لهذه الأسباب.. تركيا ترفع راية السنة في الموصل
في خطوة مفاجئة، ولأول مرة، رفعت تركيا راية السنة في العراق، عبر تهديات رئيسها رجب طيب أردوغان لحكومة العبادي تارة، ولإيران تارة أخرى، تزامنا مع بدء معركة الموصل.
دفاع تركيا عن سنة العراق، يأتي تزامنا مع اندلاع مواجهات بين الجيش العراقي والملشيات الإيرانية من جانب، وتنظيم داعش من الجانب الآخر، يتزامن معه وجود تركي في بعشيقة على حدود الموصل ثاني أكبر المدن العراقية ذات الأغلبية السنية، والتى تقع تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" منذ يوليو 2014.
وفي تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال: إن قوات بلاده لن تغادر معسكر "بعشيقة" شمال العراق، ولن تسمح بمعارك طائفية في الموصل أو تسليم المدينة إلى منظمة إرهابية أخرى" في إشارة لقوات الحشد الشعبي التى تصرّ على المشاركة في تحرير الموصل.
وأضاف أردوغان: "لن نسمح للإرهابيين بالسيطرة على الموصل، وعلى الإدارة المركزية في العراق أن تحل مشاكلها في البداية قبل أن تسمح أو ترفض"، وذلك في إشارة إلى رفض السلطات العراقية لتواجد قوات تركية على أراضيها ووصفها بـ"الاحتلال"
وأضاف: "نعرف سبب ارتفاع الأصوات فيما يتعلق بالموصل، كل ذلك لأننا نحاول تلافي الصراع المذهبي في العراق لكنهم يحاولون توتير الأجواء"، وتابع: "ديننا الوحيد هو الدين المبين دين الإسلام الحنيف والأمور الأخرى هي تأويلات ومذاهب وهي ليست دينا"
يزيد من المشاكل
وفي تصريح آخر لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال ، إنه يجب عدم ترك أهل الموصل السنة بين خياري تنظيم "داعش" أو المليشيات الشيعية.
وأضاف جاويش حسب تصريح أدلى به لوكالة الأناضول "السماح للميليشيات الشيعية من الخارج بالمشاركة في العملية، ثم إبقاؤها في الموصل، للأسف سيزيد من مشاكل المنطقة على المدى المتوسط والطويل"..
تغيير لهجة السياسة الخارجية التركية صاحبها علامات استفهام حول الأسباب التي أدت إلى تغيرها وأسئلة أخرى تتعلق بمدى تأثير هذه اللهجة على علاقات تركيا الخارجية لا سيما علاقتها مع إيران الداعم الرئيسي لقوات الحشد الشعبي.
تصريحات طائفية
الخبير في الشأن التركي الدكتور مصطفى زهران قال: إن قبل السؤال عن تغيير لهجة السياسة الخارجية التركية علينا مراجعة تصريحات الحكومة العراقية فهي تصريحات طائفية، مضيفًا أن وحدات الحشد واجهت اتهامات كثيرة بارتكاب انتهاكات في المناطق التي شاركت في تحريرها في السابق من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف زهران في تصريح لـ"مصر العربية"، تركيا تسعى للحفاظ على التركيبة السنية في الأراضي المجاورة لها والموصل على حدود تركيا، كما أنها تخشى من تغيير الطبيعة الديموغرافية للسكان الأصليين.
وتابع أن إصرار وحدات الحشد الشعبي على المشاركة يعود إلى الضغوط الإيرانية التي تحاول عبر أتباعها في العراق شق ممر عبر الموصل إلى سوريا، وهو ما لن تقبله تركيا أو تغض الطرف عنه.
وحول تغيير لهجة السياسة الخارجية التركية ومدى تأثير هذه اللهجة على علاقاتها مع إيران قال زهران: إن إيران تحرك أطرافها بالعراق ضد تركيا، لكن لا تدخل أو تتخذ موقفًا مباشرًا منها، فهي أكثر فهما بسياسة المنطقة.
وأشار المتخصص في الشأن التركي إلى أن أيران سياستها برجماتية وتتعامل وفق هذا المبدأ فتعامل إيران مع تركيا يختلف عن طبيعة العلاقات الإيرانية مع معظم الدول العربية فتركيا دولة قوية مؤثرة على المستوى الإقليمي والدولي وهو ما لا تستطيع إيران القفز عليه مؤكدًا استحالة تأثير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأنهى زهران حديثه قائلا: إن معركة الموصل هامة جدا وهى التى سوف تحدد مستقبل العراق كما أن حلب ستحدد مستقبل سوريا.
عراق موحد
في السياق قال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي: إنه لا يمكن أن تعزل تركيا عن ماضيها فالموصل انفصلت عن تركيا منذ 90 سنة، ومن قبل كانت جزءا من الأراضي التركية، ويحضرني هنا تصريح الرئيس التركي السابق عبدالله جول، حينما قال: إن بلاده تخلت عن الموصل من أجل عراق موحد، وهذا يعني أنه في حالة التقسيم تريد استعادة السيطرة عليها.
وأضاف صادق لـ"مصر العربية"، أردوغان يقدم نفسه على أنه حامي حمى الإسلام والسنة، كما أن غياب دور الدول المسلمة السنية الكبيرة مثل المملكة السعودية ومصر وانشغالهما عزز من موقفه وأعطاه فرصة للعب دور مؤثر، ومن هنا سارع للتدخل في العراق ليعلن بأنها الأحق برعاية الإقليم السني في العراق كما أعلن في سوريا من قبل ومن هنا نفهم تغير لهجة سياستها الخارجية.
وتابع، تركيا تريد أن تحجز منذ الآن موقعًا لها في منطقة تعتبرها جزءا من بلادها، أُجبرت على التخلّي عنه بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى بموجب اتفاقية سايكس- بيكو. مضيفًا، أيضًا تريد من التدخل فى تحرير الموصل للتأكد من أنه بعد هزيمة "داعش" عودة المواطنين الأصليين لموطنهم ولا يملأ مكانهم أكراد أو وحدات الحشد الشعبي، وهذا أيضًا من أسباب التدخل.
ويرى صادق أن العلاقات التركية الإيراينة قد تتأثر على المستوى الدبلوماسي، لكنهم لن يتطور بحيث تؤثر على العلاقات الاقتصادية خاصة أن التبادل التجاري والاقتصادي ضخم بين البلدين.
وتدهورت العلاقات بين أنقرة وبغداد إثر تواجد قوات تركية بالقرب من مدينة الموصل وصفتها السلطات العراقية بـ"الاحتلال"، بينما ترفض أنقرة مشاركة قوات الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من إيران في عملية تحرير الموصل من قبضة تنظيم "داعش".
وأضاف المتحدث باسم الحكومة التركية أن مدينتي كركوك والموصل (شمالي العراق) لهما أهمية بالنسبة لتركيا وأمنها. وتابع أن بلاده "ستبذل جهوداً من أجل عدم تغيير التركيبة السكانية في هاتين المدينتين؛ لأن حدوث أي تغيير فيهما سيكون له نتائج سلبية للغاية على تركيا"، مؤكدًا أنه "ليس لدينا أي خطط وأي حسابات لضم كركوك والموصل إلى تركيا".
ورداً على سؤال بخصوص احتمال تدخل تركيا بريا في حال تعرض معسكر بعشيقة الذي تتواجد فيه قوات تركية شمال العراق لأي هجوم، قال قورتولموش إن "تعرض المعسكر للهجوم لا يختلف أبداً عن تعرض أنقرة للهجوم".
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قد انتقد الدور التركي العسكري في بلاده وتصريحات أردوغان حول معركة الموصل المقبلة فرد عليه أردوغان بالقول: "أنت لست ندّا لي ولست بمستواي، وصراخك في العراق ليس مهمًا بالنسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وأن تلزم حدك أولًا."
وتابع أردوغان قائلا: "طلب منّا شخصيًا (العبادي) إنشاء قاعدة بعشيقة في عهد (رئيس الوزراء السابق) السيد أحمد داود أوغلو، جميع هذه التفاصيل موجودة على تسجيلات مصورة، وسيتم بثها اليوم أو غدًا عبر جميع المحطات التلفزيونية. تم دخول بعشيقة على هذا الأساس. أما الآن فيقول: ’انسحبوا من هنا‘ إن جيش جمهورية التركية لم يفقد شكيمته لكي يأتمر بأمركم. سنستمر بفعل ما يلزم كما فعلنا في السابق".
يذكر أن رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، أعلن في ساعة مبكرة من فجر الاثنين، الماضي، بدء معركة استعادة الموصل التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة"، "داعش"، وذلك بعد شهور من الإعداد لها.
وقال العبادي، في كلمة متلفزة، وهو يرتدي البزة العسكرية رفقة عدد من القادة العسكريين، من داخل مقر العمليات المشتركة، إن هدف المعركة هو تحرير المدينة من قبضة تنظيم "داعش".
وأضاف في كلمته: "لقد دقت ساعة التحرير، ونعلن بدء انطلاق عملية تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، بإرادة وعزيمة وسواعد العراقيين"، داعياً أهل الموصل إلى التعاون مع القوات العراقية، وخاطبهم قائلاً: "قادمون لتحريركم".
وتعد الموصل، الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر شمالي بغداد، ثاني أكبر مدن العراق ماتزال في قبضة "داعش" في كل من العراق وسوريا. ومنذ مايو الماضي، تدفع الحكومة العراقية بحشود عسكرية قرب الموصل، حتى بدأت في اقتحامها قبل أيام.