مارس شهر الحسم.. هل يعود السياح الروس لمصر مع زيارة بوتين؟
لا تزال مسألة استئناف رحلات الطيران بين مصر وروسيا عالقة منذ وقوع حادث سقوط الطائرة الروسية في نهاية عام 2015، الذى أودي بحياة 224 راكبًا، فرغم إعلان موسكو استئناف الرحلات منذ عام 2018، إلا أنَّ الغموض هو سيد الموقف.
وخلال السنوات الماضية أعلنت روسيا أكثر من مرَّة قرب عودة السياحة إلى شرم الشيخ والغردقة، وإرسال وفود من خبراء قطاع الطيران الروس للاطمئنان على سلامة الطيران المصري، إلا أن الامر لا يزال عالقًا دون تحديد أسباب.
ومع إعلان السفير الروسي بالقاهرة جورجي بوريسينكو، أنَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيزور مصر في شهر مارس المقبل، ربط خبراء بين هذه الزيارة وبين استئناف الرحلات الجوية الروسية، فهل ستعود هذه الرحلات المتوقفة منذ أكثر من 5 سنوات لتنشط السياحة المصرية مرة أخرى؟
تعليق الرحلات
يعود قرار روسيا بتعليق رحلاتها الجوية إلى مصر، إلى نهاية أكتوبر 2015 بعد حادث تحطم طائرة متروجيت الروسية في سيناء تقل قرابة 224 شخصا، بعد وقت وجيز من مغادرتها مطار شرم الشيخ، ومنذ ذلك الحين جفت الطائرات من المسافرين الروس، وتوقف التدفق السياحي المليوني الروسي إلى القاهرة.
وتمثل السياحة الروسية إلى مصر أهمية كبيرة حيث تبلغ نحو 35% من إجمالي الحركة الوافدة سنويًا إلى مصر، كما يشكل الروس والبريطانيون نحو 60% من السائحين القادمين جوًا إلى شرم الشيخ.
وبلغت خسائر قطاع السياحة المصري، نحو 6 مليارات جنيه في الفترة من نوفمبر 2015 وحتى يناير 2016، وفقا لتصريح محافظ جنوب سيناء حينها، الذى أشار أيضًا إلى أن مدينة شرم الشيخ هي الأكثر تضررا إذ كانت تستقبل 35 ألف سائح من روسيا وإنجلترا أسبوعيًا غير الجنسيات الأخرى.
ويتراوح إنفاق السائح الروسي بين 55 إلى 60 دولارًا في الليلة، كما تعمل 428 شركة روسية في مصر برأسمال 127 مليون دولار، تتركز معظم هذه الشركات في قطاعات السياحة بنحو 105 شركات، بالإضافة إلى شركات أخرى في قطاعات الإنشاءات والقطاع الخدمي والصناعي والاتصالات والزراعة.
وكانت السياحة الروسية تحقّق مكاسب وصلت إلى 2.5 مليار دولار في الموسم السياحي الواحد قبل عام 2015، ومن المتوقع أن تصل إيرادات السياحة الروسية حال عودتها إلى 5 مليارات دولار في الموسم السياحى الواحد، وفقا لبيان النائب البرلماني أيمن محسب.
عودة مع إيقاف التنفيذ
وعلى مدى السنوات الماضية أجرت روسيا ومصر محادثات لاستئناف الرحلات، أسفرت عن دعوة رحلات الطيران النظامية بين موسكو والقاهرة في أبريل 2018، لكن استئناف رحلات الطيران السياحية ما يزال عالقا.
ويرجح خبراء أن موسكو تبدو متباطئة في تنفيذ عودة الرحلات السياحية إلى مصر، من أجل الحصول على مكاسب نوعية في قضايا معينة، متوقعين أن يكون شهر مارس المقبل حاسما لهذه القضية مع زيارة بوتين إلى القاهرة.
وخلال الخمس سنوات الماضية خضعت المطارات المصرية للعديد من الوفود الدولية والروسية للتفتيش بشأن إجراءات الأمن والسلامة داخل المطارات، خاصة شرم الشيخ والغردقة.
وآخر تلك الوفود كان الأسبوع الماضي، إذ زار وفد روسي أمني القاهرة لمدة أسبوع، لتفتيش مطاري شرم الشيخ والغردقة، بهدف استئناف الرحلات الجوية إلى المطارات المصرية.
ومن المقرر أن يرفع الوفد الأمني الروسي تقريرا إلى السلطات الروسية، خلال الأيام المقبلة، حول كفاءة الإجراءات الأمنية بمطاري شرم الشيخ والغردقة، تمهيدا لعودة رحلات الطيران من موسكو إلى المطارات المصرية.
هل تعود السياحة الروسية قريبا؟
زيارة الوفد الأمني الروسي لشرم الشيخ والذي يتزامن مع الإعلان عن زيارة بوتين المقررة في مارس المقبل، جددت بارقة الأمل أمام المستثمرين والعاملين في قطاع السياحة بقرب عودة الروس للمنتجعات السياحية المصرية.
ويرى خبراء أن هذه ليست المرة الأولى التي تزور فيها وفود روسية مطاري شرم الشيخ والغردقة، معتبرين أن حل الأزمة قد يكون في سداد مصر لكامل مستحقات التعويضات كاملة لأهالي ضحايا الطائرة المنكوبة، وفقا لما نقله موقع "الحرة".
وفي هذا السياق قال الدكتور عاطف عبد اللطيف، عضو جمعية مستثمرى السياحة بجنوب سيناء، إنه لا توجد موانع فنية لعودة السياحة الروسية، مؤكدا أن مصر على أتم الاستعداد لاستئناف الرحلات، إلا أنه يبق الأمر قرار سياسي وليس فني فقط.
وأضاف عبد اللطيف، في تصريحات صحفية، أن أمر عودة السياحة الروسية إلى مصر في يد الرئيس فلاديمير بوتين، معتبرا أن طيلة هذه المدة التي توقفت فيها حركة الطيران تمثل علامة استفهام كبيرة، لاسيما بعدما تأكدت السلطات الروسية من سلامة الإجراءات الأمنية المتبعة في المطارات المصرية.
واتفق معه الخبير السياحي مصطفى شعبان، عضو غرفة فنادق جنوب سيناء، إذ يرى أن قرار عودة السياحة من روسيا ليس قرارًا سياحيًا أو اقتصاديًا إنَّما هو قرار سياسي روسي في المقام الأول.
وأشار شعبان، خلال تصريحات صحفية، إلى أنه سبق أن زارت عشرات اللجان التفتيشية الروسية المطارات المصرية لتفقد الإجراءات الأمنية والتأكد من سلامتها، ومع ذلك لم تعلن موعد محدد لعودة الرحلات السياحية بين موسكو ومطارات شرم الشيخ والغردقة.
ولفت الخبير السياحي إلى أن وجود رحلات منتظمة بين موسكو والقاهرة، ولكنها خالية من السياحة، منوها إلى أن الجهات الروسية طالبت بإجراء بعض إضافات على الإجراءات المطبقة وتم الاستجابة لها بالفعل، إلا أن الحركة السياحية لم تستأنف رغم ذلك.
في حين أعرب محمد فلا، عضو جمعية مستثمري السياحة بالبحر الأحمر، عن تفاؤله بأنَّ زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر، في مارس المقبل، قد تحدد عودة السياحة الروسية.
وقال فلا، في تصريحات صحفية، إنَّ قرار عودة السياحة من موسكو إلى المطارات المصرية، قرار سياسي في المقام الأول، مؤكدا أن المنشآت السياحية بالغردقة وشرم الشيخ مستعدة لاستقبال السياح الروس في أي وفق.
ولفت إلى أنه سبق أن قدمت لجان التفتيش الروسية التي زارت مطارات القاهرة والغردقة وشرم الشيخ خلال السنوات الماضية، تقارير جيدة عن سلامة الإجراءات الأمنية المطبقة بتلك المطارات، وهو ما يمكن أن مؤشر إيجابي على موعد استئناف الرحلات السياحية الروسية لمصر.