5 أزمات تلاحق الأطفال في القدس
الاعتقال، والفقر، ونقص الغرف التعليمية، والحرمان الاجتماعي، إضافة إلى القوانين المتشددة، خمس ازمات أساسية يواجهها الأطفال الفلسطينيون في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بفعل ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي فيها.
وبحلول اليوم العالمي للطفل، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 20 نوفمبر من كل عام، يقول مختصون فلسطينيون في القدس للأناضول، إن آلاف الأطفال الفلسطينيين، يعانون يوميا من الإجراءات الإسرائيلية.
ويصل عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية إلى 316 ألفا، بينهم 119 ألفا دون سن 14 عاما، بحسب معطيات مركز القدس لدراسات إسرائيل (شبه حكومي إسرائيلي)، المختص بمدينة القدس.
وتؤكد المحامية نسرين عليان، من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل (غير حكومية)، أن الأطفال الفلسطينيون في القدس، يعانون من 5 معضلات أساسية.
وقالت للأناضول "أولا، هناك أكثر من ثمانية آلاف و500 طفل في مدينة القدس الشرقية، مصنفون على أنهم تحت خط الفقر، كنتيجة مباشرة لتفاقم الفقر في أوساط الفلسطينيين بالمدينة، نتيجة الدخل المتدني والضرائب الباهظة وارتفاع أسعار المساكن، وعزل القدس عن محيطها الفلسطيني".
وثاني الأزمات، فهي الإهمال الذي يعاني منه الجهاز التعليمي، بفعل السياسات الإسرائيلية، فهناك نقص بواقع ألفي غرفة مدرسية في القدس الشرقية، وهو ما عكس نفسه في نسبة التسرّب (المدرسي) العالية من قبل التلاميذ، حيث أن 33% من طلاب القدس لا ينهون 12 سنة دراسية (مراحل التعليم الأساسي والثانوي)، بحسب عليان.
وتابعت المحامية "ثالث الأزمات، الارتفاع الحاد في الاعتقالات الإسرائيلية في صفوف الأطفال، خاصة في السنوات الأخيرة، وما رافق ذلك من عمليات تعذيب وتحقيق خارجة عن القانون".
أما الأزمة الرابعة، فهي سنّ قوانين إسرائيلية تسمح باعتقال الأطفال دون سن 14 عاما، في مخالفة صريحة للقانون الدولي وحتى القانون الإسرائيلي نفسه، كما تقول.
وتتمثل الأزمة الخامسة، في السياسات الإسرائيلية التي تستهدف أهالي القدس، وتؤثر على الأطفال، مثل تجميد طلبات "لم الشمل"، وهي ما أدت إلى وجود شريحة كبيرة من الأطفال الذين ترفض وزارة الداخلية الإسرائيلية تسجيلهم، بدعوى أن أحد الوالدين من الضفة الغربية، وهو ما يمنع في كثير من الأحيان الأطفال من الحصول على الرعاية الصحية أو التطور الأكاديمي.
ورغم إعلان إسرائيل ضم مدينة القدس عام 1980، لكنها لم تمنح سكانها الفلسطينيين، الجنسية الإسرائيلية، بل أعطتهم هوية إسرائيلية (زرقاء)، وهي بمثابة تصريح إقامة دائمة.
ويعتبر سحب الهوية الزرقاء، إجراء عقابيا إسرائيليا معتادا، ويحق لوزارة الداخلية الإسرائيلية سحب البطاقة الدائمة، لمن ترى أنه "يشكل خطرا على إسرائيل"، وكل شخص يتبين أنه لم يولد بالقدس الشرقية.
وتؤكد إحصائيات رسمية فلسطينية، أنه تم سحب أكثر من 14 ألف بطاقة هوية زرقاء بين عامي 1967 – 2010.
وفي هذا الصدد، يشير زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (غير حكومي)، إلى أن السياسات الإسرائيلية في القدس تفاقم الفقر، وبالتالي المشاكل الاجتماعية، التي يكون الأطفال أول ضحاياها.
ويقول للأناضول "إجبار وزارة الداخلية الإسرائيلية، الفلسطينيين المقدسيين على إثبات أن القدس مركز حياتهم، يدفع الكثيرين للإقامة في المدينة بمنازل إيجاراتها مرتفعة، نظرا لنقص المساكن بفعل السياسات الإسرائيلية، أو العيش في منازل ضيقة جدا، وهو ما يسبب مشاكل اجتماعية يدفع الأطفال أساسا الثمن الباهظ لها".
وأضاف "تركت سياسة وقف منح لم الشمل للعائلات، آلاف الأطفال بدون تسجيل رسمي، وهو ما يحرمهم من الرعاية الصحية والتعليم وحق التنقل، خاصة إلى خارج القدس"، مبيناً "هناك فلسطينيين أعمارهم 20 عاما أو أكثر، ليس لديهم أي سجل رسمي في الدوائر الإسرائيلية".
وكثيرا ما يتزوج فلسطينيون أو فلسطينيات مقدسيون، من آخرين من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة، وهو ما يتسبب بحرمان الأطفال من التسجيل رسميا، في حال رفضت وزارة الداخلية الإسرائيلية معاملة الزواج، بحجة أن أحد الزوجين من خارج القدس.
من ناحيته، فقد لفت ناصر قوس، مدير نادي الأسير الفلسطيني في القدس (غير حكومي)، إلى تصاعد الاعتقالات الإسرائيلية للأطفال الفلسطينيين في القدس، خلال السنوات القليلة الماضية بشكل عام وهذا العام بشكل خاص.
وقال قوس "اعتقلت السلطات الإسرائيلية أكثر من 450 طفلا منذ بداية العام الجاري، تتراوح أعمارهم ما بين 12-18 عاما بزعم رشق الحجارة والزجاجات الحارقة ".
وأضاف "هذه الأرقام تمثل زيادة كبيرة عن العامين الماضيين، وتشير تقديراتنا إلى وجود 400 طفل حتى الآن في السجون الإسرائيلية".
وتابع" يترافق ذلك مع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، بما فيها التحقيق مع الأطفال دون تواجد محامي أو أحد أفراد العائلة، فضلا عن استخدام التعذيب ضد الأطفال لإجبارهم على الاعتراف بأمور لم يقوموا بها فعلا".
كما أشار قوس، إلى تشديد الحكومة الإسرائيلية من اجراءاتها ضد الأطفال، بما في ذلك السماح باعتقال الأطفال دون 14 عاما.
وقال "كلنا نذكر الطفل أحمد مناصرة، الذي تم الحكم عليه بالسجن الفعلي 12 عاما بزعم محاولة الطعن، وجاء ذلك بعد تعديل القانون الإسرائيلي بما يسمح باعتقال الأطفال دون سن 14 عاما في مخالفة صريحة لكل القوانين الدولية".
وأضاف مدير نادي الأسير في القدس "تعتقد الحكومة الإسرائيلية أنها بذلك تحقق الردع ضد الأطفال، ولكنها في حقيقة الأمر تنتهك الطفولة وتنتهك الحقوق الأساسية للأطفال التي نص عليها القانون الدولي".
وختم قوس حديثه قائلا "أطفال القدس يعانون الأمرين، وخير دليل على ذلك، ما تعرض له الطفل محمد أبو خضير (16 عاما) الذي اختطفه مستوطنون وأحرقوه حيا حتى الموت في يوليو 2014".