بدون حركة حماس..
حكومة الفصائل لأبو مازن.. ماذا تخبئ للفلسطينيين؟
لا تزال أزمة تشكيل حكومية فلسطينية دون حركة المقاومة حماس تثير الكثير من علامات الاستفهام، بشأن إمكانية التشكيل، ومدى قبول واعتراف الدول بها، خصوصا العربية.
أزمة حكومة عباس الجديدة ربما تدفع المشهد الفلسطيني إلى الأسوأ، خصوصا مع تعنت الرجل واستمرار المشاورات بإقصاء حماس.
ومنذ اليوم الأول من بدء مشاورات تشكيل الحكومة، تدور في الساحة الداخلية موجة خلافات عميقة حول هذه الخطوة، وسط رفض كبير من فصائل منظّمة التحرير المشاركة فيها، واتهام يوجَّه لعباس "بتعميق الانقسام والمساعدة في فصل غزة عن باقي الوطن، بسبب خلافاته القائمة مع حماس".
ومؤخرا، كشفت مصادر فلسطينية بالضفة الغربية المحتلّة عن وجود تدخلات عربية غير مسبوقة في المشاورات التي تجري منذ عدة أيام في ملف تشكيل "الحكومة الفصائلية"، التي من المقرّر أن ترى النور خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأكدت المصادر وفق تقارير إعلامية، أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يريد أن تحظى حكومته المقبلة بتأييد عربي ودولي وحتى إسرائيلي، وذلك تفادياً لحدوث أي عقبات أو عراقيل من شأنها أن تعطّل عمل حكومته.
وأوضحت أن هناك مشاورات تجري على قدم وساق مع دول عربية من أجل تشكيل تلك الحكومة، "ومنها مصر والسعودية، اللتان تتدخلان بشكل مباشر في المشاورات وتطرحان أفكاراً تتعلّق بوزرائها"، مشيرةً إلى أن تلك الدولتين ترغبان بأن تكون حكومة فلسطينية "تحظى برضا الجميع في الخارج أكثر منه في داخل فلسطين".
المصادر ذكرت أن الحكومة قطعت شوطاً كبيراً في المشاورات الداخلية ومع الدول العربية، وتم إنجاز بعض الخطوات الهامة، لافتةً إلى أن عباس أبلغ مصر والسعودية وحتى الأردن بأن رئيس الحكومة المقبلة سيكون من قيادة الصف الأول لحركة "فتح".
وأضافت: "من بعض النصائح التي قُدّمت لعباس بملف تشكيل حكومته الجديدة من قبل الدول العربية، أن تتكوّن معظمها من شخصيات تحظى بقبول ورضا من قبل إسرائيل، وألا تكون تلك الشخصيات محل خلاف مع دولة الاحتلال وحتى الإدارة الأمريكية، ليسهل عمل الحكومة".
وكشفت المصادر أن موعد إعلان الحكومة وأداء اليمين الدستورية أمام عباس في مقرّ المقاطعة برام الله سيكون في الثلث الأخير من شهر فبراير الجاري، ومن المرجّح أن يكون في الـ25 من ذات الشهر على أبعد تقدير، بعد الانتهاء من كافة المشاورات مع الفصائل والقوى الوطنية.
وقالت المصادر ذاتها: "هناك إجماع على بعض الشخصيات، ولكن حسب معظم المؤشرات والمشاورات المحلية والخارجية مع الدول العربية سيكون محمد اشتية، عضو اللجنة المركزية في فتح، له الحظ الأوفر في منصب رئاسة الحكومة، وخاصة أن اسمه تمت التوصية عليه من قبل الدول العربية، ويحظى بقبول إسرائيلي وأمريكي".
ويتطلّب تشكيل حكومة جديدة تكليف عباس، المنتهية ولايته، شخصية جديدة أو رئيس الوزراء الحالي نفسه لاختيار وزراء الحكومة، ويكون ذلك خلال أسبوعين من التكليف، وفق ما ينص عليه القانون الفلسطيني.
والثلاثاء الماضي (29 يناير)، قال رئيس الوزراء المستقيل، رامي الحمد الله، إن حكومته وضعت استقالتها تحت تصرّف الرئيس عباس، عقب توصية اللجنة المركزية لحركة فتح بتشكيل حكومة جديدة.
وقبل أيام أوصت اللجنة المركزية لحركة "فتح" بتشكيل حكومة فصائلية سياسية؛ من فصائل منظمة التحرير، وشخصيات مستقلة، مبرِّرة الدعوة بـ"تعثّر ملف المصالحة مع حركة حماس"، في حين تعتبر "حماس" أن وضع الحكومة نفسها تحت تصرّف عباس يُعدّ "انتهاكاً جديداً يعمّق الأزمة الفلسطينية ويُضعف الجبهة الداخلية"، وفق تصريح للمتحدث باسم الحركة، حازم قاسم.
الجدير ذكره أن كلاً من حكومة الاحتلال والولايات المتحدة يشترطان على حركة "حماس" الاعتراف بـ"إسرائيل" ونزع سلاحها، في حال دخولها الحكومة الفلسطينية، في حين ترفض "حماس" هذه الشروط.
والأسبوع الماضي، شكّل عباس لجنة للتشاور مع الفصائل لتشكيل حكومة فصائلية، مكوّنة من أعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح"؛ حسين الشيخ، وروحي فتوح، وعزام الأحمد، وتوفيق الطيراوي، وأمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح"، ماجد الفتياني.
ومن شأن خطوة تشكيل الحكومة أن تعمّق من الانقسام السائد بين "فتح" و"حماس"، التي لم تفلح في إنهائه -منذ العام 2007- أي اتفاقيات للمصالحة، أحدثها اتفاق العام 2017؛ بسبب نشوب خلافات حول قضايا عديدة، منها تمكين الحكومة في غزة، وملف الموظفين الذين عيّنتهم "حماس" أثناء حكمها للقطاع.
هذا، وبحثا عن إتمام المصالحة الفلسطينية والتهدئة بين حركتي فتح وحماس، غادر وفد قيادي من حركة حماس، يرأسه رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، قطاع غزة، متوجّهًا للعاصمة المصرية القاهرة، من أجل عقد لقاءات مع المسؤولين المصريين حول ملفي المصالحة الفلسطينية والتهدئة.
وتشهد الساحة الفلسطينية انقساماً سياسياً، منذ عام 2007، بين حركتي "حماس" و"فتح" أثّر في حياة الفلسطينيين وقضيتهم، وفي عام 2011 تم التوصل إلى اتفاق للمصالحة، نصّ على تشكيل حكومة توافق وطني، تكون مهمتها الإعداد للانتخابات، لكن هذا الاتفاق لم يجد طريق التنفيذ على أرض الواقع حتى هذه اللحظة.
في حين يتعرض قطاع غزة المحاصر لخناق وقصف عنيف منذ أيام، من قبل مقاتلات جيش الاحتلال الصهيوني، وسط تزايد لمعاناة أهالي القطاع.