فيديو وصور..
حصاد 2020| أبرز محطات سد النهضة.. «الفشل» سيد الموقف
"سد النهضة" ملف لم يُغلق بعد، طالت فيه سنوات التفاوض، التي وصفها خبراء مصريون بأنها كانت "مضيعة للوقت" لم تسفر عن شيء سوى مزيد من حلقات الفشل، في ظل التعنت الأثيوبي وتمسكه بمواقفه دون موافقة كل من "مصر والسودان"، الذين يواجهون مخاطر جمة نتيجة هذا السد.
فمنذ عام 2011 مرت مفاوضات سد النهضة بتقلبات كثيرة، وتعثرت المفاوضات مرارا وتكرارا، وخلال عام 2020 دارت جولات جديدة انتهت هي الأخرى بالفشل، وازدات تعقدا بعدما انتهت أثيوبيا من أولى مراحل ملء سد النهضة.
وشهدت قضية سد النهضة تصعيدا دوليا في عام 2020 من قبل الجانب المصري الذي صعد شكواه إلى مجلس الأمن، كذلك شهدت مفاوضات بوساطة أمريكية والبنك الدولي والاتحاد الأفريقي، وباءت جميعها بالفشل، حتى أعلنت السودان مؤخرا انسحابها من المفاوضات، وفي هذا التقرير نرصد أبرز المحطات التي مر بها "سد النهضة" خلال عام 2020.
أولها فشل
استهلت 2020 بإعلان فشل جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة كانت بوساطة من الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي، دارت في الأيام الأولى من يناير 2020، وذلك بسبب التعنت الأثيوبي وتقديمه صورة منافية تماما لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية.
وبحسب ما أعلنته وزارة الخارجية، في 10 يناير 2020، فقد فشل اجتماع وزراء خارجية مصر وأثيوبيا والسودان، بسبب مغالطات الجانب الأثيوبي المرفوضة جملة وتفصيلا من قبل الجانب المصري، إذ انطوى البيان الأثيوبي على تضليل متعمد وتشويه للحقائق.
وأضافت الخارجية أن أثيوبيا تسعى للتحكم في النيل الأزرق، كما تفعل في أنهار دولية مشتركة أخرى تتشاطر فيها مع دول شقيقة، وذلك بما يخالف التزامات أثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية، وفي مقدمتها إعلان المباديء المبرم في 23 مارس 2015، واتفاقية 1902، واتفاقية 1993 التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر لمصالح مصر المائية.
وكان الطرح المصري، وفق بيان الخارجية، ملء سد النهضة في 6 أو 7 سنوات إذا كان إيراد النهر متوسط أو فوق المتوسط خلال فترة الملء، أما في حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يمكن سد النهضة من توليد 80% من قدرته الإنتاجية من الكهرباء، بما يعني تحمل الجانب الأثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة".
وفي نهاية يناير 2020 أجريت مفاوضات بمشاركة واشنطن والبنك الدولي، من أجل الوصول إلى توافق بين مصر وإثيوبيا بشأن قواعد ملء خزان سد النهضة، وآليات إدارته، وذلك بعد سلسلة اجتماعات لم تصل إلى اتفاق، غير أن مصر أعربت عن القلق من عدم تقديم إثيوبيا ضمانات كافية بأن ملء السد سيتم إبطاؤه خلال أوقات الجفاف.
وفي هذا التوقيت أعلنت السلطات الإثيوبية، أنّها ستبدأ ملء سد النهضة بحلول نهاية العام الجاري، وسيتم الانتهاء من ملء السد في غضون أربع وسبع سنوات.
نكسة "فبراير"
خاضت الدول الثلاث جولة أخرى من المفاوضات في منتصف فبراير 2020 برعاية واشنطن، إلا أن أثيوبيا غابت عن الجولة الأخيرة وهو ما وصفته إذاعة "صوت أمريكا" حينها بـ"النكسة".
فقد اعتذرت إثيوبيا عن المشاركة في الاجتماعات التي كان عقدها بالعاصمة الأمريكية بين كل من السودان وإثيوبيا ومصر برعاية وزارة الخزانة الأمريكية لمناقشة وتوقيع المسودة الأمريكية الخاصة باتفاقية ملء وتشغيل سد النهضة".
وأعلنت إثيوبيا أنها لن توقع على اتفاقية دولية لا يضمن إجازتها من قبل البرلمان المنتخب، وذلك لارتباط التوقيع بالأوضاع الداخلية في إثيوبيا التي تنتظر انتخابات برلمانية ورئاسية في أغسطس، ولتجنب تأثير التوقيع إيجاباً أو سلباً على حملة الرئيس أبي أحمد الانتخابية.
وقالت الخارجية المصرية إن الجانب الإثيوبي تغيب عن عمد عن جولة المفاوضات التى عقدت في واشنطن يومي ٢٧ و٢٨ فبراير ٢٠٢٠، لإعاقة مسار المفاوضات.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي هو من طلب وساطة أمريكية، بعد أن وافق رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد على إشراك وسيط طرف ثالث، كما شارك ممثلون من البنك الدولي في المفاوضات أيضًا للتحكيم.
جمود ثم ضغط وعودة
وبعد فشل الوساطة الأمريكية تجمدت مفاوضات سد النهضة لشهور، حتى عادت مرة أخرى للطاولة في شهر يونيو 2020، بعد ضغط السودان لإعادة تنشيط المفاوضات الثلاثية المتوقفة.
ووفقا لتقارير صحفية آنذاك، فإن القاهرة قد تلقت اتصالات مكثفة من المفوضية الأوروبية ومفوضية الاتحاد الإفريقي وعواصم إفريقية مختلفة، لمحاولة تقريب وجهات النظر بينها وبين أديس أبابا، بشأن قضية سدّ النهضة بعد فشل الوساطة الأمريكية.
تصعيد مصر إلى مجلس الأمن
وفي 19 يونيو 2020 أعلنت مصر تقديم طلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة حول سد النهضة الأثيوبي، تدعوه للتدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث التفاوض بحسن نية تنفيذاً لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق.
وبحسب بيان وزارة الخارجية المصرية، فإن خطاب مصر إلى مجلس الأمن استند إلى المادة ٣٥ من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.
وأضاف: "اتخذت مصر هذا القرار على ضوء تعثر المفاوضات التي جرت مؤخرا حول سد النهضة نتيجة للمواقف الأثيوبية غير الإيجابية والتي تأتي في إطار النهج المستمر في هذا الصدد على مدار عقد من المفاوضات المضنية، مروراً بالعديد من جولات التفاوض الثلاثية".
وأشارت "الخارجية" إلى أن كافة تلك الجهود قد تعثرت بسبب عدم توفر الإرادة السياسية لدى أثيوبيا، وإصرارها على المضي في ملء سد النهضة بشكل أحادي بالمخالفة لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في ٢٣ مارس ٢٠١٥ والذي ينص على ضرورة اتفاق الدول الثلاث حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، ويلزم أثيوبيا بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب".
وأسفرت التحركات المصرية عن رأي عام داخل المجلس مؤيد لوجاهة الطلب المصري وسلامة موقفها القانوني، مما أدى إلى تحديد جلسة للنقاش العلني المفتوح بمشاركة الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا إذا رغبت في المشاركة.
وحددت الرئاسة الفرنسية لمجلس الأمن الدولي جلسة مفتوحة، يوم 29 يونيو 2020، لمناقشة موضوع سد النهضة استجابة للطلب المصري، وخلالها اتفق ممثلو الدول على أن الحوار المباشر هو السبيل الوحيد للتوصل لحل لأزمة سد النهضة الإثيوبي.
مفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي
بعد تصعيد مصر الخطاب إلى مجلس الأمن، دخلت قضية سد النهضة جولة جديدة من المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، وذلك بعد انعقاد قمة أفريقية مصغرة في نهاية يونيو 2020، اتفقت خلالها الدول الثلاث على العودة للتفاوض مرة أخرى، مع تعهد إثيوبيا بعدم البدء في ملء السد إلا بعد التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم مع مصر والسودان.
وآنذاك علق رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد، في تغريدة على تويتر، "محادثات مثمرة للحلول الأفريقية بشأن ملف سد النهضة مع مصر والسودان ومكتب جمعية الاتحاد الأفريقي، الاتحاد الأفريقي هو الساحة المناسبة للحوار بشأن القضايا الأفريقية المهمة".
ولكن كغيرها من المفاوضات، لم تسفر اجتماعات 11 يوما من التباحث برعاية الاتحاد الأفريقي عن أي اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، بسبب استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
مفاجأة انتهاء أولى مراحل ملء السد
وعقب القمة الأفريقية المصغرة، بدت أثيوبيا تنقض العهد الذي لم يكن يلبث عليه سوى القليل، حيث أعلن وزير المياه والري الإثيوبي سليشي بقلي، البدء في ملء سد النهضة، وذلك على الرغم من الرفض المصري، وعدم التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاثة حول القضايا الرئيسية المتعلقة بقواعد ملء وتشغيل السد.
ففي 15 يوليو 2020 أعلن التلفزيون الأثيوبي انتهاء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، وذلك بعد ساعات من اختتام جولة المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي، والتي بدأت في 3 يوليو واستمرت 11 يومًا من التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، دون التوصل لاتفاق حول القضايا الرئيسية.
وأثار إعلان أثيوبيا انتهاء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، حالة من الغضب العارم في مصر على كافة المستويات الدبوماسية والرسمية والشعبية، واعتبر خبراء أن إعلان ملء خزان السد، قبل الوصول لاتفاق عادل ومرضى للدول الثالثة، ومنها مصر، بمثابة عمل من أعمال الحرب.
وعلى المستوى الرسمي، ذكر المستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن مصر طلبت إيضاحًا رسميًا عاجلًا من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة بدء إثيوبيا بالفعل ملء خزان سد النهضة.
حرب التصريحات
ولم يتوقف الجانب الأثيوبي عند حد الإعلان المفاجيء عن انتهاء المرحلة الأولى من عملية ملء سد النهضة، بل خرج مسؤولين أثيوبيين بتصريحات استفزت المصريين، وأذاع التلفزيون الأثيوبي خطاب صوتي مسجل، لرئيس الوزراء الأثيوبي يهنأ فيه الأثيوبيين بانتهاء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، مرفقا بصور حديثة من السد.
وفي الوقت نفسه وجه وزير الخارجية الأثيوبي غيدو أندارجاشو، رسالة إلى الشعب الأثيوبي، عبر موقع تويتر، يهنأهم فيها على انتهاء المرحلة الأولى لملء بحيرة سد النهضة، مضيفا :"سابقا كان النيل يتدفق، والآن أصبح في بحيرة، ومنها ستحصل إثيوبيا على تنميتها المنشودة ..في الحقيقة..النيل لنا".
تلك التصريحات وصفها علاء الظواهري، عضو لجنة المفاوضات الخاصة بسد النهضة، بأنها تصرف سياسي غير جيد وتصريح استباقي، لافتا إلى أن تعتبر نفسها مصدر مياه النيل ولها الأحقية في الاستفادة من النهر.
وأشار الظواهري، خلال تصريحات تلفزيونية سابقة، إلى أن أثيوبيا اعتادت قبل كل جلسة تفاوض أن تخرج بتصريحات نفسية لمحاولة الضغط على الجانب المصري لتعزيزها موقفها في التفاوض.
وفي هذه الأثناء خاضت مصر حرب تصريحات حول السد الإثيوبي، بعد تصريحات قوية للرئيس عبد الفتاح السيسي بأن مصر، قال فيها :"لن تتنازل بأي حال من الأحوال عن حقوق مصر لمائية، وأن قضية تشغيل سد النهضة هي مسألة وجودية".
وتلا هذه التصريحات المصرية، تصريحات تنم عن احتدام الصراع من رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد، والذي زعم فيها أن لا قوة في العالم ستثني بلاده عن مواصلة إكمال مشروع السد، معتبرا ذلك ضمن حقوق أديس أبابا المائية.
استبعاد الحل العسكري
واستبعد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لجوء مصر إلى الحل العسكري للتعامل مع أزمة سد النهضة الإثيوبي بعد تعثر المفاوضات الأخيرة وإعلان أديس أبابا ملء المرحلة الأولى للسد.
وقال السيسي، على هامش افتتاح المنطقة الصناعية بالبروبيكي :"إنه لا يستطيع أحد أن يجور على مصر في أمنها القومي بما في ذلك قضية المياه، وحل مشكلة سد النهضة يكون بالتفاوض لأن الخير يأتي من هناك".
وأضاف:"المصريون قلقانين على موضوع سد النهضة وأنا معاكم، بطمنكم عشان عدالة القضية، موضوع المية في مصر، أثبته الهرم اللي في الجيزة، حضارة القدماء المصريين قامت على المياه".
وتابع:"كنا دايما بنقول إن طول ما احنا عايزين نعيش، غيرنا يعيش زينا، بنقول من حقكم توليد الكهرباء، زي ما أعلنتم ومعاكم فيه بإخلاص وحب ونوايا طيبة، لكن بشرط إنه ميبقاش له تأثير على المية اللي بتجيلنا، واتكلمنا كتير في ده، ومحدش يقدر ينكر أهمية المية".
وأشار الرئيس السيسي، إلى أن العمل والإنتاج هما السبيل الوحيد لبناء الأمم والشعوب للحفاظ عليها، مضيفا: "الأسد محدش بياكل أكله، خلي كل واحد أسد صغير في مكانه".
انسحاب مصر والسودان
وفي أغسطس 2020، أعلنت مصر والسودان الانسحاب من أحدث جولات مفاوضات سد النهضة، وهو ما أرجعه خبراء إلى إجراء مشاورات داخلية ودراسة اقتراح قدمته أديس أبابا بشأن ملء خزان السد، وبسبب عدم التزام أثيوبيا بالأجندة المتفق عليها.
وتخشى مصر أن يتسبب سد النهضة الذي تبلغ تكلفته نحو 4 مليارات دولار في إحداث نقص بحصتها من المياه، حيث أن نهر النيل يمثل 90% من المياه العذبة التي يعتمد عليها المصريين.
سد النهضة في "الأمم المتحدة"
وتحدث الرئيس السيسي، خلال كلمته التى ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر 2020، عبر خاصية الفيديو كونفرانس، عن قضية سد النهضة الإثيوبي، لافتا إلى تصاعد قلق الأمة المصرية البالغ حيال مشروع سد النهضة الذى تشيده دولة جارة وصديقة على نهر وهب الحياة لملايين البشر عبر آلاف السنين.
وقال الرئيس: "لقد أمضينا ما يقرب من عقد كامل فى مفاوضات مضنية مع أشقائنا فى السودان وإثيوبيا سعيا منا للتوصل إلى اتفاق ينظم عمليتى ملء وتشغيل السد ويحقق التوازن المطلوب بين متطلبات التنمية للشعب الإثيوبى الصديق وبين صون مصالح مصر المائية وضمان حقها فى الحياة، إلا أن تلك الجهود لم تسفر للأسف عن النتائج المرجوة منها".
تهديد ترامب وحظر الطيران فوق السد
وفي تطور جديد، أعلن رئيس هيئة الطيران المدني في إثيوبيا حظر تحليق جميع الرحلات الجوية فوق سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، مبررا بأنه يعود إلى أسباب أمنية.
وبيد أن المدير العام لهيئة الطيران المدني الإثيوبية رفض الإدلاء بمزيد من التفاصيل بشأن قرار حظر الطيران فوق سد النهضة، إلا أن هذه الخطوة جاءت بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
فبعد نحو شهرين من الصمت الذي خيم على ملف سد النهضة الأثيوبي، بعد آخر اجتماع برعاية الاتحاد الأفريقي في أغسطس 2020، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحرك الماء الراكد في تلك القضية.
ووجه الرئيس الأمريكي ترامب تهديدا شديد اللهجة لأديس أبابا خلال اتصال جمعه برئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، إذ أكد أن مصر قد "تُفجر سد النهضة" في حال عدم التوصل لاتفاق.
وقال ترامب: "لقد وجدتُ لهم اتّفاقاً، لكنّ إثيوبيا انتهكته للأسف، وما كان ينبغي عليها فعل ذلك، كان هذا خطأً كبيراً"، متابعا:"لن يَروا هذه الأموال أبداً ما لم يلتزموا هذا الاتّفاق" في إشارة لوقف واشنطن بعض مساعداتها لأديس أبابا".
تلك التصريحات أثارت غضب أثيوبيا، حيث أكدت رفضها لما وصفته بـ"التهديدات العدائية" مشددة على التزامها بمواصلة بناء سد النهضة والجهوزية للرد على كل اعتداء يمس سيادتها.
انسحاب السودان
وبعد تصريحات ترامب عادت المفاوضات من جديد، إلا أنها كالعادة لم تسفر عن أي اتفاق، لذلك أعلنت السودان انسحابها من المفاوضات، بعدما رأت أنها لم تقدم جديدا في حل الخلافات القائمة بين الدول الثلاث بشأن السد الأثيوبي، ووضعت شرطا للعودة إلى المفاوضات، وهو إعطاء دورا أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي، وتغيير منهجية التفاوض.
ففي 21 نوفمبر 2020 أعلنت السودان مقاطعة الاجتماع الوزاري حول سد النهضة، مؤكدة رفضها لاستمرار المفاوضات وفق النهج القديم، بعدما أثبتت عدم جدواها، داعية لمنح الوسطاء الأفارقة دورا أكبر لتقريب وجهات النظر.
وفي الوقت الذي تتجمد فيه المفاوضات للمرة الثالثة منذ دخول الاتحاد الأفريقي على خط المفاوضات في يونيو 2020 الماضي، يستمر تدفق المياه من أعلى الممر الأوسط في سد النهضة، حسبما أظهرت صور فضائية كشف عنها الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة.
الأموال تنهال لاستكمال السد
ورغم عدم التواصل إلى اتفاق يرضي الدول الثلاث إلا أن أثيوبيا لاتزال تمضي في بناء سد النهضة، حيث مكتب المجلس الوطني لتنسيق المشاركة العامة لدعم سد النهضة، أن الإثيوبيين ساهموا بأكثر من 272 مليون بر أثيوبي، ما يمثل نحو7.5 مليون دولار أمريكي، لدعم بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير.
وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء الأثيوبية، فإن ما تم الحصول عليه من المبلغ المعلن، هو 152.4 مليون بر في شهر أغسطس وحده وهو أكبر مبلغ يتم تحصيله في شهر واحد منذ بدء بناء السد، مشيرة إلى أن الدولة تمكنت من جمع ما يقرب من 120 مليون بر في يوليو 2020.
احتجاز المياه للمرة الثانية
ومع قرب انتهاء عام 2020 أعلن السفير الإثيوبي في القاهرة ماركوس تيكلي، إن بلاده ستحتجز المياه للمرة الثانية لملء خزان سد النهضة، معربا عن أمله في التواصل إلى اتفاق خلال الأشهر الستة المقبلة.
ووفقا لما نشرته وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية نقلا عن السفير الأثيوبي في القاهرة، فإن أثيوبيا احتجزت نحو 6 % فقط من المياه العام الماضي، وهو ما لا يعد ملء فعلي، لافتا إلى أن أثيوبيا تحتجز المياه فقط، وستواصل احتجاز المياه العام المقبل.