الصراع السني الشيعي في 2016.. إيران تنتصر
أتى عام 2016 بمثابة نجاح كبير للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ليؤكد نجاح إمبراطورية مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي ويرسخ قواعد العمائم السوداء كقوة متحكمة في مقدرات البلدان العربية السّنية.
عام 2016 استطاعت طهران فيه تحقيق مكاسب كبيرة في توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، فسيطرت على غالبية جيرانها، واستطاعت عبر أذرعها العسكرية والسياسية استنزاف القوى العربية المدافعة عن السنة كالمملكة العربية السعودية وحلفائها..
كما استطاعت العاصمة الشيعية الأولى في العالم "طهران"، تشييع 4 عواصم عربية، بحسب إعلانها قادة إيرانيين من قبل، وهي صنعاء وبيروت وبغداد، ودمشق.
ويعدّ عام 2016 أحد المحطات الهامة للصراع (السني الشيعي)، فهو بمثابة انتكاسة للدول التي ترفع راية السنة، وانتصار شيعي جديد، والذي بدأ يتصاعد على خريطة الشرق الأوسط مؤخرًا واليوم بلغ الصراع أشده.
الصدام الشيعي السني أعلن عنه صراحة في مارس 2015 ، حين أعلنت السعودية عملياتها العسكرية في اليمن، ضد الحوثيين، أعقبه دعم عسكري ولوجيستي إيراني لجماعة عبد الملك الحوثي.
العمليات العسكرية السعودية في اليمن في الأيام الأخيرة، لم تحقق أي إنجاز عسكري، بل رصدت تحركات عسكرية ميدانية لجماعة الحوثي، وسط تراجع للتحالف العربي، وكذلك طلب الأخير لهدنة غير مشروطة.
وتوهج الصراع السعودي الإيراني بداية العام الجاري، مع أحد أشد منتقدي العائلة المالكة السعودية، وكان مدافعًا عن الشيعة في المنطقة الشرقية في المملكة، نمر باقر النمر، أعقبه قطيعة للعلاقات السعودية مع طهران.
ومن اليمن إلى سوريا، الأزمة الأبرز والكارثة الإنسانية في العصر الحديث، تأتي أحد أهم الإنجازات الإيرانية في المنطقة، حيث قدم الحرس الثوري الإيراني مساندة جوهرية لنظام الأسد في معركته ضد المعارضة المسلحة السنية، حيث حشدت طهران المجموعات الشيعية من أرجاء الشرق الأوسط لحماية نظام الأسد المدعوم بشكل كبير من الطائفة العلوية الشيعية.
وأيضًا، جندت الوكالات الأمنية الإيرانية أعدادًا كبيرة من الشيعة الأفغان والباكستانيين للقتال في سوريا، وبالتالي أضحت الجمهورية الإيرانية لاعبًا رئيسيًا في البلد الذي تمزقه الحرب منذ 6 سنوات.
ومن سوريا إلى لبنان، فكللت إيران نجاحاتها في لبنان، واستطاعت الإتيان برئيس جديد للبنان بعد فترة شغور رئاسي استمر سنوات، وهو ميشال عون حليف حزب الله. كما نجحت إيران في لبنان أيضا، بإرسال مقاتلي الحزب للقتال في سوريا إلى جانب قوات بشار الأسد.
ومن لبنان إلى العراق، فالأمر أكثر انتصارا لطهران، والتي استطاعت عبر أذرعها تفتيت بغداد عسكريا وجغرافيا، كما استطاعت طهران شرعنة الحشد الشعبي الشيعي داخل صفوف الجيش العراقي بأمر البرلمان.
ومع تزايد التوغل الإيراني في العراق، بدأ الوجود الإيراني في العراق حين اعتمدت الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد بشكل متزايد على المساعدة الإيرانية للتعامل مع التهديد الذي يشكله (داعش)، بموجبه أرسلت طهران معدات عسكرية ومستشارين عسكريين إلى العراق، ودربت المقاتلين الشيعة المحليين على شن هجمات انتقامية ضد العراقيين السنة، نتيجة لذلك، أصبح بعض المقاتلين الشيعة المدعومين من إيران خارج سيطرة الحكومة العراقية.
وبعد أشهر من الوجود العسكري الشيعي بقيادة رجل إيران الأول قاسم سليماني، أصبحت الاستراتيجية الإيرانية المعتمدة على دعم الميليشيات أكثر وضوحًا منذ وصول تنظيم داعش إلى وسط العراق. نتيجة لذلك، أصبح للجمهورية الإيرانية موطأ قدم في واحدة من أهم البلدان العربية والسيطرة عليها.
وفي عام 2016 أيضا، لم يتوقف المد الشيعي الإيراني في البلدان العربية فقط، بل اتجهت الدبلوماسية الإيرانية إلى شمال أفريقيا ووسط آسيا، حيث تتواجد مجموعات شيعية بأعداد قليلة فقط. لكن القيادة الإيرانية راقبت عن كثب الموقف في شمال نيجيريا، حيث واجه الشيعة المحليون الجيش الوطني ومقاتلي جماعة بوكو حرام. كما دعمت رجال الدين والمجموعات الشيعية المؤيدة لإيران في أذربيجان والهند وباكستان، وبعض الدول الأخرى.
المحلل السياسي السوري أحمد المسالمة، إن إيران تقدمت سياسيا وعلى الأرض أيضًا بوجود أعداد شيعية بين السكان في العراق ولبنان وبمساعدة القادة السياسيين، ولكن شعبيا فهي في تراجع جراء ما تقوم به من غطرسة وجرائم بحق الشعوب والاضطهاد لها من قبل الآلة العسكرية الإيرانية الشيعية التي تبحث عن الجنة بقتل السنة.
وأوضح السياسي السوري لـ"مصر العربية" أن التمدد الإيراني بدأ منذ فترات زمنية سابقة بامتياز من الأسد الأب أولا، ثم الابن الذي تولى عرش الموت بعد أن كان الأب آله للجوع في سوريا وتقرب كثيرا من إيران التي كانت تتغلغل سياسيا واجتماعيا بحجة المقدسات الشيعية والسياحة الدينية وأرخى لهم حبال التمدد وجاء الابن الدموي وأرخى الحبال أكثر وأكثر.
وتابع: "بعد اندلاع الثورة أطلق يد إيران وشيعتها بسوريا لتكون إيران الأولى بالوقوف مع الأسد الابن وبعد مرور أوقات الثورة ودخولها بمنعطفات سقوط الأسد فجعل من سوريا مرتعًا للإيرانيين الذين سيطروا على المنازل والمناطق وفتح لهم أبواب التسجيل العقاري فتمكنوا من الاستيلاء على الأسواق و المنازل وأصبحوا أصحاب أملاك، ومع مرور الأيام والأسد يترنح وإيران تتوسع بسوريا.
وأشار إلى أن التدخل الروسي في سوريا جاء بعد فشل إيران بإنقاذ الأسد، فكان هناك تراجع للدور الإيراني بسوريا، فكان التدخل الروسي لإنقاذ الأسد والتخفيف والتقليل من سطوة الإيرانيين التي جعلت من الأسد دمية بأيديهم، فروسيا حجمت الدور الإيراني وكشفت قصورها بحماية وإنقاذ الأسد الذي بدأ ساقطا لولا تدخل الروس، فالتمدد الإيراني بسوريا توقف على الأرض ولكن ما يزال متواجد بقوة.
واستطرد المسالمة كلامه قائلا: "عسكريا ما يزال العرب غير مقاومين للشيعة بالشكل المناسب والمطلوب، فلبنان والعراق وسوريا واليمن كلها امتداد شيعي ولم يتم القضاء على هذا التمدد الذي يشكل كابوسا للشعوب في هذه البلدان.
أما إمكانية استعانة العرب بالأهواز، ففي الحقيقة فإن "الأهواز منكوبة وإيران تعتم عليها إعلاميا من عشرات السنين، ولم يقدم العرب والمسلمون الدعم أو العمل المطلوب لإنقاذها من القتل الإيراني والإعدامات التي تنفذ يوميا بحق أبنائها، والكرد مشغولون في بناء دولتهم وإقليم يجمع شتاتهم، والعرب والسعودية بغفلة عن ذلك ويعلمون كل شيء ولا يقومون بشيء ضد إيران بشكل مباشر.
الناشطة السياسية بحركة النهضة التونسية إيمان الطبيب رأت أن هناك تلازما واضحا بين تدمير المنطقة العربية على رأسها سوريا والعراق واليمن وبين الانتصار الإيراني وامتداده، وهذا ما يكشف بكل وضوح عن المخطط الإيراني التفتيتي بعد أن خلقت واقعا عسكريا خطيرا بسيطرتها على قلب الشرق الأوسط، بإنشاء إمبراطوريتها القومية عن طريق تموضع النظام الإقليمي لحساب المشروع المذهبي.
وأضافت الناشطة السياسية التونسي لـ"مصر العربية" أن حقيقة انتصار إيران تكمن في أنها حقا دولة قوية باتت الطرف الأكبر والأكثر تأثيرا في موازين القوى. إذ أنها أصبحت نِدًّا حقيقيا للغرب باقتصادها الإنتاجي وحنكتها السياسية ورؤيتها الإستراتيجية الواضحة والمتقدمة، إنها تخطو خطواتها نحو أهدافها بروية وحكمة بدعم أمريكي وروسي وطمأنة إسرائيلية تحت كذبة كبيرة عنوانها "الإرهاب السني هو الخطر الأكبر في العالم ووجب القضاء عليه".
وأنهت الطبيب كلامها: "في مقابل ذلك لم أرَ مواجهة حقيقية للصراع الإيراني، العرب يذهبون للقتال باسم الطائفية والدول العربية لازالت لا تملك القوة لمواجهة إيران ما عدا في العلاقات الدبلوماسية، مشيرة إلى أنه إذا بقي العرب مفككين فلن يتمكنوا من وقف بطش إيران ووقف مشروعها التمددي في الشرق الأوسط.