عبدالله درويش.. مؤسس الحركة الإسلامية الذي خاض "معركة الكنيست"
كثيرا ما وُصف الشيخ عبد الله نمر درويش، مؤسس الحركة الإسلامية في إسرائيل، الذي توفي اليوم الأحد، بأنه شخصية مثيرة للجدل.
فقد بدأ حياته معتنقا أفكار جماعة الإخوان المسلمين، وأنشأ خلايا عسكرية لمقاومة إسرائيل، وأسس الحركة الإسلامية، لكنه تبنى في أواخر حياته أفكارا "حمائمية"، تسببت بانقسام الحركة.
وقد ولد الشيخ درويش في العام 1948، وهو العام الذي شهد نكبة فلسطين، وتأسيس دولة إسرائيل.
وكان مسقط رأسه في مدينة كفر قاسم بمنطقة المثلث، (شمال)، وتلقى تعليمه الأساسي وترعرع فيها.
وأكمل درويش دراسته في المعهد الديني في مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، وتأثر بفكر حركة الإخوان المسلمين وزعيمها الراحل حسن البنا، ليؤسس في العام 1972 الحركة الإسلامية، إلى جانب عدد من قيادات العمل الديني العرب في إسرائيل.
وكثيرا ما حرص درويش على نفي وجود علاقة تنظيمية مباشرة مع جماعة الإخوان، رغم أن الحركة الإسلامية في إسرائيل كانت تتبنى فكرها.
وارتكزت نشاطات الشيخ درويش، على نشر الدعوة والأعمال الاجتماعية والخيرية وبناء المساجد.
واعتقلته الشرطة الإسرائيلية في عام 1981 بتهمة تشكيل تنظيم سري باسم "أسرة الجهاد"، وحكم عليه بالسجن لـ 4 أعوام أمضى منها 3 سنوات قبل أن يفرج عنه.
بعد الإفراج عنه، أسس الشيخ درويش "حركة الشباب المسلم"، التي ركزت نشاطها بشكل أساسي على السلطات المحلية، وحددت آلية عملها على النهوض بأوضاع العرب في إسرائيل.
وشاركت الحركة الإسلامية في العام 1984 في انتخابات المجالس المحلية العربية لأول مرة.
وأحدث درويش انقلابا في فكر الحركة، عام 1996، حينما قرر المشاركة في انتخابات الكنيست "البرلمان" الإسرائيلي.
وتسبب هذا الأمر في انقسام الحركة إلى جناحين، جنوبي برئاسته، وشمالي، برئاسة الشيخ رائد صلاح، الذي يصر حتى الآن على رفض المشاركة في انتخابات الكنيست.
وفي عام 1996 شاركت الحركة الإسلامية "الجنوبية"، في انتخابات الكنيست بعد تحالفها مع الحزب الديمقراطي العربي في قائمة واحدة، وفازت بمقعدين.
وما ما تزال الحركة ممثلة حاليا في الكنيست، ضمن القائمة العربية المشتركة.
أما الحركة الإسلامية الشمالية، فقد حظرتها السلطات الإسرائيلية في نوفمبر من العام 2015.
وظل الشيخ درويش زعيمًا للحركة الإسلامية الجنوبية حتى عام 1998، ليعلن اعتزاله السياسة بسبب ظروفه الصحية، لكنه بقي زعيمًا روحيًا للحركة حتى وافته المنية صباح اليوم.
ويرى أنطوان شلحت، مدير وحدة "المشهد الإسرائيلي" في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) الواقعة في مدينة عكا (شمال)، أن درويش، كان نموذجًا يجمع بين "الشيخ"، الذي يتمسك بالمواقف الأصولية، وبين "المناضل الذي يتبنى مواقفًا وطنية ذات طابع براغماتي".
وأضاف شلحت " درويش جعل من الحركة الإسلامية الجنوبية حركة منفتحة ذات طابع وطني، غير منغلقة على نفسها".
وتابع: " كان الشيخ درويش منخرطًا بالعمل السياسي الكفاحي منذ نعومة أظفاره وقد دفع ثمن ذلك قبوعه في السجون الإسرائيلية لعدة سنوات، وأسس الحركة الإسلامية، التي لا تعتبر حركة دينية فحسب، بل حركة نضالية وطنية".
وتطرق شلحت إلى قضية مشاركة درويش في انتخابات الكنيست والتي أسفرت عن انقسام الحركة، وقال: " اعتقد أن دخول الشيخ للكنيست في عام 1996، كان بسبب حاجتنا كفلسطينيين في الداخل لخوض معركة الكنيست".
وأضاف: " لكنه كان يعلم جيدًا أن معركة الكنيست لم تكن ولن تكن المعركة الوحيدة، ولا يمكن أن تحقق جميع أهدافنا وطموحاتنا كفلسطينيين في الداخل".
وتابع: " أدرك الشيخ درويش أن معركة الكنيست ليست أم المعارك، لذا فقد عمل على ألا تكون الكنيست سقف العمل السياسي بالنسبة للحركة الإسلامية الجنوبية".
وأضاف: " كان يدرك أيضًا أهمية الساحات الأخرى بالنسبة للفلسطينيين في الداخل، لذا فلم يبدأ العمل السياسي بالنسبة له عند الكنيست، ولم ينتهِ عندها".
ورأى أن الشيخ درويش، عمل من خلال الكنيست على تحقيق عدد من الإنجازات لصالح الفلسطينيين بالداخل.
وأشار شلحت في نهاية حديثه إلى أن الساحة الفلسطينية داخل إسرائيل، بحاجة إلى نماذج سياسية مشابهة للشيخ درويش، كونها " لا تحتمل أي انغلاق، سواء قومي أو مللي أو طائفي".