صحيفة ألمانية: انفجار بيروت فرصة لمحق الفساد والمحسوبية
"انفجار بيروت نقطة تحول لأنه يحفز الثورة مرة أخرى وقد يقضي بالتالي على المسئولين المنتفعين واقتصاد المحسوبية في لبنان".. بهذه الكلمات استهل تقرير لصحيفة تاجيس تسايتونج الألمانية تحت عنوان "عندما يتفجر الغضب".
وتحدّثت الصحيفة عن شعور اللبنانيين بعد الحدث الهائل، قائلة: "بعد ابتلاع الصدمة، انتاب الشعب اللبناني غضبًا لا يُوصف جراء إهمال وفساد وإجرام المسؤولين، الذين أدى سلوكهم إلى تدمير نصف بيروت.. لا شيء يمكن أن يريحهم أو يهدئهم، إنهم يريدون شنق حاكميهم الفاسدين".
وأضاف التقرير: "طالبت اللبنانية فيفي أبو ديب، التي تشغل منصب رئيسة تحرير صحيفة L`Orient-le-Jour اليومية الصادرة باللغة الفرنسية، وتتسم في الواقع بالعقلانية، الجماهير اليائسة بإعداد المشانق للمسؤولين، كما اقترح المدون سامر فرنجي، بجمع الشعب اللبناني الزجاج المكسور الملقى في الشوارع، وتخزينه، إلى أن يأتي يوم يحاسب فيه هؤلاء المجرمون، ثم يتم إلقاؤه في قبورهم".
واقترح لبناني آخر، من ضمن مئات الآلاف من سكان بيروت الذين وجدوا أنفسهم الآن في الشوارع، مهاجمة الفنادق الفخمة للنخبة الحاكمة وسحبهم من أسرتهم، وفقًا للصحيفة.
وغرد الكاتب الياس خوري قائلًا إن لبنان سيواجه المفسدين بأجساد شعبه المحترقة ووجوهم الملطخة بالدماء وسيغرقهم تحت هذه الأنقاض، بحسب الصحيفة الألمانية.
كما لفت التقرير إلى الصحفي اللبناني أنطوان كوربان، الذي أصيب بجروح طفيفة في الانفجار، وعبرعن غضبه بنشره على فيسبوك كلامًا بذيئًا موجهًا للنخب الفاسدة.
وتطرق التقرير لما كتبته رئيسة التحرير اللبنانية فيفي أبو ديب: "بالنسبة للذين ما زالوا يتحدثون باسم الشعب اللبناني، لا شك أنهم يتفاوضون الآن بشأن توزيع مبالغ المساعدات الدولية عليهم ومقدار ما سيحصلوا عليه".
الصحيفة أشارت أيضًا إلى تغريدة لأحد المدونين نشرها على تويتر أثناء تواجد الرئيس الفرنسي في بيروت، والذي غرد موجهًا كلامه للرئيس "ماكرون": "إذا كنت تريد مساعدتنا، فخذ رئيسنا معك وحررنا منه".
وسردت الصحيفة أحداث لبنان الماضية قائلة: "بدأت الثورة تتسارع وسار الناس من جميع الطوائف جنبًا إلى جنب ضد النظام السياسي القائم على الفساد ".
وتابعت: "جميع من دخلوا السياسة في لبنان، شكلوا تحالفًا لتقسيم الكعكة، ونشروا ظاهرة المحسوبية، التي لم تعد تعمل، بعد رفض السعودية إرسال الأموال للبنانيين السنّة بسبب أن ثلاثة أرباع البلد تحت قبضة إيران، وفي الوقت ذاته، لم يعد لدى طهران التي خنقتها العقوبات الأمريكية، المال الكافي لإرسال الأموال للشيعة فيها، ولذا نشبت أزمة مالية كبيرة دفعت الدولة اللبنانية للإنفاق من خلال تقديم أسعار فائدة أعلى من السوق من خلال البنك المركزي".
وأكملت الصحيفة: "تم سداد الديون من خلال سندات جديدة، وهذا هو المخطط الاحتيالي المعروف باسم بعملية احتيال بونزي، وكان يجب أن ينهار يومًا ما، وهذا بالضبط ما حدث".
واستدركت: "لم يملأ المال المرصود جيوب الحكام فحسب، بل قاموا أيضًا بتمويل شبكاتهم المؤثرة على نطاق واسع فيما يسمى بنظام المحسوبية، الذي قضى على الموارد، وجعل تغطية نفقات الشعب اللبناني صعبة للغاية، ونشر البطالة، وجعل استئجارالشقق وإرسال الأطفال إلى المدرسة ودفع تكاليف الرعاية الطبية أمورًا لا تطاق".
واستمرت الصحيفة: "فشلت الدولة في إزالة القمامة أو تزويد الناس بمياه الشرب والكهرباء، ناهيك عن البؤس المرير الذي عاني منه الفقراء والأطفال الذين ينقبون في القمامة بحثًا عن شيء يأكلونه، وفجأة انفجر الغضب من خلال ثورة سعى الحكام لإخمادها".
وزادت قائلة: "عندما اندلعت أزمة كورونا واضطر الناس إلى البقاء في منازلهم، استفادت الحكومة اللبنانية التي أمرت بمحو كل علامات الاحتجاج التي كانت في ذلك الوقت موجودة، ثم وجدت الدولة نفسها في نهاية المطاف في حالة إفلاس وانهارت العملة الوطنية، وأدى ذلك إلى إغراق السكان في براثن الفقر المدقع".
ومضى التقرير يقول: "عندما يتم تخزين 2750 طنًا من نترات الأمونيوم، في ميناء بيروت، على الرغم من التحذيرات المتكررة، وتفجير وتدمير نصف المدينة، يجب أن يلاحظ السكان شهوة النخب الحاكمة للقتل".
وتطرقت الصحيفة إلى أن حزب الله، الذي سيطر على جزء كبير من ميناء بيروت قبل بضع سنوات، سمح بتهريب أسلحة وصواريخ إلى البلاد التي تزودها بها إيران لمحاربة إسرائيل.
وأضافت: "الآن، قام رئيس الجمهورية ميشال عون، بصياغة عهد مع حزب الله، مما أدى إلى ترسيخ هيكل السلطة الذي يكاد يكون من المستحيل كسره عندما تندلع ثورة في الشوارع".
واختتم التقرير: "على الرغم من الألم والموت والتشرد، يضطر اللبنانيون إلى التريث، ويرددون أن ما يحدث في لبنان فوق طاقة لبنان".
يشار إلى أنّ آلاف اللبنانيين تجمعوا اليوم السبت للتظاهر ضد فساد الطبقة الحاكمة بعد فقدان ذويهم إثر انفجار مرفأ بيروت، وأطلق الأمن الغاز المسيل للدموع لتفرقة المتظاهرين .