الأرصاد: تقلبات المناخ المتوقعة لم تحدث منذ 1994.. فماذا وقع قبل 26 عاما؟
سيولٌ وأمطار ضربت البلاد، خلفت ورائها ضحايا بالمئات، تعود لنحو 26 عامًا مضت، تجدد الحديث عنها اليوم من جانب هيئة الأرصاد الجوية التي تخوفت من تكرر المشهد ذاته غدًا..
"94 دي اللي كان فيها حادث درنكة".. عبارة جرت على لسان وزير الإعلام أسامة هيكل، بعدما التقط أطراف الحديث من مدير مركز التحاليل والتنبؤات الجوية بهيئة الأرصاد الجوية، محمود شاهين، الذي ابدى تخوفه من تكرر مشهد سيول 1994، حيث أشار "شاهين" خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم السبت، أن حالة الطقس التي من المتوقع أن تضرب أنحاء متفرقة من البلاد غدًا الخميس لم تحدث منذ عام 1994.. فماذا وقع قبل نحو 26 سنة؟
"درنكة" قرية حاصرتها السيول والنيران
ففي الساعات الأولى من فجر 2 نوفمبر 1994، استيقظ المصريون على أصوات لرعد وأضواء للبرق يصاحبهما أمطار غزيرة وسط أجواء لم تشهدها البلاد منذ سنوات طوال.
إلا أن ذروة الأحداث كانت في صعيد مصر، تحديدًا بقرية درنكة التابعة لمحافظة أسيوط، فحينها عاش قاطنوها ليلة لم تُمحى بمرور الأيام والسنون، وباتت محفورة في ذاكرة أصحابها وقلوبهم ايضًا، بعدما جرفت مياه الأمطار منازلهم البسيطة التي لم تتمكن من الصمود في وجه تلك السيول الجارفة.. واكتمل المشهد بحريق ضخم التهمت السنة نيرانه الأخضر واليابس، نتيجة انفجار مستودعين لتكرير البترول، اللذان كانا في طريق السيول، واستمرت الحرائق مشتعله في أنحاء القرية لنحو 10 ساعات متواصلة، بعدما باءت محاولات اخماده منذ اندلاعه في السادسة بعد فجر 4 نوفمبر، فتحولت عشرات المنازل إلى رماد.
الأحداث بدأت بانفجار مدوى لإحدى خزانات الوقود ومستودعين اثر اندفاع مياه السيول من أعلى الجبل الغربي، بشدة في اتجاه الجمعية التعاونية لتكرير البترول، فوقع ماس كهربائي تسبب في الانفجار وتحولت مواسير نقل البترول إلى كتل من اللهب بحسب صحيفة الأهرام.
تلك السيول التي ضربت مصر في 94، وقعت نتيجة تقابل منخفض بارد قادم من أوروبا مع منخفض آخر من السودان، لتقع الكارثة الكبرى في "درنكة"، ذات البيوت اللبنية بحسب وصف القاطنون إلى جوارها.. وانتهى اليوم بأن حصدت تلك السيول والحرائق أرواح نحو 600 شخص من أهالي القرية المنكوبة، فضلًا عن الخسائر المادية في أنحاء الجمهورية، التي قدرت قيمتها بنحو 2 مليار جنيه.
لم تلق الأمطار بظلالها حينها على قرية درنكة فقط ولكن الخسائر الناجمة عنها طالت مناطق عدة، ففي طابا لقيت سائحة انجليزية مصرعها واصيبت اثنتين آخرتان بفعل الأمطار، وتوقفت حركة مترو الأنفاق في القاهرة، وبحسب صحيفة الأهرام تسبب الأمطار في احتراق 230 كشكًا في منطقة الموسكي والجمالية وشركة بيع المصنوعات بشبرا، وتعرضت قرى البلايزة والغنايم والهمامية والنواورة والعثمانية وعرب مطبر، لأمطار غزيرة تحولت إلى سيول أدت إلى انهيار عشرات المنازل بأسيوط، ومصرع عدد كبير من المواطنين تحت الأنقاض، ولم تسلم محافظة قنا ايضًا حيث انهارت عدد من المنازل في دشنا وقفط واسنا واجتاحت الأمطار عدد من النجوع.
يذكر أن مؤتمرًا صحفيًا عقدته الحكومة اليوم الأربعاء، حول طقس الغد، وقال مدير مركز التحاليل والتنبؤات الجوية بهيئة الأرصاد الجوية، محمود شاهين، تلك الأجواء تعد طبيعية في مثل هذا الوقت من العام من شهر مارس، مع نهاية الشتاء ودخول الربيع، فهو توقيت التقلبات المناخية الجوية السريعة والحادة، ولكنه أشار إلى أنه لم تحدث تقلبات في الأجواء بهذه الشدة منذ عام 1994، واختتم قائلًا: ربنا يسلم، فيما التقط وزير الإعلام أسامة هيكل أطراف الحديث قائلًا: "94 دي اللي كان فيها حادث درنكة"
وتابع هيكل: ما نقوم به هو أننا نكشف الحقيقة التي امامنا، والأجازة كان هدفها الحد من التحركات كي تكون المحاور فارغة في حال حدوث طوارئ,
فيما أشار وزير التنمية المحلية ، محمود شعراوي، أن كميات الأمطار المتوقعة بحسب الأرصاد لم تسبق من قبل، وانهم من جانبهم قاموا بفتح غرف الأزمات بالكامل واعلان حالة الطوارئ منذ أمس الثلاثاء، فضلًا عن وضع خطة لتوزيع المعدات في الأماكن المتوقع تجمع مياه به، ونصح بعدم ركن السيارات تحت الأشجار بسبب سرعة الرياح.
فيما أشار عاصم الجزار، وزير المجتمعات العمرانية الجديدة، أنه إلى أن شبكة مياه الشرب قد تضطر لقطع المياه أو تخفيف الضغط في بعض المناطق كي يستوعب الصرف كميات مياه الأمطار التي من المتوقع هطولها، ولكنه في الوقت ذاته أشار أنه في حال اتخاذ اي قرار سيتم التنويه قبلها بوقت كافي,