في سوريا.. لماذا أنهت تركيا «درع الفرات»؟

كتب: أحمد علاء

فى: العرب والعالم

16:25 01 أبريل 2017

 

"قنبلة موقوتة حاولت تفجيرها عن بعد قبل أن تصل شظاياها داخل البيت التركي".. هكذا بررت أنقرة درع الفرات" target="_blank">عملية درع الفرات التي أطلقتها في سوريا قبل ثمانية أشهر، قبل أن تعود قبل ثلاثة أيام معلنةً انتهاء العمليات.

 

تركيا أطلقت العملية العسكرية في 24 أغسطس الماضي فاقتحمت الحدود مع سوريا بثقل كبير، لطرد من وصفتهم بـ"العناصر الإرهابية"، في إشارة علنية باستهداف تنظيم الدولة "داعش"، ومن وراء ذلك هدف مستهدف آخر، يتمثل في "الميليشيات الكردية".

 

وفي التاسع من مارس الماضي، أكَّدت أنَّها ستضرب المسلحين الأكراد في منبج السورية إذا ظلوا هناك، وبعد ذلك بـ20 يومًا أكَّدت تركيا نفسها أنَّها أنهت درع الفرات" target="_blank">عملية درع الفرات التي أطلقتها ضد الأكراد أنفسهم في سوريا نفسها، فطرحت نفسها تساؤلاتٌ.. لماذا أوقفتها؟، وماذا حققت؟، وماذا بعد؟.

 

توقف.. فعلي قبل رسمي

 

فعليًّا، توقَّفت العملية بعد مدينة الباب من دون إعلان تركي رسمي، وذلك عندما نزلت القوات الأمريكية على أرض منبج فعليًّا، وشكَّلت حاجزًا أمام قوات درع الفرات، وكذلك ما فعلته القوات الروسية بدعم قوات النظام والانسحابات السريعة لتنظيم "الدولة"، الأمر الذي سهَّل وصول قوات النظام لمناطق ريف منبج الجنوبي والغربي، قاطعًا الطريق أمام قوات درع الفرات جنوبا باتجاه الرقة - المقعل الرئيسي للتنظيم في سوريا، وكانت الإشارة الأولى لهذا الواقع، هي فشل اجتماع قادة الأركان الثلاثة في أنطاليا، وعدم قدرة تركيا على إقناع القيادة العسكرية الأمريكية بتبني خططها العسكرية التي أعدتها لتحرير الرقة بعيدًا عن مشاركة  قوات سوريا الديمقراطية.

 

 

إزاء مواقف، قد يراها محللون "مفاجِئة" في قضيةٍ بحجم سوريا، فإنَّ "شياطين التفاصيل" ستلعب دورها، وهنا ارتبط القرار التركي بزيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى أنقرة، وبات الحديث عن تفاهمات تركية أمريكية في هذا الأمر، لا سيَّما أنَّ فصائل " بي كا كا" الكردية التي تستهدفها أنقرة مدعومة من واشنطن.

 

الربط بين القرار التركي ودورٍ لواشنطن تزامن مع موقفين أمريكيين صدرا في غضون الأيام الثلاثة الماضية في مناسبتين مختلفتين، الأول اعتبر أنَّ إسقاط بشار الأسد لم يعد أولوية للولايات المتحدة، والثاني أنَّ بقاء الأسد من عدمه أمرٌ يحدده السوريون.

 

أمريكا والقرار

 

الخبير العسكري اللواء أحمد عبد الحليم قال إنَّ تدخلًا أمريكيًّا وراء إعلان تركيا انتهاء درع الفرات" target="_blank">عملية درع الفرات.

 

عبد الحليم أوضح لـ"مصر العربية" أنَّه مع انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة تغيَّرت سياسات واشنطن تجاه الأزمة السورية.

 

وأضاف: "أمريكا باتت تلتزم الحياد لحل الأزمة الدبلوماسية بعدما ظلَّت طوال فترة حكم باراك أوباما تقف في صف الطرف الداعم لإسقاط بشار الأسد، لكن الوضع سيتغير في المرحلة المقبلة".

 

 

زيارة وزير الخارجية الأمريكي لأنقرة مؤخرًا - كما يذكر عبد الحليم - هي سبب الموقف التركي الذي وصفه بـ"المفاجئ"، لافتًا إلى أنَّ أنقرة ستلجأ إلى الدبلوماسية في إطار تعاملها مع ما يخص محاولتها تأمين أمنها القومي من خطر المنطقة الحدودية مع سوريا.

 

"الخبير العسكري" رأى أن الفترة المقبلة ستشهد تغيرًا في طبيعة التعامل الدولي مع الأزمة السورية المستمرة منذ ست سنوات، في إشارة إلى اقتصار الأطراف الفاعلة في "محادثات أستانة" على حضور روسيا وإيران وتركيا كأطراف ضامنة.

 

وقال إنَّ الدول الكبرى تجمعها تضارب مصالح بما يتعلق بالأزمة السورية، غير أنَّه أشار إلى أنَّ تغيُّر التعامل الدولي مع القضية سيخدم الشعب السوري من أجل إنهاء الحرب التي أسقطت مئات آلاف القتلى وشرَّدت الملايين.

 

بيد أمريكا لا بيد أردوغان

 

الخبير العسكري اللواء نبيل أبو النجا اتفق مع ما سبق، بأن أكَّد دورًا أمريكيًّا وراء إعلان أنقرة إنهاء "درع الفرات".

 

أبو النجا قال لـ"مصر العربية": "الأكراد يرغبون في دولة كردية، وهذا الأمر سيعصف بتركيا لأنَّها مناطق الشرق بها ستكون تحت سيطرة الأكراد، لكن أنقرة تسعى إلى دولة منزوعة السلاح من سنجار حتى الإسكندرونة بعمق 27 كيلو مترًا، وهنا يتوقف الخوف التركي".

 

 

وأضاف: "خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي، تمَّ الاتفاق على أن تسحب أنقرة قواتها من المناطق السورية  مقابل أن تقدم لها أمريكا ما تريده من أجل حماية أمنها، وتركيا وافقت من أجل حماية قواتها من الخسائر الفادحة لأنها تواجه عصابات مسلحة وليست حربًا نظامية، وأيضًا لتوفير المعدات والآليات".

 

التغيُّر في الأزمة السورية يراه أبو النجا وقع رأسًا على عقب، لا سيَّما منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، حيث لم يعد إسقاط رئيس النظام بشار الأسد أولوية كما أعلنت واشنطن قبل أيام، لافتًا إلى أنَّ القوات الأمريكية باتت تساعد قوات النظام فيما تسمى بـ"محاربة الإرهاب".

 

أبو النجا قلَّل من جدوى المفاوضات، ومنها جنيف وأستانة، حيث وصفها بـ"الروتين الدولي"، مشدِّدًا على أنَّها لم تضف شيئًا لحل الأزمة.

 

الأزمة السورية المستمرة منذ ست سنوات وضع أبو النجا حلًا لها، لا سيَّما في ظل تغير المشهد العالمي حاليًّا، فقال: "إقامة المنطقة منزوعة السلاح، وإبعاد الإيرانيين والأتراك عن المشهد، واستقرار الأكراد في شمال العراق، واتفاق المعارضة السورية مع النظام لإجراء انتخابات ومن ثم يبدأ الإعمار.. هذه الأمور قد تنهي الأزمة".

 

 

خسارة تخشاها أنقرة

 

الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية تحدَّث عن تغير دولي في التعامل مع الأسد، لا سيَّما من قبل الولايات المتحدة التي ترى رحيله أو بقاءه في السلطة هو قرار مطلق للشعب السوري بدون تدخل من أحد.

 

اللاوندي قال لـ"مصر العربية": "إعلان تركيا انتهاء درع الفرات" target="_blank">عملية درع الفرات هو انسحابٌ يأتي لمحاولة التناغم مع الدول الغربية لأنَّ أمريكا لم تعد تتعامل من سوريا كما كانت إبان فترة حكم أوباما، فهي لم تعد عدوًا لسوريا".

 

في محاولة للتوازن والاتفاق مع واشنطن، جاء قرار التركي بإنهاء درع الفرات - كما يقول اللاوندي، الذي أشار إلى أنَّ تركيا خسرت أوروبا ولا تريد أن تسخر أمريكا، في إشارة إلى أزمات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع دول أوروبية بينها ألمانيا وهولندا، رفضت تنظيم تجمعات على أراضيها، تحشد للتصويت بـ"نعم" في الاستفتاء على التعديل الوزاري الذي سيجرى بعد 15 يومًا.

 

 وأضاف: "أردوغان يحاول ألا يخسر كل الأوراق ويحاول ألا يتدخل في سوريا أسوةً كما تفعل دول الغرب، والمستفيد من كل ذلك هو الشعب السوري الذي استطاع تغيير مواقف الغرب من السعي لإسقاط الأسد إلى الإيمان بأنَّ رحيله من عدمه مرهونٌ بإرادة الشعب".

 

 

تركيا.. تقاتل من يقاتل تنظيم "الدولة"

 

روبرت بيرسون السفير الأمريكي السابق لدى تركيا قال إنَّ أنقرة حقَّقت هدفين رئيسيين من درع الفرات" target="_blank">عملية درع الفرات، وهما تأمين حدودها الجنوبية من وجود تنظيم "الدولة"، وعزل الأكراد في غرب سوريا عن الأكراد في شمالها.

 

السفير السابق اعتبر أنَّ تركيا ركَّزت في سوريا على محاربة وحدات حماية الشعب الكردية، وأنَّه لم تثبت أنَّ هدفها الرئيسي هو هزيمة تنظيم "الدولة" بل هو هزيمة القوات التي تقاتل التنظيم، وهو ما يبرر – كما يرى - رفض واشنطن السماح بدور تركي في استعادة الرقة - المعقل الرئيسي للتنظيم في سوريا - ومساعدتها الأكراد لتحقيق ذلك، حسب "الجزيرة".

 

أهدافها.. ما تحقق؟

 

الإعلان التركي عن نهاية "درع الفرات" جاء بعد اجتماع مجلس الأمن القومي الذي وصف الدرع الفرات" target="_blank">عملية درع الفرات بالنجاح، وتحقيق الأهداف المرجوة التي وضعتها أنقرة، وهي طرد تنظيم "الدولة" وإبعاده عن الحدود التركية ومنعه من تهديد المدن التركية، ومنع قوات حماية الشعب الكردية من إقامة ممر بين الكنتونات الكردية في عين العرب وعفرين ومنع أي تواجد لها غرب نهر الفرات، وإقامة منطقة آمنة وبناء البنية التحتية تشجيعًا لعودة الآلاف من اللاجئين لمناطقهم كما حديث في مدينة جرابلس الحدودية.

 

 

المحلل التركي الدكتور مصطفى حامد أوغلو قال إنَّ الهدف الأول قد تحقق بعودة الأمن للمدن الحدودية ودحر تنظيم "الدولة" لمسافة بعيدة، فهو حاليًّا محاصر بمدينة الرقة.

 

أما بالنسبة للهدف الثاني، ذكر أوغلو – كما أورد "ترك برس": "لا يمكن القول إنَّه تحقق بالدرجة المطلوبة، فقوات الحماية الكردية لا تزال بمنبج غرب نهر الفرات، كما أنَّ قطع الممر لم يتحقق أيضًا بشكل تام.. صحيح أنَّ مدينة الباب شكَّلت فاصلًا بين عفرين وعين العرب كوباني لكن الالتفاف عليه أصبح ممكنًا، من خلال مناطق سيطرة النظام جنوب الباب وحلب".

 

وعن الهدف الثالث، قال: "بدأت بوادره تثبت صحة فكرته، حيث عاد الآلاف من السوريين لمدينة جرابلس، وهناك استعداد لعشرات الآلاف للعودة للباب وريفها الشرقي".

اعلان