بعد منع أوغلو من دخول روتردام..
تركيا وهولندا.. «قطيعة دبلوماسية» تلوح في الأفق
أزمة دبلوماسية بدأت تتصاعد في الساعات الأخيرة بين تركيا وهولندا، بعد منع الأخيرة هبوط طائرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي أراد التوجه إلى روتردام للمشاركة في تجمع مؤيد لتوسيع صلاحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الصدام التركي الهولندي جاء عقب مشادات كلامية بين تركيا وألمانيا، بموجبها دخلت النمسا وهولندا على خط المواجهة، تزامنا مع النظام التركي تنظيم عدة فعاليات تروج للتعديلات الدستورية في عدة دول أوربية خاصة ألمانيا التي يقطن بها مليون و400 ألف تركي يحق لهم التصويت على الاستفتاء المقر عقده إبريل المقبل، وأيضا هولاندا.
ولكن على ما يبدو أن أوروبا التي جلدت تركيا بانتقاداتها لحملة التطهير التي نفذتها أنقرة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، تعارض هذه التعديلات، عبر تصعيد دبلوماسي غير مسبوق، وهو ما يراه مراقبون.
خارجية تركيا
وفي الساعات الأخيرة، ومع إصرار خارجية تركيا زيارة هولندا، قررت السلطات الهولندية منع هبوط طائرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي أراد التوجه اليوم إلى هذا البلد للمشاركة في تجمع مؤيد لتوسيع صلاحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي هدد بالرد على الإجراء، وقال "هولندا فلول للنازيين والفاشيين".
جاويش أوغلو
وقال أردوغان خلال تجمع في اسطنبول: "هذه بقايا من النازية، هؤلاء هم فاشيون"، وأضاف "امنعوا وزير خارجيتنا من القدوم قدر ما تشاءون، ولنر من الآن فصاعدا كيف ستهبط رحلاتكم في تركيا".
وذكرت قناة (إن.تي.في) أن تركيا تستدعي القائم بالأعمال الهولندي إلى وزارة الخارجية.
وبينما تدور محادثات بين لاهاي وأنقرة، أعلنت الحكومة الهولندية في بيان أن "السلطات التركية هددت علنا بفرض عقوبات مما يجعل من المستحيل التوصل إلى حل منطقي".
السلطات الهولندية
وتابع البيان "لذلك أبلغت السلطات الهولندية أنها ستسحب الترخيص بهبوط" طائرة الوزير على أراضيها.
مارك روته رئيس وزراء هولندا
الكاتب الصحفي التركي زاهد قدو جول قال إن الرد التركي على الانتهاكات الدبلوماسية التي قامت بها هولندا اليوم بمنع جاويش أوغلو من دخول أراضيها لن تهدأ، فالعلاقات الدبلوماسية في طريقها للتعقيد.
وأوضح لـ"مصر العربية" أن أوربا لا تريد صلاحيات أقوى للرئيس أردوغان ممثل تركيا الأول، مؤكدا أن الأوربيون ليس لهم عداءات شخصية مع الرئيس، لكنهم يريدون إبقاء أنقرة بشكلها الحالي.
انقلاب تركيا
وتابع: "منذ الانقلاب الفاشل والشعب التركي عرف حقيقة أوربا، لذلك لم يعد يعول على الانضمام للاتحاد من عدمه، مشيرا إلى أن الأمور قد تتطور وتصل لقطيعة دبلوماسية وسياسية، ستخسر بموجبها هولندا.
وألمح أن عنصرية الهولنديين انكشفت بحجة الحفاظ على الأمن العام، قائلا: "الرئيس التركي كسب نقطة تعاطف لدى الشعب التركي الذي سيحدد مصيره في استفتاء أبريل المقبل.
أردوغان وميركل
المتخصص في الشأن التركي علاء فاروق، استبعد وجود قطيعة دبلوماسية بين تركيا وهولندا، نظرا للعلاقات التاريخية بين البلدين، مضيفا أن الضغط سيكون من جانب أوربا.
وأوضح المتخصص في الشأن التركي لـ"مصر العربية" أن أوربا تريد إبعاد تركيا عن النادي الأوربي، وبالتالي فاليمين الهولندي المتطرف يسعى برفضه زيارة جاويش أوغلو إضعاف أردوغان في هولندا عن طريق منع التصويت له وإحراجه.
وتابع: "هولندا لم تمنع التصويت فقط لأردوغان، بل تعمل دعاية عكسية لإحراج تركيا وأردوغان، عبر محطاتها التلفزيونية.
العلاقات التركية الألمانية
وعن بدء الصدام التركي الأوربي قبل أيام بين ألمانيا وتركيا، قال كرم سعيد المتخصص في الشؤون التركية إن الخلافات الألمانية التركية ممتدة ومع هذا تبقى مسارات التعاون ضرورية في العلاقات الألمانية التركية.
وأوضح في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" أن السلطات المحلية الألمانية تحججت بأن القاعات لن تستوعب الأعداد المشاركة في الفعاليات المؤيدة للرئيس أردوغان الذي كان سيحشد الجماهير للتصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية وبالتالي ألغتها، معتبرا السبب الحقيقي يعود إلى أن الاتحاد رافض لهذه التعديلات ويرى أنها للدكتاتورية وحكم الفرد في تركيا.
والدليل على ذلك كما يردف سعيد هو إعلان النمسا وهولندا رفض إقامة مثل هذه فعاليات تزامنا مع جولة كان من المقرر أن يجريها الرئيس التركي في أوروبا.
ولفت المتخصص في الشؤون التركية إلى السجل السابق للخلافات الألمانية التركية وكان أخطرها حين اعترف البرلمان الألماني بالمذبحة الأرمينية المتهمة فيها تركيا، وردت أنقرة باتهام ألمانيا بمساندة الإرهاب في إطار دعمها لحزب الاتحاد الكردستاني المصنف إرهابي.
وأكمل:" أوروبا شأنها شأن أمريكا ترى أن الأكراد رقم مهم في مواجهة داعش، و
اتهمت أنقرة في وقت سابق الطائرات الألمانية التي تنطلق من إنجرليك التركية بأنها حجبت عنها مواقع لحزب العمال الكردستاني وأعطتها فقط صور لمواقع داعش".
جاءت أزمة المراسل الذي يحمل الجنسيتين الألمانية والتركية لتزيد الاحتقان بين الجانبين، كما يرى سعيد، خاصة أن أنقرة اتهمته بأنه جاسوس ويدعو للانفصال، وهو الطريق الذي سلكته ألمانيا في وقت سابق حين اتهمت اتحادات إسلامية تركية لديها بالتجسس وتجنيد دعاة يجمعون معلومات عم حركة "الخدمة" التي اتهمها الرئيس التركي بأنها خلف محاولة الانقلاب الفاشلة، ألقت القبض على كثير من واعظي هذه الاتحادات.
ورغم جميع ما سبق يؤكد المتخصص في الشؤون التركية أن ألمانيا ما زالت في حاجة لتركيا من أجل حل أزمة اللاجئين، فهي من بيدها غلق هذه البوابة، وفي الوقت نفسه تركيا تحتاج ألمانيا في تهدئة خواطر الاتحاد الأوروبي بجانب الاحتياج للاستثمارات الألمانية والسياحة في ظل تعثر الاقتصاد التركي، وكلها عوامل تهيئ للحد من الصدام وهو المتوقع من لقاء وزيري الخارجية الألماني والتركي.
وكان وزير الخارجية التركي هدد في وقت سابق السبت بفرض "عقوبات شديدة" في حال منعته السلطات الهولندية من القدوم.
وبحسب وزارة الخارجية التركية، فإن جاويش أوغلو كان لا يزال في اسطنبول عندما أعلنت السلطات في لاهاي سحب الترخيص بهبوط طائرته.
هذا ومنع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته طائرة وزير خارجية تركيا قائلا: إن زيارته ستمثل تهديدا للأمن العام.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن قال جاويش أوغلو إنه سيسافر إلى روتردام رغم الحظر المفروض على إلقائه كلمة في لقاء جماهيري هناك.
تهديد تركي
وقال روته في بيان نشر على صفحته الرسمية على "فيسبوك" إن تركيا وترت المناقشات التي كان يمكن أن تسمح لجاويش أوغلو بدخول البلاد بدعوتها لعقد تجمع حاشد.
وقال روته إن التهديد التركي بفرض عقوبات إذا منع جاويش أوغلو من الدخول "جعلت التوصل لحل معقول مستحيلا".
يذكر أن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قال إنه سيزور مدينة روتردام الهولندية رغم حظر رسمي على إلقائه كلمة أمام تجمع تركي حاشد للدعوة لدعم الاستفتاء على تعديلات دستورية تمنح الرئيس رجب طيب أردوغان مزيدا من السلطات.
وقال جاويش أوغلو إن الحكومة_الهولندية، من الناحية العملية، تحتجز المواطنين الأتراك رهائن من خلال حظر اللقاءات الحاشدة معهم.
والحظر الهولندي هو الأحدث ضمن سلسلة في دول أوروبية أكثرها في ألمانيا على قادة أتراك ينظمون حملة لتأييد الاستفتاء على توسيع سلطات أردوغان.
وقال جاويش أوغلو في مقابلة مع تلفزيون (سي.إن.إن ترك) "هؤلاء الناس ليسوا رهائن عندكم".
هذا وكان رئيس بلدية مدينة روتردام الهولندية قد صرح الجمعة أن وزير الخارجية التركي لن يسمح له بالمشاركة في أنشطة مرتبطة بالاستفتاء التركي أثناء زيارته للمدينة السبت.
وأبلغ رئيس البلدية الصحفيين "هو لديه حصانة دبلوماسية وكل شيء ولهذا نحن سنعامله باحترام لكننا لدينا أدوات أخرى لمنع أشياء من أن تحدث في أماكن عامة".
هذا وتحولت الزيارات التركية لحشد الدعم إلى قضية مثيرة للجدل في هولندا التي تشهد انتخابات برلمانية يوم الأربعاء.
واتهم أردوغان هولندا التي يقيم فيها نحو 400 ألف شخص من أصل تركي بالعمل لصالح معسكر الـ"لا" في الاستفتاء الذي ستنظمه السلطات التركية في أبريل المقبل.