غدا.. 23 مليون جزائري مدعوون لاختيار أعضاء البرلمان
تجرى بالجزائر، غداً الخميس، سادس انتخابات برلمانية تعددية في تاريخها، لتسمية 462 نائب بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، وسط مخاوف رسمية وحزبية من عزوف الناخبين، البالغ عددهم 23 مليوناً.
ومن المزمع أن تفتح غداً، بتمام الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (07: 00 تج)، قرابة 12 ألف مركز اقتراع أمام الناخبين، وأن تستمر العملية 11 ساعة، أي إلى السابعة مساءً بالتوقيت المحلي (18: 00 تج)، مع احتفاظ السلطات بحق تمديد العملية إذا اقتضت الضرورة، وفق قانون الانتخابات.
والسبت الماضي، بدأت عملية تصويت جزائريي المهجر، المقدر عدد ناخبيهم بنحو مليون، لاختيار 8 نواب عنهم بالبرلمان الجديد، فيما بدأ البدو الرحل، أمس الأول الإثنين، التصويت عبر مكاتب متنقلة، في المحافظات الجنوبية.
ويتنافس في هذه الانتخابات قرابة 12 ألف مترشح، يمثلون 53 حزباً و97 قائمة لمستقلين، وذلك لعهدة برلمانية من خمس سنوات بالمجلس.
وتشرف على هذه الانتخابات، للمرة الأولى، الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، والتي أقرها تعديل دستوري مطلع 2016، وتضم 410 عضو نصفهم من القضاة والنصف الآخر من المستقلين، ولها صلاحية التدخل العاجل في حال تسجيل تجاوزات خطيرة تخل بسير العملية، ويترأسها لأول مرة قيادي إسلامي سابق يدعى عبد الوهاب دربال، شغل سابقا عدة مناصب رسمية منها وزير وسفير.
كما يشارك في مراقبة الاقتراع أكثر من 300 مراقب دولي، يمثلون منظمات إقليمية ودولية، على رأسها الأمم المتحدة، وذلك بطلب من السلطات المحلية.
ووضعت السلطات خطةً أمنية كبيرة، لتأمين الانتخابات، تشمل تعزيز المراقبة على الحدود، في ظل استمرار معاناة البلاد من تهديدات إرهابية داخلية وخارجية.
وهذه الانتخابات هي السادسة من نوعها، منذ إقرار دستور الانفتاح السياسي عام 1989، وفازت أحزاب تتبع النظام الحاكم بكل الاستحقاقات السابقة.
كما تعد الأولى من نوعها بعد تعديل دستوري أقر مطلع 2016، منح صلاحيات جديدة للبرلمان، من أهمها إجبار رئيس الجمهورية على استشارة الأغلبية البرلمانية في اختيار رئيس الوزراء، إلى جانب حق كتل المعارضة في طلب إلغاء القوانين من المجلس الدستوري، وتخصيص جلسة شهرية لمناقشة جدول أعمال تقدمه مجموعة أو مجموعات برلمانية من المعارضة.
وتجمع أغلب وسائل الإعلام المحلية والمراقبون في الجزائر، على هاجس العزوف الشعبي، بعد تسجيل نسبة مشاركة هي الأدنى في آخر انتخابات برلمانية (2012)، حيث كانت في حدود 43%.
وتوالت مؤخراً تصريحات ودعوات من قبل كبار مسؤولي البلاد، أبرزهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس الوزراء عبد المالك سلّال، ورئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح، ووزير الداخلية نور الدين بدوي، تدعو لمشاركة واسعة من أجل "صون وحدة واستقرار البلاد التي تقع وسط جوار إقليمي متوتر".
وتركزت خطابات الحملات الدعائية للانتخابات حول ملف الأزمة الاقتصادية، التي تعيشها البلاد بعد انهيار أسعار النفط في السوق العالمية قبل عامين، وتراجع مداخيلها إلى النصف، حيث تؤكد أحزاب المولاة أنها نجحت في تخطي الأزمة دون انهيار كامل للاقتصاد، فيما تعتبر المعارضة ما وقع فشلاً للسلطة وأحزابها في توقع هذه الأزمة وخلق اقتصاد أقل اعتمادا على مداخيل النفط والغاز.
كما احتل الملف الأمني والدعوات للحفاظ على استقرار البلاد، وسط ظروف إقليمية متوترة، حيزاً مهماً في خطاب الأحزاب، على اختلافها.
وأمس الثلاثاء، صرح وزير الداخلية، أن تخوف السلطات ليس من العزوف ولكن مما يمثله من خطر على مستقبل البلاد، رغم تفاؤله بتسجيل إقبال شعبي على صناديق التصويت.
من جهته، أكد عبد الوهاب دربال، رئيس الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، أن العزوف له أسباب اجتماعية وثقافية ولا علاقة له بدعوات المقاطعة التي أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي.
ومنذ أيام، قال جمال ولد عباس، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، أنه يتوقع نسبة مشاركة في حدود 50%.
وأبدى ولد عباس تفاؤله بفوز حزبه، وحكم الجزائر 100 سنة القادمة.
وحتى اللحظة، تغيب أي توقعات حول نتائج انتخابات الغد، لافتقاد البلاد لمعاهد سبر آراء، فيما يعتقد مراقبون أن أي تغيير في المشهد السياسي مرهون بتسجيل نسبة مشاركة واسعة، وإلا ستبقى الخارطة التقليدية قائمة بعد هذا الاقتراع.
من جانبه، توقع عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في البلاد)، في تصريح أمس، حلول حزبه من بين الأحزاب الفائزة، دون أن يحدد عدد المقاعد التي يتوقع الحصول عليها.