عودة طفل يزيدى بعد أن باعته داعش لغرباء في العراق

كتب: وكالات - رويترز

فى: العرب والعالم

09:13 03 فبراير 2017

 اسمه أيمن لكن الزوجين اللذين اصطحباه إلى قريتهما العراقية، بعد شرائه نظير 500 دولار أطلقا عليه اسم أحمد، وكان متشددو تنظيم "داعش" قتلوا أو استعبدوا والدى أيمن فى خضم اضطهادهم للأقلية الدينية اليزيدية التى ينتميان إليها ثم باعوا الطفل الذى لم يتجاوز عمره أربع سنوات إلى أم وأبى أحمد المسلميْن.

 

وعاش الطفل مع الزوجين لمدة 18 شهرا وظن أقاربه أنه مات، وهناك آلاف اليزيديين فقدوا منذ أن اجتاح المتشددون ديارهم فيما وصفتها الأمم المتحدة بأنها إبادة جماعية.

 

وعندما استعادت القوات العراقية شرق الموصل والمنطقة المحيطة به الأسبوع الماضى عثرت على أيمن وأعادته لمن تبقى من عائلته. وكان لم الشمل مليئا بالبهجة والفرح إلا أن انفصام الرباط بين أيمن ووالديه بالتبنى جلب حزنا جديدا.

 

وقال أبو أحمد متحدثا لصحفيين من رويترز أتت بهم القوات العراقية إلى منزله فى الراشدية شمالى الموصل وهو يتصفح صور الطفل على هاتفه المحمول "ها هو يركب دراجة هنا. وها هو واقف فى قاعتنا. هذه آلة للتمرين لعب عليها."

 

تهشمت نوافذ منزل الزوجين المكون من طابق واحد على الضفة الشرقية لنهر دجلة جراء انفجار دمر منزل جارهما فى دليل على ضراوة القتال الذى سيستمر عندما يهاجم الجيش الجانب الغربى الذى لا يزال تحت سيطرة داعش.

 

أفرغ أبو أحمد محتويات صندوق على السرير الذى اعتاد أيمن أن يشاركه فيه هو وزوجته: ألعاب أطفال على شكل سيارات ومكعبات بناء وكتاب لتعليم الأطفال الخط العربي.

 

وكانت أم أحمد هى التى فكرت فى تبنى طفل. فالزوجان ليس لديهما أطفال كما أنها سمعت أن داعش تبيع الأيتام فى بلدة تلعفر على بعد 40 كيلومترا تقريبا إلى الغرب من الموصل، وقالت أم أحمد التى ترتدى نقابا "هدفى كان إرضاء (الله). أردت للأمانة أن أعلمه دينى الإسلام."

 

أما زوجها الموظف الحكومى فعارض الفكرة لكنه لم يستطع إثناء زوجته التى ذهبت بمفردها لتشترى الطفل من دار أيتام يديرها المتشددون بمال كسبته من عملها كمعلمة.

 

وعلى الرغم من أن الطفل بكى ولم يرد الذهاب معها فقد استمالته بالقول "هيا..ستكون طفلي. سنعيش معا وسأشترى لك كل شيء."

 

تعود أيمن تدريجيا على والديه بالتبنى اللذين علماه العربية بدلا من اللهجة الكردية التى ينطق بها اليزيديون. وقال الأبوان للناس إن الطفل قريب لهما أتيا به ليعيش معهما وألحقاه بالمدرسة المحلية تحت اسم أحمد شريف لكن كان لا يبرح المنزل إلا نادرا.

 

وقالت أم أحمد "لقد كان ذكيا حقا. علمته الصلاة والوضوء. هل تعرفون كم حفظ من القرآن؟"

 

لم يريداه أن ينسى من هو بل شجعاه أن يتحدث عن حياته فى قريته حردان. لكن أم أحمد قالت "دائما ما حذرته ألا يخبر أحدا (بأنه يزيدي)."

 

وفرضت داعش تفسيرا متشددا للإسلام فى الموصل بعد اعتبار المدينة معقلا لها: فحظرت السجائر والتلفزيون والراديو وأجبرت الرجال على إطلاق اللحى والنساء على تغطية أجسادهن من الرأس إلى أخمص القدمين.

 

ووصف التنظيم اليزيديين الذين تشمل معتقداتهم مكونات من عدة ديانات قديمة فى الشرق الأوسط بأنهم عبدة للشيطان.

 

وفى بعض الأحيان سأل أيمن عن بقية أفراد عائلته لكن أم وأبا أحمد لم يعرفا ما حدث لهم باستثناء شقيقة له مراهقة سباها متشدد من تلعفر. وأتى المتشدد بأخت أيمن لتزوره عدة مرات لكن مصيرها الحالى غير معروف.

 

كما لا يعرف مصير أخ غير شقيق لأيمن بيع فى دار الأيتام قبله.

 

ومع تسارع الحملة التى تساندها الولايات المتحدة لطرد داعش من الموصل ووصول الفرقة التاسعة بالجيش العراقى إلى الراشدية بدأت الأمور تسير فى اتجاه معاكس بالنسبة لأم وأبى أحمد.

 

فعند دخول القوات القرية وصلت لقائد عسكرى معلومة عن احتجاز طفل يزيدى هناك فما كان منه إلا أن أرسل على وجه السرعة جنودا لاستعادته. ولم يكن أمام الوالدين بالتبنى خيار سوى تسليمه.

 

ويظهر مقطع مصور للحظة الفراق أيمن وهو متشبث بأم أحمد ومنخرط فى البكاء.

 

وفى المقطع الذى قدمته لرويترز جماعة إغاثة تعمل مع الجيش ناشدت أم أحمد الجنود الذين أتوا لأخذ أيمن أن يدعوه. وقالت "دعوه معى قليلا."

 

اعلان