بقانون إخراج أمريكا.. إيران تحارب واشنطن من العراق
يبدو أن العراق سيظل أرضا خصبة لتصفية الحسابات، ففي هذه المرة حولت إيران خلافاتها حول ملفها النووي بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية إلى أرض العراق من خلال دفع حلفائها بالبرلمان العراقي إلى إصدار قانون القوات الأجنية الأمر الذي انقسمت حوله القوى السياسية العراقية.
ويشهد البرلمان العراقي حراكاً نيابياً تقوده جهات رافضة للوجود الأمريكي في العراق؛ لإنجاز قانون يصوّت عليه نهاية شهر مارس الحالي، لإخراج هذه القوات من العراق، فيما يرى آخرون أن هذا القانون لا يخدم إلا إيران.
وكانت القوات الأمريكية قد عادت إلى العراق بشكل رسمي بعد أحداث 10 يونيو من صيف 2014، عقب سيطرة تنظيم "داعش" على مساحات شاسعة شمال العراق وغربه، تحت مسمّى قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وشارك طيران التحالف في كافة المعارك، كما أدّى دوراً كبيراً في القضاء على تنظيم "داعش" في العراق.
اتهامات
وبحسب ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، في مايو 2018، فإن عدد القوات الأمريكية في العراق وسوريا بلغ نحو 5 آلاف عسكري، مشيرة إلى أن هذا الرقم تقريبي.
لكن مصادر غير رسمية تحدثت في تقارير سابقة، فإن العدد الحقيقي أكبر بكثير مما ذكرته وزارة الدفاع.
ومع عزم جهات سياسية الإسراع في التصويت على قانون إخراج القوات الأمريكية، نشبت خلافات حادّة بين القوى السياسية في العراق، وخصوصاً بين كل من تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وتحالف الفتح الذي يمثل مليشيا الحشد الشعبي، بزعامة هادي العامري.
حيث اتهم الأخير رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، بإعادة القوات الأمريكية إلى العراق بعد أن انسحبت منه، نهاية عام 2011، في حين رفض تحالف النصر الاتهامات الموجّهة إليه.
صراعات
ورداً على الاتهامات التي وُجّهت إلى زعيم تحالف النصر، حيدر العبادي، قال القيادي في التحالف نفسه، علي السنيد، في بيان: إن "تصريحات النائب عن تحالف الفتح، كريم عليوي، التي اتهم فيها زوراً العبادي بإعادة الأمريكان إلى العراق، بعيدة كل البعد عن الحقيقة"، داعياً "عليوي" لسؤال زعيم تحالفه هادي العامري عمن طلب دخول الأمريكان إلى العراق لمساعدته في مواجهة داعش، عندما كان العامري وزيراً للنقل في حكومة المالكي الثانية.
وأضاف: إن "العبادي قام بتنويع جنسيات القوات الموجودة في البلاد بعدما كانت محصورة بالأمريكية فقط"، لافتاً إلى أن "العبادي لم يكن جزءاً من العقوبات الأمريكية ضد إيران".
وفي سياق هذا الموضوع قال مصدر مقرّب من الحكومة العراقية في تصريحات صحفية: إن قوى سياسية مقرّبة من إيران تمارس ضغوطاً على قوى سياسية ونواب من أجل تمرير قانون إخراج القوات الأجنبية من العراق، استجابة لرغبة إيران التي تسعى إلى إبعاد العراق عن الهيمنة الأمريكية في المنطقة لصالحها .
وأضاف: إن "قوى سياسية تبادلت الاتهامات بالخضوع للضغوطات الأمريكية من جهة، والإيرانية من جهة أخرى"، مشيراً إلى أن "قوى سنية اتهمت شخصيات سياسية ونواباً بسعيهم لجعل العراق تابعاً لإيران؛ من خلال إخلاء الساحة من أي قوى رافضة للهيمنة والوجود الأمريكيين في العراق".
تصفية حسابات
وكان رئيس جمهورية إيران، علي روحاني، قد زار العراق في 11 مارس الجاري، في أول زيارة له استمرت ثلاثة أيام، تم في أولها توقيع عدة اتفاقيات تجارية للمساعدة في تخفيف وطأة العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران، ولقاؤه بعدد من المسؤولين في الحكومة العراقية، ورجال دين وشيوخ عشائر في وسط وجنوب العراق.
بدوره المحلل الدكتور عبدالكريم الوزان، إن العراق أصبح بيئة وأرض خصبة لتصفية حسابات للقوى الدولية والإقليمية، حيث أن القانون المثار والذي يعمل على إخراج الأمريكان لا يختلف عليه أحد لكن عندما يكون هنلك قوى إقليمية تدفع باتجاه القانون حتما سيكون في غير صالح الشعب العراقي.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن الشعب العراقي دائما هو الذي يكون ضحية لمثل هذه الصراعات، فمنذ الغزو الأمريكي والشعب وحده الذي يدفه حساب هذه الصراعات حتى تمزق العراق بيد بعض من أهله.
وأوضح أن في حال تمرير هذا القانون لابد من إخراج كل القوات الأجنبية سواء الأمريكية أو حتى أي قوة لإيران وإن كان وجودها استشاري، مؤكداً أن العراق لم يعد يحتمل مثل هذا التقطيع فيه.
فيما قال الناشط السياسي العراقي عبدالله الشمري إن القانون حق يراد به باطل فهو مطلوب خاصة أن إيرن هى من تحرك القوى المطالبة به في العراق وذلك بسبب العقوبات المفروضة من واشنطن عليها.
وأكد لـ"مصر العربية" أن العراق الآن دولة ذات سيادة وطنية ولابد أن يتخلص من أن لا يخضع لأي ضغوط من أي طرف داخل كان أو خارجي، مطالباً القوى السياسية العراقية أن يعملوا على دحر كل من يريد التدخل في الشأن العراقي.