قطع العلاقات مع قطر.. إلى أين يصل الصدام الخليجي؟
"قطع علاقات وغلق أجواء وتضييق حدود.. ماذا بعد؟".. هزة جديدة في الزلازل الخليجي الذي ضرب المنطقة قبل أيام، والذي بدأ بتصريحات منسوبة إلى أمير قطر تميم بن حمد حتى وصل إلى قطع العلاقات، وهو تصعيدٌ يفرض تساؤلًا عمَّا يمكن أن يصل إليه الصدام.
العاصفة التي هبَّت على الخليج بدأت بتصريحاتٍ نُسبت إلى تميم هاجم فيها دولًا خليجية ودعا لتحسين العلاقات مع إيران واعترف بوجود علاقات دائفة مع إسرائيل ووصف حزب الله بـ"المقاومة"، أحدثت زلزالًا رغم أنَّ الدوحة نفتها، وتحدَّثت عن اختراق تعرَّضت له وكالة الأنباء القطرية.
وفي تطور جديد اليوم، وبعد أيامٍ من حرب إعلامية بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى، قررت السعودية والبحرين والإمارات واليمن ومن ثمَّ مصر وحكومة شرق ليبيا قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر مع وقف حركة الطيران مع وغلق المنافذ الحدودية، وأرجعت ذلك لما أسمته بياناتها الرسمية تدخل الدوحة في الشؤون الداخلية للدول ودعم الإرهاب.
لم يقتصر الأمر على قطع العلاقات الدبلوماسية، بل وصل إلى غلق الأجواء والمنافذ الحدودية، بل وعدم السماح للقطريين المقيمين في هذه الدول بالوجود على أراضيها، وأملهم أيامًا للرحيل، وهو في إطار حملة ضغط واسعة، تهدف ربما إلى محاصرة قطر وعدم السماح لها باتباع سياساتها الراهنة التي تراها الدول المناهضة لها تضر بالأمن القومي.
عاصفة الخليج
وكالة الأنباء السعودية "رسمية" أوردت بيانًا حكوميًّا، جاء فيه أنَّ "حكومة المملكة انطلاقًا من ممارسة حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي، وحماية لأمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف، فإنها قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر، كما قررت إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية"، لأسباب تتعلق بالأمن الوطني السعودي.
وذكر البيان: "لقد اتخذت المملكة العربية السعودية قرارها الحاسم هذا نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة، سرًا وعلنًا، طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية منها جماعة (الإخوان المسلمين) و(داعش) و(القاعدة) ودعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف من المملكة العربية السعودية".
البحرين أصدرت بيانًا، أوردته وكالتها الرسمية، أعلنت فيه قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر حفاظًا على أمنها الوطني وسحب البعثة الدبلوماسية البحرينية من الدوحة وإمهال جميع أفراد البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد مع استكمال تطبيق الإجراءات اللازمة.
بيان إماراتي كذلك أفاد بأنَّ الحكومة قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، ومنع دخول القطريين إلى الإمارات، وأمهلت المقيمين والزائرين القطريين 14 يومًا لمغادرة البلاد لأسباب أمنية.
وقالت شركتا الاتحاد للطيران الإماراتية والإمارات إنهما ستعلقان رحلاتهما الجوية من وإلى قطر ابتداء من صباح الثلاثاء إلى حين إشعار آخر.
اليمن – التي تشارك فيها قطر بتحالف تقوده السعودية ضد الحوثيين – أعلنت قطع العلاقات، واتهمت قطر بالتعامل مع مليشيات الحوثيين "الانقلابية" ودعم الجماعات المتشددة.
الخارجية المصرية ذكرت: "الحكومة المصرية قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر في ظل إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر، وفشل كافة المحاولات لإثناءه عن دعم التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان، وإيواء قياداته الصادر بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن وسلامة مصر، فضلًا عن إصرار قطر على التدخل في الشؤون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الامن القومي العربي".
كما قالت وزارة الطيران المدني اليوم، إنَّ القاهرة ستبدأ حظر الرحلات الجوية المتجهة من وإلى قطر اعتبارًا من يوم غدٍ الثلاثاء الساعة السادسة صباحًا سواء بالعبور أو الهبوط إلى أجل غير مسمى.
كذلك، أعلن محمد الدايري وزير الخارجية في حكومة شرق ليبيا أنَّ الحكومة حذت حذو حلفاء إقليميين وقررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.
قطر ترد
كل هذه البيانات ردَّت عليها وزارة الخارجية القطرية بإعرابها عن الأسف، وقالت إنَّ "الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة".
وذكرت الوزارة أنَّ هذه القرارات تهدف إلى وضع قطر تحت الوصاية، وأنَّها تعد انتهاكًا لسيادة الدولة القطرية.
وتابعت: "لقد تعرضت دولة قطر إلى حملة تحريض تقوم على افتراءات وصلت حد الفبركة الكاملة ما يدل على نوايا مبيته للإضرار بالدولة علمًا بأنَّ دولة قطر عضو فاعل في مجلس التعاون الخليجي وملتزمة بميثاقه وتحترم سيادة الدول الأخرى ولا تتدخل في شؤونها الداخلية كما تقوم بواجباتها في محاربة الإرهاب والتطرف".
حراك دبلوماسي
هذا التصعيد الجديد جاء في وقتٍ متزامنٍ وكأنَّه اتفاق جرى بين هذه الدول على مقاطعة قطر للضغط عليها، وهذا التصعيد الأخير (قطع العلاقات) جاءت بعد يومٍ واحدٍ من زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى مصر، وبعد أيامٍ قليلةٍ من زيارة وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح إلى قطر، والتي أعقبها بأيامٍ قليلةٍ زيارة أمير قطر نفسه إلى الكويت.
ارتبط الحديث عن الكويت لتلعب دور "الوسيط" لرأب الصدع الخليجي، وهنا صرَّح وزير خارجيتها بأنَّ بلاده لم ولن تتوقف في جهودها لرأب الصدع.
أيضًا، مثَّلت زيارة الوزير السعودي إلى مصر نقطة ضوء في غياب التفاصيل وراء كل هذه التطورات، فقبل اللقاء نقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن مصدر "مصري" قوله إنَّ مناقشات شكري والجبير تتعلق بـ"تداعيات الأزمة التي أحدثتها تصريحات أمير قطر، ومحاولة التنصل من بيان الرياض الذي يلزم الموقعين عليه ومن بينهم قطر بتتبع أي تمويل أيًّا كان نوعه للتنظيمات الإرهابية".
وأضاف المصدر أنَّ الوزيرين يناقشان محاولات وساطة عرضتها أطراف عدة لحل الأزمة، لافتًا إلى اتفاق سعودي - مصري على ضرورة تغيير قطر سياساتها ومواقفها من إيران ومن الدعم المادي والمعنوي لمنظمات "مصنفة إرهابية"، واحتضان قيادات "إخوانية" ومتشددين، كشرط أساسي لقبول الوساطات التي تحاول حل الأزمة القطرية مع العواصم الخليجية ومصر.
وفي الثاني من يونيو أيضًا، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في جدة، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد.
وذكر بيانٌ إماراتي عقب اللقاء أنَّ المباحثات تطرَّقت إلى البحث في تعزيز العلاقات الأخوية الراسخة التي تستند إلى إرادة قوية ومشتركة لكل ما فيه خير البلدين، ومصلحة مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما تناولت المحادثات تطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة وأهمية تكاتف الجهود وتفعيل العمل العربي المشترك لمواجهة مختلف التحديات وفي مقدمها التدخلات الإقليمية العدوانية وأخطار العنف والتطرف وأعمال التنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
الرياضة على الخط
لم تسلم الرياضة مما يحدث، فأعلن فسخ عقد الرعاية مع الخطوط الجوية القطرية بناء على تعليمات حكومية بعد التوتر السياسي بين البلدين.
وكتب الأهلي في حسابه على "تويتر": "يعلن النادي الأهلي السعودي عن فسخ عقد الرعاية المبرم بين النادي الأهلي وشركة الخطوط القطرية وذلك اتباعا لتوجهات حكومتنا".
كما تردَّدت أنباء عن استقالات تقدَّم بها عددٌ من معلقي قنوات "بن سبورت".
أوضاع المنطقة
تفرض كل هذه التطورات تساؤلات عما يمكن أن يؤول إليه المشهد في المرحلة المقبلة، لا سيَّما على الصعيد الأمني وما يتعلق بمكافحة الإرهاب، باعتبار أنَّ قطر والسعودية تحديدًا متداخلتان في الأزمة السورية، ورغم أنَّ موقفهما يكاد يكون مجتمعًا على رفض نظام الرئيس بشار الأسد إلا أنَّ الرياض ترى أنَّ قطر داعمةٌ لجماعات متطرفة تهدِّد أمن المنطقة.
وجاء القرار في لحظة حرجة في المعركة ضد تنظيم الدولة "داعش"، فوحدات حماية الشعب الكردية السورية قالت أمس الأول السبت، إنَّها تتوقع أن تبدأ قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة خلال أيام عملية استعادة مدينة الرقة معقل التنظيم المتشدد في سوريا.
كما أنَّ الوضع في اليمن متداخل هو الآخر، وذلك باعتبار أنَّ قطر مثَّل أحد أعضاء التحالف العربي رغم أنَّ أنباءً أفادت بإقصائها من التحالف، فضلًا عن أنَّ الاتهامات تنالها بدعم ما تعرف بـ"الميليشيات الانقلابية"، في إشارة إلى جماعة أنصار الله "الحوثي" – المدعومة من إيران - والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
في هذا الشأن، قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس إنَّهما لا يتوقعان أن يؤثر قرار قطر" target="_blank">قطع العلاقات مع قطر في محاربة "الإرهاب"، لكنهما حثا الجانبين على حل خلافاتهما.
ومثَّلت إيران القاسم المشترك في أكثر التحليلات المفسِّرة للخلافات الخليجية، حيث ترى السعودية أنَّ قطر غرَّدت خارج السرب الخليجي قليلًا خلال الفترة الأخيرة من خلال زيادة التنسيق والتقارب مع المحور الإيراني ما يثير غضب المملكة كثيرًا.
اللافت هنا أنَّ الخلاف الخليجي دبَّ عقب القمة الإسلامية الأمريكية والتي حضرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تمَّ التعامل معها على أنَّها منعقدة خصيصًا لتقليم أظافر طهران في المنطقة، وربما تكون السعودية قد استغلت الدعم الأمريكي لها عقب المؤتمر للتصعيد ضد الدوحة.
وترى السعودية والإمارات وأطراف أخرى أنَّ التقارب بين الدوحة وطهران يضر باستقرار المنطقة وتحديدًا الخليج، واعتبروا أنَّ عليهم التصعيد ضد قطر التي حرص أميرها تميم على تهنئة الرئيس الإيراني مرتين خلال الأسبوعين الماضيين، واحدة لإعادة انتخابه رئيسًا وثانية بحلول شهر رمضان الكريم.
واعتبر سعوديون وإماراتيون ما فعله أمير قطر يمثل إصرارًا منه على علاقات جيدة مع إيران، إلا أنَّ آخرين يردون بالتذكير بتهنئة رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ونائبه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للرئيس الإيراني حسن روحاني، بمناسبة العيد الوطني لبلاده في 2015.
آثار اقتصادية
اقتصاديًّا أيضًا، فإنَّ عواقب كبيرة تنتظر قطر بعد قرار غلق المنافذ الحدودية وغلق الأجواء أمام الطيران مع قطر.
"رويترز" قالت إنَّ القطيعة الدبلوماسية بين قطر وجيرانها الخليجيين قد تكلِّف جميع الأطراف مليارات الدولارات بسبب ما ستسفر عنه من كبح حركة التجارة والاستثمار وزيادة تكاليف الاقتراض في وقت تعاني فيه المنطقة من تداعيات انخفاض أسعار النفط.
وأضافت: "بأصول تقدر بنحو 335 مليار دولار في صندوق الثروة السيادي التابع لها، تبدو قطر قادرة على تفادي أزمة اقتصادية بسبب قرار السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين قطع خطوط النقل الجوي والبحري والبري معها".
وتحدَّث تشارليز ليستر كبير الزملاء في معهد الشرق الأوسط عن أنَّ قطر تعتمد بقوة على إمدادات الغذاء الواصلة إليها عبر السعودية، ما يعني أنَّ غلق الحدود يضع تحديًّا كبيرًا أمام الدوحة.
كما تواجه الخطوط الوطنية القطرية مخاطر بأن تصبح الخاسر الأكبر، إذ أنَّ رحلاتها إلى أماكن مثل دبي وأبو ظبي والرياض والقاهرة، التي تُقدر بعشرات الرحلات يوميا، ستتوقف، فيما أعلنت الخطوط القطرية بالفعل إنها ستلغي خدماتها إلى السعودية أيضًا.
وصرَّح غانم نسيبة مدير شركة "كورنر ستون" للاستشارات: "إذا كانت هناك رحلة إلى أوروبا تستغرق في المعتاد ست ساعات، وأصبحت الآن تستغرق ثماني أو تسع ساعات لاضطرارها لتغيير مساراتها، فإن ذلك سيجعلها أقل جاذبية بكثير، وربما يبحث المسافرون عن أماكن أخرى".
أيضًا، أفادت المؤسسة العامة للموانئ بالسعودية بأنَّها أخطرت وكلاء الشحن البحري بعدم استقبال أي سفينة ترفع علم قطر أو مملوكة لشركات أو أفراد قطريين، وهي خطوة جاءت بالمثل لما فعله ميناء الفجيرة بالإمارات والذي أصدر مذكرة اليوم تحظر دخول جميع السفن التي ترفع العلم القطري وأي سفينة متجهة أو قادمة من الموانئ القطرية.
السيناريو المحتمل
أستاذ العلوم السياسية الدكتور سعيد اللاوندي استبعد حدوث وساطة بين قطر والدول الخليجية في الفترة المقبلة، معتبرًا أنَّ هناك إرادة خليجية لاستبعاد قطر ودورها في المنطقة.
وقال اللاوندي – لـ"مصر العربية": "من الصعب التكهن بما هو قادم، ولا أستبعد كافة المناورات السياسية في المرحلة المقبلة، لكن لا يمكن العودة إلى الصلح، ومن الممكن تجميد عضوية قطر في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومن الممكن نقل قاعدة العديد الجوية خارج قطر".
وأضاف أنَّ الإجراءات الخليجية ستحاصر قطر تجاريًّا وسياسيًّا، مؤكِّدًا أنَّ قطر سيصعب عليها التعامل مع هذه الضغوط.
أمَّا إدارة تميم، فرأى أنَّها سينصب اهتمامها في الفترة المقبلة على الأزمات الداخلية التي ستندلع جرَّاء السياسات القطرية، متابعًا: "تميم سيغرق في أموره الداخلية".
وعن استمرار الأزمة لفترة طويلة، أجاب قائلًا: "لا توجد أزمة في المنطقة العربية يمكن أن تحل، فنحن نرى الأزمة السورية والعراقية واليمن كلها أزمات لم تنتهِ، والأزمة الخليجية القطرية الحالية ولدت ولن تحل".
انهيار قطري
الجنرال السعودي أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية قال إنَّه إذا استمرت قطر فيما أسماه "تعنتها" ستنهار اقتصاديًّا، محذِّرًا من أنَّه خلال أسبوع ستنهار الخطوط الجوية القطرية بعد منع مرورها بالمجال الجوي السعودي والمصري والإماراتي.
وأضاف – لـ"مصر العربية": "كلما طالت مدة تعنت قطر كلما تزايد عدد الدول المتضامنة مع المملكة، وليس أمامها سوى عاملان إمَّا أن تغير سياساتها أو أن تتغير هي من الداخل بمعنى أن الشعب سيضيق ويغير هذه القيادة الحاكمة".
وتابع: "قطر منذ ثلاث سنوات حينما سحبت الدول العربية سفرائها من عاصمتها الدوحة، تعهدت بعدم دعم الجماعات الإرهابية إلا أنها لم تلتزم به، ولم تعد الدول تثق أو تقبل بأي تعهدات أخرى منها إلا إذا كانت تضمنها الدول الكبرى مثل أمريكا أو روسيا" .
واستطرد: "في هذه الأيام، الدول العربية أقرب إلى الوحدة من أي وقت مضى، لأنها استجابت لدعوة مصر والسعودية للاتفاق على أنَّ الهدف الاشتراكي الأعلى هو الأمن القومي العربي وهذا يعني أنه سيكون هو الهدف الذي ينضم إليه الجميع".
خطوة من ثلاث
أستاذ العلوم السياسية الدكتور سعيد عكاشة اعتبر أنَّ قطر عليها تجميد خطاباتها ضد الخليج أولًا ثمَّ التراجع في تلك السياسات حتى تتوافق رؤيتها مع المواقف الخليجية.
وقال عكاشة – لـ"مصر العربية" – إنَّ التقارب القطري الإيراني يؤثر على سياسات وأمن المنطقة، مؤكِّدًا أنَّ الدوحة لها دورٌ فاعلٌ في أزمات العراق وسوريا واليمن، ما يجعل هذا التقارب ضارٌ بالأمن الخليجي.
وأضاف أنَّ الخلافات الراهنة لا تتعلق بجماعة الإخوان أو قناة الجزيرة بقدر ما هي مرتبطة بالعلاقات مع إيران، مشدِّدًا على أنَّ تخوفات دول الخليج على أمنها من التدخلات الإيرانية والتحركات الأخيرة التي خاضتها المنطقة لتقليم أظافر إيران تجعلها تمارس تصعيدًا كبيرًا ضد السياسات القطرية.
عكاشة لم يستبعد خيار التدخل لإسقاط حكم تميم من أجل إجبار قطر على التراجع عن سياساتها الحالية، وشدَّد في هذا الإطار على أنَّ إسقاط النظام القطري سيضر بالمصالح الإيرانية في المنطقة بشكل كبير.
في العلوم السياسية - كما يقول عكاشة، فإنَّ أي دولة تقطع علاقاتها مع دولة أخرى يُنتظر من "الأخيرة" أن تعلن هي الأخرى قطع العلاقات غير أنَّ قطر لم تتبع تلك السياسة بينما استخدمت وصف "غير المبرر" لقرار قطع العلاقات.
سياسيًّا أيضًا، فسَّر عكاشة وصف "غير المبرر" الذي استخدمته الخارجية القطرية في بيانها للرد على الموقف الخليجي الجديد بأنَّ الدوحة لا تريد التصعيد مع هذه الدول.
ورأى أيضًا أنَّ الأمريكيين والأوروبيين قد يتدخلون إذا ما تحركت السعودية لإسقاط نظام تميم حتى وإن كان ذلك بعمل عسكري – حسب قوله، غير أنَّ أشار إلى أنَّ الغرب لن يتدخل لحماية مصالح النظام القطري.
ولم يستعبد عكاشة حدوث انقلاب قطري إذا ما استمرت إدارة تميم على سياساتها الراهنة، مرجعًا ذلك إلى خطورة مستقبل الصدام الراهن على الدولة القطرية.
هل تندلع الحرب؟
بيتر سلوجيت أستاذ الأبحاث الزائر في معهد الشرق الأوسط التابعة للجامعة الوطنية في سنغافورة أعرب عن اعتقاده بأنَّ التوتر الخليجي لن يقود إلى حرب محتملة، غير أنَّه رأى أيضًا أنَّ السعودية ستميل إلى المغامرة في اليمن.
وأضاف - في حديثٍ لشبكة "CNBC" – أنَّ قرار قطع العلاقات محاولة واضحة لإعادة القطريين إلى حظيرة الخليج، والابتعاد عن تقديم الدعم لإيران أو جماعة الإخوان.
وأشار إلى أنَّ حكومات السعودية والإمارات والبحرين واليمن ومصر على وعيٍ كامل بخطورة جماعة الإخوان نظرًا لما تتمتع به من دعم كـ"حزب سياسي" في قطر.