مطلقون ومطلقات تحت سقف واحد.. هل يجوز شرعا؟
فى فيلم "الشقة من حق الزوجة" قدم الفنان محمود عبد العزيز والفنانة معالي زايد، نموذجا فريدا للعلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة المصرية، دارت أحداث الفيلم حول سمير (محمود عبد العزيز) الذى يعمل موظف حكومى والآنسة كريمة (معالى زايد) التى تلتحق بالعمل معه، ويحدث التقارب بينهما ويتفقان على الزواج.
تزوج سمير من كريمة، ووضح من اليوم الأول سيطرة أم كريمها على أفكار ابنتها، بعد وضع كريمة مولودتها الأولى، تركت العمل وتفرغت لتربية الطفلة الأمر الذى تسبب فى تأثر دخل الأسرة، فتمكن سمير من الحصول على تاكسى بالتقسيط ليعمل عليه بالفترة المسائية، وبسبب غياب الزوج عن المنزل طوال اليوم وعودته مرهقا، شعرت الزوجة بالملل، وعدم استمتاعها بزوجها، وخيرت سمير بينها وبين التاكسى ولكنه اختار الاثنين، لأنه يحب كريمه، والتاكسى من أجلها وابنتهما، ولكن الحماة نصحت ابنتها بتهديد زوجها بطلب الطلاق، والذى طلبته كريمة وألحت عليه، فطلقها سمير في لحظة غضب طلقة بائنة.
كانت الحماة ترغب فى الحصول على الشقة بعد الطلاق إلا أن النيابة قررت مشاركة الزوجين في الشقة حتى انتهاء شهور العدة، حاولت أم كريمة تطفيش سمير من المنزل، بتشغيل الغسالة بعد منتصف الليل، ودق الكفتة في الهون، حتى طفش سمير وذهب للسكن في المقابر، وشعرت كريمة بخطئها نحو طليقها حبيبها، وبحثت عنه واعتذرت له، مع وعد بسد أذنيها عن نصائح أمها، وعادوا لمنزلهم مع ابنتهم.
وبعيدا عن الأفلام والأعمال الدرامية، انتشرت فى الأونة الأخيرة فى مصر، ظاهرة مشابهة لحالة سمير وكريمة فى فيلم الشقة من حق الزوجة، حيث تعيش المرأة المطلقة مع طليقها فى شقة واحدة بعد اتمام الطلاق بواسطة المأذون، أملا فى العودة مرة أخرى.
إبراهيم على سليم رئيس مجلس إدارة صندوق المأذونين الشرعيين، أكد لـ"مصر العربية" أنه لا مانع من القيام بهذا الأمر بشرط أن يكون الطلاق رجعينا، قائلا :"لو الطلاق رجعيا يصبح من حق الزوج والزوجه أن يبقوا في بيت الزوجية طالما الزوجة في العدة، ولكن لو الطلاق بائنا لا يجوز من الناحية الشرعية أن يكونوا مع بعضهما تحت سقف واحد لأنهما فى هذه الحالة يكونان غريبين عن بعض".
وأشار رئيس مجلس إدارة صندوق المأذونين الشرعيين، أن الظاهرة الأخطر من وجهة نظره هي أن يقوم الزوج بتطليق زوجته على الورق من أجل الحصول على أموال المعاش على أن يعودا لبعضهما عرفيا، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تضيع حقوق المرأة فى حالة موت الزوج لأنها ليس معها ورقة رسمية تثبت العلاقة الزوجية، فضلا عن ارتكاب الزوجين جريمة وفقا للقانون بحصولهما على أموال من الدولة فى صورة معاش مطلقات، على غير الحقيقة.
منذ سنوات تلقت الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، مكالمة هاتفية خلال برنامجها "فتاوى النساء" من إحدي النساء تسأل فيها عن حكم الدين فى امكان بقائها مع طليقها في بيت واحد لحماية أولادهما من الضياع، وفى ردها أكدت سعاد صالح أن هذه الظاهرة هي أخطر على الأسرة من الطلاق الصريح، لأن ظاهرها رحمة وباطنها عذاب.
وشددت أستاذة الفقه على ضرورة التفريق بين نوعين من الطلال الأول: أن يكون الطلاق رجعياً، أي بعد أول أو ثاني يمين طلاق، وفي هذه الحالة ليست هناك مشكلة في بقاء المطلقة في بيت الزوجية، لعل هذا يؤدي إلى حدوث رجعة بينهما بالمعاشرة الزوجية قبل انتهاء فترة العدة، أما النوع الثاني فهو إذا بقيت الزوجة في بيت الزوجية بعد اليمين الثالث، هنا تكون محرمة عليه حتى تتزوج زوجاً غيره إذا أراد أن يراجعها.
من جانبها فضلت الدكتورة آمنة نصير، أستتاذة العقيدة والفلسفة بالأزهر وعضو مجلس النواب عرض القضية على المجامع الفقهية لمناقشتها من كل جوانبها وإصدار فتوى شرعية بشأنها، وذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا باجتناب الشبهات فقال: "إن الحلال بيِّن وإن الحـرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه".