بحسب تقرير البنك الدولي..
بعد 5 سنوات من الصراع المسلح.. الفقر يُطارد الليبيين
يشكل تمزق المشهد المحلي في ليبيا بسبب المطالبات المتنافسة على السلطة علامة صارخة على إنزلاق ليبيا إلى انهيار اقتصادي رغم ثروتها النفطية، ما دعا البنك الدولي للتحذير من السقوط في براثن الفقر بسبب هبوط أسعار النفط وتعطل إنتاجه في ليبيا.
وبعد مرور 5 سنوات على سقوط نظام معمر القذافي، دخلت ليبيا في دوامة صراع داخلي غزته قوى دولية وإقليمية، لم تستطع الحكومات الليبية إحراز تقدم صوب إنهاء أعوام من الاضطرابات السياسية والصراعات المسلحة التي مزقت البلاد.
وحذر البنك الدولي في تقرير له من أن نسبة كبيرة من سكان ليبيا أصبحوا "على شفا السقوط في براثن الفقر" بفعل هبوط أسعار النفط، وتعطل إنتاجه، والجمود السياسي والصراع الشامل الذي يعصف بليبيا.
وأوضح البنك الدولي أن "ثلث السكان في ليبيا البالغ عددهم (6.3) مليون نسمة، يحتاجون إلى شكل ما من المساعدات الإنسانية، أي نحو ( 2.4 ) مليون شخص"، وفق تقرير سابق للأمم المتحدة.
ولدى ليبيا أكبر مخزون للنفط في إفريقيا، وتعتمد على إيراداته في تمويل أكثر من 95% من خزانة الدولة، وتمول منها بشكل رئيسي رواتب الموظفين الحكوميين، ونفقات دعم السلع الأساسية والوقود، وكذلك عدد من الخدمات الرئيسية مثل العلاج المجاني في المستشفيات.
وعقب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 إثر ثورة شعبية، دخلت ليبيا في مرحلة من الانقسام السياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقا.
ورغم مساعٍ أممية لإنهاء هذا الانقسام عبر حوار ليبي جرى في مدينة الصخيرات المغربية وتمخض عنه توقيع اتفاق في 17 ديسمبر 2015، انبثقت عنه حكومة وحدة وطنية باشرت مهامها من العاصمة طرابلس أواخر مارس الماضي، إلا أنها لا تزال تواجه رفضاً من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان شرقي البلاد.
ويظهر النزاع مدى الصعوبات التي تواجهها حكومة الوفاق للسيطرة على المالية العامة للبلاد حتى بعدما أذكى تعافي إنتاج النفط توقعات بانحسار الضغوط الاقتصادية.
وبحسب البنك الدولي إن إيرادات ليبيا من النفط هبطت إلى مستويات قياسية في وقت سابق من العام وتعاني البلاد من عجز ضخم تغطيه من الاحتياطيات الأجنبية التي انخفضت إلى 43 مليار دولار في نهاية 2016 من أكثر من 100 مليار دولار منذ ثلاث سنوات.
وخلقت القيود الصارمة المتعلقة بالحصول على العملة الصعبة سوقا غير رسمية مزدهرة للصرف حيث هبط الدينار مؤخرا إلى مستوى منخفض جديد بلغ نحو 5.25 دينار مقابل الدولار.
وأدت الضغوط المالية إلى نقص في المنتجات الغذائية المدعمة وهو ما دفع أسعار الغذاء للصعود 31 في المئة في النصف الأول من 2016 بحسب تقديرات البنك الدولي.
وتضاعف إنتاج النفط مؤخرا إلى نحو 600 ألف برميل يوميا بعدما استولى القائد العسكري في الشرق خليفة حفتر على موانئ نفطية رئيسية من فصيل منافس وسمح للمؤسسة الوطنية للنفط بإعادة فتحها. لكن الإنتاج لا يزال أقل كثيرا من مستواه قبل 2011.
بدوره قال الباحث السياسي بالمركز العربي الأفريقي محمود كمال، إنه على الرغم من أن البنك الدولي جهه تابعة للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه لابد من الأخذ في الاعتبار بالتقارير الصادرة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن يتضح من هذا التقرير أن خطة الغرب القادمة تجاه ليبيا هى إفقارها، أو بمعنى أدق العمل على توقف أكثر للانتاج وخلق روح سلبية بالداخل الليبي خاصة بعد التقدم الملحوظ للجيش الوطني في التصدي لداعش.
ولفت كمال إلى أن أمريكا تعلم تماماً أن ليبيا بها ثروات نفطية هائلة، وسارعت بنشر مثل هذه التقارير التي من الممكن أن تكون مؤشر حقيقي لكن بسبب توقف انتاج النفط، فالولايات المتحدة تريد صرف أنظار القوى المنافسة لها مثل روسيا عن ليبيا لتبدأ في الدخول الناعم بدعوى الاستثمار وذلك من أجل نهب النفط الليبي.
وأكد أن ليبيا لن تدخل في ثورة جياع، لكن الاتجاه الغربي الآن يدفع بليبيا نحو الحرب الأهلية وهى أخطر بكثير، خاصة عندما يكون الغرب هو يسعر نارها التي قطعاً ستأكل الأخضر واليابس في ليبيا.
ورأى الدكتور كامل عبدالله الباحث المتخصص في الشأن الليبي بمر الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن صندوق النقد الدولي لم يبالغ في تقريره الخاص بالوضع الاقتصادي المتردي في ليبيا، موضحاً أن هذا طبيعي نظراً لحجم الفساد المستشير في البلاد.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الصراع أحد أهم العوامل التي أدت لانهيار الاقتصاد الليبي، لافتاً أن لوبيهات الفساد تؤجج الصراعات من أجل الإفلات من المحاسبة.
وأكد أن الفساد يقف عقبة أمام المسار السياسي، فحتى الآن لم تجد حكومة الوفاق الليبي دعم مجتمعي واسع الأمر الذي صعب مهمتها بشكل كبير في غلق منابع الفساد.