رد الاعتبار.
وحول إجراءات مواجهة خطر الثعابين يوضح رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الحشرات إنه يتم من خلال حقن البيض بمادة سامة لمواجهة الثعابين السامة، ووضع البيض فى الأماكن المحتمل أن تكون أوكارا تختبئ بها تلك الثعابين بالإضافة إلى توعية الأهالى وتحذيرهم لتوخى الحيطة والحذر وعدم تعرضهم للبيض السام حرصاً على سلامتهم، ورفع حالة الطوارئ بالوحدات الطبية والمستشفيات فى المراكز المعرضة لهجوم الثعابين لمواجهة أى حالات تسمم وكذا التنسيق مع مراكز السموم بكليات الطب بالمحافظات لاستقبال أية حالات تتعرض للتسمم ، كما تجب الاستعانة بصائدى ثعابين متخصصين،.
وفجر السباعي مفاجأة بأن المصل فى أحيان كثيرة يكون أكثر خطورة من اللدغة ذاتها، وتنتج عنه حساسية قاتلة لذلك لا يعطى مباشرة وإنما يجب أن يخضع الشخص الملدوغ للملاحظة فإن ظهرت عليه أعراض عصبية مثل تشنجات، فقدان وعي، صعوبة تنفس، ضعف عضلات، يعطى المصل، ولخطورة المصل الكثير من الأطباء وأعضاء هيئة التمريض يخشون إعطائه بأنفسهم ويفضلون تحويل الحالات إلى مركز السموم.
وأوضح السباعى أن المصل يتم تحضيره من دم الخيول بعد حقنها بسم الثعبان، أو من دم الأغنام الذى يسبب حساسية أقل من تلك التى يحدثها المصل المحضر من دم الخيول، ولذلك لا بد من إجراء اختبار الحساسية، قبل إعطاء المصل، ولكن أيضًا هذا الاختبار لا يضمن السلامة تماما لأن الجسم يمكن أن يتأثر بالكمية الكبيرة من المصل بعد الحقن، وبصفة عامة 15% فقط من الثعابين تكون سامة وثعابين الأرض الزراعية سمها ضعيف ويجب التأنى قبل المخاطرة بتلقى المصل.
من جانبه أكد محمد العقارى نقيب الفلاحين أنه سيتم عقد اجتماع مع النقابات الفرعية بجميع المحافظات اليوم لحل عدد من المشكلات الخاصة بالفلاحين ، كما سيتم بحث المشكلة الخاصة بقرية منية السعيد بمركز المحمودية بالبحيرة والتنسيق مع المحافظة ووزارة الزراعة والصحة والبيئة لتطهيرها من تلك الزواحف.
العشبة السحرية
لجأ أهالي القرى التي هاجمتها الثعابين بمركز المحمودية، بمحافظة البحيرة إلى الاستعانة بالعشبة السحرية "الشيح" كخط دفاع أخير لمواجهتها، بعدما زادت وتيرة الهجمات وأثبتت خطة البيض المسموم التي اتبعتها أجهزة المحافظة فشلها.
وشهدت أسواق العطارة في المنطقة المنكوبة رواجًا، بعدما حرص المواطنين على شراء الشيح لنشره في أرجاء المنازل، كما انطلقت دعوات بين المواطنين لزرع هذا النبات في الشرفات وعلى أطراف الأراضي الزراعية والمجاري المائية.
وقال ياسر لطفي– عطار: "الشيح له فوائد طبية كثيرة وله القدرة على طرد الثعابين والافاعي وذلك برشه أو استخدامه كبخور، أو وضعه في قطعة قماش تعلق بالنوافذ والأبواب أو بالقرب من الأماكن والجحور التي يمكن لها أن تختبئ بها،".
ونصح لطفي الأهالي باستخدام نبات الشيح لطرد الثعابين، حيث إنها لا تقترب من الأبواب والنوافذ إذا شمت رائحتها.
والشيح نبات ينتمي إلى الفصيلة المركّبة، رائحته عطريّة نفاذة وطعمه مر، ويعد من النباتات العشبية المعمِرة فتصل فترة حياته إلى 3-4 سنوات، وطوله حوالي 60 سم، أوراقه مركبة ريشيّة مُتعاقبة، وأزهاره عبارة عن رؤيسات لونها أصفر.
يزرع الشيح في المناطق البرية والحدائق ذات التربة الرملية، ويستفاد من جميع أجزاء النبات بما فيها البذور والأوراق والجذور لصناعة الدواء، ويستخرج منه زيت الشيح ذو الفوائد الطبية العلاجية، وتنمو عشبة الشيح في مناطق كثيرة، إلا أن موطنها الأصلي هو دول حوض البحر الأبيض المتوسط.