فشل جديد لمفاوضات سد النهضة.. وخبراء: الأوضاع تتدهور
وصلت مفاوضات سد النهضة إلى طريق مسدود من جديد، بعدما أخفق الاجتماع السداسي لوزراء الخارجية والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا أمس، في تحقيق أي تقدم بين مصر وإثيوبيا والسودان، بسبب خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية ذات الصلة بإدارة العملية التفاوضية.
ووفق بيان صادر من وزارة الخارجية المصرية، فإن سبب فشل المفاوضات مجددًا يرجع إلى إصرار الخرطوم على ضرورة تكليف الخبراء المُعينين من قبل مفوضية الاتحاد الأفريقي، بطرح حلول للقضايا الخلافية وبلورة اتفاق سد النهضة.
وهو الطرح الذي تحفظت عليه كل من مصر وإثيوبيا، وذلك تأكيداً على ملكية الدول الثلاث للعملية التفاوضية وللحفاظ على حقها في صياغة نصوص وأحكام اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، خاصةً أن خبراء الاتحاد الأفريقي ليسوا من المتخصصين في المجالات الفنية والهندسية ذات الصلة بإدارة الموارد المائية وتشغيل السدود.
فيما أعلنت إثيوبيا، مساء الأحد، استعدادها لتلبية مخاوف السودان بشأن سلامة سد النهضة الإثيوبي، حسبما ذكرت قناة العربية.
المفاوضات تعود للصفر
من جانبها، عقبت الإعلامية لميس الحديدي، على فشل مفاوضات سد النهضة قائلة: "عدنا إلى المربع صفر بعد سنوات طويلة من التفاوض، وبعد إجراءات الملء الأول الأحادية واقتراب الملء الثاني واقتراب نهاية رئاسة جنوب إفريقيا للاتحاد الافريقي".
وأكدت "الحديدي"، في برنامج "كلمة أخيرة"، المذاع عبر فضائية "أون"، أن دولة جنوب إفريقيا كانت صاحبة المبادرة لاحتضان المفاوضات، مضيفة: "هذه المرة السودان لديها سبب وجيه".
إثارة الوقيعة بين مصر والسودان
من جانبه قال الدكتور نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، إن إثيوبيا من ألاعيبها في مفاوضات سد النهضة إثارة الوقيعة بين مصر والسودان، مؤكدًا أن القاهرة والخرطوم تتعرضان لضرر بالغ من بناء هذا السد.
وأضاف علام، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "على مسئوليتي" الذي يقدمه الإعلامي أحمد موسى بقناة "صدى البلد"، أن مصر والسودان يتقاسمان الأضرار الناجمة عن سد النهضة، مشيرًا إلى أن الملء الثاني لسد النهضة في حال وجود فيضان عال قد يتسبب في تدمير سد "الروصيرص" على النيل الأزرق وإغراق السودان.
الوضع يسير إلى الخلف
وعلق هاني رسلان، الخبير بالشؤون الإفريقية، مؤكدا أن أزمة سد النهضة نُظرت في مجلس الأمن، وحُولت للاتحاد الإفريقي باعتباره منظمة قارية، وإذا فشل الاتحاد، فسيعود الموضوع مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي، لاتخاذ القرار المناسب.
وأضاف "رسلان"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أسامة كمال، ببرنامج "90 دقيقة"، المذاع على فضائية "المحور"، مساء الإثنين، أن مفاوضات سد النهضة تدهورت والوضع يسير إلى الخلف، خاصة أن الجانب الإثيوبي متعنت.
من جانبه أشار الدكتور أحمد المفتي، عضو اللجنة الدولية لسد النهضة المستقيل، إلى أن إثيوبيا تخترق القانون الدولي وتعمل على ملء سد النهضة بإرادة منفردة، لافتَا إلى أن السودان لأول مرة بدأ يحتج على مفاوضات سد النهضة بشكل شديد اللهجة بعدما كان يتغنى بفوائد سد النهضة.
الكونغو هي الحل
فيما قالت الدكتورة هبة البشبيشي خبيرة الشئون الإفريقية والإثيوبية، إن دور جنوب إفريقيا في ملف سد النهضة كان صادما وهناك تطلع لدور قوي وجيد من الكونغو التي ستتسلم رئاسة الاتحاد الإفريقي فبراير المقبل وهي دولة قوية إذا لم تخضع لضغوط من جنوب إفريقيا ولديها القدرة على حل أزمة سد النهضة، مشيرة إلى أن مصر لن تشتبك في نزاعات عرقية.
وتابعت خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى ببرنامج "على مسئوليتي"، المذاع على قناة "صدى البلد"، أن أبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي يستخدم الصراعات الداخلية ومفاوضات سد النهضة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية معتمدا على أسلوب المراوغة.
وكانت مصر والسودان وإثيوبيا، قد بدأت جولة جديدة من المفاوضات يوم الأحد ٣ يناير ٢٠٢١ تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
وتأتي هذه الجولة ضمن سلسلة الجولات التى أجرتها الدول الثلاث منذ أن شرعت إثيوبيا في تنفيذ المشروع في عام 2011، لكنها فشلت حتى الآن في التوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل الخزان الضخم خلف سد النهضة الكهرمائي الذي يبلغ طوله 145 مترا.
وفى عام 2020 انتهت آخر جولة مفاوضات في أوائل نوفمبر، بدون إحراز أي تقدم.
وفى سياق متصل، وضعت إثيوبيا أمس السبت، حجر الأساس لسد جديد في إقليم أمهرة، يطلق عليه اسم "أجما-شاشا"، وفق ما أعلنه وزير المياه الإثيوبي سيليشي بيكيلي في تغريدة له على تويتر.
ويقع السد البالغة تكلفته 125 مليون دولار على نهر صغير في حوض النيل الأزرق، ويبلغ ارتفاعه 45 مترا، بطاقة تخزينية تصل إلى 55 مليون متر مكعب.
وقال خبير المياه، عباس شراقي، لموقع أر تي الروسي، إن "السد من السدود الصغيرة التي لا تؤثر على تدفق المياه إلى مصر والسودان ولا تسبب أخطارا على دول المصب".
مارثون مفاوضات
ولم تتمكن الدول الثلاث من الوصول إلى توافق بجدول محدد حول التصرفات المائية المنطلقة من سد النهضة في الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق، ولا توجد إجراءات واضحة من الجانب الإثيوبي للحفاظ على قدرة السد العالي على مواجهة الآثار المختلفة التي قد تنتج عن ملء وتشغيل سد النهضة، خصوصا إذا واكب ذلك فترة جفاف أو جفاف ممتد لعدة سنوات متتابعة.
وتسعى مصر والسودان للتوصل لاتفاق ملزم قانونا، يضمن تدفقات مناسبة من المياه وآلية قانونية لحل النزاعات قبل بدء تشغيل السد، غير أن إثيوبيا، احتفلت في أغسطس، بالمرحلة الأولى من ملء السد بشكل منفرد، وتصر على استكمال عملية الملء والتشغيل دون اتفاق.
وتتمسك مصر بحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، وبالقرارات والقوانين الدولية في هذا الشأن، وترفض أي إجراءات أحادية تمضي فيها أديس أبابا، وتطالب إثيوبيا بضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي.