هل ملابس المرأة مبرراً للتحرش؟.. علماء الدين يختلفون
تصدرت قضية التحرش الجنسي، الساحة المصرية خلال الأيام الماضية، بعد واقعة تحرُّش طالب بعددٍ من فتيات الجامعة الأمريكية، واختلفت المؤسسات الدينية والمهتمين بالشأن الديني حول مسألة ملابس المرأة هل تكون مبررًا للاعتداء عليها أم لا؟
البداية بمجموعة تدوينات منسوبة للداعية السلفي حاتم الحوينى نجل أبو إسحاق الحوينى عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، حمّل فيها المرأة جزءًا من مسئولية التحرُّش بها بسبب لباسها الذى تخرج به.
وقال حاتم فى تدويناته: "التحرش جريمة أخلاقية؛ لا مبرّر له مهما كانت مفاتن المرأة ظاهرة- وكأنها تقول: هيت لك، لكن هذه المرأة التي خالفت حكم الله بتبرّجها وإظهار مفاتنها مشاركة في تفشّي هذه الجريمة في المجتمع، ألا يوجد في بيوتهنّ رجل يغار على ابنته وزوجته أن تخرج بهذا الزِّيّ الفاضح وبهذا البرفان العاصف؟"
وأضاف فى تدوينه ثانية أن عُقوبة التحرش التَّعزيرُ حسبَ ما تراه السُّلطات؛ فمن أتى معصية لا حدَّ فيها، ولا كفَّارة كمباشرة الأجنبيَّة فيما دون الفرج، أو الجناية التي لا قصاص فيها وما أشبه ذلك من المعاصي، عُزِّر على حسبِ ما تراه السُّلطات".
وتابع: "راجل حط مليون جنيه فى سيارة وتركها مفتوحة، فجاء لص وسرق المال.. مين اللى غلطان.. صاحب السيارة مستهتر ومفرط ولم يكن على قدر المسئولية.. اللص فعله محرم ولا يوجد له مبرر لا شرعا ولا عرفا.. كذلك المتحرش فعله لا يبرره شرع أو عرف مهما كان، لكن المرأة المتبذلة شاركت فى هذا بلباسها".
وأردف :"إِسْقَاطُ الْمَرْأَةِ فَرِيضَة السَّتْرِ عَنْ نَفْسِهَا لَا يُسْقِطُ عَنْ الرَّجُلِ فَرِيضَةَ غَضِّ الْبَصَرِ".
على النقيض سلطت جريدة صوت الأزهر في عددها الجديد على قضية التحرش الجنسي، أوضحت فيه أنَّ الصمت أو غض الطَّرف عن هذه الجرائم يُهدد أمن المجتمع ويُشجِع على انتهاك الأعراض والحُرمات.
وأكّدت أنّ الأزهر الشريف وضع كل الأمور في نصابها ورفض في بيان له لوم الضحية أو اعتبارها شريكة في الإثم، موضحًا أنَّ ملابس المرأة أيًا كانت ليست مبررًا للاعتداء على خصوصيتها وحريتها.
وطالب علماء الأزهر بدعم ضحايا الاعتداءات الجنسية وتشجيعهن على الكلام والشكوى، مؤكدون التحرش «إشارةً» أو «لفظاً» أو «فعلاً» جريمة قانونية وإثم شرعى وانحراف سلوكى وتجريم الفعل والفاعل يجب أن يكون مطلقاً ومجرداً من أى شرط أو سياق
وتناولت الجريدة الروشتة الأزهرية لعلاج هذه الظاهرة:
- تفعيل القانون والتجريم والعقاب الرادع.. وحماية الضحايا من التشهير والابتزاز
- توعية الفتيات بحقوقهن وواجباتهن
وكيف يتصرَّفن عند أى مخاطر.. وتوفير الدعم القانونى لهن
- تعزيز الثقافة الدينية الصحيحة.. وتنمية الوازع الأخلاقي عند النشء.. وتشجيع الحوار داخل الأسرة
- وقف التناول الإعلامي والدرامي الذي يٌظهر المتحرشين كشخصيات محببة ما يشجع الشباب على تقليدهم
دار الافتاء المصرية اتفقت مع رأي الأزهر، وأشارت إلى أن إلصاقُ جريمة التحرش النكراء بقَصْر التُّهْمَة على نوع الملابس وصفتها؛ تبريرٌ واهمٌ لا يَصْدُر إلَّا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة؛ فالمسلم مأمورٌ بغضِّ البصر عن المحرَّمات في كل الأحوال والظروف.
وتابعت: الـمُتَحَرِّش الذي أَطْلَق سهام شهوته مُبَرِّرًا لفعله؛ جامعٌ بين منكرين: استراق النظر وخَرْق الخصوصية به، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ» (متفق عليه).
وكانت قضية تحرش طالب الجامعة الأمريكية، دفعت كثيرين للنبش في تغريدات وتدوينات قديمة تطرقت للموضوع أو تبريره من منطلق ديني تارة أو لأسباب تتعلق باللباس تارة أخرى، من بينها تغريدة كان قد نشرها الداعية المصري، عبد الله رشدي، عام 2019، رأى كثيرون أنها تعطي للمتحرش أعذارا لممارساته المشينة.
لكن عبد الله ظهر في بث مباشر عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، ليفسر ما كتبه في تغريدته القديمة، مؤكدا أن "التحرش جريمة.. لا تقبل التبرير.. ليس لها أعذار.. ولو كانت المرأة بدون ملابس أصلاً".
كما كتب عدة تدوينات عبر حسابه الرسمى بموقع "تويتر" جاءت كالتالي: "التحرش جريمة..لا تقبل التبرير.. ليس لها أعذار.. لو كانت المرأة بدون ملابس أصلاً.. نرجو الله لنا ولها الهدايةَ.. لكن لا يجوز التحرش بها ولا النظر إليها، مع القطع بأنها على معصيةٍ.. وهذا من مُسَلَّمات الشرع الشريف".
وتابع :"هناك أسباب للجريمة عديدة..من ضمنها الملابس الصارخة التي تعتمد على الإغراء..هذا سبب فقط من ضمن مجموعة أسباب، وليس هو السبب الوحيد، وهذا السبب لابد من معالجته كغيره من الأسباب التي تؤدي للتحرش..لكن هذه الأسباب لا تُبيح ولا تُبرِّرْ للمتحرِّش فعلَه المرفوض بحالٍ من الأحوال"
وأضاف: "هناك فرق بين محاولة علاج الأسباب التي قد تساهم في حدوث الجريمة..وبين اعتبار هذه الأسباب شيئا مبررا للجريمة فهذا مرفوض، ونلتزم بغض البصر وبالحجاب والاحتشام كما أمر الله، ونؤكد أن تبرير التحرش عبث، وكذلك محاولة التغاضي عن معالجة أسبابه -ومن ضمنها الملابس الفاضحة- هي أيضا عبث.
وفى تدوينته الأخيرة أوضح عبد الله رشدى أنه كتب هذه الكلمات من أجل توضيح أكثر لما كتبه العامَ الماضي ولأجل من يتصيدون في الماء العَكِر ليوهموا الناس بأن علماء الدين يبررون التحرش أو يرون أن البنت غير المحتشمة تستحق التحرش".
التحرش والملابس.#الأزهر_قادم https://t.co/4BdIcRoHZk
— عبدالله رشدي (@abdullahrushdy) July 4, 2020