فيديو| لماذا يلجأ ضحايا الاعتداء الجنسي للسوشيال ميديا وليس القضاء؟
لجأ العديد من ضحايا الاعتداءات الجنسية والتحرش إلى نشر شهادتهن عبر مواقع التواصل الاجتماعى خلال الفترة الماضية، بدلا من اللجوء إلى القضاء خوفا من افتضاح أمرهن والوصمة المجتمعية التى قد يتعرضن لها جراء هذه المبادرة.
وتزامنا مع الحملات التي انتشرت عبر السوشيال ميديا للتصدي للمتحرشين والإبلاغ عنهم، أعدت الحكومة المصرية تعديلا قانونًا جديدًا يحمى سرية بيانات ضحايا التحرش الجنسي.
يتضمن القانون الذى أقره البرلمان المصري مؤخرا تعديل بعض أحكام القانون الجنائي كي يساعد ضحايا التحرش الجنسي على مواجهة الجناة، من خلال حماية سرية بيانات ضحايا التحرش، بحيث يكون لقاضى التحقيق لظرف يقدره عدم إثبات بيانات المجنى عليها فى أي من جرائم هتك العرض وإفساد الأخلاق.
ويحظر القانون على جهات التحقيق الإفصاح عن بيانات المجني عليهم إلا لذوي الشأن وهم المتهمون ومحاميهم، ويسرى التعديل على المادة 96 من قانون الطفل لسنة 1996 والتى تنظم جريمة تعريض الطفل للخطر.
وحققت النيابة العامة فى عشرات القضايا التى تم الكشف عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهور حسابات قامت بجمع شهادات لمن تعرضن للتحرش والاغتصاب فى محاولة للكشف عن المتحرشين.
وقبل شهرين قامت مجموعة من الفتيات بإنشاء جروب على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لتجميع أدلة اتهام ضد شاب يدعى أحمد بسام زكي، من خلال سرد شهادات الفتيات على وقائع اغتصاب وتحرش جنسى عديدة قام بها الشاب، فضلاً عن رسائل نصية وصوتية خادشة للحياء قام بإرسالها إلى العديد من الفتيات.
وألقت قوات الأمن القبض على الشاب أحمد بسام والذى عُرف فيما بعد بمتحرش الجامعة الأمريكية، حيث أمر المستشار حماده الصاوى النائب العام بحبسه على ذمة التحقيقات، ووجهت له النيابة العامة تهم الشروع في مواقعة فتاتين بغير رضاهما، وهتكه عرضهما وفتاة أخرى بالقوة والتهديد وكان عُمر إحداهن لم يبلغ ثماني عشرة سنة، وتهديدهن وأخريات بإفشاء ونسبة أمور لهن مخدشة لشرفهن، وكان ذلك مصحوبًا بطلب ممارسته الرذيلة معهن وعدم إنهاء علاقتهن به، وتحريضهن على الفسق بإشارات وأقوال، وتعمده إزعاجهن ومضايقتهن بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات.
كما اتهم بالتعدى على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وانتهاكه حرمة حياتهن الخاصة، وإرساله لهن بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية دون موافقتهن، واستخدامه حسابات خاصة على الشبكة المعلوماتية لارتكاب تلك الجرائم.
وكانت الفنانة هنا الزاهد أبرز من لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً للكشف عن واقعة تحرش تعرضت لها، فخلال قيادتها سيارتها فوجئت بسيارة نصف نقل تسير بجوارها ويوجد في داخلها 5 شباب يحاولون الإقتراب منها، وهم يتحدثون بالكثير من الألفاظ المشينة وحاولت أن تسرع بسيارتها ولكنهم لحقوا بها، وأيضاً كانوا يضيقون عليها الخناق واستمر الكثير منهم بتلفظ العديد من الكلمات البذيئة والمشينة، وقامت بإخراج هاتفها المحمول وصورتهم، وعندما شاهدوها تقوم بالتصوير قاموا بإخفاء وجوههم، وأيضاً فروا هاربين بالسيارة والتي لم تستطع أن تحدد الأرقام الخاصة بها.
ومن خلال مقطع الفيديو الذى نشرته الزاهد نجحت أجهزة الأمن فى تحديد هوية مرتكبي الواقعة، وألقت القبض عليهم وأحيلت القضية إلى النيابة التي أخلت سبيلهم فيما بعد أن أكدوا أنهم حاولوا إظهار اعجابهم بها كفنانة فقط.
وقبل أسابيع قليلة انتشرت قصة فتاة على مواقع التواصل الاجتماعي تحكي فيها تعرضها للإغتصاب داخل فندق الفيرمونت، مما دفع النيابة العامة المصرية إلى التقصي وراء المعلومات الواردة حولها.
وتتلخص الواقعة في قيام عدد من الشباب باستدراج إحدى الفتيات إلى فندق "فيرمونت نايل سيتي"، وتناوبوا على الاعتداء الجنسي عليها، وقاموا بتصويرها في أوضاع مخلة.
وفي السادس من أغسطس الجاري، تلقت النيابة العامة المصرية، كتابًا من "المجلس القومي للمرأة"، مرفقًا به شكوى قدمتها إحدى الفتيات إلى المجلس من تعدي بعض الأشخاص عليها جنسيًا خلال عام 2014، داخل "فندق فيرمونت نايل سيتي".
وأرفقت الفتاة الضحية شكواها بشهادات مقدمة من البعض حول معلوماتهم عن الواقعة، حسب ما ذكرت صفحة النيابة العامة المصرية على فيسبوك.
وفى وقت سابق أمس الاثنين، أمرت النيابة العامة، بضبط المتهمين في واقعة التعدي على فتاة بفندق (فيرمونت) عام ٢٠١٤، ووضعهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول؛ لاستجوابهم فيما هو منسوب إليهم، وذلك بعد أن أجرت النيابة العامة تحقيقاتها والتي منها سؤال المجني عليها وعددٍ من الشهود.
وجرى تعميم بيانات المتهمين على كافة المنافذ الجوية بمطارات الجمهورية والبرية والموانئ لمنعهم من السفر طبقا لقرار النيابة العامة علاوة على ترقب الوصول في حالة وجود أي منهم خارج البلاد لإلقاء القبض عليه فور وصوله الأراضي المصرية ولمخاطبة الإنتربول في حال وجود متهمين منهم خارج البلاد.
وقبل عدة شهور ظهرت فتاة تدعى منة عبد العزير، فى مقطع فيديو تكشف فيه تعرضها للاغتصاب والضرب، وظهر على وجهها آثار الضرب المبرح التى تعرضت له، وتعاطف معها عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعى، ولكنها ظهرت بعد عدة أيام بصحبة الشباب الذين قالت إنهم اغتصبوها وأعلنت أنه تم التصالح بينهم.
لم تنتهِ القصة عند هذا الحد، بل ألقت قوات الأمن القبض على منة و6 آخرين، وكشفت تحريات المباحث عن تعرض فتاة التيك توك للاغتصاب داخل فندق بمنطقة الطالبية التابعة لمحافظة الجيزة تحت تهديد السلاح، وسرقة بعض الأموال التى كانت معها، وتم تصوير واقعة اغتصابها والضرب من قبل 6 متهمين.
وبعد تولى النيابة العامة التحقيق فى الواقعة، فضلت عدم الإفصاح عن تفصيلات الوقائع التي أقر بها المتهمون في التحقيقات؛ لما فيها من واقع أليم رأت تقديم ستره على الإعلان عنه.
وأوضحت النيابة فى بيان، أن إقرارات المتهمين قد تواترت لتؤكد أن المتهمة المذكورة وإن ارتكبت جرائم -أقرت ببعضها- تستأهل عقابها، إلا أنها على حداثة عمرها وعدم بلوغ رشدها قد دفعتها ظروف اجتماعية قاسية تعرضت لها -من فقد المأوى والأهل، والسعي لتوفير سبل المعيشة- إلى الوقوع في فخاخ ارتكاب تلك الجرائم، وإلى حياة بالغة الخطورة جمعتها بباقي المتهمين الذين جنوا عليها، فمنهم من واقعها كرهًا عنها -وهي لم تبلغ سِنُّها 18 سنة- ومنهم من هتك عرضها بالقوة والتهديد، وسرقها بالإكراه، وضربها وأحدث إصاباتها.
وتابعت النيابة أن الفتاة لم تكن لتُعلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن صُلحها مع أحد الجانين عليها والسكوت عن الآخرين على استياء منها، إلا تحت تأثير ضغط مارسه ذوي هذا الجاني عليها وإغرائها بهدايا على حداثة عمرها لاسترضائها ودفعها للإعلان عن هذا الصلح على خلاف رغبتها.
وعن الأسباب التى دفعت ضحايا التحرش إلى اللجوء إلى السوشيال ميديا ، أوضحت الناشطة الحقوقية داليا زيادة أن اللجوء للسوشيال ميديا فى كثير من الأحيان يكون غرضه الانتقام وفضح المعتدين ووصمهم مجتمعيا، وهو أمر مطلوب حتى تحصل الضحايا على حقوقهن.
وقالت الناشطة الحقوقية، إن لجوء ضحايا الاعتداءات الجنسية إلى نشر شهادتهن عبر وسائل التواصل الاجتماعى دون التقدم إلى جهات التحقيق والجهات القضائية، أمر معمول به عالميا، وأشارت إلى وجود ثقافة مجتمعية للأسف يتم تغذيتها من بعض الأطراف تحاول دائما إلقاء اللوم على الضحايا وتحميلهن وزر تعرضهن للاعتداء الجنسى.
وأكدت داليا زيادة فى تصريح لها أن صدور قانون يحافظ على سرية بيانات الضحايا هو أمر مشجع للغاية، وسيدفع الضحايا للتقدم بشكواهن إلى القضاء.
ووافقتها الرأى عزة كامل، عضو المجلس القومي للمرأة، التى أشارت فى تصريح لها إلى أن الشكوى أمر هام لأنها لا تدع المجرمين يفلتون من العقاب مهما كانت الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها، مضيفة أن العدالة لا تتحقق في وقائع التحرش والاغتصاب إلا من خلال إنفاذ القانون الرادع.
وأشادت كامل بعمل المؤسسات المصرية المكثف خلال العام الحالي للتصدي لمشكلتَي التحرش والاغتصاب عبر تسريع الإجراءات القانونية ضد الجناة، وتشجيع المجني عليهن للإبلاغ، وحماية بياناتهن.