من مصر إلى تونس .. دائرة ليبيا المفرغة تتسع
من تونس إلى المغرب ثم مصر والجزائر لتعود لتونس جديد، حلقة مفرغة تدور فيها المباحثات لإيجاد مخرج للأزمة الليبية المستعرة منذ عدة سنوات، ولكن دون الوصول لأي نتائج ملموسة.
آخر حلقة في الدائرة المفرغة كان اجتماع وزراء خارجية تونس والجزائر ومصر المتعلّق بالتسريع بحل الأزمة السياسية الراهنة والتحضير لقمة رؤساء الدول الثلاث المتوقع انعقادها في غضون شهر مارس الحالي في الجزائر.
وكعادة كل حوار حول ليبيا خرج الاجتماع الثلاثي ببيان يشدد على رفض التدخل الأجنبي في ليبيا، واعتبار اتفاق الصخيرات في المغرب هو مسار حل الأزمة بجانب إجراء التعديل عليه و تغيير المجلس الرئاسي وعدم إقصاء أي طرف من الأطراف، حمل البيان اسم "بيان تونس".
اتفاق
"تونس ومصر والجزائر متفقون على أن حالة الترقب والجمود لا يمكن أن تستمر ومن منطلق الواجب التاريخي فقد تم التحرك بسرعة لدفع الليبيين لتجاوز هذا الانسداد وفتح آفاق جديدة للحل السياسي عبر حوار ليبي ليبي بإسناد من الدول الثلاث وبرعاية الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى تعديلات توافقية للاتفاق السياسي بما يضمن تنفيذه وفقا للآجال المضمنة في الإطار" كان هذا ما قاله وزير الخارجية خميس الجهيناوي.
وفي ندوة صحفية عقب الاجتماع ذكر الجهيناوي أن بيان تونس يشكل ارضية لتكثيف وتعزيز الحوار بين الأطراف الليبية في إطار جدول زمني محدد يتم التوافق بشأنه لاحقا بعد التشاور مع الاطراف الليبية المعنية.
حوار القاهرة
ويأتي الاجتماع الثلاثي بعد أسبوع من اجتماع الفرقاء الليبيين في القاهرة بين كل من فايز السراج رئيس حكومة الوفاق المدعومة أمميا، وعقيلة صالح رئيس برلمان طبرق وخليفة حفتر قائد عملية الكرامة، الذين رفضوا أن يلتقوا بعضا وجها لوجه.
وأعلن المتحدث العسكري المصري العقيد أركان حرب تامر الرفاعي حينها باتفاق أطراف الصراع على حقن الدماء الليبية ووحدة الأرض الليبية وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في موعد أقصاه فبراير 2018 بجانب مراجعة تشكيل وصلاحيات المجلس الرئاسي، ومنصب القائد الأعلى للجيش الليبي واختصاصاته، وتوسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة.
"علاوة على "إجراء تعديلات دستورية لتضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري بلمسات البرلمان، وتشكيل لجنة مشتركة من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وبحد أقصى خمسة عشر عضواً عن كل مجلس".
وقبل شهر ونصف من الآن استضافت مصر حوار في القاهرة بين الأطراف الليبية المتنازعة واتفقوا على "وحدة التراب، والجيش، وحرمة الدم، وقبول الآخر، والحفاظ على مؤسسات الدولة، ورفض التدخل الأجنبي" كان الخلاف حول كانت في الدعوة لتعديل الاتفاق السياسي وإعادة النظر في من يتولى مهام القائد الأعلى للجيش، وإعادة هيكلة المجلس الرئاسي وإعادة النظر في تركيب مجلس الدولة.
الحل بعيد
عادل عامر الخبير السياسي قال إن الأمور في ليبيا لا تسير إلى الحل، فالمشكلة أنها باتت ساحة للحرب بالوكالة، فالمجموعة التي تحكم ليبيا ممثلة في حكومة الوفاق الوطني تدار من حلف الناتو ومعه إيطاليا وفرنسا حتى تظل ليبيا في صراع مستمر لاستنزاف الموارد الليبية، بحد تعبيره.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن محاولات دول الجوار لحل الأزمة الليبية وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين تأتي بالفشل لعدم صدق نوايا القائمين على الدولة الليبية.
وتابع:" مادام لا يوجد صفاء للنوايا في المفاوضات لن تؤتي أكلها أبدا"، واتهم كل من حفتر والسراج بالتعنت الشديد في تقديم أي تنازلات لحل الأزمة.
من جانبه قال كامل عبدالله المتخصص في الشؤون الليبية أن الاجتماع كان في سياق الترتيب لعقد القمة الثلاثية بين قادة مصر والجزائر وتونس والتأكيد على نتائج لقاءات القاهرة كقاعدة دفع لجهود الدول الثلاثة بشأن تحركاتها لحلحلة الانسداد السياسي في ليبيا.
وأكمل حديثه لـ"مصر العربية" أن القمة متوقفة على موقف الجزائر خاصة أن الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة ربما يؤخر عقد القمة المرتقبة.
الواقع متأزم
ورأى أن هناك محاولات حقيقية لفك الجمود في الأزمة الليبية لكنها تصدم بالواقع المتأزم داخل ليبيا.
ووقع اتفاق الصخيرات أو الاتفاق السياسي الليبي في مدينة الصخيرات المغربية 17 ديسمبر 2017 تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة في بإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر لإنهاء الحرب الأهلية الليبية الثانية المندلعة منذ 2014، وعلى ضوئه شكل فايز السراج حكومة الوفاق الوطني إلا أن برلمان طبرق المسيطر على الشرق رفض منحه الثقة وبالتالي رفض خليفة حفتر التابع لبرلمان طبرق التسليم لحكومة الوفاق.
وفي سبتمبر الماضي أمر حفتر قواته للسيطرة على الموانئ النفطية وطرد قوات حرس المنشآت التابعة لحكومة الوفاق منها.