بإعفاء بنكيران .. المغرب ينتقل من الصفر إلى الصفر
5 شهور كاملة حاول فيها عبد الإله بنكيران أمين عام حزب العدالة والتنمية تشكيل الحكومة بعدما حصد حزبه الأغلبية في آخر انتخابات برلمانية، وكلفه العاهل المغربي محمد السادس بتشكيل الحكومة، حتى قرر ملك المغرب إعفاءه وتكليف آخر من حزبه بتشكيل الحكومة، ليعود المغرب لأول السطر من جديد.
مساعي بنكيران الحثيثة لتشكيل حكومة اصطدمت بتعنت بعض الأحزاب المشاركة للحكومة المنتهية ولايتها وإصرار أخرى على إشراك حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو ما رفضه بنكيران.
وبعد تعثر تشكيل الحكومة جاء قرار الملك نهائيا بعزل بنكيران، ولم يسم خليفة أمين عام حزب العدالة والتنمية، معتبرا قرار الإقالة يأتي من باب كسر الجمود وسير المؤسسات .
ورأى الملك في بيان صادر عن الديوان الملكي أنه لم يكن هناك مؤشرات توحي بتجاوز الجمود في طريق تشكيل الحكومة، وأثنى في الوقت نفسه على بنكيران قائلا إنه لم يدخر جهدا في مساعيه.
ووفقا للبيان فإن الملك محمد السادس قرر أن يعين رئيس حكومة جديد، على أن يكون شخصية سياسية أخرى من حزب العدالة والتنمية ضمن كل الاختيارات المتاحة التي يمنحها له نص وروح الدستور".
غموض
وينص الفصل 47 من الدستور المغربي على تعيين الملك لرئيس الحكومة من الحزب الفائز بالانتخابات التشريعية، ولا يشترط الفصل أن يكون رئيس الحكومة المعيّن هو من يتولى زعامة الحزب الفائز، ولكن تبقى المعضلة أن الدستور لم يشر إلى السبل المتبعة إذا أخفق الحزب الفائز بالانتخابات في تشكيل الحكومة وكذلك لم يعط مدة محددة يشكل فيها الحكومة.
وعقب الإطاحة به من تشكيل الحكومة أصدر عبدالإله بنكيران تعليمات لحزبه بعدم التعليق على قرار الملك.
تماشي مع الدستور
ورأى الدكتور عبدالفتاح الفاتحي أستاذ العلوم السياسية المغربي أن القرار الملك يبقى وفيا لمبادئ الدستور المغربي أي أن رئيس الحكومة يجب أن يكون من حزب الأغلبية.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن رئيس الحكومة ليس بالضرورة هو الأمين العام للحزب، حيث أن بنكيران استنفذ جميع محاولات تشكيل الحكومة دون أن يفلح بذلك، فإنه اقتنع بضرورة البحث عن خيارات أخرى.
وفي هذا السياق استبعده القرار الملكي على أساس ترشيح شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية لتباشر مفاوضات تشكيل الحكومة وفق أسس أكثر براغماتية ومرونة، بحسب الفاتحي.
سعد الدين العثماني الأقرب
وكشف المحلل السياسي المغربي أن من أبرز الشخصيات المرشحة لمنصب رئيس الحكومة المقبل سعد الدين العثماني لتجربته في أمانة حزب العدالة والتنمية، ولرؤيته الاعتدالية في التدبير السياسية، ولكونه امتلك تجربة في العمل الوزاري أيام شغله لوزير خارجية المغرب في حكومة عبد الاله بنكيران قبل التعديل الحكومي.
وفي حال تعثر خليفة بنكيران في تشكيل الحكومة، قال عبدالفتاح الفاتحي :" حينها يمكن الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة لاسيما أن الدستور يؤكد أن رئاسة الحكومة يجب أن تحصر في الحزب الحاصل على الأغلبية".
زكريا عبدالرحمن الخبير في الشؤون العربية رأى أن الملك أجرى مراجعات شاملة في سياساته الداخلية والخارجية، فغير موقفه تجاه الاتحاد الإفريقي متنازلا عن الشرط الذي قاطع بسببه الاتحاد سنوات طويلة، وهو سحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية.
مخطط
وداخليا كما يضيف لـ"مصر العربية" أراد الملك تشكيل حكومة ائتلافية واسعة تتكون من عدد كبير من الأحزاب بدلا من حزب أو اثنين فتكون ضعيفة ومشتتة بين الأحزاب حتى يظل القصر هو المرجع في كل شيء، بحد قوله.
ولفت عبدالرحمن إلى ضغوط مورست على بنكيران لضم أحزاب صغيرة للحكومة، متابعا:” لأول مرة نرى أحزابا تشترط مشاركة أحزاب مثل الاتحاد الاشتراكي - الذي حصل على 20 مقعدا فقط في البرلمان- في الحكومة، متسائلا أي ديموقراطية هذه".
الأحزاب غالت في مطالبها
وذكر الخبير بالشؤون العربية أن الأحزاب خاصة الصغيرة منها طلبت أكثر مما تستحق، مردفا أن تسمية رئيس آخر من حزب العدالة والتنمية ربما يحدث شرخا داخل الحزب بين مؤيدي بنكيران والمرشح لتشكيل الحكومة.
واستبعد إجراء انتخابات برلمانية جديد إذا تعثر المكلف الجديد بتشكيل الحكومة، مرجحا إسناد المهمة لحزب الأصالة والمعاصرة بذلك،
واختتم:” كل ما يجري من باب إضعاف اللاعبين السياسيين الفاعلين في المغرب، حتى تظل كل الخيوط بيد القصر".
ومنذ البداية رفض حزب الأصالة والمعاصرة صاحب ثاني أكبر عدد مقاعد في البرلمان والمقرب للقصر الانضمام للحكومة مقررا الانضمام لصف المعارضة، ولن يتحالف مع العدالة والتنمية.
ولم يرحب بالانضمام للحكومة سوى حزبي التقدم والاشتراكية والاستقلال بينما أرجأت بقية الأحزاب موافقتها
وأرجعت أحزاب، الاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، والتجمع الوطني للأحرار فشل تشكيل الحكومة إلى طريقة تعاطي رئيسها المكلف عبد الإله بنكيران مع المفاوضات.