دونالد ترامب.. هل يسبح عكس تيار الاقتصاد العالمي؟
بينما تحاول المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية، دفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام، يأتي المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية "دونالد ترامب" من بعيد، وتعلن صناديق الاقتراع عنه رئيساً للولايات المتحدة، بعد سلسلة تصريحات سابقة له نفرت الاقتصادات حول العالم.
"ترامب" الذي أصاب أسواق المال بالهلع يوم الأربعاء، سيبدأ رحلة جديدة مع الاقتصاد الأمريكي المتباطيء والعالمي المتراجع، فيما تتحضر الاقتصادات العالمية لإجراءات حمائية من أية سياسات مفاجئة.
ولم تتأخر التصريحات القادمة من الشرق (أوروبا)، مع إعلان عضو مجلس حكام البنك المركزي الأوروبي "ايوالد نووتني" أمس الأربعاء أن فوز "ترامب" المفاجيء بالرئاسة الأمريكية "ليس يوماً جيدا للاقتصاد العالمي.. نحن مستعدون للتدخل".
كانت الأسواق المالية العالمية أصيبت بالصدمة قبل إعلان فوز المرشح الجمهوري، مع مؤشرات فوزه بولايات هامة ومفصلية أهمها فلوريدا، وهبطت بأسرع وتيرة منذ الخروج البريطاني من الاتحاد الأووبي في 23 يونيو/ حزيران الماضي.
يقول "محمد علي ياسين"، العضو المنتدب في شركة أبوظبي للأوراق المالية، إن الأسواق المالية ستشهد فترة من التذبذبات خلال الفترة المقبلة، "لأن المستثمرين يجهلون ما سيقدم عليه رجل البيت الأبيض الجديد.. لذا سيترقبون وينفذون خطوات حمائية".
"ياسين" تحدث عبر الهاتف للأناضول، وأشار إلى أن المستثمرين بدأوا منذ يوم أمس الهروب من صناديق الاستثمار المقومة بالدولار إلى أخرى مقومة بالين الياباني أو اليورو الأوروبي أو الذهب".
وزاد: "لو طبق "ترامب" حرفياً تصريحاته خلال حملته الانتخابية فإن الاقتصاد العالمي، سيكون أمام مرحلة جديدة، أبعد عن الانفتاح الاقتصادي وأقرب إلى الحمائية والانغلاق، خاصة فيما يتعلق بالتجارة عبر الحدود".
وتعهد ترامب في يوليو/تموز الماضي، فرض ضرائب على عديد السلع القادمة من الصين وتغيير كامل في النظام الضريبي داخل بلاده، ومراجعة نسب الفوائد التي تدفعها الولايات المتحدة على سنداتها المالية.
"لو حقاً نفذ ترامب تعهداته، وفتح ملف نسب الفوائد على السندات، فإن الدائنين حول العالم، وفي مقدمتهم دول عربية ستكون في مواجهة أمام الرئيس الأمريكي، وبالتالي تأثيراً على اقتصاداتها".
يقول كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك المركزي الاوروبي "بيتر بريت" في تصريحات صحفية أمس الأربعاء: "أعتقد أن علينا التزام الهدوء وأن نكون اهدأ من الأسواق بالتاكيد.. من المبكر إصدار رد فعل.. نحن نراقب الوضع عن كثب".
وتوقع الخبير الاقتصادي العربي وضاح ألطه، أن تشهد الفترة المقبلة، صراعاً بين الاقتصادات الكبرى حول العالم (الصين، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي)، "لأن ترامب تعهد بعدم تمرير اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي، وأيد بشدة خروج بريطانيا من الاتحاد".
إلا أن "ألطه"، أشار إلى التريث وعدم استباق السياسات المتوقعة للرئيس الأمريكي الجديد، "ترامب يسبح عكس تيار الاقتصاد العالمي حتى يوم أمس، وهذا ليس في صالح الاقتصاد الأمريكي".
وأضاف أن المخاطر السياسية الناتجة عن إدارة ترامب للملفات الأساسية حول العالم، ستؤثر على الاقتصاد العالمي، "لأن تصريحاته تجاه الاتحاد الأوروبي كانت سلبية".
وزاد الخبير الاقتصادي: "البنوك المركزية حول العالم بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، كانوا يجهدون في تنفيذ سياسات لتحفيز النمو الاقتصادي، لكنهم تلقوا ضربتين في خمسة شهور، الأولى الخروج البريطاني والثانية اعتلاء ترامب سدة الحكم في الولايات المتحدة".
لكنه نوه إلى أن التصريحات النارية التي كان يطلقها سابقاً، لا تصلح أن تطبق أو يعاد إطلاقها داخل مؤسسة الرئاسة، "هناك مصالح اقتصادية كبرى تفوق الرئيس الأمريكي أياً كان ولا يجوز المساس بها".
عربياً، يرى الخبير الاقتصادي أن على المنطقة العربية، "وخاصة دول الخليج أن توحد سياستها الاقتصادية وأن لا تحمل أية رسائل عدائية للرئيس الجديد.. رسالة واضحة هدفها تنويع الاقتصاد وتحقيق رفاهية المواطن العربي.. وهذا لن يتعارض مع أية مصالح للرئيس الجديد".