غدًا جولة جديدة لمفاوضات سد النهضة.. أمل التوصل لاتفاق يتجدد
على أمل التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، تنطلق غدًا الاثنين جولة مفاوضات جديدة بين مصر والسودان وإثيوبيا عبر تقنية "الفيديو كونفرانس"، برعاية الاتحاد الإفريقي وحضور مراقبين دوليين من الولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء من الاتحاد الأوروبي ومكتب الاتحاد الإفريقي برئاسة جنوب إفريقيا.
هذه الجولة تأتي بعد مرور أقل من شهر على فشل الجولة السابقة، التى أجريت تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، ففى 13 يوليو الماضى انتهت جولة مفاوضات شارك فيها وزراء الري في الدول الثلاثة، وممثلى الدول والمراقبين، بعد 11 يومًا من التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، دون التوصل إلى اتفاق بسبب "استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وفى نهاية الاجتماع اتفق وزراء المياه على قيام كل دولة برفع تقريرها النهائى عن مسار المفاوضات إلى دولة جنوب إفريقيا بوصفها الرئيس الحالى للإتحاد الإفريقى تمهيداً لعقد القمة الإفريقية المصغرة.
ويشكل سد النهضة مصدرًا للتوتر في حوض نهر النيل منذ بدأت إثيوبيا ببنائه العام 2011؛ حيث تعتبر مصر والسودان السد تهديدًا لإمدادات المياه الحيوية لهما، فيما تعدّه إثيوبيا ضروريًا للتنمية ومضاعفة إنتاجها من الكهرباء.
ومن المتوقع أن يصل منسوب المياه في الخزان، الذي يقف وراء ما سيكون أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا عندما يبدأ تشغيله، إلى 74 مليار متر مكعب في غضون من 4 إلى 6 سنوات.
وفى 22 يوليو الماضى عقدت قمة مصغرة برئاسة الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي، رئيس جمهورية جنوب افريقيا، سيريل رامافوسا، حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي وأعضاء المكتب، بمن فيهم رئيس كينيا، اوهورو كينياتا، رئيس مالي، إبراهيم بوبكر كيتا، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، الرئيس فيليكس تشيسكيدي، بالإضافة الى رئيس الوزراء من السودان عبد الله حمدوك ورئيس وزراء اثيوبيا أبي أحمد.
في نهاية القمة المصغرة تم الاتفاق على مواصلة المفاوضات والتركيز في الوقت الحالي على اعطاء الاولوية لبلورة اتفاق قانوني ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، ويتبع ذلك العمل على التوصل الى اتفاق شامل لجميع جوانب التعاون المشترك بين الدول الثلاث فيما يتعلق باستخدام مياه النيل.
بالتزامن مع القمة الإفريقية المصغرة، أذاع التلفزيون الأثيوبي خطابا صوتيا مسجلا، لرئيس الوزراء الأثيوبي يهنأ فيه الأثيوبيين بانتهاء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، مرفقا بصور حديثة من السد، وهو ما اعتبره المصريون استفزازا لمشاعرهم.
كانت المفاوضات استأنفت حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، يوم الإثنين 27 يوليو، لكن جرى تأجيلها للثالث من أغسطس، وقال محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الري المصري، إن التأجيل يعطي فرصة للدول الثلاث لإجراء مشاورات داخلية، وتقييم الموقف الحالي في ضوء ما اتخذته إثيوبيا من قرارات أحادية دون الرجوع لمصر والسودان.
وأكد متحدث الري، أن الاجتماع المقبل المقرر عقده غدًا الاثنين سيناقش نقاط الخلاف العالقة بشكل واضح ومحدد دون مماطلة وفقًا لجدول زمني معين.
ومن المقرر أن يشارك في الاجتماع الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، والدكتور علاء الظواهري عضو اللجنة الفنية، أستاذ الهندسة بجامعة القاهرة، والدكتور هشام بخيت مستشار وزير الري، والدكتور هاني سويلم أستاذ المياه والتنمية بجامعة أخن الالمانية، والدكتور أحمد بهاء الدين رئيس قطاع مياه النيل، وياسر عباس وزير الري السوداني، والفريق المرافق له، وشمسلي بيكلي وزير الري الإثيوبي، والمهندس زريهون أبي، وويلما موزس، من الطرف الإثيوبي.
ويتناقش الأطراف المتنازعة، آليات القمة الإفريقية المصغرة، والتي يتباحث فيها الأطراف الآليات القانونية الملزمة وطرق الملء والتشغيل والتعامل أثناء الجفاف والجفاف الممتد.
بالأمس كشف رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية، الدكتور منير حنا، عن تلقيه رسالة من الاتحاد الإفريقى ردًا على بيان الصادر الشهر الماضى .
وأرسل مجلس الكنائس الأسقفية الأنجليكانية، بيانًا فى 25 يونيو 2020 عبر فيه عن تمنياته أن تصل الدول الثلاث المشتركة فى النيل الأزرق إلى حل لا يضر بأي من الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا.
فى المقابل رد الاتحاد الإفريقي بخطاب، أشار فيه إلى أن كافة الأطراف قد وافقوا على وساطة الاتحاد من أجل الوصول إلى حل يرضى جميع أطراف النزاع الحالي، مشددا على أهمية استمرار الأفراد والمؤسسات والدول على أداء دورهم فى الحفاظ على سلام واستقرار القارة.
تبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل حوالي 55.5 مليار متر مكعب، تعتمد بنسبه أكثر 90% في الشرب والزراعة والصناعة، فى المقابل تبني إثيوبيا سد النهضة على أحد الروافض الرئيسية لنهر النيل بتكلفة 4 مليارات دولار، منذ عام 2011؛ لتصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا من خلال توليد أكثر من 6000 ميجاوات، فيما تقول القاهرة إن السد يهدد حصتها من المياه.
وخلال المفاوضات التى أجريت خلال السنوات الماضية، أبدت القاهرة استعدادها للتنازل عن جزء من حصتها من مياه نهر النيل، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، شرط ألا تقل في فترة ملء الخزان عن 40 مليار متر مكعب سنويا، بينما اقترحت إثيوبيا خفض حصة مصر لـ35 مليار متر مكعب فقط.
وشهدت العلاقات المصرية الإثيوبية خلال الفترة الأخيرة حالة من التوتر، وبدأ التصعيد من الجانب المصري، عندما ألقى الرئيس السيسى كلمة بالأمم المتحدة عام 2019، أعلن فيها رفض مصر، فرض حكومة أديس أبابا سياسة الأمر الواقع، على قضية السد، بعدها أعلنت وزارة الموارد المائية المصرية، أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه المقترحات كافة التي تراعي مصالح مصر المائية، وذلك عقب اجتماع لوزراء الموارد المائية في العاصمة السودانية الخرطوم، وزارة الخارجية المصرية شاركت هي الأخرى فى عملية التصعيد، إما بيانات رسمية أو تصريحات للمسئولين فيها على هامش لقاءاتهم بمسئولين أوروبيين.
وفى إحدي الندوات التثقيفية للقوات المسلحة العام الماضى، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال إن مصر لا تعارض جهود التنمية التى تقوم بها إثيوبيا، وتأمل فى التوصل إلى اتفاق حول طريقة ملئ خزان السد، وادخال وسيط رابع فى المفاوضات، وتمثل الوسيط الرابع فى الولايات المتحدة الأمريكية، والبنك الدولي.
وعقدت سلسلة اجتماعات بين الدول الثلاث فى حضور أمريكا والبنك الدولي، وكان من المقرر التوقيع على اتفاق فى نهاية فبراير الماضى، وكشف بيان صادر عن الخزانة الأمريكية أن الاتفاقية بشكلها الحالى تضع حلولا لكافة القضايا العالقة حول ملء وتشغيل سد النهضة وتتأسس على المبادئ المتفق عليها بين الدول الثلاث في إعلان المبادئ الموقع في 23 مارس 2015 وبالأخص مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، ومبدأ الالتزام بعدم احداث ضرر جسيم ومبدأ التعاون، لكن الجانب الإثيوبي تغيب عن عمد عن جولة المفاوضات التى عقدت في واشنطن يومي ٢٧ و٢٨ فبراير ٢٠٢٠، لإعاقة مسار المفاوضات، وفقا لبيان صادر عن وزاتي الخارجية والري المصرية.
وفى بداية شهر يونيو الماضى استكملت المشاورات الثلاثية بمبادرة من السودان، وجرى مناقشة ورقة تقدمت بها إثيوبيا، تتضمن رؤيتها حول أسلوب ملء وتشغيل سد النهضة، فى المقابل أعربت مصر، السودان، عن تحفظهما على هذه الورقة لكونها تمثل تراجعا كاملا عن المبادئ والقواعد التي سبق وأن توافقت عليها الدول الثلاث في المفاوضات التي جرت بمشاركة ورعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، بل وإهدارا لكافة التفاهمات الفنية التي تم التوصل إليها في جولات المفاوضات السابقة.
بعد ذلك لجأت مصر إلى مجلس الأمن الدولى، الأمر الذى استنكرته إثيوبيا، واعتبرته يشكل ضغطا دبلوماسيا خارجيا، مشيرة إلى أنه ليس مؤشرا على الشفافية وحسن النية في المفاوضات – على حد قولها- وجرى إحالة المفاوضات إلى الاتحاد الأفريقي.