تشكيل حكومة الوفاق السودانية
بتخمة وزارية .. البشير يخرج رابحا والمعارضة تحفظ وجودها
بين إرضاء المعارضة والخروج من مأزق المظاهرات و"تهدئة الجو العام" أعلن نائب الرئيس السوداني عمر البشير تشكيل حكومة الوفاق الوطني الجديدة برئاسة الفريق أول بكري حسن صالح، وتتكون من 31 وزيرا اتحاديا وأكثر من 40 وزير دولة، مع نائب واحد لرئيس الجمهورية وأربعة مساعدين.
تشكيل الحكومة جاء عقب لقاءات "الحوار الوطني في السودان" والذي جرى بمشاركة مجموعة كبيرة من المعارضين لنظام الحكم خلال السنوات الثلاث الماضية، وجاء عدد كبير منهم في الوزارة الجديدة.
تغييرات الحكومة الجديدة لم تشمل الوزراء فقط، بل امتدت إلى مجلس النواب، حيث تم تعيين أكثر من 65 نائبا برلمانيا من الأحزاب التي شاركت يضافون إلى 426 عضوا حالي، حيث شارك 40 حزبا سياسيا ونحو 30 حركة مسلحة بالحوار الوطني.
وقال رئيس الوزراء للصحفيين الفريق أول بكري حسن صالح في القصر الرئاسي مساء الخميس إن الحكومة الجديدة جاءت معبرة عن مخرجات الحوار الوطني الذي جرى في البلاد في المرحلة السابقة، مبررًا تأخر الإعلان عن حكومته بكثرة المشاورات لاستيعاب العدد الكبير من المشاركين بعدما رشح نحو 1500 شخص للمشاركة في الحكومة.
البشير الفائز الأول
"عمر البشير أول من خرج فائزًا من الحوار الوطني".. بهذه الكلمات أكد السياسي السوداني المعارض صالح أبو سرة مؤكدا أن البشير نجح في الهروب من مأزق انفراد حزب المؤتمر بالحكم.
وقال أبو سرة لـ"مصر العربية" إن البشير حاول خلال الفترة الماضية تهيئة "الجو السياسي العام" للقبول بفكرة المشاركة في الحكومة فقط، دون أي تغيير سياسي حقيقي على الأرض.
وأوضح:" النظام الاقتصادي للبلاد متدهور وتمخض الحوار الوطني عن حكومة لإدارة الأزمة الحالية في البلاد وليس لحلها واستئصال جذورها".
وشدد السياسي السوداني على أن القوى السياسية والحركات المسلحة في السودان سمحوا للبشير في تنفيذ مخططه، بقبولهم المشاركة في حكومة تضم هذا العدد الكبير من الوزراء لمجرد وجودهم في الصورة".
واستدرك:" كان هناك هبوط حاد لدى المعارضة في العمل السياسي، وليس بغريب مشاركتهم في تلك الحكومة، لأنه السبيل الوحيد لضمان بقائهم في المشهد السوداني".
إرضاء للمعارضة فقط
في نفس السياق يرى الدكتور سعد اللاوندي المحلل والخبير السياسي أن الرئيس السوداني عمر البشير حاول حل الأزمة مع المعارضة عن طريق إرضائهم بعدد من الحقائب الوزارية وبعض النواب، دون النظر هل تحتاجهم هذه المرحلة أم لا.
وأكد اللاوندي في تصريحاته لـ"مصر العربية" أن هذه الحكومة ستعمل على إرضاء البشير أولًا، وهو ما سينعكس سلبيًا على الشعب السوداني والإصلاحات الاقتصادية التي من المفترض أن تسير فيها.
ويعتقد أن تعيين هذا العدد الكبير من الوزراء والنواب "أمر طبيعي" في دول العالم الثالث، خاصة السودان الذي يعج بالكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية، فيخرج رأس النظام ليرضي المعارضة بحقائب وزارية ونيابية.
ويرى اللاوندي أن البشير سيحصل على "ما يريد" من هذه الحكومة، ومع أول خطأ سيسحب الثقة منها ويقيلها، والتاريخ يشهد على أن "التجربة مع البشير دوما مؤلمة".
ودعا للحوار الوطني في السودان الرئيس عمر البشير في يناير 2014 لحل أزمات البلاد الاقتصادية وإنهاء الحرب في أقاليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
واختتمت في العاصمة السودانية الخرطوم في أكتوبر من العام المنصرم أعمال المؤتمر بين الحكومة والمعارضة بالاتفاق على تشكيل حكومة تضم أطياف من المعارضين، وجرت مراسيم الاختتام وتوقيع الوثيقة بحضور عدد من الرؤساء الأفارقة بينهم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
وبعد تأخر تشكيل الحكومة ونشوب أزمات اقتصادية طاحنة أثرت على الكثير من عامة الشعب، دعا عدد من أحزاب المعارضة في السودان إلى عصيان مدني، قالوا إنه نجح إلا أن الحكومة أكدت فشله تمامًا.