أمام غضب العالم.. هل يتراجع ترامب عن قرار الحظر؟

كتب: وكالات

فى: شئون دولية

09:55 31 يناير 2017

توقع محللان سياسيان أن يدفع ضغط الرأي العام الدولي والأمريكي عبر المؤسسات القضائية والحقوقية والإعلامية وحتى الفنية بالإضافة إلى حكام الولايات، بالرئيس دونالد ترامب للتراجع عن قراراته بمنع اللاجئين ومواطني سبع دول إسلامية من دخول البلاد، والذي خلف غضبا دوليا عارما.


ووقع ترامب، الجمعة الماضية، أمرا تنفيذياً يقضي بتعليق السماح للاجئين بدخول الولايات المتحدة لمدة 4 أشهر، وحظر دخول البلاد لمدة 90 يوماً على مواطني سوريا والعراق وإيران والسودان وليبيا والصومال واليمن.

الدكتور حسني عبيدي، الخبير الجزائري ومدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط بمدينة جنيف السويسرية (غير حكومي)، قال إنه "إذا استمرت الدعاوى القضائية ضد قرارات ترامب، وانتقاد المنظمات الكبرى الحقوقية الكبرى مثل هيومن رايتس ووتش، ومشاهير الفن، فمن شأن ذلك أن يدفعه لإعادة التفكير في قراراته وثنيه عنها".

واعتبر أن "الرفض الذي تشهده الولايات المتحدة ضد ترامب، مؤشر على حيوية المجتمع الأمريكي، الذي أصبح يمثل المعارضة الوحيدة في ظل سيطرة الجمهوريين على الكونجرس".

وأضاف عبيدي أن "ترامب يريد أن يثبت لناخبيه أنه قادر على تنفيذ وعوده الانتخابية، لكنه لن يذهب بعيدا في حال صدور أحكام قضائية تلغي قراراته"، لافتا إلى أن "الرئيس الأمريكي الوحيد، الذي لا يهتم بما يقوله المجتمع الدولي بقدر ما يهمه المجتمع الأمريكي".


من جانبه، قال المحلل السياسي السوري حاتم الزعبي، صاحب كتاب "لقاء مع الثقافة السويدية" أن الرأي العام الأمريكي من شأنه التأثير بقوة على ترامب وإدارته، خاصة من الجهات المتضررة من القرار، وكذلك من تيار قوي في أمريكا وفي الغرب عموما وهم المدافعون عن القيم الغربية.


وأوضح أنه "عندما تمنح الولايات المتحدة الإقامة أو البطاقة الخضراء (غرين كارد) لمواطن أجنبي، ويأتي ترامب لإلغائها، فهذا يناقض القيم الأمريكية، وعندما لا تحترم الدولة قيم هذه المجتمعات فإن الناس تنتفض ضدها".

ولم يخف الزعبي تخوفه من أن يقوم الرئيس الأمريكي بتمديد قرار منع مواطني سبع دول إسلامية من دخول أراضي بلاده ليشمل دولا أخرى.


غير أنه أشار إلى أهمية اللجوء إلى العدالة لإبطال قرارات ترامب، مثلما فعل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، مشيرا إلى أن العدالة في الولايات المتحدة "مستقلة".


ولم يستبعد أيضا تراجع الرئيس الأمريكي عن قراراته تحت ضغط من الإدارة الأمريكية، قائلا إن "أمريكا لها إدارة قوية ويمكنها أن تدفع ترامب للتراجع".

"قرار قذافي"


ووصف الزعبي، قرار ترامب بـ"اللامسؤول"، وشبه بـ"القرارات التي كان يتخذها الزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي".


كما توقع الكاتب السوري أن تمارس الشركات الأمريكية الضخمة ضغطا أكبر على إدارة ترامب للتراجع عن قراراته ضد مواطني الدول التي لها مصالح فيها، في حالة لم تجد بديلا عنها.

وفي هذا السياق، أعلنت شركة "ستاربكس" الأمريكية للمقاهي أنها ستوظف 10 آلاف لاجئ خلال السنوات الخمس القادمة، ردا على قرار منع استقبال اللاجئين، كما ندّد مسؤولو أبرز الشركات في "سيليكون فالي"، بينها "غوغل"، "مايكروسوفت"، و"فيسبوك"، بقرار ترامب ضد اللاجئين ومواطني الدول السبعة.


وتظاهر عشرات الآلاف في العديد من المدن الأمريكية منذ توقيع ترامب، على مرسومه الذي يمنع مواطني الدول الإسلامية السبعة من دخول بلادهم.


كما أصدرت خمس محاكم أمريكية (نيويورك، كاليفورنيا، وفرجينيا، وواشنطن، وماساتشوستس) أحكاما بتعليق تنفيذ الأمر الذي أصدره ترامب، وقضت ببقاء المواطنين من الدول السبعة الذين تم توقيفهم في المطارات، في الولايات المتحدة، وعدم ترحيلهم إلى الخارج، في تحد واضح لسلطة الرئيس الجديد.


وفي نفس السياق، أعلن ممثلو الادعاء في 16 ولاية أمريكية بينها كاليفورنيا ونيويورك وبنسلفينيا، في بيان مشترك، الأحد، تنديدهم بقرار ترامب.


ويدرس مجموعة من ممثلي الادعاء في ثلاث ولايات أمريكية (بنسلفانيا، وواشنطن، وهاواي)، رفع دعاوى قضائية لإبطال قرار ترامب.


مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، من جانبه، أعلن رفعه دعوى أمام القضاء الفيدرالي ضد الرئيس الأمريكي بعد إصداره قرارا تنفيذيا يستهدف المسلمين على وجه خاص.

الدولة العميقة

ولا يقف ترامب، في مواجهة المتظاهرين والمنظمات الحقوقية والمحاكم فقط، بل أعلن العديد من عمد المدن الأمريكية رفضهم تنفيذ قراراته على غرار نيويورك وبوسطن، وسياتل، وسان فرانسيسكو، رغم تهديد الرئيس الجديد بقطع التمويل الفيدرالي الخاص بها.


وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الجزائري حسني عبيدي إن "الدولة العميقة في أمريكا يمكن لها أن تؤثر على قرارات ترامب، فحكام الولايات لهم نفوذ كبير داخل الدولة ومن شأن تمردهم على الرئيس، ورفضهم قراراته أن يثنيه عنها".


لكن عبيدي أشار إلى أن "الانتخابات الأخيرة أثبتت أن الدولة العميقة منقسمة، فترامب فاز بفضل الناخبين الكبار وليس بعدد الأصوات".


وأضاف أن "الإعلام الأمريكي على غرار جريدتي نيويورك تايمز، والواشنطن بوست، وقناة سي إن إن، والذي يمثل أحد أوجه الدولة العميقة في أمريكا يمارس دور السلطة المضادة في مراقبة قرارات ترامب".


ولفت عبيدي إلى أن "المواطن الأمريكي في حد ذاته يمثل ركيزة الدولة العميقة ويمكنه التأثير على قرارات البلاد".

تمدد أوروبي

وعلى صعيد متصل، لم يخف المحلل السياسي السوري حاتم الزعبي تخوفه من أن تقوم أحزاب أوروبية باستنساخ القرارات التي أصدرها ترامب ضد اللاجئين ومواطني سبع دول إسلامية في بلدانها، نافيا أن يقتصر الأمر على الأحزاب اليمينية المتطرفة فقط.


وقال في هذا الصدد: "من خلال تجربتي في السويد، فلم يعد هناك فارق بين أحزاب يمينية ويسارية عندما يتعلق الأمر باللاجئين والمسلمين".


ووافقه الرأي حسني عبيدي، المقيم في سويسرا، والذي لم يستبعد، في حالة صمود مرسوم ترامب أمام الطعون المقدمة للمحاكم الأمريكية والضغوط الدولية الرافضة للمرسوم التنفيذي، أن يشمل قرار المنع دولا أخرى، بل قد تتبناه أحزاب أوروبية.


وأضاف: "إذا لم يتلق ترامب ردا قويا من الدول الإسلامية والأوروبية فإن القرار القادم قد يشمل منع كل المسلمين من دخول الولايات المتحدة مثلما وعد ترامب بذلك خلال حملته الانتخابية، فضلا عن فتح سجل للمسلمين الحاملين للجنسية الأمريكية لتسجيل أنفسهم إجباريا".


واعتبر أن الانتقادات الفرنسية والألمانية وحتى الأممية والدولية لقرار ترامب بمنع دخول اللاجئين السوريين ومواطني الدول الإسلامية الأخرى لبلاده لن يكون له تأثير كبير على ترامب.


ودعا عبيدي الدول الإسلامية إلى اتخاذ مواقف جماعية تجاه قرار ترامب، من خلال رفع دعوى قضائية لدى المحاكم الدولية الذي وصفه بأنه "ضد القيم الإنسانية العالمية، وضربة قوية لميثاق الأمم المتحدة، فلأول مرة يتخد قرار تنفيذي (في أمريكا) مبني على أساس العرق والدين".


وانتقد زعماء عدة دول على غرار ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد والدنمارك وسويسرا وإندونيسيا قرارات الرئيس الأمريكي وطالبوا منه التراجع عنها.


كما حذرت منظمة التعاون الإسلامي من أن "هذه الأعمال الانتقائية والتمييزية، من شأنها أن تُصعِّد من أوار خطاب التطرف وتُقوي شوكة دعاة العنف والإرهاب".


أما بالنسبة للدول الإسلامية المعنية بقرار ترامب، فأعلنت إيران أنها سترد بالمثل، أما السودان فاستدعى القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم للاحتجاج، في حين طالبت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان العراقي بالمعاملة بالمثل، فيما عبرت الخارجية اليمنية عن استيائها لقرار ترامب، وقالت إن مثل هذه القرارات "تدعم موقف المتطرفين"، فيما لم يصدر أي رد من الصومال، وسوريا، وليبيا.


وفي أول خطوة له إلى الوراء، أعلن ترامب، أمس، أن "الولايات المتحدة ستستأنف منح تأشيرات الدخول إلى أراضيها لمواطني جميع الدول خلال 3 أشهر بعد تطبيق سياسات أمنية أكثر حزما".

اعلان