
بالصور| شارع الخرنفش.. هنا ملتقى الأمراء والوزراء

في أحد أزقة القاهرة العتيقة على جنبات شارع المعز لدين الله، كان يلتقي ويجتمع الأمراء والوزراء وتخرج كسوة الكعبة وتقام الاحتفالات.. فذاك المكان ليس كأي شارع يمكنك أن تمر منه مرور الكرام، ولكن له قصة تستحق أن تروى كونه يحمل بين ثناياه ألف حكاية وحكاية..
يبدأ شارع الخرنفش بعنق ضيق ومزدحم ينفرج باتساع شارع بورسعيد-الخليج المصري سابقًا-، ويمر وينتهي بمجموعة من الحارات الضيقة، ومن أهم ملامحه البوابات الخشبية العتيقة، -بحسب كتاب على اسم مصر-
كان هذا الشارع أيام الفاطميين أهم شرايين الملكية، وكان ساحة عامرة بالخلفاء والأمراء، ونقطة لابد من اجتيازها لبدء الاحتفالات، وانحسرت الأضواء عن الخرنفش حينما نقل صلاح الدين الأيوبي قلب القاهرة السياسي إلى قلعته..
سر التسمية
شارع "الخرنفش" اسمه الأصلى "الخرنشف"، ويعود سر تسميته إلى المادة التى تتحجر من وقود الحمامات القديمة، وكانت تستعمل مع جير مونة للبناء استعملها، وترسخ هذا الاسم عندما أُطلق على دار فخمة بُنيت فى أول الشارع.. ووصف «المقريزى» هذه الدار قائلا: "من أجمل دور القاهرة وأعظمها، أنفق فى زخرفتها 17 ألف درهم"، -بحسب ما سردته محافظة القاهرة عن هذا المكان-
قطنه جمال عبد الناصر
قطن هذا الشارع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1933م، عندما انتقل والده من محافظة السويس إلى القاهرة ليصبح مأمورا لمكتب بريد (حي الخرنفش)، وقد استأجر والد الرئيس الراحل منزلا قريبا من مكتب البريد عاش فيه حتى توفي، -بحسب الصفحة الرسمية لمحافظة القاهرة-
حارة الأمراء
وبالشارع كان هناك حارة تحمل اسم "الأمراء" يحرم على الجميع سكنها باستثناء الأشراف من أقارب الخليفة، فيها عاش شقيق صلاح الدين الأيوبي "شمس الدين توران شاه"، وغير اسمها فيما بعد لـ "درب شمس الدولة".
خروج كسوة الكعبة
شهد شارع "الخرنفش" مراسم خروج كسوة الكعبة المزدانة بآيات قرآنية غزلها النساجون المهرة بماء الذهب والفضة، ففيه حارة "خميس عدس" حيث مبنى دار كسوة الكعبة التي تأسست عام 1233هـ ولازالت متواجدة حتى الآن رغم توقف مصر عن إرسال الكسوة.
أمام الدار يوجد مشغل كسوة الكعبة الشريفة، وقبله كانت تتواجد ورش المخارط الحديدية والقواديم والمناشير، والتى أنشأها محمد على باشا.
فمن أمام مسجد القاضي عبد الباسط كان يتحرك المحمل في حضور قاضي قضاة مصر ووزير الخزانة العامة والمشرف على صناعة الكسوة الشريفة، وسط دقات الطبول والدفوف وتُعّزف الأناشيد ويتقدم الموكب الأمراء والسلاطين وعلماء الدين وكبار رجال الدولة وجموع الشعب المصري..بعدها تصل إلى محيط قلعة صلاح الدين لتبدأ من تلك النقطة رحلتها إلى مكة..
في هذا الشارع واحدة من أشهر المدارس في مصر المعروفة بـإسم "الفرير" التي انشئت عام 1858م، وتخرج منها الكثير من القامات بينهم الفنانين نجيب الريحانى، فريد الأطرش، ورشدى أباظة، وعبد الفتاح القصرى، والملحن داوود حسنى، والزعيم سعد زغلول، والزعيم مصطفى كامل، ومن.
وتطرق كتاب الصنائع والمدارس الحربية في عهد محمد علي باشا؛ إلى أن هذا الحي ضم مصنع الخرنفش والذي كان يحوي 100 دولاب، 10 منها لغزل الخيط السميك والـتسعون الآخرون للخيط الدقيق.
كما ضم مصنع للحرير وجلب له اساتذه من الأستانة وتخرج على أيديهم صناع مهرة من المصريين.